أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام مطلق - ذهنية المتذاكي















المزيد.....

ذهنية المتذاكي


حسام مطلق

الحوار المتمدن-العدد: 2463 - 2008 / 11 / 12 - 07:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كما أن لكل شعب جملة عادات سلوكية في الحياة اليومية تنحدر منها التقاليد العامة للمجتمع فإن لكل شعب ايضا جملة خصائص نفسية مشتركة, هي كما السلوكيات العامة, ليست بالضرورة في كل الأفراد ولكنها في القاسم الاعظم منهم.
هذه الصفات النفسية تنتقل لتاخذ شكلا مركزا وفقا لعاملين : الطبيعة الفردية للمتلقي و البيئة الاكثر قربا. لذا فبغض النظر عن الملامح الخارجية للمتحدث أو اللهجة يمكنك ليس فقط ان تحدد من أي دولة هو قادم ولكن ايضا من أي وسط اجتماعي يأتي.
على غير ما هو معمول به في دول العالم المتمكنة استخباراتيا فإن معظم الدول العربية تعتمد الكثافة العددية على حساب الكفاءة الفردية لعنصر المخابرات لتغطية عجز كوادرها خصوصا وأنها تعمل وفقا لتسلسل لا علاقة له بالمهنية ولا يقوم على نظام داخلي في تحديد العلاقات والخطوط الفاصلة بين الكوادر بل وفقا لترتيب راس ومجموعة تابعين, تماما كما في التسلسل العشائري, او صاحب الورشة والصبيان.
هذا يجعل الكثير من المنتسبين لاجهزة المخابرات ممن لا يملكون أي حضور اجتماعي فيحاولون الاستعاضة عنه بالسلطة, او للدقة السلطة الوهمية, علها تعوض ما يحسون من عجز في اعماقهم البعيدة.
من هنا ان كنت من المتمرسين في قراءة الأفكار أو حتى لك فقط فراسة في فهم طبائع النفوس فإن حيل اجهزة المخابرات التي تعتمد على التغير المظهري للعنصر لا يمكن ان تنطوي عليك, وان رافقها اتقان تام للهجة ما أو حتى مهنة حقيقة تكون ستارا في الاستدراج, فكل هذا لايمكن أن يلغي ردود الفعل الفجائية, أي استجابة اللاوعي للحدث. فتلك الاستجابة تاتي من راسب تحرره لا يخضع للمحاكمة العقلية بل لآلية لا واعية. باختصار بعض الاستجابات تتحول الى مكونات للمنطقة تحت الشعورية تحرك الفعل لا شعوريا.
الأمر يشبه أن يطلق احدهم النار باتجاهك, بغض النظر عن سرعة استجابتك العصبية فإنك علم السيكوسماتية يؤكد أنك لن تتمكن من تحاشيها حتى ولو كنت سوبر مان, فيزيائيا هذا مستحيل, انت تنبطح او تقفز استجابة لشعور داخلي بالامان لا علاقة له بقوانين المنطق. الذي يظل ساكنا هو احد رجلين : خبر الحروب, أو وعيه ذو خصوصية نادرة.
كي اخرج من الشرح النظري سوف اسقط الكلام السابق على حادث محدد.
لنقل أن لك زميلة في احد الدروس, جميلة , هادئة, حساسة, ذكية, بل ذكية الى درجة أنها تفهم النكتة اسرع من الجميع ولكن تمنعها أنوثتها من أن تطلق العنان لضحكتها قبلهم بيد أنك تلاحظ أن الابتسامة بدأت تشق طريقها إلى شفتيها فيما عيون الآخرين ما تزال مثبتة على اللامكان في محاولة لفهم التعليق اللاذع.
هكذا فتاة عادة من تقع في حبها إن كنت أعزب. وحين تكون اعزب فإن المرأة هي الوسيلة المفضلة لدى اجهزة المخابرات, مع اني اجزم انها الوسيلة الاسهل للعربي بغض النظر ان يكون متزوجا ام اعزبا.
كما قلت قبل سطور فإن البيئة ترسب صورا واستجابات بطريقة خفية في لاوعي الإنسان ولذلك فإن لحظة الحقيقة مرتبطة لا بالوقائع التي يرسمها مخطط المخابرات امامك بل بالوميض الذي يقدح, ولا تعبير اخر ادق, الوميض الذي يقدح في ذهنك فجأة.
احد السمات الأساسية التي تميز عنصر المخابرات العربي هي الخلط بين الذات والموضوع, وهذا ناجم عن الرغبة العميقة في اثبات الذات, اما لانه يعتقد أنه بحاجة الى حضور اجتماعي وإما لان التراتبية العشائرية التي تدار بها المخابرات تفرض عليه ضغطا شديدا لتلبية تعليمات الشيخ أو المعلم سمه ما تشاء وهذا الضغط يدفعه الى ما يسمى بالانكليزية " " Jump to conclusion .
القفز نحو الاستنتاج يقع به الفرد بحكم رغبة داخلية في تحديد النتيجة, نتيجة تتوافق مع أهدفه أو قدراته, لذا يغيب لاوعيه عناصر المنطق ويقفز فوقها وصولا الى استنتاج يبدو له في ظاهرة منطقي ولكنه في حقيقته معتمد على بعض العناصر لا على كامل المعطيات. والمنطق يقول أن جزء الحقيقة هو كذبة اخرى.
أما قصة الزميلة موضوع المثال فببساطة تخيل معي لو انك في احد الفصول الدراسية وقد اعطتك مدرسة اللغة الفرنسية نص ما لتتفاعل معه, وانت بطبعك لك طرق معينة لتفريغ توترك الداخلي, المشي, تقليب صفحات الانترنيت عشوائيا حتى ولو على صور عارضات الازياء أو حتى الطباعة لمجرد الطباعة.
بما انك دارس مبتدأ للفرنسية فقد تجد الامر فرصة مناسبة كي تنمي سرعتك في الطباعة بالفرنسية بطباعة الوظيفة المدرسية. بعد ان تنتهي من الطباعة تدخل النص على مترجم غوغل الالكتروني وتحصل على الترجمة الانكليزية. لسبب ما تقوم بنقل الترجمة على ظهر صفحة الموضوع الذي اعطتك اياه مدرسة اللغة الفرنسية, سهوا بين تلك الورقة وورقة اخرى اولعدم وجود ورقة اخرى معك ايا يكن السبب فإن الترجمة اصبحت على ظهر ورقة النص.
تقدم الواجب للمدرسة مرفقا مع ورقة الموضوع, وكعادة الاوربين يوجهون ملاحظتهم بذكاء, وغالبا حتى دون ان يقولوا كلمة. تصحح مدرسة الفرنسي, وهي من الجنسية الفرنسية, احد الاخطاء في الترجمة الانكليزية, وهي ترجمة زاخرة بالاخطاء فلا يمكن الاعتماد على المترجم الالكتروني في اكثر من معان المرادفات. الا ان تصحيحها لخطا واحد يكفي ان تصل الرسالة : اعتمد على معرفتك فالترجمة الالكترونية لن تفيدك.
لنقل يصدر منك تعليق ممازح لزملائك : احنا بنتهزء يا كدعان, عم تصلحلي الانكليزي كمان.
الزميلة, وهي الاكثر قربا في الفصل ليس جغرافيا فقط بل من حيث المعاشرة, وهي دارسة للأدب الانكليزي تسحب طرف الورقة كي تتضح لها الصورة اكثر وبدون ان تسال او تستفسر عن التفاصيل رغم ان الزمالة وقربها منك يؤهلها كي تسال في كل ما يتعلق بالدرس بل اكثر من ذلك فبعض الاحاديث قد امتدت الى الامور الشخصية, الا انها تكتفي باجابة جارتها في الجلوس عن سؤالها " شو؟ شو في؟ " بالقول : عندوا خطأ بالقاعدة الفلانية.
هي بكل بساطة قرأت ما كتبت المدرسة بقلم المدرسة الاحمر. ذهنية القفز للاستنتاج تفترض دائما دافعا ما, قد يكون هنا في هذه الحالة اهتماما أنثويا, وهو موجود, الا ان آراء فرويد عن تعدد المستويات في الدوافع تفتح أمام وعيك أبوابا كثيرة من المعرفة تجعلك تبقي الخيارات الاخرى ممكنة.
تتراكم الملاحظات عن الزميلة وجارتها, ولنقل أنها دارسة للكارما مثلا, تتراكم الملاحظات حتى لايبقى لديك مجال للشك في أن كلتاهما تعملان للمخابرات.
هنا يمكننا التوقف عند ملاحظة من نقطتين : النقطة الاولى هي كيف يمكن لقلة المهنية ان تجرد شخص ذكي ومتفوق في ملكاته الفردية من عناصر قوته, واقصد طبعا الزميلة وزميلتها ايضا. النقطة الثانية في كامل الخطة غير الذكية التي قام بها مخطط المخابرات حين ارسل فتاة محجبة أو حتى استعان بها بالصدفة كونها من الكادر مع ما هو متراكم لديه من حقائق تؤكد رفضك لكل ما هو ديني على الاطلاق.
أما عن أي جهاز مخابرات انا اتحدث هنا؟ فكما يقول المثل السوري : الي على راسو بطحة تبطحوا.



#حسام_مطلق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لؤلؤة أو لولو كما تقولين
- إنفجار دمشق : الوطن بكروز دخان
- لماذا تفشل الليبرالية عربيا
- استعادة الدور الرأسمالي ضرورة وطنية
- كيف تحقق الرأسمالية الآمان الاجتماعي
- الواحدية في تاريخ الفلسفة
- الانسان العربي ووعي الذات
- النظرية الأمنية : مقارنة بين المخابرات الأميركية والعربية
- القضية الكردية بين الغدر والحق
- المراة في الاسلام
- فتوى سعودية من آل الشيخ: المسلسات التركية حرام
- مختارات من أقوال الحكماء - 2
- الدراما السورية بين الواقع والرسالة
- أنا وصاحباي, الله والشيطان ; الجزء الأول- الواقعية السياسية
- في اصل الاخلاق والقيم الجمعية
- القدس عاصمة إسرائيل الابدية
- هينغتون وحروب خط الصدع
- الوزير والسكرتيرة وزوجة الرئيس
- السببية بين السحر والدين والعلم
- اخوان القردة بكلمات فلاسفة العرب


المزيد.....




- مصر.. علاء مبارك يشعل تفاعلا بفيديو لوالده عما قاله له صدام ...
- السعودية: فيديو القبض على 4 مصريين وعدة أشخاص والأمن يكشف ما ...
- -الحكومة بلا استراتيجية-.. جنرال إسرائيلي سابق يحذّر: نحن عل ...
- اكتشاف حشرة عصا عملاقة في غابات أستراليا
- فيديو.. زلزال قديم يوقظ بركانا نائما منذ 600 عام في روسيا
- ترامب يعين مقدمة برامج من أصول لبنانية على -هرم القضاء-
- تحول أميركي في مفاوضات غزة.. -كل شيء أو لا شيء-
- -حلقوا شعره ورسموا على وجهه-.. اعتداء على مطرب شعبي في سوريا ...
- لماذا أثارت قائمة السفراء الجدد انقساما سياسيا في العراق؟
- الجيش السوري و-قسد- يتبادلان الاتهامات بشأن هجوم منبج


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام مطلق - ذهنية المتذاكي