أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كاظم جواد - أشواك الوردة الزرقاء















المزيد.....

أشواك الوردة الزرقاء


محمد كاظم جواد
شاعر

(M0hammad Kadom)


الحوار المتمدن-العدد: 2450 - 2008 / 10 / 30 - 01:41
المحور: الادب والفن
    



ماالذي يدفع الناقد للولوج الي كتابة النصوص الأبداعية الأخري؟. من المعروف ان الناقد يمتلك أسرار عملية الأنشاء الابداعي لكن ليس بالضرورة أن يقسر نفسه علي خوض غمار هذا الأبداع بالرغم من دقة التأشيرات التي يخرج بها أثناء تفحصه النص. ومن الأمور المسلم بها ان النقد هو الذي يقوم بملاحقة النص ومن هذا المنطلق تتبلور العملية الابداعية للنقد . وهذا لايعني قطعا حرمان الناقد من الزراعة في ارض الفنون الابداعية الأخري ،لكن الصفة التي يحملها المبدع والمقترنة بما ينتج أمر في غاية الأهمية.
هنالك الكثير من النقاد مارسوا كتابة الرواية والقصة والشعر ،البعض منهم ارتضي ان تكون نصوصه في حدود المحاولة والبعض الآخر قدم نصوصا فيها بصمات واضحة لأدباء تناولوهم في دراساتهم لكنها لاتخلو من جهد ابداعي أسهم بشكل متواضع في اضافة شيء الي حقل الأبداع الواسع.
وقد ولج بعض الأدباء مملكة النقد وأثار بعضهم ضجة في طروحاته النقدية والبعض منهم هجر حقل ابداعه ووجد في النقد ضالته المنشودة.
ان التعبير عن احساسات الروح لايتم الا عن طريق نص ينتج في حدود معالمه الابداعية المستقلة ،لذا فأن الناقد قد يلجأ في بعض الأحيان الي خلق هذا النص ليلبي حاجات ضرورية ملحة ،وقد يقع تحت تأثير سطوة النصوص التي يتعامل معها اثناء اشتغاله في عملية النقد.
وفقيدنا عبد الجبار عباس ناقد معروف أكد حضوره الابداعي المتميز والشامل في مجال النقد الأدبي واختط لنفسه نهجا انطباعيا وأصدر عدة كتب نقدية توزعت بين الرواية والقصة والشعر والمقالة الأدبية اضافة الي المقالات التي توزعت في الصحف والمجلات الأدبية؛ وكتبه المخطوطة التي تنتظر من يزيل عنها غبار النسيان.
لقد آثر الناقد عبد الجبار عباس ان يجد في الشعر متنفسا للتعبير عن همومه عبر ديوانه اليتيم(أشواك الوردة الزرقاء)الذي صدر عام197. وقد نشر بعد هذا الديوان العديد من القصائد تناثرت في بعض المجلات والصحف اليومية .
وقد احتوي الديوان علي اربع عشرة قصيدة . ففي قصيدة مفتتح وهي اولي قصائد الديوان يبشر بميلاد قرن جديد الا وهو القرن العشرون لكن ولادته جاءت في احضان القرن العاشر دلالة علي ولادة تنذر بالكوارث والنكبات
ها... ولد القرن العشرون
في أحضان القرن العاشر.. ولذا حين اهتزت اوتاد الارجوحة
فغرت أشداق البركان
لقد عاش الراحل عبد الجبار عباس ازمة قاسية انعكست بشكل واضح علي شعره واتسمت بعض قصائده بسوداوية دفعت به الي ان يتمني الموت تخلصا من وطأة العذاب الذي يغلف روحه الشفافة ومن الكآبة التي تسيطر علي قلبه الرقيق ،لقد دفع ثمن مواقفه الثابتة بفصله من مجلة (ألف باء) حيث كان المحرر الثقافي لتلك المجلة . وظل يعاني قسوة العيش رافضا كل العروض التي قدمت له لقاء تسخيره في كتابة ادب السلطة.
ضباب. ضباب
ويعصر قلبي اكتئاب
خطي في الطريق
ويرتج باب
مياه. مياه بصدري تجول
وفكرت ماذا لو اني
هنا الآن في لحظة مثل هذي اموت
غير ان هاجس الحياة يبقي معلقا في الروح رغم كل هذه الازمات والأنكسارات التي تمزقه . ان السنين بعذاباتها المثقلة بالذكريات المؤلمة تحدث في اعماقه شرخا كبيرا فيتمني ان يغتسل بالمطر لتصبح روحه نقية لا تشوبها شائبة هذه التركات الثقيلة
وفكرت ماذا لو ان نثيث المطر
يهف بوجهي وصدري ونفسي وعيني
وينفض عني غبار الخمول
لو ان السنين لو ان الذكر
تناءت فما في رقادي اثر
ان استخدام البناء القصصي في القصيدة يعطيها بعدا دراميا ضمن سياق تصاعد الحدث من خلال الألتقاطات الصورية المنتقاةمن احداث مملوءة بالترقب ففي قصيدة صور منسية ينحو هذا المنحي . ثلاث صور مختلفة يبدأها بأقصوصة التي يمتزج فيها الحس الطفولي بين صراع الخبر والشر .
وردة. ارخت في دعة جفنيها
مرت للاحلام الوسنانة كفيها
حاصرها الشوك بأظفاره
وفي حوار اعتمد في بنائها علي لغة الحوار البسيط عبر تلقائية بعيدة عن التكلف في الشكل والمضمون
-أنت عدوي
-عفوا، انا لست عدو احد
-أنت عدوي
-لالست فأنت حبيبي
في (حادث نادرا ما يقع) برع الشاعر في تجسيد لقطة بسيطة لحادث غرق ورصد هذا الحادث من عدة زوايا اننا نقف ازاء لقطات سيميائية بارعة واضحة الصورة يتصاعد فيها الحس الدرامي من خلال الترقب المتوقع لنهاية الغريق الذي ترصده عين في الضفة الأخري
عين في الضفة لاتطرف
رأس يطفو وفم مفتوح لايصرخ
وينهي قصيدته بلقطة سينمائية فيها دلالات موحية
عين في الضفة تبكي
ان الألتجاء الي فضاءات الحلم الواسعة هو الدليل الواضح علي رفضه لنمط الحياة التي كان يعيشها بأيامها المملة والتي كانت تثقله بمعانات كبيرة فالحلم يمثل حالة استرخاء للروح عبر تأملات بسيطة المنال.. لك في الحلم شراب وغلال.. ورفيق جاش في القفر تصباه الغناء
قلت نعم العرش ذاك
غير ان الحلم يبقي مجرد حلم . يتحطم في صمت المساء الثقيل فتبدأ معاناته ويتأسف لهذا الوهم الذي يسيطر علي روحه
عبثا كان ارتقابي وضلال
رغم ضياع الحلم تبقي روح الشاعر مشدودة الي ذلك المبشر الذي سيأتيه كملاك فيأتي لكن بعد فوات الأوان
جئت لكن
ونت الروح ونجم العمر مال
في (قطرات مختلفة فوق بحر) خمس قطرات تمثل كل واحدة منها قصيدة مستقلة ،في المقطع الاول يعبر عن غربته من مسرح الحياة فالمسرح خاو والكل قد رحلوا فيسخر من هذا الكون القميء
عنقي سكين وذراعي
طين والكون قميء
تمثل قصيدة (الظل) الرحلة اليومية له اذ يجد نفسه غريبا فيطلق ظله المتصعلك في صخب الحانات
هنديا أحمر ارقص في صخب الحانات
تتصاعد هذه الرحلة اليومية الموجعة التي تنتهي بالعودة الي البيت ،فتبرز معاناة الليل القاسي
وأجاهد ان انهي الليلة
لو كفنني ثلج سريري دون بكاء
وفي الصباح تبدأ الرحلة المتعبة والمتوجة بالكسل فتسوقه خطاه الي زحمة الناس وتختلط الصور فيراقبها بتثاقل ولأنه غريب عن هذا الحشد منفي داخل الوطن يرتضي لنفسه مقعدا صغيرا في زاوية المقهي وعبر النوافذ الزجاجية يراقب الناس ويمارس بعض الفعال بعبث جميل. عندما ينظر الأديب الي مرآة الواقع نظرة شمولية فانه سيحدد موقفا فكريا واضحا من خلال هذه الرؤيه والناقد عبد الجبار عباس شأنه شأن الكثير من الأدباء الذين تفاعلوا مع الحدث الحزيراني الذي اوجع الوطن العربي بنكسة مريرة وفي مدينة الحلة ومن مقهي (أبو سراج) يكتب عن وجه حزيران
وحين مدينتي تهرع
مع الأعصار للمقهي الكبير بجانب النهر
تلوك خواءها اليومي
سلم قلبها المثقوب للندم
لم يصدق عبد الجبار عباس هول النكسة لقد خدعه بصره من خلال الاحداث التي آلمته فأعطي لحزيران وجها آخر انها صورة احتجاج
أرفض ان يخدعني بصري
ولذا لن تتضخم في كلماتي الصورة
لن اجرؤ أن ارفع كفي
فأصابع كفي مبتورة
ورغم ضخامة الحدث الذي احرق قوافيه المهمومة الا انه آمن بقوة فعل كلمته
احرقت النابالم قوافي المهمومة
قلمي قنبلة في جيب
هذه قراءة بسيطة لديوان استاذي الراحل عبد الجبار عباس الذي رحل عنا مبكرا وترك في نفوسنا غصة لاتمحي رغم انه يداهمنا في جلساتنا بصوته المتهدج وحديثه المتألق الذي يجبرنا علي الاصغاء بكل ما نمتلك من حواس



#محمد_كاظم_جواد (هاشتاغ)       M0hammad_Kadom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كليني لهمّ
- هو الذي رثى كل شيء
- فن اللغة
- ريش العنقاء
- وضوح باهت
- آلام حادة
- فرح مثقوب
- رحلة داخل الجسد
- دخان
- الشذرات
- قرفصاء
- منفى ....آخر
- كيف صار القنفذ فأرا؟
- أحلاف
- عامر خليل .......غزل تلاحقه المراثي
- عبد الجبار عباس..ألق المرايا مرايا الألق
- الاقواس تقوضت فتهدمت العبارة
- اتحاد عريق
- ثقافة أطفال أم ثقافة..........
- ماكوندو


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كاظم جواد - أشواك الوردة الزرقاء