أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الخالق - ليست خرساء ولكنها فقط تحتاج لمن يرهف السمع















المزيد.....

ليست خرساء ولكنها فقط تحتاج لمن يرهف السمع


محمد عبد الخالق

الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 03:43
المحور: الادب والفن
    


لفت نظرى عنوان كتاب الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازى "قصيدة النثر أو القصيدة الخرساء"، الذي يوزع مجانا مع مجلة "دبي الثقافية"، كتاب ذو إخراج فني رائع يشجع فعلا على القراءة، ويعكس عدم بخل ناشره الذي قدمه مع مجلة رائعة تحمل كتابات لعدد من كبار الكتاب بالوطن العربي، بخمسة جنيهات فقط، أي أقل من تكلفة غلافه.

بعد تصفح سريع للمجلة شرعت في قراءة الكتاب الذي يتحدث عن موضوع يهمى لأهمية الموضوع خاصة عندما يتعرض له الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، الذي يعتبر "قصيدة النثر" قضية عمره، ومعركته الشخصية، سنة التطور تقتضي بأن يزيح الجديد القديم ليحل محله، وهذه الإزاحة إما تتم بشكل تدريجي أو بشكل مفاجئ، لكن في الثقافي فإن التطور لا يعني أن يقضي الجديد على القديم، لكن يتعايشا معا، فقد ظهرت مدارسس فنية عديدة -في الشعر خاصة- وتعايشت جنب إلى جنب، بل تناولها الفنان جميعها معا، فنجد من كتب الشعر الموزون المقفى وكتب أيضا قصيدة التفعيلة، ونجد من كتب التفعيلة بجانب الشعر الحر أو قيدة النثر، ولا أرى مبررا لما يخوضه شاعرنا حجازي ضد قصيدة النثر من حرب شعواء وكأنها جاءت لتجتث قصيدة التفعيلة التي تفوق فيها من جذورها وتمحوها وتمحو من ذاكرة الشعر العربي.

إلا إذا كان –هو- يراها خطرا على شعر التفعيلة، خاصة بعدما اتجه إليها من شعراء كبار كتبوا التفعيلة ونجحوا فيها، وأثبتوا كذب الادعاء بأن شعراء النثر لا يقدرون على الوزن أو يكتبون التفعيلة استسهالا، والخوف هنا خوف إنساني غريزي من التحول من بؤرة الضوء إلى ظلال الماضي.

لم يستفزني الكتاب أو عنوانه الذي وصف قصيدة النثر بالـ"قصيدة الخرساء"، لسببين: أولا لأنه دون أن يدري وصف شعر النثر بالقصيدة، ولا يهم الآن إن كانت خرساء أو حتى عرجاء، وهو اعتراف صريح منه بها، بغض النظر عن مستواها الذي يضعها في خانة "الخرس"، المهم أن هناك قصيدة أى هناك شعر.

السبب الثاني: أن تأويل مختلف للفظ "القصيدة الخرساء" يمكن أن يساعد في تعريف قصيدة النثر، أو على الاقل يفتح الباب لشرح ذلك "الخرس" الذي يشعره حجازي، ومن هذه التأويلات:

1- إما أن يكون "الخرس" الذي يقصده حجازي هو صوت القصيدة وموسسيقاه الخافتة التي لا تظهر أمام موسيقى التفعيلة الرنانة، ووقتها أقول له أن ناقدا بحجم الدكتور الراحل عز الدين إسماعيل قال في كتابه القيم "فن الشعر" أن قصيدة النثر لا تفتقر للموسيقى، إنما كل ما في الأمر أنها تحمل موسيقاها في وحدات صغيرة، فعندما كان البيت وحدة بناء القصيدة العمودية، كانت موسيقاها أقوي وأوضح من موسيقى شعر التفعيلة الذي اعتمد السطر الشعري وحدة له، وهو ما يعني أن قصيدة النثر ليست خرساء وإنما خافتة الموسيقى، هامسة الإيقاع تحتاج فقط لمن لا يزال يحتفظ بقوة حواسه، وقادر على إرهاف السمع.

2- وإما أن يكون المقصود بالخرس عدم قابلية قصيدة النثر للإلقاء والتداول الشفهي مثل شعر التفعيلة، وفي هذه الحالة أقول إن الخطابية والموسيقى العالية هي التي تمنح النص القابلية للإلقاء مثل "مقطوعات سطيح النثرية" التي يحفظها لنا التراث العربي القديم، فالإلقاء إذا ليس ميزة للشعر الموزون حُرم منها شعر النثر، على العكس فإذا كانت القصيدة الموزونة تحمل جزءا كبيرا من أهميتها في نغماتها ومتعة التمايل مع الإبل أثناء سماعها، فإن قصيدة النثر وجهت هذا الاهتمام للمعنى وإعمال الذهن والإحساس.

3- وإخيرا إذا كان المقصود بالخرس هنا "الخرس النقدي" حيث يرى حجازي أن شعر النثر لم يعرب عن نفسه حتى الآن نقديا، ولم تتحدد ملامحها الشكلية في قالب مجدد وواضح وثابت، فأقول إن هذا الطلب الذي يلح عليه حجازي ويراه عيبا في قصيدة النثر لا يمكن تحقيقه لسبب بسيط وهو أنه إذا تحقق شكل وقالب وشروط لقصيدة النثر ستفقد سبب وجودها وميزتها واختلافها عن الشعر "المقولب"، فمن يريد قالبا مرسوما محددا واضحا ثابتا، مثل "حساب المثلثات" فليجلس أمام أوراقه ممسكا بالقلم ويكتب طلع قصيدته، ثم يحاول إكمالها في نفس "القالب" أو البحر الذي جاء منه مطلعها، وعندما يعييه الوزن يلجأ إلى "زحافات" و"علل" الخليل بن أحمد الفراهيدي.

حاول حجازي في كتابه أن يسلك مسلكا موضوعيا، محاولا طرح مقدمات وتعريفات يراها منطقية ليخلص منها إلى نتائج، وهو ما أراه فشل فشلا زريعا في تحقيقه، فضلا عن أنه من الغريب أن ينصب مبدع نفسه ناقدا يرفض أشكالا فنية وينحاز لأشكال أخرى، فكونه قامة شعرية كبيرة في فترة ازدهار شعر التفعيلة لا يمنحه الحق في مهاجمه غيره من الشعراء، فإذا كان يرفض قصيدة النثر فليرفضها كما يحلو له، فرفضه أو قبوله لها لن يضر أو يفيد.

ولأننا بدأنا كلامنا عن كتابه "القصيدة الخرساء" فلنتحدث عنه بشيء من التفصيل، وأرجو من الأستاذ حجازي أن ينحي موضوع "القصيدة الخرساء" جانبا ويتفرغ لشرح طلاسم كتابه، الذي عندما حاول فيه أن يمنطق رأيه وانطباعه الشخصي، خرج نص مشوه مليء بالتناقضات ففي الوقت الذي يقول فيه بالنص في صفحة رقم (20): "نحن نعلم علم اليقين أن الشعر والنثر نقيضان، ومع أن اللغة هى المادة الأولى في الجنسين، فلغة النثر غير لغة الشعر، لأن وظيفة الأولى غير وظيفة الثانية".، يعود سريعا مناقضا نفسه في صفحة رقم (22) قائلا: "....قد رأينا أولا أن الشعر والنثر مؤتلفان في كل نص وفي كل كلام، لأن اللغة هى المادة الأولية في الشعر والنثر اللذين يوجدان معا في أصلها".

كما خلط الأستاذ بين النثر الموظف شعرا في "قصيدة النثر" والنثر السردي التقريري فقال: "إن لغة النثر كما يقول باحث إيراني هى لغة الضرورة في مقابل لغة الشعر التي هى لغة الحرية"، ثم جاء وتحدث عن تحرر الشعر (يقصد الموزون) من القيود التي يلتزم بها النثر، وضرب مثلا بضرورة الوقوف على السكون في النثر، بينما الشعر يمكنه الوقوف على السكون والحركة، فإذا كنت إلى هذه الدرجة تعتبر أن الالتزام بالقواعد النجوية قيدا على الإبداع، فلماذا تتمسك بقواعد وقيود الموسيقى الرنانة التفعيلية، رغم أن الحديث عن وقوف النثر على السكون الذي ضرب به مثلا خاص بالنثر لا بقصيدة النثر.

وفي صفحة (84) قال بالنص: "لا أريد ولا أستطيع، ولا يستطيع غيري أن يمنع أحدا من كتابة قصيدة النثر، أو ينكر ما نجده في بعضها من جمال رشيق وفطنة عصرية، لكن المتعة التي جدها فيها ليست هى المتعة التي نجدها في القصيدة الموزونة....".

فإذا كنت مقتنعا بما تقول فالأمر إذا لا يتعدى كونك تطرب أكثر للشعر الموزون وبالتالي يعنى أن هناك غيرك يميلون أكثر إلى الشعر الشعر أو إلى قصيدة النثر، فلماذا إذا مهاجمتها واتهامها بالخرس؟! خاصة أنك عدت لتسرد قصة ذهابك لمهرجان الشعر العربي الفرنسي الذي نظمه معهد العالم العربي بباريس، ووجدت أنك كنت الوحيد بين الشعراء العرب الثلاثة عشر الذي يكتب التفعيلة، وأن دعوتك تمت لكونك عضوا مؤسسا للجنة المهرجان، أي أنك تأكدت عمليا من وجود المتذوقين لقصيدة النثر، ويبدو أنه -رغم نفيك- أغضبك فررت الانتقام ربما عن دون قصد أن تمنع شعراء النثر من مؤتمر الشعر الذي تجهز له بالقاهرة، بل وأخذت في سكتك شعراء العامية، ليكون "مؤتمر شعر التفعيلة" وليس "مؤتمر الشعر".

أما الفصل الذي أفرده حجازي بعنوان "شرف لا أدعيه وتهمة لا أنكرها" ليشبه ما يكتبه بمعركة شعراء التفعيلة مع الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، عندما أحال أعمالهم إلى لجنة النثر رافضا تصنيفها شعرا من أساسه، والذي قال في ختامه محاولا استعادة التاريخ -الذي يحيى به وفيه- ليجلس هذه المرة على مقعد الأستاذ العقاد قائلا: "ولنفرض في النهاية أني أكرر العقاد، فمن ذا الذي يكررني؟!"، فأرى أنه ليس هناك معركة أصلا، وإن كانت هناك ثمة معركة فهى في ذهن الأستاذ حجازي وحده، يحارب فيها أعداء وهميون لا يشعون به، وبمعركته أو يشاركونه فيها، فالعقاد لن يتكرر يا أستاذ حجازي -للأسف- أما عن دورك، فلا أظن أن أحدا من شعراء قصيدة النثر يقبل القيام به.



#محمد_عبد_الخالق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحده الليل
- الوداع نازك الملائكة
- حجاب أو سفور ... المهم الصدق مع النفس
- مصرح له فقط ... بالأحلام
- قصائد
- البلياتشو...البراة عندما ترفض أن تغادر
- العقاد بين تعنت الرقابة وقتل الإرهاب
- النزعة العسكرية الأمريكية الجديدة
- ليست حرية طالما ليست من اختيارنا
- ناجى العلى: طلقات من ريشة فنان
- شئون وشجون تاريخية
- زيارة قصيرة للموت
- أكروبوليس: هضبة اليونان المقدسة
- مُخيّلة الأمكنة والرحيل فى الذات
- مَنْ هو اليهودى: قراءة فى الشخصية اليهودية
- فوكوياما ... وماذا بعد النهاية؟
- مرسيل خليفة: اذهب عميقاً فى دمى
- الشيخ إمام فى ذكرى رحيله العاشرة


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الخالق - ليست خرساء ولكنها فقط تحتاج لمن يرهف السمع