أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - صادق إطيمش - صحافة السجون.....مرة أخرى














المزيد.....

صحافة السجون.....مرة أخرى


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2399 - 2008 / 9 / 9 - 02:23
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


المقالة الجميلة التي أتحفنا بها الكاتب ألأستاذ عبد القادر العيداني حول صحافة السجون التي اتخذ من سجن السلمان نموذجاً لها ، والمنشورة على صفحة الطريق بتاريخ 08.09.2008 ، أثارت بعض الشجون التي تراكمت عليها ذكريات عشرات السنين التي إرتبطت بأحداث جمة داخل هذا السجن الرهيب ، سجن النگرة ، كما يسميه الشعب . لقد عادت بي هذه الذكريات التي إرتبطت بالصحافة الشيوعية إلى بعض ما عشته من خلال إرتباطي بهذه الصحافة داخل سجن نكرة السلمان . وتأكيداً لما طرحه الأستاذ العيداني حول الحرص على سرية العمل الصحفي هذا حتى داخل السجن ، أذكر ما لمسته وعشته شخصياً حول هذا الأمر .
وصلت سجن النكرة في تموز من عام 1963 قادماً من سجن البصرة العسكري مع وجبة كبيرة من السجناء العسكريين الذين تم نقلهم عبر الطريق الصحراوي أو ما كان يسمى آنذاك ( طريق إبصية ) وذلك إنتقاماً منهم ، إثر الإنتفاضة العسكرية الثورية التي قادها الشهيد البطل حسن سريع في معسكر الرشيد في بغداد ضد العصابة البعثفاشية التي قتلت جمهورية الرابع عشر من تموز في الثامن من شباط الأسود عام 1963.
وحينما وصلنا السجن وتم توزيعنا على الردهات التي أخذت تضيق بنزلاءها بمرور الزمن ، لاحظت ظاهرة غريبة لدى بعض نزلاء الردهة. إذ بعد الإنتهاء من تنظيف الردهة صباحاً يتجه هذا البعض إلى فراشه فوراً ويتغطى بالبطانية ويشد رأسه بالغترة البيضاء أو باليشماغ ، رغم حرارة الجو ، ويجلس على فراشه ممسكاُ بقلم وورقة ويكتب ، ولا أحد يرى طبعاً ماذا يكتب . تصورت في بادئ الأمر أن هؤلاء مرضى وقد يحتاجون إلى الراحة في فراشهم . إلا ان هذه الحالة لا تستمر إلا بعض الساعات لينهض هؤلاء ( المرضى ) وهم على أحسن حال ، لا بل ويمارسون نشاطاً رياضياً أحياناً . وما زاد في حيرتي هو أن أرى هذه الحالة تتكرر عند نفس الأشخاص يومياً ، ولم اكن في ذلك الوقت بالعمر الذي يقودني إلى إيجاد التفسير المعقول لهذا الأمر الذي إضطرني إلى ألإستفسار عنه لدى بعض الأصدقاء الذين أوضحوا لي بأن هؤلاء ألأشخاص يلتقطون ألأخبار العالمية من راديوات صغيرة عبر سماعات يغطونها بغطاء الرأس ، والبطانية تستعمل لتغطية الراديو . إذن هم ليسوا مرضاء بل يهيئون الأخبار التي نستمع لها يومياً كل في ردهته .
لقد استمرت معايشتي النظرية لهذا العمل الصحفي لتنتهي بانخراطي في هذا العمل داخل السجن وذلك حينما سألني الشهيد المرحوم سامي أحمد ( ابو وميض) إن كنت أرغب بالمشاركة في العمل ضمن كادر صحيفة السجن . فتصورت للوهلة ألأولى بانني سأقوم بنفس العمل الذي يقوم به الرفاق الآخرون في مجال إلتقاط الأخبار . إلا أن ابو وميض أخبرني بأن عملي سيكون في مجال آخر ، وحينما إستفسرت منه عن طبيعة هذا العمل أجابني بأنني سأعمل مذيعاً لأنني امتلك صوتاً عالي النبرات والردهة كبيرة ولا توجد أية وسائل لإسماع الأخبار سوى قراءتها على نزلاء الردهة في وقت معين من كل يوم . فوافقت على العمل في هذا المجال الذي اصبحت بموجبه أستلم نشرة أخبار مكتوبة يومياً مع بعض التعليقات السياسية وذلك بوقت كاف يسمح لي بالأطلاع عليها اولاً للتأكد من مضمونها واستطاعتي قراءته على نزلاء الردهة دون أخطاء أو تلكؤ أو توقف ، حيث ان الوقت المخصص لذلك محدود جداً ، خوفاً من أن ينكشف الأمر من قبل حراس السجن .
لا انكر إضطرابي ، لا بل وارتجاف ساقاي ، حينما وقفت للمرة الأولى وسط الردهة المليئة بالنزلاء لأعلن وقت نشرة الأخبار ثم البدء بقراءتها.
ومرّت ألأيام التي اصبح فيها موعد قراءة نشرة الأخبار من اسعد اللحظات التي اترقبها بدءً من إستلام النشرة ثم الإطلاع عليها وإتقان مفرداتها ثم الإعلان عنها فقراءتها وسط الحشد الذي يملأ الردهة للإستماع بلهفة شديدة إلى هذه النشرة التي كانت بحق رابطة الوصل الوحيدة بين السجين والعالم الخارجي .
وحينما يستعيد المرء هذه الذكريات الجميلة حقاً وسط الجو الإرهابي الذي كان يؤججه حراس السجن بين فترة وأخرى ، خاصة قبل ان ينقلب القوميون على أقرانهم البعثيين ، وعندما كان البعثيون الأوباش يختلقون مختلف الحجج للتنكيل بالسجناء ومحاولات النيل من عزيمتهم التي لم يستطيعوا ليها حتى بعد أن استهدفوا السجناء العزل برصاص رشاشاتهم الغادرة التي واجهتها عزيمة الشيوعيين واصدقاءهم في سجن النكرة آنذاك بالثبات والسعي لتحقيق كل ما يمكن تحقيقه من خلال التثقيف والتعليم والدراسات والنشاطات الإجتماعية والرياضية والفنية والسياسية والعلمية التي كانت تمارسها وتساهم بها وتعمل على إحياءها الكوادر التي كان يضمها ذلك السجن الذي حول الشيوعيون واصدقاءهم رهبة ساحاته وردهاته إلى منتجعات للعلم والمعرفة والنشاط اليومي الدائب على مختلف المستويات.



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باب التجيك منه الريح.....سده واستريح
- الشباب والإرهاب
- دور المثقف العراقي في مواجهة الطائفية
- مهرجان نادي الرافدين الثقافي في برلين
- اهازيج الشارع العراقي اليوم
- يا اهل العراق....هل انتم مؤمنون حقاً...؟ فالمؤمن لا يُلدغ من ...
- دروس تموز
- مدينة الثورة ....الإنجاز المسروق
- القضية الكوردية وإشكالات المسيرة 2/2
- القضية الكوردية وإشكالات المسيرة 1/2
- أصحوة أم كبوة....؟
- كتاب جدير بالدراسة والتأمل.....3/3
- كتاب جدير بالدراسة والتأمل.....2/3
- كتاب جدير بالدراسة والتأمل....1/3
- هوس التكفير في عقول أعداء التفكير
- ألقصف التركي لقرى جبل قنديل له ما يبرره....!!!!!
- سعي الرأسمالية لعولمة العمل بعد عولمة رأس المال
- لقد أهنتَ الشهداء قبل ألأحياء....يا سيادة الرئيس
- لماذا إمتنع السيد ألسيستاني عن ألإفتاء في هذا ألأمر.....؟
- هل مَن كان يتنظر غير ذلك من أحزاب الإسلام السياسي...؟ القسم ...


المزيد.....




- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - صادق إطيمش - صحافة السجون.....مرة أخرى