أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عمار ديوب - عرسٌ في غزّة!














المزيد.....

عرسٌ في غزّة!


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 06:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


لفت انتباهي، وأنا أشاهد برنامجا تلفزيونيّا بعنوان" حفل الزواج الجماعيّ الأوّل لجرحى من قطاع غزة " منذ بضعة أيّام على قناة الجزيرة " مباشر"،أنّ العرس الفلسطينيّ المشهور بدبكاته وأغانيه الرائعة وبمشاركات الجميع ذكوراً وإناثا وكبارا وصغارا قد أصبح أثراً بعد عين. تحوّل العرس في إمارة غزّة الإسلاميّة إلى غناء بلا روح ولا معنى ولا فرح وصار مخصّصا لتمجيد اسماعيل هنية " أبو العبد ": يا أبو العبد بايعناك، وبإرادتنا إخترناك..". أغان دينيّة وآيات قرآنيّة، فرجة باهتة وثقيلة من على الكراسي. كأنّ العرس مأتم. وطُلب في هذا الحفل أن يقف الجمهور لكي يلوّح لـ " أبو العبد "، وكأنّ السلام لا يلقى عليه وهم جالسون. وقد دارت بيَ الدنيا. ألهذا الحدّ تقتل الأصولية الفرح والروح والفن، وهي دون أدنى شك تقتل السياسة المخالفة لأنّها الشكل الأمثل للسياسة الأصولية. ثم ألم يتبقّ في التاريخ الفلسطيني المأساوي، إلًا سيادة أبو العبد حتّى تتكرّر الأغنية الخاصّة به لأكثر من نصف ساعة، هذا عندما إنقطع البث في القناة التلفزيونية، وكانت الاغنية لا تزال مستمرة! أهكذا يكون فرح العرس؟ ربّما هو هكذا بالضبط.

الفرح يا جماعة أبو العبد، يتطلّب الدبكة والرقصة والطبلة وما هو أنجع من البيرة " الإسلامية " الخالية من الكحول الشائعة في شوارع غزّة، وأن يعبّر البشر عن مشاعرهم التي لا يملك أحد من الكائنات مثلها وألّا يكون الحفل محاطا بعناصر الشرطة والأمن وبكامل عتادهم العسكريّ وبكلّ الجهوزيّة الممكنة، وكأنهم ينتظرون جيش الاحتلال. لو سمحت حماس للفرح الفلسطيني أن يتمّ وفق أصوله، وبقليل من النشاطات المستقلة لمختلف القوى المجتمعية، وليس بالاغارة على الأعراس والاحتفالات، وقتل أصحابها كما تمّ منذ أشهرعديدة، لربّما حصدت بعض التأييد الشعبيّ. قد أكون على خطإ، فربّما تكون أهازيج الفرح أو بعض حركات اليدين والقدمين تُلهي العباد عن التمجيد وترديد الذكر " بالمصطفى " أبو العبد!

نحن نفهم أن حماس في مأزق، وأنّها في حالة حصار كارثيّ خطير مع أهالي غزّة أيضاً، وأنّ دولاً عربيّة وإسرائيل وأوربا وأمريكا تسهم في ذلك. ولكنّنا لا نفهم أن تقوم حماس وبحماسٍ منظور وغير منظور بإكمال المسيرة المظفّرة للحصار على الشعب الفلسطيني، وكأنّها تحاصره هي من الداخل وهم من الخارج كما يحاصر القصّابون الأغنام من كلّ الجهات. ولذلك ألّا يوجد عاقل في هذه الحركة "الإسلامية" يَفهم أن القمع والتشدّد والإشادة بالزعيم المبجّل أو بالحركة المقدّسة لا يؤدي إلى تحرّر الشعوب، ولا يبني ولا يراكم الشعبيّة أو قوى النضال. يا إسماعيل هنية، لقد جرّب من قبلك الحكّام العرب كلّ تلك المآثر العظيمة، ونسبوا أنفسهم وبالجملة إلى النبي العربي. ولكنّهم لم يكونوا سوى تابعين وخدم في السياسة الامريكية في حصيلة تاريخهم الكارثي. فعلى أيّ شيء تسند ظهرك؟ أعلى الفراغ الذي تسمّيه أنت والشيخ مشعل تارةً دولا إقليمية وتارة الدين الحنيف وثالثة القوى الأمنية والعسكرية ورابعةً حقّقنا هدنة مع الإحتلال.

الدفاع عن الأرض ومقارعة الاستعمار وبناء المؤسّسات يتطلّب أن يكون شعب غزّة كما شعب الضفة شعباً حراً بلا قيود ولا استتباع ماليّ ولا تجويع ولا مصادرة حرّيات ولا سجون ولا قتل الناس في الشوارع لأتفه الأسباب. هذا الوضع لا يُبرّر بتعقُد الوضع الداخلي والشروط الخارجية، لأنّ الشعب الفلسطينيّ ليس أقلّ ذكاءً ولا أقلّ حنكة كي لا يفهم الوضع والشروط، لأنّه ببساطة يعيشها ويرزح تحت نير القمع والاحتلال معاً، ليس بعد أن وُجدت حماس هذه بل منذ بداية القرن العشرين. التعدّدية السياسيّة والخيارات الاجتماعية المختلفة وسحب يد القمع وإيقاف التعبئة الدينية ضدّ المخالفين هي ما يُكسب أبو العبد سمعة حسنة، وليس المشاركة في عرسٍ ليس له، ولكنّه كاد أن يكون العريس الوحيد فيه! تمسّككم بالسلطة على قاعدة نتائج الانتخابات التشريعية وكونكم تمثّلون الشرعية، لا يقنع أحداً سوى أنصاركم، فأنتم حسمتم الأمر عسكريّا في غزّة، وكفى. ويجب أن تفهموا هذا الأمر، وكون أبو مازن كان يحضّر لحسم مشابه أيضاً، لا يبرّر ذلك التمسّك لأنّ المبرّر الفعليّ لوجود سلطتكم هو حلّ المشكلات التي يعانيها شعب غزّة والضفة! وأقول أكثر: لو كانت سلطتا الضفّة وغزّة تعملان لصالح مشروع وطني لحلّتا نفسيهما، دون تأخير على الإطلاق.

ربّما خرجنا قليلاً عن صلب الموضوع: " عرس أبو العبد ". ولكنّ المواضيع مترابطة مع بعضها البعض. على " أبو العبد " وشريكه " أبو مازن " أنْ يعودا إلى جادة الصواب واللقاء، وهو ما أعتقد أّنّه صار من الماضي لأنّ كثيرا من أصوات المثقّفين والسياسيين حاولوا ذلك وفشلوا. ولأنّ الأمر مستعصٍ على قدرتهما العقليّة والسياسيّة وارتباطاتهما، فإنّ مصير الفلسطينيين متعلّق ببقية فصائل الشعب الفلسطيني وممثّليه المدنيّين على اختلاف مواقعهم الذين عليهم أن يبادروا إلى تفعيل مشروع فلسطيني علمانيّ ديموقراطيّ وعلى كامل الأرض الفلسطينية يستوعب عرب فلسطين واليهود الذين يوافقون على قيام دولة واحدة للشعبيْن.




#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرش يلاحق النساء..هل تحول الرجل إلى كائن جنسي
- الازمة الأمريكية العالمية والازمة الاشتراكية
- الهيمنة الأمريكيّة والحرب على الإرهاب
- شوارعنا تعكس بدائية سلوكنا.. النظافة العامة ثقافة غائبة ولا ...
- أسعار باهظة وخدمة سيئة.. روضات الأطفال زرائب أم سجون؟
- جامعاتنا في قفص الاتهام.. لا تخرج مثقفين وليست أكثر من ممر ل ...
- ماذا يسأل السوريون بعضهم عن مدينتهم الأصلية!
- سمير القنطار وزياد الرحباني في سورية
- كركوك كرة نار،فهل أشعلوا النفط
- من نكبة فلسطين إلى نكبة العرب
- النضالات الواقعية المفتقدة
- دولة ديمقراطية علمانية واحدة لا دولة إسرائيلية مهيمنة
- قراءة في كراس طريق الانتفاضة
- الدولة الطائفية ليست بديلاً عن الدولة الواحدة الديمقراطية ال ...
- عن الطائفية والعلمانية في لبنان
- سمير قنطار مقاوماً
- الديمقراطية والقومية في المشروع الماركسي
- علاقة القطري بالقومي ومسألة الهوية والالتباس في المفاهيم نقد ...
- اليسار الفلسطيني: يمين ويسار معاً
- في نقد مشروع تأسيس رؤية سياسية فلسطينية


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عمار ديوب - عرسٌ في غزّة!