أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - يهود العراق الجُدد















المزيد.....

يهود العراق الجُدد


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2418 - 2008 / 9 / 28 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



توالت في الأيام الأخيرة النداءات والقرارات الداعية إلى إخلاء العراق من سكانه المسيحيين متخذة من الإرهاب الذي عانى ولا يزال يعاني منه الشعب العراقي بمجموعه حجة للدعوة إلى إنقاذ المسيحيين الذين يعانون من إبادتهم من قبل ميليشيات الأحزاب الدينية ألإسلامية بسبب إنتماءهم الديني. لقد تناولنا هذا الموضوع وعلاقته بارهاب أحزاب المحاصصات السياسية الدينية والقومية منها في المقال المعنون " دعوات غير مسؤولة لإخلاء العراق من مواطنيه ألأصليين " والذي يمكن ألإطلاع عليه تحت الرابط:
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=146913
والذي جاء على شكل رد على مقابلة أجرتها صحيفة WELTONLINE ألألكترونية مع أحد ألأساقفة الذي دعى الحكومة الألمانية إلى ذلك . كما وأرسلنا الترجمة ألألمانية لهذا الرد إلى الصحيفة التي نشرت هذه المقابلة ومن خلالها إلى السيد ألأسقف نفسه.
ثم تكررت هذه النداءات بعدئذ من قبل جهات متعددة أخرى ، نحت جميعها نفس المنحى. فقد تناقلت الأخبار القرار الذي إتخذه ألإتحاد الأوربي لنقل عشرة آلاف عراقي وتوزيعهم على الدول الأوربية ، حيث أبدت ألمانيا إستعدادها لإستقبال خمسة آلاف منهم . لقد جاء قرار الإتحاد الأوربي هذا بعد أن إتخذ مجلس الأساقفة الألمان الذي إنعقد قبل أيام قراراً بهذا الشأن تناول فيه ما يعانيه المسيحيون العراقيون من التهديدات التي قد تؤدي إلى إبادتهم . ومن جانب آخر تدخلت منظمة العفو الدولية لتطالب بزيادة العدد الذي تناوله قرار الإتحاد الأوربي إلى ثلاثة أضعاف هذا العدد.
فماذا يعني كل ذلك أمام المستجدات التي تبلورت في الوضع الداخلي العراقي في الفترة الأخيرة...؟
إن اول ما يعنيه هذا الأمر هو السمعة العالمية السيئة التي ظلت ترافق العملية السياسية في العراق والتي لم تستطع ألأحزاب الحاكمة التي تتبارى على تنفيذ سياسة محاصصاتها ان تخرج بها من هذا المأزق الذي ظل، رغم التحسن الذي طرأ على الوضع الأمني ، يشكل السمة الملازمة لها . ولا عجب في هذا الأمر إذا كانت الأحزاب التي بنت وجودها وهيكلتها في الحكم لا على برامجها السياسية ونواياها الصادقة لخدمة المواطن ، بل على أساس خدمة الحاكم نفسه وعائلته أولاً ثم الأقربون والعشيرة والحزب ، والصرف على المليشيات المسلحة ليرهبوا بها أعدائهم سياسيين أو عشائريين أو حتى إذا كانوا من أبناء المذهب الواحد . فالدين التجاري أصبح اليوم هو الدين الرائج بين هذه الأحزاب ، وما يشرعنه فقهاء هذا الدين هو البضاعة التي يعمل التجار الفقهاء الجُدد على ترويجها بين الناس على مبدأ المثل العراقي القائل " تريد أرنب أخذ أرنب ، تريد غزال أخذ أرنب "
أي ان إستمرار هذا الوضع الذي يعاني منه العراقيون جميعاً قد يكون هو الضارة النافعة لأحزاب المحاصصات التي بدأت تخطط لمواجهة ردود فعل الشارع العراقي على تصرفاتها البدائية على الساحة السياسية ، حيث أثبتت فشلها التام في مواجهة التحديات التي تركتها البعثفاشية المقبورة ،لا بل أنها لا زالت تتخبط في هذه التركة المقيتة ، إذ ليس لديها برنامج وطني خالص من الطائفية والعشائرية والقومية المتعصبة لتواجه به هذه التركة، وما التخبط في عملية إجتثاث البعث أو العجز عن التصدي لما خلقته البعثفاشية في كركوك أو محاسبة مجرمي البعث الكبار وتنفيذ الأحكام الصادرة بحق بعضهم ، إلا بعض من فيض ألأمثلة على هذا التخبط الملائي القومي الشوفيني . إن اي مخلص للعراق أولاً وقبل كل شيء لا ينبغي له ان يفكر ، بعد إنهيار الدكتاتورية ، إلا بالطرق والوسائل التي من شأنها إيصال هذا البلد المُحطم إلى المواقع التي تتيح له النهوض مرة أخرى ، وإن هذا النهوض لا ولن يُكتب له النجاح إذا لم يتكفل به أهل هذا البلد جميعاً على إختلاف أديانهم ومذاهبهم وقومياتهم وأجناسهم ، وليس حزباً معيناً او طائفة بذاتها أو قومية بمفردها أو الرجال فقط دون النساء . هذا هو المبدأ الذي سارت عليه الشعوب التي خرجت لتوها من كوارث وأنظمة مماثلة للبعثفاشية في وطننا ، فأوصلت بلدانها إلى المواقع التي تتصدر العالم اليوم في كافة المجالات ولا زال السعي مستمراً على نفس هذه المبادئ لتحقيق المزيد والمزيد في هذا الكون الذي لا ثبات له على ألإطلاق والذي يستمر في مسيرته دون ان يعير اي إهتمام للمتخلفين والمتلكئين .
إلا ان الأمر الخطير في النداءات الأخيرة الداعية لإخلاء العراق من المسيحيين والتي إتخذت طابعاً دولياً الآن هو ان تتكرر مأساة اليهود العراقيين على مسيحيي العراق هذه المرة . فكلنا يعلم أن تنفيذ وعد بلفورد بإيجاد وطن قومي لليهود قد تم ، بقدر ما يتعلق الأمر بالعراق ،من خلال عمل الحكومة الملكية بالعراق بالإتفاق مع حكومة بريطانيا العظمى آنذاك على إجبار اليهود العراقيين على ترك وطنهم وتسفيرهم قسراً إلى إسرائيل بعد ان تجردهم من جميع وسائل وجودهم في وطنهم العراق وذلك بالإستيلاء على ممتلكاتهم وعقاراتهم وأموالهم ومحال تجارتهم . وهذا ما تم لإيجاد شعب لدولة دون شعب . فهل سيقوم تجار المحاصصات بنفس هذه اللعبة بالنسبة لمسيحيي العراق....؟ خاصة إذا ما علمنا بالرغبة الجديدة التي تتوي تحقيقها أحزاب المحاصصات هذه بالغاء النصوص الدستورية والقانونية التي تنص على حصص العراقيين الذين لا ينخرطون في التجارة الدينية الإسلامية بسنتها وشيعتها ولا بالتعصب القومي العربي او الكوردي ، من حصصهم في مقاعد البرلمان أو مجالس المحافظات وضمهم ، هكذا بجرة قلم ، إلى قوائم تجار المحاصصات ليكونوا كأي بضاعة أخرى في هذه التجارة الكاسدة . إن الخطر الكامن خلف توجهات كهذه يمكن أن يقود إلى سلوك نفس السبل التي أدت بالأمس إلى فقد العراق لمواطنيه الأصلاء من اليهود ، والإتفاق اليوم مع الدول التي تبدي إستعدادها لإستقبال المسيحيين العراقيين وتنسيق هذه الدول مع الأحزاب القائمة على شؤون الوطن في الوقت الحاضر واتباع نفس الوسائل التي سبق وان أُتبعت مع اليهود سابقاً ،مع المسيحيين العراقيين ، لإخلاء الوطن منهم. إلا ان الفرق في الأمر هنا هو ان المسيحيين العراقيين سيعاملون في هذه الحالة في الدول المضيفة لهم لا كمواطنين ، بل كلاجئين ، هذا الوضع الذي قد لا يتحمل نتائجه من يشعر باقتلاعه كراهية من جذور وطنه .
قد يقول قائل ...ومع ذلك فإن حياة الأمان التي ستوفرها الدول المضيفة لهم قد تنسيهم هموم البعد عن الوطن والمشاكل التي ظلوا يعانون منها ، خاصة منذ سقوط البعثفاشية ولحد الآن . قد يكون هذا التصور صحيحاً إذا ما إرتبط بإجراء مؤقت يرتبط بسعي هذه الدول إلى مساعدة الشعب العراقي بمجموعه على تجاوز هذه الأزمة . وإن أول الإجراءات التي يمكن اي يقوم بها المجتمع الدولي للتغلب على هذا ألأمر بالعراق هو مساعدة الشعب العراقي على كبح جماح دول الجوار التي تعمل على إستمرار تخبط العراق في هذه المآسي وعلى رأس هذه الدول السعودية وإيران وسوريا وتركيا ،وعلى إجراء إنتخابات برلمانية نزيهة ،والتنكر لأي إجراء تمارسه عصابات الأحزاب الحاكمة ومليشياتها والتي تتنافى ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ، والنهوض ببناء العراق الجديد وذلك من خلال تشديد مراقبة البنك الدولي والمؤسسات العالمية الأخرى على وسائل ألإنفاق الحكومي واستفحال الفساد الإداري الذي أوصل هذا البلد بإمكانياته الهائلة إلى أوطأ درجات سلّم الفساد ألإداري ، حسب مؤشر مؤسسة الشفافية الدولية ومكافحة الفساد لعام 2008 والذي نُشر في الأسبوع الماضي ،حيث إحتل العراق فيه المرتبة 178 من 180 ، فلم يسبقه في الفساد ، وهذا من بركات الأدعية الملائية ، سوى مينامار ، 179 والصومال 180. وأخيراً مساعدة الشعب العراقي على إستعادة السيادة الوطنية الكاملة وبناء علاقاته الدولية على اساس التكافؤ والمصالح المشتركة . إن المجتمع الدولي المؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني فيه وقواه السياسية والإجتماعية التقدمية قد تشكل الضمانة الأممية لمساعدة الشعب العراقي على التخلص من الأزمات القاتلة التي يعاني منها اليوم.
إلا أنني ارى من الجانب الآخر ضرورة التحرك الجدي والسريع من قبل المعنيين بالامر مباشرة ومن قبل الشعب العراقي عموماً والذي لا يمكنه ان يُضحي بمواطنيه ألأصلاء من المسيحيين الذين إرتبطوا بهذا الوطن منذ آلاف السنين ووضعوا ألأسس الأولى لوجوده وحضاراته المختلفة على مر ألأزمان ،والذي ساهموا أيضاً بصياغة تاريخه الحديث بما قدموه من الخدمات والتضحيات على كافة سوح النضال الوطني . لقد جاء إستنجاد المسيحيين العراقيين بالبابا في محله ، حسب إعتقادي ، إذ ان الأحداث أثبتت في كثير من مفاصل الوضع السياسي العراقي ، بأن ذوي القربى من الملالي والقومجية لا هم لهم إلا مصالحهم الحزبية أو الفئوية ، وإن القوى الوطنية العراقية التي قد تقف ظهيراً لمنتسبي الأديان والقوميات الأخرى التي تواجه ألإضطهاد والتنكر ، ضعيفة الآن ولا قدرة لها على مواجهة هذا المد الرجعي الديني القومي الأسود.
كما أن القوى الخيرة في العراق مطالبة بدعم النداء الذي توجه به الكاردينال عمانوئيل دلي والذي طالب فيه ان يتراجع البرلمان الذي انتخبه الشعب العراقي آملاً ان يحقق له ما أنكرته عليه البعثفاشية لأربعة عقود من الزمن ، عن القرار الذي اتخذه المحاصصون بسلب حتى بعض الحقوق المعنوية البسيطة من المسيحيين والصابئة والشبك والإيزيدية التي لا تكتمل ألوان الطيف الشمسي العراقي إلا بها مجتمعة مع الألوان الأخرى ، كما عبر عن ذلك سيادة الكاردينال عمانوئيل دلي في نداءه اعلاه .
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرة أسئلة حول ندوة نادي الرافدين في برلين
- أما آن الأوان لتجارالمحاصصات أن يعلنوا إفلاسهم....؟
- دعوات غير مسؤولة لإخلاء العراق من مواطنيه ألأصليين
- وماذا بعد السبع العجاف.....؟
- صحافة السجون.....مرة أخرى
- باب التجيك منه الريح.....سده واستريح
- الشباب والإرهاب
- دور المثقف العراقي في مواجهة الطائفية
- مهرجان نادي الرافدين الثقافي في برلين
- اهازيج الشارع العراقي اليوم
- يا اهل العراق....هل انتم مؤمنون حقاً...؟ فالمؤمن لا يُلدغ من ...
- دروس تموز
- مدينة الثورة ....الإنجاز المسروق
- القضية الكوردية وإشكالات المسيرة 2/2
- القضية الكوردية وإشكالات المسيرة 1/2
- أصحوة أم كبوة....؟
- كتاب جدير بالدراسة والتأمل.....3/3
- كتاب جدير بالدراسة والتأمل.....2/3
- كتاب جدير بالدراسة والتأمل....1/3
- هوس التكفير في عقول أعداء التفكير


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - يهود العراق الجُدد