أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - الله يساعدك يوم














المزيد.....

الله يساعدك يوم


زينب محمد رضا الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 2419 - 2008 / 9 / 29 - 05:23
المحور: الادب والفن
    


في كل يوم يخرج إلى عمله صباحاً ...حزيناً .. متثاقلا ...يدمي قلبه الروتين... وتغتاله دقائق وحدة مقيتة لم يألف وجودها في تفاصيل يومه الثائر...يبقى عابساً حتى يصل دار جارته أم مرح...تعود أن يستقبل صباحه بصباح الخير (عمو عماد) كانت ابتسامة وجهها تشرق دوماً أملاً على سفوح وجهه ... تذكر يوم سألها ماذا تريدين أن تصبحي عندما تكبرين ؟...كان كل الأطفال حين يسألون عن مهنهم في المستقبل.. يجيبون أما طبيب أو مهندس ... أما هي فكانت تبقى صامته وتستغرب من مهنتها التي تحلم أن تكونها وتخجل من أخبار الآخرين بها... ولأنه كان يدرس القانون استطاع بيسر انتزاع اعترافها... فطأطأت رأسها.. وقالت أتتمنى لو أصبحُ أُماً...
وها هي الآن أمٌ لوردتين تستقبلانه كل يوم بصباح الخير عمو وقبلة رقيقة... لم تكن تدخل الدار إلا عندما تركب أبنتاها باص المدرسة وتغادر الحافلة الشارع... أيقن تماماً أنها حققت الحلم ... وباتت سعيدة....
ولأنها استشعرت حزنه وتعبه وحاجته لحب حنون وصدر كصدر أمه... قررت أن تكون ليومٍ كاملٍ أماً له... لم تكن تعرف للمعقول سبيلا... ولهذا ذهبت لبيته... ولبست ثوب أمه و وضعت فوطتها على رأسها... وحضرت له ما يحبُ من الطعام... ووقفت على التنور تخبز له (خبز عروك) ...أحبه دوماً...
دخل العم عماد متثاقلا... يجر أقدامه بصعوبة ورأسه كبالون كبير يكاد ينفجر من هول ما رأى في محل عمله... وضع المفتاح في الباب ... وفتحه... ثم دخل... لمح من بعيد في الحديقة الخلفية امرأة تقف قرب تنور أمه... يا ألهي أنها ملابسها ... هل جننت... أم هو الحر فخر رأسي ... أم!!!!....حملت أم مرح (الطبك) على رأسها... واقتربت منه بوجهها المحمر من حرارة التنور... وحبات عرق تغطي جبهتها وتنزل برفق على حاجبيها... ابتسمت وقالت...(الله يساعدك يوم... أصبلك الغدة)... أقترب منها عماد ومسح جبهتها بيده ...ثم نظر باستغراب لحبات العرق في يديه... ثم سألها من أنت ؟... ملامح وجهك تقول أنك لست أمي... وملابسك وعطرك وكلامك ... صورة طبق الأصل منها .... أجابته وهي تضحك (أوي يمة عماد آني تعبانة وأنت بعدك على سوالفك تموت على الشقة... دروح انزع خل نتغدة)... ذهب إلى غرفته.. مجبراً لم يكن يخالف يوماً لأمه أمرا... لكن أمه توفت... استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ... وقال في نفسه ...يبدو أن الوحدة والتعب أذهبا بعقلي...
نزل الدرج ببطيء ... فوجد أمه تفترش الأرض...وأمامها صينية الغذاء ..(وتنكة الماء البارد)... وقف ذاهلاً أمامها ... فقالت ...(يلة يمة أكيد أنت جوعان.. سويتلك أشلون دولمة اتلوك الحلكك...) نسي كل همومه وجلس أمامها مبتسماً ... كل التفاصيل تقول أنها أمه ... حتى فتحها لفوطتها عند الغذاء وحملها المهفة لتروح بها له عندما يأكل... كان سعيداً جداً... وأكل كما لم يأكل منذ ملايين الأيام...ولأنه أسرع في ابتلاع الطعام...أختنق... فأجفلت أمه وناولته قدح ماء وصاحت أسم الله يوم وطبطبت على ظهره... استدار إليها وأمسك بيدها وقبلها وقال...( أشتاقيتلج يوم...).
نهضت وحملت أواني الطعام وغسلتها وجلست قرب الحديقة على حصيرتها التي أبى رفعها من مكانها حتى تبقى رائحة والدته في البيت...
جلس قربها... فسألته ...( أشلونك يمة أخبارك)...فأجاب تعبان.. سحبته إليها ووضعت رأسه في حجرها ...وداعبت خصلات شعره بأصابعها وهي تقرأ له سور من القرآن الكريم حتى نام... حملت رأسه ببطيء ووضعته على وسادة وذهبت إلى المطبخ لتصنع له الشاي المهيل... حملت الشاي وخبز العروك ... وجلست قربه تصب الشاي... كانت تعرف أن الشاي المهيل أقوى منبه لديه وبأنه وبمجرد شم رائحته سيستيقظ...وهذا ما حصل...
تناولا الشاي وتحدثا كثيراً وكثيراً جداً حتى حل الليل... كانت تريد أن تذهب لتحضر له العشاء لكنه تمسك بيديها واستحلفها البقاء لينام بحضنها... أراد أن يغفوا كما كان يفعل سابقاً في حضنها وهي تغني له دللول...
وضع رأسه على صدرها و غنت له دللول يا الولد يبني دللول... بكى عماد حتى تعب ثم نام... نام سعيداً جداً.....
استيقظ صباحاً... بحث عن أمه كثيراً لم يجدها... ضحك كثيراً حين أدرك أنه كان يعيش في حلم جميل...
خرج هذا اليوم إلى الشارع ... ليس كعادته في كل مرة... هذه المرة كان سعيداً مرتاحاً مبتسماً... وصل إلى بيت أم مرح...نظر إليها ملياً... ألم تكن هي أمه بالأمس؟ وكيف تكون هي وهو يكبرها بأيامٍ كثيرة طوال... ركضت الطفلتان إليه وقالتا صباح الخير عمو فقبلهم والتفت إلى أمهم وقال صباح الخير أمـ..... أحتار هل يضع ياء التملك لتكون أمي كما تمنى...أم يقول أم مرح...ولأنها أدركت حيرته ابتسمت له كعادتها ... وأجابت... صباحك خير ومسرة يوم........أبتسم من كل قلبه هذه المرة واقترب منها وهمس في أذنها ... لقد نجحت في تحقيق حلمك حتى إنك أصبحت أمي.



#زينب_محمد_رضا_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللهم إني لك صمت...وبأمر الحكومة أفطرت
- الجدة(رايس)
- عزة العزاج زكية
- دار دور
- أنا(رضاوي)...أنا أبي
- يتيم وعيديه
- كرامة زوجة صماء
- حواسي الست وانا...سعداء بمقدمك...
- واصرخ علو الصوت احبك
- وردية والدروس السبعة
- ولادة انثى .... تكملة القرين
- ماذا لو
- صحوة حلم
- القرين
- لبيك الله سأذبحهُ
- حملة أعمار قلوب الشباب ( المشيبين)
- عيد سعيد جنتي
- عرس السبايا
- لأن الله يحبني
- عصفور و وردة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - الله يساعدك يوم