أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مثنى حميد مجيد - أفكار من على رصيف الباب الشرقي















المزيد.....

أفكار من على رصيف الباب الشرقي


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2418 - 2008 / 9 / 28 - 00:54
المحور: سيرة ذاتية
    


لتسع سنوات 1990 ...1998 ، جلست في الباب الشرقي أرسم الناس في الهواء الطلق لكسب قوت عائلتي اليومي فكنت مع رسامين اخرين أول من أدخل هذا التقليد في تاريخ الفن التشكيلي في العراق وفق معلوماتي. وفي يوم مر بي إسلامي يرتدي سروالآ ودشداشة قصيرة وبعد أن داس بقدمه القبيحة على بعض الصور خاطبني محذرآ ـ أتعرف ماذا يفعل بك الله في الاخرة ، سيطلب منك أن تمنح الروح لكل هؤلاء ـ وأشار بيده إلى صور الأشخاص التي كنت أعرضها في بسطيتي ففهمت مقصده وهو إني سأذهب إلى جهنم كجزاء على سعيي وكدحي من أجل كسب رزقي.ومفترضآ صحة إدعاء هذا الإسلامي ، الذي لم يكن عراقيآ ، تصورت نفسي أقلى وأتقلب في نار السعير.مثل هؤلاء يعتقدون إن كل الأشياء الجميلة في الكون بما في ذلك تلك التي في الحياة الدنيا والاخرة من جنات النعيم مخصوصة لهم وحدهم.وهم في فتاويهم التي تكفر العراقيين لا يؤمنون بأي رحمة للخالق ، فالشعب العراقي الذي خرج توآ من أتون دكتاتورية صدام عليه أن يقتل ويذبح ثانية إستجابة لفهمهم الجاهلي الأعرابي للحياة والواقع الموضوعي والدين وقراءتهم المتخلفة المشوهة للقران الكريم .هم في الاخرة مع بعرانهم سيذهبون إلى الجنة أما الناس من ضحاياهم فالى نار جهنم.

وفي يوم فعلت ما هو أكثر من مجرد رسم بورتريت شخصي لإنسان ما ، ولو كان هذا الإسلإمي حاضرآ لنتف لحيتة غضبآ أو أرداني قتيلآ.كنت منغمرآ ومركزآ في الرسم حين لاحظت شابآ كريم العين يرقبني يذهب ويجيء ويطيل التحديق وشعرت من نظرته رغبته في رسم صورته الشخصية بعينين صحيحتين ، وأبتسمت مشجعآ فيه التعبير والإفصاح عن نفسه وقلت ـ أنا أفهم ما تريد ياصديقي ، سأعيد لك عينك الثانية بأزهى صورة ، ستعود كما يفترض أن تكون ، صحيح العينين ـ فأجابني مسرورآ وقد كسرت حاجز الخجل والإحراج بيننا ـ إي والله ياحجي ، هذه هي رغبتي ولا تسألني كم أعطيك مقابل رسمك سأعرض أمامك نقودي ولك أن تأخذ ما تريد وأكثر إذ إنك ستحقق لي حلمآ طالما حلمت به وهو كما تعرف صعب التحقيق إن لم يكن مستحيلآ ـ فأجبته ـ صحيح ما تقوله فالكاميرا لا تستطيع أن تحقق لك هذا ولا حتى الطبيب الجراح أما أنا فلن أحتاج إلا إلى بضعة خطوط وألوان لن أبخل بها عليك لأدخل في نفسك السرور ـ وباشرت العمل بصورة الشاب ، وحين أتممتها في اليوم التالي كانت فرحته كبيرة ، وشاهد الصورة عدد من المارة في جو من الإحتفاء والمزاح وتناول الشاب صورته المرسومة الجميلة وكأنه يستلم جائزة ثمينه ، وثيقة إعتراف بحلم طالما حلم به وها هو الان يتجسد على الورق كأضعف ايمان.لن أنسى الخدمة الإنسانية التي قدمتها لهذا الشاب الطيب .في ذلك الوقت لم يكن الكومبيوتر موجودآ في العراق وكان من المحرمات التي تبعث على الرعب نظرأ لإقتصار وجوده على الدوائر الأمنية الحساسة وإلا فالكومبيوتر قادر في الوقت الحاضر على إعداد صورة جيدة لصاحبي كريم العين.أما طبيآ فأعتقد أن عملية تصحيح العين الكريمة أمر ليس بالسهل دائمآ على أطباء التجميل لكنه مع التطور في تقنيات الطب قد يصبح أمرآ عاديآ .ومؤكد أنه يعد حاضرآ من الأمور أو الحالات الهينة جدآ مقارنة بحالات فقدان الأعضاء والتشوهات وأشكال العوق المفجعة والمنشرة في العراق بسبب الحروب المستمرة.

هذه الأحداث من حياتي إستعدتها وأنا أستلم رسالة من صديق يقول فيها ـ أنت تنتقد وتعتذر بكثرة وتتناقض أحيانآ في ارائك ـ لأني ياعزيزي أرتعب من تصحيح أي عين عوراء في الواقع ولا أستثني نفسي من أشد النقد.الواقع ليس صورة نرسمها لشخص حين نكتب فما نكتبه يمس ملايين الناس ولذلك علينا أن نطرحه على حقيقته بلا تزويق أو رتوش أو ألوان.أفضل الكتاب هو من يسمي الأشياء بأسمائها وكما يذكر في القران الكريم ـ وعلم ادم الأسماء كلها ـ .هذا هو المعنى العميق المقصود في الاية.وبدون النقد والنقد الذاتي ، بدون الصراحة والصدق مع الاخرين ومع النفس يتحول الكاتب إلى مزوق بلاهة وسخافة تضر الناس وتشوه الحقيقة وتؤدي به إلى درجات متدنية من التملق والمداهنة وحتى الإرتزاق.إن أي مخاتلة أو تكتيك في رسم الواقع هو إعتداء على الله فروح الله تجري في عروق التاريخ وفي وعينا الجمعي وتستورثها الأجيال.وفي اعتقادي المتواضع إن أي كاتب يجب أن يضع الأمور التالية في ذهنه دائمآ قبل أن يكتب ويحاول الإلتزام بها قدر ما يستطيع ويراجعها بإستمرار كي يصحح أو يطور موقفه وفق تلبيته لها والتزامه.

أولآ.ماذا يأكل الأطفال في العراق.مائدة الفقير أهم وأسمى من الوطن .الفقير والجائع والبطال لا وطن لهم.العراق ، الوطن ، كلمات سامية لكنها تأتي في المقام الثاني بعد مائدة الفقير.هل يقف العمال صباحآ في المساطر دون أن يستدعيهم أحد لفرصة عمل وكم من الاباء لا يجدون عملآ فيعودون إلى أطفالهم ليلآ دون أن يستطيعوا حتى الإعتذار لهم لأنهم لم يجلبوا لهم ما يشبع بطونهم ويسرهم من حاجات إنسانية ضرورية.

ثانيآ .كم عدد اللصوص في العراق ؟ هل زاد عددهم عن زمن صدام؟.ولكن لنتذكر أن اللصوص موجودون منذ خروج جدنا ادم عليه السلام من الجنة بيد أن كثرتهم أو قلتهم وتوفر القانون الذي يحد نسبيآ من نشاطهم أمور لا بد منها في إتخاذ أي موقف سياسي.كثرة اللصوص والمأجورين والمنتفعين وتجار الفرص والطفيليين دليل على أن الوطن في خطر أو أمان فاللصوص يبيعون الوطن وحتى العلم.

ثالثآ.ينبغي التأكد إن كان موقفنا ينتفع به أو يتعزز موقع إرهابي أو داعية حرب أو قتال.إن شعبنا العراقي قادر على كنس الأمريكان من ترابه خلال فترة قصيرة جدآ بدون قتال وثورة الرابع عشر من تموز وتاريخه الحديث برهان على ذلك.

رابعآ.لقد دلت أحداث السنوات السابقة وملايين الشهداء والمهجرين والمعاقين واليتامى والأرامل أن الإمبريالية ليست كلمة سياسية بل واقع فعلي وغول مجرم يهدد أمن العالم وإن النظام الأمريكي نظام إجرامي ومزيد من التعويل عليه أو التحالف معه يعني المزيد من الدمار والخراب.أقول هذا مع إحترامي لاراء الليبراليين الذين يضعون الأولويات السابقة في مقدمة أسس تفكيرهم ولا تحركهم مصالح شخصية أو نفعية.نعم ، لقد كان شعبنا يتوق إلى من يعينه إلى إزاحة كابوس نظام صدام الجائر والدموي ولكن ينبغي أن لا ننسى إن صدام نفسه هو صنيعة الإمبريالية ، كما صنعته وأدامت نظامه ،أزاحته لتقيم نظامآ جديدآ إستغلاليآ يبنى على النهب والسلب تابعآ لها إلى أمد بعيد.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي ومكب نفايات التاريخ
- تعلولة مفيد الجزائري وماركسية حسين الشهرستاني
- ابن تيمية ، الحراني الأخير
- فينومينولوجيا خالتي صبريه
- التخاطر مع الموتى خير من متابعة أخبار حرامية العراق
- عن ترجمتي التخاطرية لأشعار كارين بويه
- إبادة الصابئة وإبادة أقليات دارفور- ياأسود ياأبيض!
- كارين بويه ، قصائد مترجمة
- ثلاث قصائد للشاعرة السويدية كارين بويه
- تأملات في الحياة السويدية ، مايا نيبلوم تعمل وترقص وهي في ال ...
- ترنيمة لمهد البعث
- بعث جثث جثث بعث
- نصائح مفيدة للذهاب إلى الجنة
- كي لا ينام الضمير ويشخر
- فينومينولوجيا منخري عزة الدوري وهادي العامري
- هل ينبغي للحقيقة أن تعتمر العمامة ؟
- ضرورة الميزان في الرد على وفاء سلطان
- عن الدور التخريبي لوفاء سلطان في الوسط العلماني واليساري
- عن الام المسيح وهرمجدون بوش والدكتورة وفاء سلطان
- إعتذار للأخ صائب خليل على إنتقادي لمقارنته وفاء سلطان بعدنان ...


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مثنى حميد مجيد - أفكار من على رصيف الباب الشرقي