رقص على الثلج ..

أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2437 - 2008 / 10 / 17 - 05:30
المحور: الادب والفن
    

كثير من المشاهد تمر مرور الكرام على البعض منا .. ولربما وقف بعضنا يتأمل بشعور عميق إمكان الحركة في الزمان .. وتملك الزمان في المكان .. نشعر وكان الزمن يتجذر المكان والحركة معا .. وقد يظن البعض منا أنها مجرد حركة وأنه مجرد زمكان ( الزمان والمكان ) في حين يخطر الفاعل حركته أحيانا كثيرة عدم الانتباه لهذه الحركة .. ولكن بالنسبة لمن يبرمج الحركة ويحددها .. يعرف تماما كهربيتها .. ومجالها ويندمج في حركته ليصبح وكأنها هي .. أو تصبح الحركة وكأنها هو .. خاصة وإذا كان هناك إيقاع يتماوج شعوره وإحساسه كالراقص تماما .. فهذا الذي ينساق حركته بفعل الموسيقى يعيش لحظاته وكأنه يخلق في كل المكان والزمان والنغم .. فيعيش هذا الخلق .. واللحظة التي تمر عليه هي التي فقط التي عاين فيها مكانه وحركته .. هذا الوعي في سياق الحركة وهذا الإدراك ماهو إلا ذكاء وإذكاء الشعور في وعاء النغم والحركة .. فلا يشعر بها سواه .. ومن ثم من ذكائه المهني أن ينقل هذا الشعور للمتفرج أو الرائي .. وكأنه يأخذه بعيده في انجذاب واعي .. فيتراخى لديه الإحساس بالحياة .. سموا راقياً .. عندما نشاهد مثلا الرقص على الثلج او ما يسمى عادة بالتزلج الموقع .. خاصة إذا كان ثنائي نشعر باندماج الجسد في الجسد بلا مساس للمسافة .. دويتو للفعل والحركة يمنحنا شعوراً بالتفاني والخلود معا .. ولا عالم خارجهما .. أما الرقص الفرادى .. فنشعر به مستوحشا خارج مكانه .. ويلتحم حركة جسده وكأنها جزء منه .. لتعلو سمات الرقص والإحساس به مراتب لا تمثالها الإحساس بالحلم والطفو والغيبوبة .. وإذا ما ركزنا الضوء أو هي دائرة ضوء كالمعتاد أن نرى .. ندخل إلى هذا العالم من الحركة والموسيقى والجسد الضوء .. فالضوء من علامة التظليل .. تمنح الفعل ظلالاً بعدية وقبلية .. تشارك فعل الخلق ويلاحق الحركة مشاركا التزاوج الحميم بين الجسد والحركة والنغم .. ليخلق عالما غير محدود لا ينتهي إلا بانتهاء المقطع .. فإذا لنا أن نتحقق ليونة الأعضاء أو الأطراف أو الجسد بجملته .. لا نشعر فيه باختراقات أو وقفات .. إنما هو كتلة موازية لنقطة تجاذب أرضية .. وكأنه يخلق نقاط جاذبيته بفعل خفته وليس بفعل وزنه .. فنشعر وكأن هناك خفة وطفو رغم الحركة في المكان .. ليصبح المكان والحركة والجسد يتعالون على سماء الظل والظلال .. فيما نفكر في احساس المؤدي وشعوره الغالب في لحظته نجد أنه لا يشعرنا بحضوره العقلي والذهني إنما يفرض علينا حضورا كظل .. مساحة من الظل تبهرنا وتشملنا بالانبهار .. فيما هو يفكر في إيقاع انسيابه وليونته ومرونة انعتاقه الذي يحاول من خلاله أن يحيطنا بكثافة الحضور الظلي .. والذي بدوره يخترق جمودية واقعنا الحسي ويتمترس فينا وكأنه احتلال لمشاكلة روحية .. لنعيش لحظات الرقص بخيال وديمومة ..

#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل