|
تسفي ليفني في الدين اليهودي
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 2426 - 2008 / 10 / 6 - 05:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
هل ستنجح ليفني في تشكيل الوزارة ؟ سؤال ما يزال يشغل بال المحللين السياسيين المختصين في الشؤون الإسرائيلية ، ممن لا يرون في إسرائيل سوى أنها مجموعة من الأحزاب السياسية المتصارعة ، وهؤلاء يحسبون الأمور حسابا عدديا وفق قوة كل حزب وتأثيره الانتخابي . كما أن السؤال السابق ، أعاد لذاكرة كثيرٍ من فقهاء التحليل السياسي المتعجلين ، صورة أبرز النساء الإسرائيليات في عالم السياسة ، وهي غولدا مائير ، التي شغلت منصب وزير الخارجية عشر سنوات كاملة من 1956 – 1966 ، وهو المنصب الذي شغلته ليفني أيضا في عهد حكومة أولمرت ، كما أن غولدا شغلت منصب رئيس القسم السياسي في الوكالة اليهودية من 1949- 1956 ، وشغلتْ ليفني منصب رئيس قسم الشركات والجمعيات في الموساد ، وظنوا بناء على ما سبق بأن هناك شبها بين غولدا وليفني في طبيعة المهمات وظنَّ هؤلاء بأن الوضع متشابه في كونهما أنثيين أيضا . وهؤلاء ظنوا بأن إسرائيل في عهد مائير ، هي إسرائيل في عهد ليفني . غير أن دراسة المجتمع الإسرائيلي من داخله ، تؤشر بأن هذا المجتمع اختلف كل الاختلاف ، عن بدايات تكوينه الأولى، فقد كانت غولدا مائير من مؤسسي حزب ماباي مع بن غريون ، وكانت الساحةُ آنذاك خالية من معظم الحاريديم المتزمتين ، الذين آثروا انتظار الماشيح الذي سيعيد بناء الهيكل الثالث، ولم يُشاركوا في بناء دولة إسرائيل، باعتبارها دولة علمانية آثمة، لا تؤمن بما يؤمنون، لذلك فلم يكونوا ضمن الجمهور الانتخابي . وكانتْ غولدا في عصرها وأوانها امرأة تُشير إلى الديموقراطية الإسرائيلية ، في الجو الشرق أوسطي العربي الذكوري الذي يضطهد المرأة ، ويعدُّها من سقط المتاع في نظر أكثر دول الغرب . وظلَّتْ إسرائيل آنذاك تلعبُ لعبةَ اليسار بكل مكوناتها ، فاجتذبت تأييد الرأي العام اليساري في كل أنحاء العالم بفضل ألعابها المتنوعة والمتعددة في كل المجالات ، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، ففي المجالات الاجتماعية، كانت رسالتها الرئيسة : " المرأة الإسرائيلية متحررة ، تشارك الرجل في كل شيء ، فهي جندية وموظفة وعاملة في المصانع والمزارع ، ولها حقوق الرجل ، وتنافسه حتى في مجال السياسة والحكم ، أما في المجال الاقتصادي ، فكانت الكيبوتسات هي لغة إسرائيل العالمية التي جعلت العالم بأسره ينظر إليها باعتبارها رائدة الفكر الإشتراكي التجريبي العملي . وما إن حلّت الكارثة بإسرائيل - وفق تعبير كثير من اليساريين في إسرائيل - ووفق رأي بعض العرب أيضا عام 1977 ، حتى استعاد كثيرون وعيَهم وأصبحوا ينظرون إلى دولة إسرائيل من زاوية أخرى ، وهي الزاوية الدينية اليهودية ، التي كانت مُغيَّبَةً عن الحلبة السياسية والاجتماعية والدينية ، ففي عام 1977 استطاع حزب الليكود اليميني الديني من الاستيلاء على الكنيست والوزارة للمرة الأولى ، فيما أسماه المحللون الإسرائيليون " الانقلاب الديني" أو الانزياح من اليسار إلى اليمين ، واكتفى كثيرٌ من فقهاء السياسة العرب بتسمية الواقع الجديد " بالتطرف" ولم يتمكنوا من بلورة برامج ،يستطيعون بموجبه تحديد مفهوم هذا التطرف ، وسبر أغوار الواقع الإسرائيلي الجديد بعد هذا الانقلاب الديني ، الذي تحولت فيه إسرائيل من اسمها الرسمي في المحافل الدولية " دولة إسرائيل الديموقراطية " إلى اسمها الشرعي الأصولي" مملكة إسرائيل الدينية الكبرى ". ومنذاك شرعَ –حتى-اليساريون الذين كانوا يعتبرون المتدينيين متطفلين على المائدة السياسية الإسرائيلية شرعوا في مغازلة المتدينيين الإسرائيليين ، ولم يكتفوا بالغزل ، بل شرعوا في تنفيذ توصياتهم ، والانصياع إلى طلباتهم ، حتى أن كثيرا من رؤساء الحكومات اليساريين ، امتهنوا عادةَ تقبيل أيادي الحاخامين ، لنيل بركاتهم الانتخابية ، وبدؤوا في تطبيق البنود الدينية واحدا وراء الآخر ، وحسبي أن أذكر بعض اللقطات: أوردت صحيفة معاريف قائمة بأسماء بعض المشاهير من اليساريين أو المحسوبين على اليسار ،ممن طلبوا بركة الحاخام كادوري وهو أحد أبرز كاتبي الأحجبة في دولة إسرائيل ، التي أثبتت جدواها في الانتخابات ومنهم : دانيا توم رئيس الموساد السابق ، سونيا بيرس زوجة شمعون بيرس ، بنيامين بن إليعزر ، موشيه شاحال ، نتنياهو ، الصحفية جوديت شالوم وغاليا أبين ، وهي سيدة أعمال . " من كتاب المتدينون الجدد ليائير شيلغ ص 265 " أما عن المرأة ، فبعد الانقلاب الديني ، أو الانزياح نحو اليمين ، عام 1977 ، تأثرت صورة المرأة اليهودية بعد الانقلاب ، فقد كانت المرأة زمن غولدا مائير تُسمى " المرأة الإسرائيلية المتحررة" ، أصبحت اليوم "المرأة اليهودية المتدينة" مثلما تغيرت دولة إسرائيل من " الدولة اليهودية " إلى " دولة اليهود " ووفق المفهوم الديني ، فإن المرأة اليهودية ، حسب الشريعة تكون نجسة في حالة الحيض او النفاس والولادة ، وهي ليست نجسة فقط ، فإن كل ما تلمسه أو تجلس فوقه نجس ، وتحتاج إلى مجموعة من الإجراءات الطقسية المعقدة حتى تطهُر . فإذا حاضت ، تبقى نجسة ، وعليها أن تراجع الحاخام المسؤول عن الطهارة حتى يقرر موعد طهارتها ، وهي إذا ولدت ذكرا تكون نجسة أسبوعا ، وإن كانت المولودة أنثى فأسبوعين ، أما إذا أرادت أن تدخل المعبد يجب أن تنتظر أربعين يوما إن كان المولود ذكرا ، وثمانين يوما إن كانت المولودة أنثى ، أما إذا أرادت امرأة غير يهودية ، أن تدخل الدين اليهودي ، فيجب عليها أن تتعرى أما حاخامين لتثبت لهما جديتها والتزامها. أما إذا كانت المرأة من نسل حاخام ديني ، فلا بد أن تتزوج بمن هو نظير لها ، ويحظر على رجل الدين اليهودي أن يختار من يشاء من النساء ، فلا بد أن تكون المرأة المُختارة من عرق ديني معتمد ، وموقع من حاخامين معتمدين ، ويحظر على رجال الدين أن يتزوجوا المطلقات ، أو الخادمات ، أو الأسيرات . ويُحظر على النساء أن يتولين مناصب غير ، التدريس ، وتحفيظ التوراة للنساء فقط ومعالجة النساء، ويحظر الاختلاط بين الذكور والإناث حتى في رياض الأطفال . وبعد : هل تصلح ليفني المرأة اليهودية ، غير الطاهرة أن تكون ، في عهد سطوة الحاريديم رئيسا لوزراء إسرائيل ؟ قد تتمكن من تشكيل وزارة طارئة ، غير أنها لن تحظى بأي دعم من الحاريديم ، الذين يفضلون التعامل مع اليسار الذكوري الكافر " الغوييم " ، على أن يدعموا اليمين الأنثوي المُدنَّس !
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسمهان ونابليون الحكيم
-
مزايا وأفضال الهاتف الجوّال
-
هل يُسجن أولمرت كما سُجن أرييه درعي ؟
-
أنواع أقلام الكُتَّاب
-
الرقابة الذاتية عند الصحفيين الفلسطينيين
-
ماذا بقي من اليسار الفلسطيني؟
-
موسم القحط الثقافي
-
بذرة خضراء.. آخر أُمنيات محمود درويش
-
الفضائيات والتلوُّث العقلي
-
هل تبخَّر اليسارُ الإسرائيلي ؟
-
نصائح للراغبين في ركوب قطار العولمة !
-
هل المثقفون هم فقط الأدباء؟
-
أوقفوا (جموح) الصحافة الإلكترونية !
-
الآثارالعربية ... ومحاولة هدم الأهرامات !
-
كتب مدرسية ( مُقرَّرة) في الجامعات !
-
عوالق شبكة الإنترنت !
-
من يوميات صحفي في غزة !
-
الإعلام وصناعة الأزمات !
-
محمود درويش يبحث عن ظله في الذكرى الستين للنكبة !
-
مجامع اللغة العربية ليست أحزابا سياسية !
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو
...
-
ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض
...
-
المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
-
هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
-
ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
-
5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
-
واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
-
الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
-
ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع
...
-
هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|