أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - يدان للتصفيق لطفولتي... لا للضجر














المزيد.....

يدان للتصفيق لطفولتي... لا للضجر


زينب محمد رضا الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 2467 - 2008 / 11 / 16 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


كانت في كل مرة تجلس فيها مع أمها لسماع خطبة ما.... ينتابها الملل وتشعر بنعاس شديد يجتاحها رغم أنفها... تفقد السيطرة تماما على ملامح وجهها...عيناها الصغيرتان اللتان تعودتا دائما الدوران كرادار لرصد كل حركة حولها...تتقلص وكأن أمراً بأغلاقها صدر من جهات عليا...تحاول جاهدة فتحهما...دون فائدة...ترفع يدها الصغيرة...تفرك بها عينيها...لتبقى يقظة...لكن دونما فائدة...كل ما كان لديها ...صداع ونعاس وتثاؤب...وكانت بين لحظة وأخرى ترفع يدها بحركة آليةٍ...أما لتخفي تثاؤبها أو لتربت بها برفق على جبهتها...مدعية الفهم والتركيز.
لا تعلم لحد الآن ...لماذا لزاماً علينا استخدام هذا الكم الهائل من المفردات الكبيرة الرنانة...؟ ولماذا نرفع أصواتنا حد الصراخ وكأننا في سوق شعبي ندلل به على بضاعتنا الكاسدة؟...ولماذا تتحرك أيدينا ذات اليمين وذات الشمال كمروحة طائرة هليكوبتر تأبى إلا أن تدور...فتكون النتيجة خطبة عصماء بضجيج عالي.
تنظر لأمها بين الحين والآخر... مستنجدةً بها ...علها تخرجها من هذه القاعة...لتتنفس هواءً نقياً ينعشها...يبعد عنها شبح النوم والنعاس...ولأنها غالبت النعاس كثيراً...وأخيراً غلبها...غطت في نومٍ عميق...ولم تشعر إلا بعد انتهاء الجلسة..وأيقاظ أمها لها لتغادرا المكان...
كانت سعيدةً جداً ...بأنها أخيراً خرجت من تلك القاعة...هزت يد أمها وقالت:-
ماما حلمت حلماً جميلاً...فأجابت الأم خير إنشاء الله...حلمت أنهم استدعوني إلى المنصة لألقي خطبتي...وقد صفقوا لي طويلاً..سألتها أمها وماذا قلتي...؟ أفلتت الصغيرة يد أمها...و وقفت على أحد الكراسي في الحديقة...ورفعت صوتها..وقالت..
أيها الحضور الكرام
سادتي الأفاضل...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
اليوم سادتي سأحاول معكم تغيير مسار الخطبة بمفهومنا ولكم مساعدتي إن أحببتم ذلك...واتمنى من الله أن تتحرك أياديكم الكريمة لا لتخفوا تثاؤبكم وضجركم مما أقول وإنما بالتصفيق لي بعد الأنتهاء من خطبتي وانحنائي إكباراً لكم وأمتناناً لسماعي...
فالخطبة سادتي وبرأي المتواضع هي التأثير في المتلقي.. وسلب انتباهه رغماً عنه..هو التفاعل بيني وبينكم... ولأجل الوصول معاً لتلك النقطة...دعونا نتحدث هكذا تماما كما أفعل الآن...ببساطة وسلاسة..ولننسى سادتي للحظات كل ما حولنا وننصت باصغاء...متناسين كل ساعات الالم والتعب والضوضاء في حياتنا.
خطبتي بعنوان.....
أين صباح الخير.........؟

في كل يوم وكلما استيقظت صباحا طالبتني أمي بمفردة صباح الخير..ودائما كعادتي أنسى..أو حتماً أتناسى...لكوني غير مقتنعة بها...فليس في صباحي اليوم أي خير..تظن والدتي أننا عندما ننطقها...سيرافقنا الخير طوال النهار..وحتى مغيب الشمس وعندها ستطالبنا أيضاً بمفردة مساء الخير...وبما انها كثيرة الصبر...باردة الأعصاب...لا تمل أبداً تعيد كل يوم علي الكرة...فتبتسم كعادتها وتقول...(وردية... أين صباح الخير؟)....
وصدق من قال...لقد أسمعت لو ناديت حياً..ولكن لا حياة لمن تنادي...
ولأنني طفلة بدأت تكبر...في نظر نفسها لا في نظر أمها...صارت تضايقني جداً كل الأوامر التي أتلقاها..(أغسلي وجهك...نظفي أسنانك...أدرسي أكثر...و...و...و...و أخيراً وليس آخراً...أين صباح الخير؟
ولكن ما أدراني أين تذهب صباح الخير هذه كل صباح ؟..وفي مرة تجرأت وسألتها..لماذا علي قول صباح الخير صباحاً وأيامكم سعيدة في العيد ونحن أبعد ما نكون في وطننا عن السعادة؟...وبابتسامتها المعهودة...التي تخفي دوماً خلفها حزنها وألمها...نظرت الي ووضعت يدها اليمنى على كتفي واليسرى تضغط بها برفق على اذني وهمست ضاحكة...ولهذا يا صغيرتي نحن احوج الناس للخير والسعادة.
ومنذ ذلك اليوم وانا اقول صباح الخير لكل الناس واصبح كل يوم حاجاتي والعابي..
واسمحوا لي سادتي هنا أن أصبح معكم من أحب:-
-أقولها لأبي ولكل رجلٍ اتعبته تفاصيل الحياة المملة.
-صباح الخير لأختي الصغرى وهي تفتقد بيتنا...أثاثنا...مدرستنا..أصدقائنا ..ولأنها حزينة لفقد كل ما تحب..فهي أكثر من يستحق الخير في صباحٍ تؤلمها ساعاته.
-صباح الخير لجدي...الذي أثقل التهجيركاهله ..صباحُ خيرٍ لك وانت تودع كل يوم عمٌ من أعمامي قست طوله مليمترا مليمتراً لأرض الغربة وتبقى وحدك متعب حزين...صباح خير لعظمة صبرك.
-صباح الخير لجدتي التي علمت أمي أن المرأة حب وصبر وابتسامة وصباح خير لكل الناس... إليك يا جدتي صباح خير وانت وحيدة لانصبحك ولا تصبحين بوجهنا كل صباح.
-صباح الخير لكل إمرأة تبدأ صباحها بأبتسامة لتتحمل آلام من حولها ...لكن مني 100 صباح خير وحب وعرفان.
-صباح الخير لكل من ظلم في هذا الزمان.
-صباح الخير لكل من فقد عزيزاً في تفجير أو ذبحٍ أو تقطيع...
-صباح الخير لكل يتيم ...يستيقظ صباحاً فلا يجد أهله...
-صباح الخير لكل عامل متعب وجندي وفلاح...
-صباح الخير لألعابي وزهوري...وملابسي وكل أشيائي...
-صباح الخير...لمعلمتي ومديرتي وجاري...
-صباح الخير والسعادة لكل من يصله صوتي...
- واليك يا وطني مني ألف ...ألف..ألف صباح خير...لأنك تحتاج الخير..
-وأخيرا لأمي حبيبتي ...وبكل شقاوة طفولتي..وألم وحدتي وفقدي لأصحابي واشتياقي..لجدتي وخالاتي وأعمامي وعماتي وجدي..ولأني أحبك أقول صباح الخير يا ماما...

ولكم مني سادتي وكما علمتني أمي...
صباح خير يملؤكم سعادة وسرور

أبنتكم وردية

وأنحت بعدها ...لتعلن انتهاء خطبتها...وعندما رفعت رأسها وجدت الكثير ممن كانوا في القاعة متحلقين حولها...مصفقين بحرارة لها...لأنهم فهموا خطبتها ولم يتثاءبوا أبداً...



#زينب_محمد_رضا_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متزوجون أو غير متزوجين...تلك هي المشكلة
- متزوجون أو غير متزوجون...تلك هي المشكلة
- إليك يا ستار
- سبع نساء في اسبوع
- سأرفع ضدك حرف ال...لا
- دبة حميسة....تاكل هريسة
- أنا شمسك ....... دون غرور
- أيامكم سعيدة
- الله يساعدك يوم
- اللهم إني لك صمت...وبأمر الحكومة أفطرت
- الجدة(رايس)
- عزة العزاج زكية
- دار دور
- أنا(رضاوي)...أنا أبي
- يتيم وعيديه
- كرامة زوجة صماء
- حواسي الست وانا...سعداء بمقدمك...
- واصرخ علو الصوت احبك
- وردية والدروس السبعة
- ولادة انثى .... تكملة القرين


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - يدان للتصفيق لطفولتي... لا للضجر