أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهيل أحمد بهجت - من دولة العشيرة إلى دولة القانون














المزيد.....

من دولة العشيرة إلى دولة القانون


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 08:22
المحور: المجتمع المدني
    


حينما يعيش أي مجتمع من المجتمعات حالة الانغلاق و هيمنة الحزب و الفكر الأوحد و حتى التفسير الأوحد للدين، تبدأ أنماط من الشذوذ الجنسي و العقلي و الاجتماعي بالبروز كنتيجة طبيعية لحالة الانغلاق الذهني و حتى الأخلاقي و تنشأ علاقات اجتماعية سلبية – كالزواج من الأقارب السائدة في مناطق عشائرية – و من المفارقات التي توجد في مناطق من هذا التصنيف الذي يذكرنا بأجواء هيمنة البعث القومي، هو أن السلطة المهيمنة ترفع الكثير الكثير من الشعارات "التقدمية" و حقوق المرأة و كرامتها و الحريات الفردية، إلا أن هذه السلطة القومية نفسها تقتل المرأة – باسم العرف العشائري – و تدعم التطرف الديني و تنمّيه لأن هذا الإسلام المصنع حكوميا هو الدرع الحقيقي لهيمنة الدكتاتورية و الخطاب القومجي الذي يفتت الوحدة الوطنية العراقية.

من هنا نجد أن إحدى المدارس و حينما تأتي المعلمة لتدرس الطلبة المراهقين عن جسم الإنسان فإنها تشرح كل شيء بشكل ممتاز و لكن ما أن يصل الطلاب إلى موضوع "الأعضاء التناسلية" حتى تطلب المعلمة من الطلاب تجاوز تلك الصفحات لأنها "لا أخلاقية" أو قد تثير الأقاويل، إن هذه القصة الحقيقية هي قطرة من بحر التخلف العقلي و الأخلاقي الذي نعيشه و المؤلم أيضا أن كل هذا التخلف قد تم دمغه بالمقدس فأصبح الشخص العلمي و الحداثي – فاجرا فاسقا ملحدا – و يتناسى رجال الدين "السنة خصوصا" آلاف الآيات و الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الجنس و العلاقات كشأن إنساني ضروري، و هذا الجهل بالأشياء أوقع الكثير من الناس في مشاكل صحية و اجتماعية بل و حتى أدى بالبعض إلى أن يصبح ضحية عملية استغلال جنسي لا أخلاقي و أن تقتل المرأة حتى لمجرد الشك.

إن المعرفة هي شيء قائم بذاته بمعنى أن الاطلاع و الثقافة لا تخضع لآليات الحلال و الحرام بل إن الفقه و كتب الفقهاء تحوي شرحا مفصلا للعلاقات بين الرجل و المرأة و هو بالتالي نقيض الواقع العشائري القائم على ثقافة "العيب و العار" إذ المهم في هذا المجتمع المتخلف أن تكون مـــــــــثاليا و أخــــــلاقيا أمام أعين الناس و المجتمع بينما لا بأس بكل الممارسات إذا كانت تتم في الخفاء، و هذا هو مكمن الخطر، ففي بلاد الغرب يستطيع الإنسان أن يميز بكل سهولة بين المحافظ أخلاقيا و بين المنحل و الشاذ أخلاقيا، أما في بلداننا – و العراق من شماله إلى جنوبه جزء منها – فإن الأمور تتطلب الحذر الشديد و الاحتياط، بل إن إرهابيين كانوا يصلون و يصومون ثم في الوقت نفسه يذبحون الناس و يتعاطون الشذوذ مع بعضهم البعض، ترى هل من مقياس أخلاقي لمجتمع تنحصر كل أخلاقه في "العـار" و "عري الرجل و المرأة"؟

إن النظام العشائري يعمل أو يكون مفيدا بوجه من الوجوه حينما لا تكون هناك دولة أو قانون أو نظـام، لكن حينما نسعى إلى بناء دولة حديثة أساسها المواطنة و الحقوق فإن العشائرية تصبح وبالا و مصيبة إن لم تكن بالأحرى كارثة حقيقية، فالعشيرة تتعصب لأبناءها سواء كانوا أشخاصا إيجابيين أو سلبيين، ملتزمين بالقانون أو قطاع طرق و لصوصا، بينما في دولة القانون و المساواة الأمر مختلف تماما، فلا قداسة لأحد و لا مكانة إلا بمقدار رضوخه للقانون، من هنا نجد أن دول و أنظمة الشرق الأوسط، باستثناء تركـــــيا و إسرائيل، قائمة على ذات العقل العشائري الذي تحدثنا عنه قبل قليل، فالدكتاتور و من وراءه الأقلية الحاكمة هم أناس يتمتعون بكل الصلاحيات دون أي خوف من أن تتناولهم العدالة، بينما الفقراء يرزحون تحت أكثر القوانين ظلما و إجحافا.

إن مجتمعاتنا ستبقى تتفاخر بوقوفها بوجه القانون، لأن العقل المهيمن هو عقل البدوي الريفي الذي يرى في الدولة و النظام خطرا على عقله الفوضوي، بالتالي فالشاطر هو ذلك الذي يخدع الحكومة و منفذي قوانينها، بل إن الحاكم نفسه قد يكون من ضمن منتجات هذه البيئة، و صدام حسين خير نموذج للدكتاتور الذي كان ينظر إلى بلده و كل البلدان الأخرى بمنطق "هذا ربعنا و هذا ربعهم"، و بالتأكيد أن دولة تقوم على أكتاف "ناس من العصر الحجري" و ثقافة الحلال و الحرام التي تطاولت فامتدت من كونها شأنا شخصيا لتصبح قانونا يحكم دولة بأكملها ليجعلها جزءا من العالم المتخلف.



#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف في مواجهة -الإسلام النفطي-!!
- العراق.. اللا دولة -تنجز إتفاقية-؟!
- نرى القذى في عين الغرب و لا نرى العود في عيننا – عبد الوهاب ...
- خمسة سنوات من -النفاق السياسي-!!
- خالص جلبي – من الديناصورات إلى آخر الحضارات!!
- معك و ضدك يا أستاذ عادل..!!
- العراقيون بين الديمقراطية و -المعزومية-!!
- الفقر و صديقي الأمريكي و الإمام السيستاني
- إشكالية الدين و العلمانية في العراق
- الشعب و برلمان التعليق و العلاق!!
- العراقيون الشيعة – بين العار و العرعور
- دراما للتخدير و دراما للتحرير
- العراق... قائمٌ بذاته
- نحو.. عقل عراقي جديد
- العراق و برلمانه..-النازي-
- جيراننا إرهابيون و حكومتنا جبانة
- حول فكرة -الأب القائد-!!
- نحو..-كتلة وطنية- للمستقبل العراقي
- (الشخصية العراقية) بين التفكيكية و التحليلية(2)
- (الشخصية العراقية) بين التفكيكية و التحليلية..


المزيد.....




- تقرير أممي عن انتهاكات حقوق الإنسان بإريتريا ومناخ القمع الم ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليوني سوري عادوا إلى ديارهم منذ ديسم ...
- الشرطة الإيرانية: اعتقال 18 عميلا للاحتلال صمموا مسيرات
- أهم تدخلات وزارة الدولة لشؤون الإغاثة خلال العام الأول لحكو ...
- في ظل الحرب المدمرة مع إيران.. أنباء عن إرسال إسرائيل وفد تف ...
- منظمة حقوقية: مقتل 639 شخصا وإصابة 1329 بالعدوان الإسرائيلي ...
- هيئة الأسرى تحذر من خطورة استمرار الاحتلال في منع المحامين م ...
- مقاتلات إسرائيلية تقصف خيام النازحين وتقتل عشرات الفلسطينيين ...
- اعتقال 6 عميلات للكيان الصهيوني غرب إيران
- اقتحامات واعتقالات في الضفة الغربية والقدس المحتلة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهيل أحمد بهجت - من دولة العشيرة إلى دولة القانون