أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - إبتهال بليبل - رقصات مياه الصرف الصحي على أنشودة المطر














المزيد.....

رقصات مياه الصرف الصحي على أنشودة المطر


إبتهال بليبل

الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 08:55
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


..قالها يوماً :( بدر شاكر السياب ) أتعلمين أي حزن يبعث المطـــر ؟ وكيف تنشج المزا ريب إذا انهمـر؟وكيف يشعر الوحيد فيه بالضيـاع؟ بلا انتهاء - كالدم المراق ، كالجياع كالحب كالأطفال كالموتى - هو المطر
هنا ، نجد اهتزاز أضواء الشوارع بعنف ، تكاد أخصان الأشجار العارية المديدة تهجم على نافذة الأقدار في اندفاع العصف بها ، أنها تثقل الحزن على النفوس بثقل التاريخ على الحجارة ... ضوء شاحب متراقص بقسوة ، متقطعاً والليل خضم من الظلمة المتأرجحة ولجج الموت تقترب لتكسحنا .... يناديها ... ليخبرها عن الحزن الذي يرجرج نافذته إلى جانب هطول المطـــر ، وهو يعير السمع للصوت المفاجئ الذي تفرقعه المزا ريب ، ومن الزاوية البعيدة ، ينبجس الصوت حاداً ، مدوياً ، كنبع في الشتاء محاط بثلوج الشتاء ... يرهف ثم يشتد ثم يتكسر ، ولكنه شبه مكبوت على وشك أن ينفجر .... العاصفة تزداد عنفاً ، وأشباح الأرواح الوحيدة تخترق النفوس ، والصوت السابح في الفضاء يزداد نعومة ورقة ، معلن بداية السكوت والصمت ... وكلما ازدادت العاصفة هياجاً ، ازداد فضاء النفوس سكوناً وصمتاً .... هكذا طل علينا الشاعر بدر شاكر السياب بأنشودة المطر ، التي تمطر بكثافة الأسئلة، يصوغ بجرأة أصابعه غيوم الشعر كما لو أن الكتابة في الأصل عطب ما مع الوجود ، والسؤال بداية الحزن والمطر قميصه الأبدي. من عمق المساء الطفولي تدير مقبض النافذة، تصافح غيمة وتقفز لتمتطي الألم في داخل النفوس وتمسك بخيوط المطر لحظة التشظي السحري. والمدهش، أنه يرسم بلمسات أبعد من الخيال ، هيكل الشتاء، جمجمة القمر وأسنان الخريف ، هذه هي أنشودة المطر التي تنبئ بها السياب قبل رحيلهُ ، ولكن ؟؟ هل لنا بمعرفة عن أي شيء تنبئ ؟؟
ربما هي معاناتنا الأخيرة التي حصلت لكثرة دعاء أمهاتنا وجداتنا كي يرزقنا الله بهطول الأمطار ، فما أن هطلت الأمطار بغزارة حتى فاضت الشوارع الرئيسة وغرقت البيوت القديمة المتعبة وما أكثرها ، وطفحت مياه ( الصرف الصحي ) بطريقة تعلن عن انتفاضة كبيرة ..
عندما كنت أحاول السير في الشوارع قاصدة الرجوع إلى منزلي ، شاهدتُ من المواقف والصور التي أقف أمامها ، وأنا ، لا استطيع قول كلمة واحدة سوى ( لا أله إلا الله ، أنا لله وأنا إليه راجعون ) ، وحقيقة هي ليست كلماتي فقط بل هي عبارات يرددها جميع المارة ، مركبات معطلة وأصحابها يحاولون تشغيلها أو سحبها ، جزر صغيرة متباعدة يحاول الجميع القفز منها واليها تخوفاً من السقوط في بحيرات مياه الأمطار، اختناقات مرورية ، الجميع يبحث عن وسيلة ، للرجوع إلى منازلهم ، ينتظرون دون أمل فقد اختفت حافلات نقل الركاب و( الكيات ) ، وابرز أصحاب المركبات ( الخصوصي ) عضلاتهم ، لاستغلال الموقف في طلب ما يحلو لهم من أجرة لنقلهم ، كل ذلك ممكن تحملهُ ، لكن أن تدخل منزلك وتجده عبارة عن بركة من المياه التي تتدفق بشدة دون توقف ، ومن أين ؟؟ أنها مياه الصرف الصحي !!!
هذا ما أكده لي المواطن وائل كاظم الفريجي من سكنه مدينة الصدر حيث قال " في أول نزول للمطر على البيوت البغدادية ، ترى عدة عوائل تحزم قوتها اليومي وتهرب إلى سطوح المنازل ، لان منازلنا قديمة وفي مستويات منخفضة عن الشوارع ، لذلك شكلت الأمطار غزو أخر من الغزوات التي غزت بغداد ، لتتناغم الأمطار مع زعيق الحال ...
وسائق ( التاكسي ) المواطن محمد رضا ، أكد عن معاناتهُ المريرة لعطل سيارتهُ في الشارع الرئيسي بسبب مياه الأمطار التي أغرقت الشوارع ، مما أدى إلى عدم خروجه للعمل للحصول على قوته اليومي ، لمدة ثلاث أيام ، ونحن نعلم أن سائق التاكسي رزقهُ محدد بخروجه للعمل في السيارة .. وأما عن بعض المؤسسات التي تم بناءها حديثاً فلا تجد سوى المركبات الخاصة بسحب المياه وهي واقفة بالقرب منها ... ناهيك عن سقوف المنازل التي منها تسربت مياه الأمطار ليغتسل بها كل ما في المنزل من أثاث وأجهزة كهربائية ...
أننا اليوم في دهشة وحزن .. ولماذا ؟؟ ، لا نُدهش ، والأمر أشبه بكارثة لنا !!! ندابات كوارثنا لا تبكي أبناءنا وإنما تبكي أبطالنا ، الذين لا يقهرون ، ولكنهم قهروا ، أنها تبكي الحلم لا الرجل ، تبكي الوهم والأسطورة وتركع أمام قبر الأسطورة ، لا قبر الولد وحسب ...



#إبتهال_بليبل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مدونة يوميات إنسان
- العولمة الرأسمالية
- النظر الى الخلف قليلاً
- أمهاتنا.. جداتنا
- هواجس الأم العراقية من وباء الكوليرا
- سلسلة هموم آمراة / آدم وحواء
- تحقيق / إنسانية المرآة العراقية بوجود الرجل أو فقدانهُ
- تحقيق / أبني يكره المدرسة والواجبات المدرسية
- التخلف الفكري الحلقة (3)الحنين للماضي أصبح سمة رئيسية من سما ...
- ملعونة .
- الجرح
- ثقافة العنف وجذوره ( الجزء الرابع )جذور العنف ضد النساء والأ ...
- التخلف الفكري الحلقة ( 2) -لو كنت لا تملك لي ، الذي لا أملكه ...
- فن التصوير الفوتوغرافي ودوامة الحياة
- التخلف الفكري الحلقة (1) لا سلطان على العقل إلا العقل ذاتهُ
- سلسلة هموم امرأة / لا أمارس الحرب للحرب
- سلسلة هموم أمراة / اسطورة الرجال
- خلود برزخي
- ما الذي ينتظرنا من باراك حسين أوبا ما ؟؟؟
- ذلك كل ما تبقى في حناجرنا ..


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - إبتهال بليبل - رقصات مياه الصرف الصحي على أنشودة المطر