أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مهدى بندق - سقوط امبراطورية اليانكي















المزيد.....

سقوط امبراطورية اليانكي


مهدى بندق

الحوار المتمدن-العدد: 2448 - 2008 / 10 / 28 - 04:31
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في الآونة الأخيرة ، كتب عدد من المعنيين بشؤون عالمنا المعاصر – وأنا منهم – دراسات ومقالات يبشرون فيها بدنو الموعد المنتظر ، موعد سقوط الإمبراطورية الأمريكية . ومحتمل جدا ً أن من قرءوا هذه الكتابات قد شعروا بالارتياح لفكرة سقوط تلك القوة الغاشمة – أمريكا - التي جثمت على أنفاسهم وأنفاس قومهم لأكثر من نصف قرن . ومن المحتمل أيضا ً أن ُكثرا ً من القراء لم يسألوا أنفسهم : وماذا بعد سقوط أمريكا ؟ وهؤلاء القراء معذورون ، من حيث نشأتهم على تراتبية الكاتب المبادر الناطق ، مقابل القارئ المنتظر الصامت .
ومن هنا فلقد كان الكاتب منا حريا ً وقتها بأن يطرح هذا السؤال على بساط البحث . ذلك لأن سقوط إمبراطورية ليس كسقوط قالب من الطوب على رأس أحد المارة ( مع أن ارتطام قالب الطوب برأس الرجل يعد خسارة إنسانية
طبعا ً) سقوط إمبراطورية شأن عالمي ودولي و إقليمي ، لا مشاحة تترتب على حدوثه كوارث سياسية واقتصادية وجيوبولوتيكية غير محدودة ، لكن العقل العربي المؤسس على الثقافة الأشعرية [ التي تعني الاستسلام للأقدار] لا يقدر على – وربما لا يرغب في – تصورها بله مجابهتها . وتلك الثقافة في رأيي إنما هي كارثة العرب الأعظم !
في عام1979 أثناء التوقيع على محادثات سولت 2 صرح أحد المحللين الإنجليز بأن بلاده لم تكن تستطيع الصمود أمام جحافل الجيش الأحمر ( السوفييتي وقتها ) بأكثر من 20 دقيقة ، وعليه ما لم تتدخل أمريكا من قواعدها في أوربا فإن أوربا جميعا ً ستغدو شيوعية في يوم وليلة ! ورغم ذلك التصريح المعبر عن الواقع الإستراتيجي وموازين القوى آنئذ .. كنا ، ولا زلنا نرى من كتـّاب العرب ومحلليهم من يتندر بذيلية تونى بلير لكلينتون ، ثم لبوش ! كما لو أن تلك " الذيلية " مرجعيتها ضعف شخصية الرجل ، وربما قادنا خيالنا الشرقي المريض إلي تصور بلير في موقف الرجل المتخاذل المستكين [ = أمينة ] أمام زوجته [ = السيد أحمد عبد الجواد ] في بيتهما بحي بين القصرين !
ليتنا ندع التندر على الآخرين جانبا ً ، فنحن أولى به ثم أولى ؛ لأننا حين ننبذ مثل هذه السفاهة العقلية ، سندرك أن تبعية طرف سياسيّ لطرف آخر إنما هو نتاج لواقع " سياسيّ " ملفوف بمصالح الدول ،واقع غير متعلق بشخصانية لا محل لها من الإعراب . وهل من المتصور إن بريطانيا– رغم تبعيتها الظاهرة - لم تكن مدركة لما سوف تئول إليه أحوال الإمبراطورية المريضة ؟ إنما الأقرب إلى المنطق أنها كانت ، ولا تزال تنتظر إعلان الوفاة لتحصل على نصيبها من الميراث دون جلبة ، أو إغضاب للمورث .
ما أريد قوله لا يذهب الى نقد مضمون تلك المقالات والدراسات - التي أشير إليها بحسبانها مثالا على كيفية استبصار العقل العربي للأزمات - وإنما هو تحفظ على أسلوب التناول ، ذلك أنني من موقعي بمعسكر الديموقراطيين العرب [ وهو موقع محدود كيفا وكما، دعنا نعترف ] أتفق مع الزملاء حول اقتراب سقوط إمبراطورية اليانكي ، حتى قبل انفجار الأزمة المالية العالمية الأخيرة ، بشواهد الديون الفلـــكية لأمريكا =75 تريلون ، و تدهور الدولار(70% من سعر اليورو ) جنبا ً الى جنب الإخفاقات السياسية الأمريكية في العراق وباكستان وإيران ، فضلا عن اضطرارها للعبث بالقضية الفلسطينية بما آلت إليه ، جراء هذه السياسة الأمريكية وتابعتها إسرائيل ، وجوهرها : حث الأصوليين الفلسطينيين على البحث عن وطن بديل ( = سيناء ! ) ومع الاعتراض المتوقع من القوي اليسارية واللبرالية ًتجر مصر إلى مواجهة مع " الأشقاء " المسلمين في الخارج والداخل، أو تضطر إلى التسليم لهؤلاء "الأخوة "المسلمين بما يريدون ، فينفتح بذلك ملف الصدام التاريخي الديني المؤجل مع " الأخوة " المسيحيين على فضاءات غير مسبوقة ، تشي بدمار وخراب المحروسة، وبعدها بالتداعي، المشرق العربي جميعه .. وهو ما تسميه أمريكا برعونتها وغبائها الإستراتيجي " الفوضى الخلاقة " !! بينما يفضل
النظام اللغوي ّ في العامية المصرية أن يسميها " اللغوصة " أي سكب الملوخية على البامية على العسل الأسود ،مع
قطع من سمك التونة .. وتحريك ذلك كله داخل طبق الطعام بالأصابع العشر ، إيمانا ً بأن الآكلين سيشعرون حتما ً بالشبع و...التلذذ !
كل هذه الأزمات التي يثيرها ويقع فيها اليانكي ، ليست – في رأي الكاتب – إلا تعبيرا ً عن الأزمة الرئيسية والتي لا مندوحة أمام النظام الرأسمالي من التلظي بلهيبها ، لكونها أزمة هيكلية محايثة للبنية الرأسمالية مذ أقيمت . ومن نافلة القول الاستشهاد بنظرية ماركس : فيض الإنتاج ، فلقد شرحناها في كتابات لنا سابقة ، وقلنا إن الحل الوحيد المتاح للرأسمالية للخروج من تلك الأزمة هو الحرب ، وذلك ما يفسر رضاء رأسماليي ثلاثينات القرن الماضي البريطانيين والفرنسيين ، ومعهم قرناؤهم الألمان : برتا وكروب، بصعود هتلر وحزبه النازي إلى سدة حكم الرايخ ، تمهيدا ً لإشعال نار الحرب في العالم كله ، ففي هذا إنهاء الكساد العظيم للسلع ، وقتل عشرات الملايين من البشر حلا ً لمشكلة البطالة !
بيد أن المشكلة التي يتضمنها ذلك الحل الإجرامي إنما تظهر غالبا ً بعد أن تضع الحرب أوزارها وتخمد جمراتها
حيث تجد الدولة العظمي " المنتصرة" عسكريا ً نفسها شبه مفلسة، غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها السابقة تجاه الآخرين في الخارج والداخل ، فيبوخ حماسها ، وتبدأ توطن نفسها على قبول الواقع الجديد : لم أعد دولة عظمى .
يدرك كل من قرأ كتاب " القوى العظمى .. التغيرات الاقتصادية والعسكرية للمؤرخ البريطاني المعاصر بول كنيدى أن معظم الشواهد التي أحاطت بظروف سقوط واضمحلال القوى الكبرى عبر التاريخ ، وعلى رأسها تدهور القوة الاقتصادية ،هي نفسها الشواهد الدالة علي اقتراب موعد سقوط واضمحلال القوة العظمى الأخيرة في التاريخ، تلك التي اصطلح على تسميتها بالقطب" الأوحد " لعصرنا الحالي .. وتلك كما أسلفنا القول كارثة لا يستهان بها ، سواء للولايات المتحدة الأمريكية- حيث شبح الانفصال بين الولايات المتحدة نفسها يطل برأسه – أو لحلفاء أمريكا ، الذين ربطوا عملتهم بعملتها ،واقتصادا تهم باقتصادها ، وسياساتهم بسياستها ...الخ
بالنسبة لنا نحن رجال ونساء العالم الثالث تتبدى الكارثة المنتظرة في أن البدائل الإستراتيجية غائبة ، فشبح الفاشية ماثل أمامنا باسمه الحركي : الأصوليات، وليس ثمة من يبنى في هذه الصحراء الموحشة سفينة َ ( أو حتى قاربَ ) نوح ، وكفى بواقعنا المتردي على كافة الأصعدة شاهدا ً ودليلا ً.
. ليس قولي هذا تأسيسا ً لتشاؤم ما بعد حداثىّ، بقدر ما هو دعوة للمثقفين المصريين والعرب أن يضعوا على رأس أجنداتهم دراسة السيناريوهات المحتملة لعالم سوف يخلو من نظام القطب الأوحد، تمهيدا لوضع السياسات الواقعية الملائمة ، في استجابة منهم لمطالب علم المستقبليات Futurology هذا العلم القادر على إزالة تجاعيد أفكار الشيخوخة ، والذي بدون توطينه بأرضنا ، فلا أمل في إفلاتنا من نهايتنا المحتومة .



#مهدى_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعديلات الدستورية القادمة في مصر
- تفكيك الثقافة العربية بين المفكرين والمؤرخين الجدد 2
- تفكيك الثقافة العربية بين المفكرين والمؤرخين الجدد 1/2
- هيا بنا نتفلسف x هيا بنا نغيّر العالم
- ثقافة الإرهاب الفكريّ : الجذور والثمار
- كتاب البلطة والسنبلة - نقد النقد
- مستقبل مصر ليس وراءها في الصحراء ، بل أمامها صوب البحر
- كيف يعرقل المثقف التقليدى مسيرة الديمقراطية
- هل هو محتوم أن ينجح النموذج الأيرلندي ويخفق لبنان العربي؟
- بيروت : طائر الفينيق أسطورة العصر
- ماذا أحجم حزب الله عن إعلان الجمهورية الإسلامية في لبنان؟
- الفاشيون قادمون إلي لبنان وغيره
- هل الفلسطينيون قادرون علي تجاوز عبثية الحياة ؟
- النقد الذاتي وسيلة المصريين لتخطي محنتهم التاريخية
- اليسار العربى في مفترق طرق
- كيف تصبح مصر دولة ثقافة ؟
- إعدام الراهب سافونا رولا : شفرة دافنشى الحقيقية
- عرض لكتاب - يساريون في عصر اليمين-
- اضمحلال أمريكا وعلم المستقبليات
- حوارات مهدى بندق -9 - مع المفكر الفلسطينى الراحل هشام شرابى


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مهدى بندق - سقوط امبراطورية اليانكي