أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المثقف وفن الاستذكارات في أمسية ثقافية في لندن















المزيد.....



المثقف وفن الاستذكارات في أمسية ثقافية في لندن


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22 - 06:50
المحور: الادب والفن
    


سِيَّر شخصية تجمع بين السرد الروائي والعين السينمائية
أقام المنتدى العراقي في لندن في الثاني عشر من شهر أغسطس " آب " الجاري أمسية ثقافية تحت عنوان " سِيَّر شخصية " شارك فيها كل من الروائية والإعلامية الفلسطينية سلوى الجرّاح، والشاعر والناقد والمترجم صلاح نيازي، والكاتب والسياسي الدكتور غانم حمدون. وتأتي هذه الأمسية بمثابة احتفاء بالشخصيات الأدبية والفكرية آنفة الذكر. وعلى الرغم من أن الاعلامية والروائية سلوى الجرّاح فلسطينية الاَ أنها عاشت في العراق نحو ثلاثين عاماً، ولا تزال ذاكرتها طرية صافية ومحتشدة لا يعتريها التشويش أو الارتباك. وقد تحدثت بطريقة عفوية سلسة نالت فيها اعجاب الحضور لأنها استطاعت أن تستدعي الوقائع والذكريات الماضية بأسلوب يجمع بين السرد الروائي والعين السينمائية التي تحاول توثيق كل شيء تراه مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه العين " مُحِّبة " للعراق والعراقيين على حد سواء. لا بد من الاشارة الى أن المتحدثين الثلاثة كانت لديهم " محطات أساسية " في سيرهم الشخصية. وقد شكلّت هذه المحطات المتوهجة منطلقات حية يتفاعل معها السامع بسهولة ويسر، ويندمج معها الى حد التماهي كما حصل مع الدكتور نيازي الذي لامسَ أكثر من عصبٍ في آن واحد. أما الدكتور غانم حمدون فقد استغرق طويلاً في سرد سيرته العائلية المتشعبة التي حرمت الحاضرين من فرصة التعرف على تجربته السياسية والثقافية في آن معاً، خصوصاً وأنه كان رئيساً لتحرير " الثقافة الجديدة " المجلة اليسارية المعروفة التي كنا نترقب صدورها بشغف كبير. ولكي نعطي هذه المحطات الأساسية حقها لا بد من التوقف عند المحاور الأساسية التي صاغتها الذاكرة السردية لكل متحدث على انفراد.
الاحساس بالوطن والمواطنة
يبدو أن الجملة الأولى التي استهلت بها سلوى الجرّاح حديثها عن الوطن قد تفتقت الى جملٍ وتداعيات حُرة صادقة لا وجود للصنعة أو الافتعال فيها. لقد قالت بعبارة صريحة " هناك أسباب كثيرة تدعوني للحديث في كل مناسبة. أما الآن فلدي سبب واحد، وأعتقد أنه أساسي ومهم جداً وقد فكرتُ به كثيراً قبل أن آتي الى هنا. وهذا السبب هو الاحساس بأن لديَّ وطن ". إذاً، لم تشعر سلوى بأنها طارئة أو مَقصية أو أنها تعيش في " بلدها الثاني " كما نقول في العادة حينما نذهب الى بلدٍ عربي آخر. لقد أحسّت بأن العراق هو مَسقَط رأسها وقلبها وذهنها معاً. وهذا الاحساس مهم جداً في التصالح مع الذات أو التوحد معها لأنه يفضي بالنتيجة الى التوحد مع الوطن الذي سوف ينطبع في ذاكرتها صورةً اثرَ صورة، وواقعة بعد أخرى. وقد وصفت احساساتها ومشاعرها بأنها ترتعد كلما مرَّ بخاطرها اسم العراق الذي يبدو الآن نائياً وبعيداً على الصعيد الجغرافي في الأقل. ولكنها ما أن تطبق أجفانها حتى تتجسد أمامها خريطة العراق، وتسمع هديل طيوره، وتغريد عنادله، وخرير مياهه. لم ينبجس هذا الحُب من فراغ فأبوها الذي كان يعمل في " شركات ضخ النفط " في حيفا اختار أن يأتي الى العراق عام 1948، مفضلاً اياه على الشقيقة لبنان مع الأخذ بعين الاعتبار أنه عمل في العراق في ثلاثينات القرن الماضي. لقد كانت عودته هذه المرة الى محافظة البصرة حيث أتمت سلوى عمر الرابعة في هذه المدينة التي تتغلغل في تجاويف القلب. فلا غرابة أن تتحدث باللهجة البصْرية، وتتخلّق بأخلاقهم الطيبة المجبولة على الحُب والمودة المفرطة. ثمة تفاصيل ومشاهد كثيرة تهيمن على ابن البصرة وساكنها حيث تقول سلوى في هذا الصدد " إذا قيل لي أُرسمي شجرة، فأنا أرسم نخلة. وإذا قيل لي أرسمي بيتاً، فأنا أرسم بيتاً من بيوت البصرة الواطئة ذات الشبابيك والأبواب الصغيرة ". كانت سلوى تفتش عن كلمات خاصة تكون بحجم حُبها لمدينة البصرة. فالكلمات والتوصيفات، على ما يبدو، لا تُسعفها في التعبير عن تعلقها بهذه المدينة المعطاء. ثم انتقلت العائلة الى الفاو التي هي امتداد طبيعي للبصرة وشط العرب. وقد صادف أن يكون منزل والدها مطلاً على شط العرب، كما أن حديقته تلامس حافة الشط الذي تمر عليه السفن والبواخر التي تأتي لنقل المنتوجات النفطية الى مختلف دول العالم. ومن الفاو انتقلت العائلة الى " الزُبير " ومنها الى لواء الدليم كما كان يسمى آنذاك. ومن الذكريات المؤلمة التي لم تنسَها سلوى أنها سقطت ذات يوم وهي صغيرة السن في شط العرب. وقد رمى أبوها بنفسه في الشط وأنقذها خشية من الكواسج التي يكتظ بها شط العرب في موسم الربيع. في تلك المرحلة تعلمت سلوى أن ترسم خريطة العراق عن ظهر قلبها كما الطالبات الأخريات اللواتي يفتخرن برسم خريطة العراق من دون النظر الى الكتاب. لم يقتصر حُب العراق على رسم خريطة الوطن، بل تجسد في حفط أسماء العديد من المدن العراقية المبثوثة بين محافظاته الرئيسة خصوصاً وأن كتاب الجغرافيا كان يحفل بموضوع الرحلات بين المدن الكبيرة. ثم انتقلت العائلة الى كركوك. وقد أحبت سلوى هذه المدينة بالذات حيث يعتبرها الجميع رمزاً للتآخي والتعايش السلمي بين مكوناتها الأساسية من عرب وكرد وتركمان وكلدوآشوريين. ومن هذه المدينة كانت العائلة تنطلق الى السليمانية وأربيل كلما راقت الأجواء حيث يستمتع الجميع بالموسيقى والدبكات الكردية والملابس المزركشة ذات الألوان البراقة. وفي كركوك التي مكثت بها العائلة سبع سنوات أتمت سلوى المرحلة الابتدائية وكان ذلك عام 1958، العام الذي تفجرت فيه ثورة تموز. وتتذكر سلوى بدقة أن والدها كان في العمل حينما اتصل بزوجته هاتفياً طالباً منها أن تفتح المذياع لتسمع البيان رقم واحد حيث تم الاطاحة بالنظام الملكي واحلال النظام الجمهوري محله. الشيء الوحيد الذي تتذكره جيداً ولا يزال يتردد في ذهنها حتى هذه اللحظة أن العراق قد أصبح جمهورياً، وأن الجنود الذين خرجوا من الثكنات العسكرية كانوا يهتفون فقط " جمهورية جمهورية ". ثمة أمل كبير انزرع في ذهنها آنذاك وهو أن العراق مقبل على تغيير كبير، وأن أبواب المستقبل سوف تنفتح على العراقيين جميعاً. الانتقالة الأخيرة هي من كركوك الى بغداد التي كانت متفتحة ومزدهرة آنذاك. تقول سلوى " في عام 1963 كانت تأتي الى بيت أهلي في بغداد سيارة بيضاء مكتوب عليها باللون الأزرق " مصلحة الألبان " وكان يخرج من تلك السيارة رجل يرتدي ملابس بيضاء، يأخذ قناني الحليب الفارغة، ويعطينا القناني المملوءة. ثم يسألنا عن نوعية الجبن والقيمر الذي نريده ان كان نصف دسم أو كامل الدسم " يا ترى، ما الذي جرى لكي تنقلب الدنيا عاليها سافلها؟ تتساءل سلوى مع نفسها وكأن تلك السنوات كانت أشبه بالحلم، ولكن لِمَ تلاشى ذاك الحلم الجميل ولم تبقَ منه سوى الذكريات العصية على التصديق؟ ومن ضمن المحطات الأساسية في حياة سلوى أنها درست الأدب الانكليزي في " جامعة الحكمة " وكانت محظوظة بأساتذتها الأجلاء الذين لا يعرفون التعالي والغرور. فحينما يسألهم أحد الطلاب سؤالاً مبهماً لا يجد الأستاذ ضيراً في القول بأنه لا يعرف الاجابة، لكنه في اليوم التالي يأتي هذا الأستاذ مثقلاً بعدد من المصادر التي تحمل اجابات متنوعة لذلك السؤال العصي. ثم تسترسل سلوى في الحديث عن التفتح الاجتماعي آنذاك حيث كانت المرأة العراقية في بغداد وبقية المحافظات العراقية ترتدي أجمل الملابس، وليس ثمة مشكلة إذا كانت الملابس قصيرة أو من دون أكمام، أما الآن فان سلوى تستغرب كيف وصل الحال بالنسوة العراقيات الى الدرجة التي غُلفن بها بالأقمشة السوداء التي تخفي معالمهن الخارجية. وتعترف سلوى بانها لم تكن ترى هذه المظاهر لدى أمها أو أخواتها أو صديقاتها. كما أنها لا تنكر أن الكثير من النساء العراقيات كنَّ يرتدين العباءة، ولكن تحت تلك العباءة كانت الفتاة ترتدي أجمل الموديلات الحديثة. في عام 1977 حدثت نقلة نوعية في حياة سلوى حينما جاءت الى لندن حيث تخلصت من الظروف الخانقة التي كان يمر بها العراقيون في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي. كما شعرت أنها تقدم عملاً مثمراً في لندن. ذكرت سلوى أن أول شخص تعرفت عليه في لندن هو الدكتور صلاح نيازي حيث كان يشاهد عرضاً مسرحياً في المركز الثقافي العراقي. وقالت له في في حينه " سأذهب بعد يومين لكي أمتحن في البي بي سي. وقد استقبلني، وهذا شيء لا أنساه، وأدخلني الى المبنى وعرّفني على سيدة عراقية من البصرة وهي أولغا جويدة، والتي لن أنساها هي الأخرى. " ثم واصلت الحديث عن ذكرياتها في هذه المحطة الاعلامية العالمية. فمعروف عنها أنها عملت في البي بي سي لمدة 23 سنة تعلمت فيها أشياء كثيرة لعل أولها اللغة العربية السليمة واعداد البرامج وتقديمها. ومن بين الأشياء التي توقفت عندها هو برنامج " عن الجنس بصراحة " الذي أعدته عام 1994. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التعامل مع الجنس كمادة ثقافية في اذاعة ناطقة بالعربية. تقول سلوى في هذا الصدد " زرت خمس دول عربية من أجل اعداد هذا البرنامج وهذه الدول هي المغرب وتونس ومصر والبحرين والأردن. وقد جمعت لوحدي معلومات وافية عن هذا الموضوع بحيث أنجزت عشرين حلقة تحدثت فيها عن الواقي الذكري والمثلية الجنسية وغيرها من الموضوعات الجريئة. وكانت النتيجة أن استلمت اذاعة البي بي سي " 17 " ألف رسالة بسبب هذا البرنامج الناجح. ولم يعترض أحد على فكرة الحديث عن الجنس لأنه كان معززاً بالآراء العلمية والطبية والنفسية ". ثم توقفت عند بعض البرامج السريعة التي تقدمها بعض الفضائيات العربية، وترحّمت على أيام زمان حينما كان البرنامج يتطلب مجهوداً حقيقياً، بينما تُنجَز بعض البرامج المعاصرة بعجالة غريبة شبهتها المتحدثة بالبيض المسلوق الذي لا يستغرق وقتاً طويلاً. كان على سلوى الجراح أن تتوقف طويلاً عن هذه المرحلة المهمة في حياتها لكنها اختصرتها بالقول " أنها تقاعدت عام 1999 لكي لا تتحول الى حبة قمح في طاحونة كبيرة. وانها كانت محظوظة لأنهم ألغوا قسم البرامج الذي كانت تعمل فيه الأمر الذي يبرر اقدامها على خطوة التقاعد " أما في السنوات التي تلت التقاعد فقد أنجزت فيها سلوى ثلاث روايات وهي على التوالي " الفصل الخامس " التي تقوم على خلفية العمل الاذاعي وفيها قصة حب جميلة. ورواية " فصول الشاطئ " ورواية " أرق على أرق " المقتبس عنوانها من بيت شهير للمتنبي وهو " أرق على أرق ومثلي يأرق ". المعروف عن الاعلامية الفلسطينية أنها فنانة مسرحية أيضاً على الرغم من أنها لم تدرس التمثيل في معهد أو كلية متخصصة غير أن المخرجة العراقية المتميزة روناك شوقي هي التي أخذت بيد سلوى وبعض الفنانات المسرحيات في لندن، واستطاعت أن تستنفر كل القدرات والطاقات الموجودة لديهن وعلى رأسهن سلوى. ومن بين المسرحيات التي اشتركت فيها سلوى " بيت برنارد ألبا " للوركا، ومسرحية " أنانا " و " أبيض وأسود " أما آخر مسرحية اشتركت بها سلوى فهي " ثلاث نساء ينتظرن العودة الى الوطن " وخلال مدة انتظارهن تتحدث كل واحدة منهن عن ماضيها وذكرياتها في العراق ولماذا وكيف غادرنه؟ لكنها انتقدت الجالية العراقية والعربية لأنها لا تتردد على المسرح كثيراً بينما يبذل المخرجون جهوداً مضنية من أجل انجاز عمل مسرحي ممتع ومفيد للجميع. وقد أشادت بالمخرجة روناك شوقي وأعتبرتها واحدة من المبدعات العراقيات المتميزات لكنها تفتقر الى الجمهور المسرحي. وهي لذلك لا تستطيع أن تقدم العرض لأكثر من ليلتين حتى لو كان العمل المسرحي للوركا أو شكسبير أو ابسن أو أي كاتب مسرحي آخر.

صلاح نيازي وآلامه الجسدية
نالت السيرة الذاتية للدكتور صلاح نيازي اهتماماً كبيراً من قبل النقاد والقرّاء على حد سواء. ولا يزال الباحثون والدارسون ينقبون في تفاصيلها الصغيرة ويكتشفون بين أوانٍ وآخر اشارات ودلالات مضمرة تعيننا في فهم شخصية هذا الأديب والمفكر والتربوي في آنٍ معاً. وعلى الرغم من أن هذه السيرة قد أخذت حقها من النقد والدراسة والتحليل الا أن الندوات والأمسيات الثقافية المكرسة لها أو لكاتبها تكشف كل يوم عن شيء جديد لسبب بسيط وهي أنها مليئة بالأفكار والوقائع والأحداث الجسام، هذا ناهيك عن خفة ظلها الناجمة عن خفة ظل الكاتب نفسه، وحجم الابداع الكبير الذي يتضمنه كل فصل فيها على انفراد. يا ترى، ما هي المحطات التي توقف عندها نيازي هذه المرة. وما هي المفاتيح التي قدّمها للقراء أو الحاضرين الذين يريدون الولوج بين طيات كتابه الموسوم " غصن مطعّم بشجرة غريبة "؟ كان التأكيد هذه المرة منصباً على ولادته في مدينة الناصرية، هذه المدينة الكبيرة التي أنجبت عدداً كبيراً من المبدعين في الشأن الثقافي على وجه التحديد. وثمة تأكيد آخر على يُتمه. فقد وُلد يتيماً، لكن أمه الكريمة حلّت محل أبيه في التربية والتوجيه على الرغم من الظروف الصعبة التي واجهتها العائلة بعد رحيل الفقيد الى عالم الأبدية. لا بد من الاشارة الى أن عائلة نيازي كانت غنية موسرة لأن الوالد كان ضابطاً كبيراً في الجيش العراقي، ولكنه ما ان فارق الحياة حتى بدأت مصادر الثروة تجف وتتبدد الى أن تلاشت نهائياً بعدما اضطرت العائلة الى بيع الأشياء الكمالية والابقاء على ما هو ضروري فقط. وتأكيداً على موضوع الفقر الذي سيلعب دوراً مهماً في طريقة تفكيره وكتابة نصه الابداعي توقف نيازي عند المحطة الأولى حيث قال" كان أبي موسراً فتوفي فبقينا فقراء حقيقة. كان أخي الأكبر عمره ست سنوات، ولكننا انتظرنا خمس سنوات أخرى بعد وفاة الوالد حتى لقي وظيفة بسيطة. وقد عانينا ما عانيناه خلال هذه السنوات. " يؤكد نيازي بأنه وُلد شيعياً، غير أن هذا التأكيد ليس ناجماً عن طائفيته، فهو يريد الاشارة الى الآلام الحسينية الجسدية الموجودة في شعره، وربما في بعض نثره، وان لم يأتِ على ذكر الحسين مطلقاً. كما أنه يعمم هذه الآلام الجسدية على السُنة في العراق. ويتوصل الى حقيقة مذهلة مفادها " أن آلام العراقيين ليست روحية! " وهذه خلاصة لافتة للانتباه وتستحق المزيد من البحث والدراسة. عاصر نيازي دخول القطار الى مدينة الناصرية أول مرة. وقد وصفه " بكائن حديدي ذي عين واحدة وعضلات قوية اكتسح كل السيارات والدواب التي كانت موجودة قبل مجيئه ". كان " الوداع " الناجم عن مجئ القطار هو المشهد الذي ترك تأثيراً كبيراً على نيازي وقد أسهب في وصفه غير مرة وذلك لتوفره على حس تراجيدي مفجع. فالوداع، حسبما يذهب نيازي، في مدينة الناصرية هو أشبه بالموت، خصوصاً وأن الوقت يتزامن مع غروب الشمس وهي تتلاشى خلف أشجار النخيل، ثم يبدأ فاصل العياط والنحيب الذي يمزق نياط القلب. أما مشهد وصول القطار صباحاً الى مدينة الناصرية فيقول عنه نيازي بأنه " لا يدخل الى المحطة وإنما يدخل الى قلوبنا " لتبدأ سمفونية العياط من جديد على الرغم من أن اللقاء في الناصرية هو بعث وإحياء للكائنات البشرية الميتة. من المحطات المهمة أيضاً في حياة نيازي هي قراءته لمحضر تحقيق دوّنه معاون شرطة مجهول. ومن خلال الأسئلة والأجوبة يكتشف هذا المعاون المجرم الذي تورط في ارتكاب الجريمة. ويبدو أن نيازي قد استمتع بهذا التحقيق لأسباب عديدة منها الأسئلة الذكية التي تفضي الى اكتشاف الجريمة، وطبيعة التشويق الكامنة في سير التحقيق. وربما لأنه كان فقيراً في مطلع شبابه فقد أراد للحق أن يظهر وينتصر في نهاية المطاف. يجب أن يكون الأدب والفن من وجهة نظر نيازي في خدمة الآخرين. وبمعنى آخر يجب أن يكون تربوياً كي تتعمم فائدته. وقد لازمته هذه الفكرة مذ تفتحت موهبته الأدبية وحتى الآن. وحينما وصل الى لندن اكتشف أن الأدب على العموم هو " متعة وفائدة ". ثمة حادثة أخرى أفادته كثيراً ولا يزال تأثيرها قائماً حتى اليوم. فحينما قرر أخوه الكبير وبمشورة الآخرين طبعاً أن يصبح " عرضحالجياً " لكي يؤمِّن بعض الرزق للعائلة الفقيرة، لم يستدرج الزبائن الى طاولته الاّ بعد مدة طويلة. فطاولته كانت نظيفة دلالة على قلة الرزق، بينما كانت طاولات العرضحالجية المحترفين ملطخة ببقع الحبر دلالة على كثرة العمل. " ذات يوم جاء قروي بسيط فكتبوا له برقية طويلة كلّفته الكثير من النقود. وقبل أن يبعثوها له بدأوا يحذفون منها الكلمات الزائدة لكي تقل كلفة الارسال. لقد اختصروا البرقية الى الثلث تقريباً لكي يسرقوا ثمن جزءٍ كبير من الكلمات المُرسلة. " أراد نيازي أن يقول بأن العرضحالجية لصوص، وقد تآمروا على سرقة هذا الكائن القروي البسيط، ولكنه تعلّم منهم الكثير. فبدلاً من القول " الى السيد المحترم " كانوا يحذفون كلمة " المحترم " ويبقون على " السيد " وهكذا تعلّم منهم الاختصار أو التجريد. ولا غرابة في أن يقول إن هؤلاء العرضحالجية الخمسة يقفون على رأسي كلما أشرع في كتابة قصيدة أو مقالة نقدية أو نص أدبي نثري. لا يفوّت نيازي فرصة الاشارة الى الشاعر رشيد مجيد الناصري والذي يصفه بأن " شاعر مخيف، رهيب الجانب، لا يقرأ كثيراً ولكنه يتدفق شعراً اذا ما تحركت مشاعره وأحاسيسه فهو مثل الأزهار التي تتلقح بجناح فراشة " لقد أحب هذا الشاعر امرأة يهودية وتعلق بها الى حد الوله والجنون حتى أنه كتب عنها ملحمة شعرية. وللمناسبة فإن مجيداً لا يعرف الأوزان الشعرية ولكنه لا يلحن ولا يرتكب أخطاءً عروضية. وقد سُجن لأنه كان شيوعياً كبيراً. وحينما سافرت حبيبته اليهودية الى اسرائيل جن جنونه، وازداد تعلقه بها. ولأنه كان مصوراً فوتوغرافياً فقد كان " يرتِّش " صورتها ويلوِّنها كل يوم وكأنه كان يناجيها، ويشكو غيابها الممض الثقيل. ومن أبياته الشهيرة في هذا المضمار " فرّقتنا خرافة الدين / حتى لم يعد حُبنا سوى أوهام " ومن أشهر أبياته التي تتغنى بالماركسية" أحمر الجلباب هّدام أنا / ويلكم مني إذا لم أُصعد / سأكيل الصاع صاعين لكم / وإذا مازدتموني أزُد ". حينما انتقل نيازي الى بغداد واصل حضوره للعزاءات الحسينية ولم تكن له علاقة بمن مات أو قُتل أو أُستشهد، ولكنه كان مغرماً بايقاعات اللغة العربية وقواعدها. وانطلاقاً من تلك العلاقة الحميمة تأثثت لغته العربية، وترسّخ نزوعه اللغوي والذي سيسهم لاحقاً في رفد العملية الابداعية لديه. وخلال تردده على العزاءات الحسينية تعرف على مقرئ اسمه السيد حسين. وكان هذا الرجل لا يصدق في حفظه للشعر، بل ومن العيب أن يسأله أحد هل تحفظ القصيدة الفلانية للمتنبي أو أمرئ القيس، لأن لديه القابلية لأن يحفظ ديواناً شعرياً بكامله. يقول نيازي بأنه لم يرَ في حياته مثل ذاكرة السيد حسين الا قبل عشرة أيام حينما كان مدعواً لمهرجان شعري في آيرلندا، وعلى هامشه كان هناك حفل تكريمي واحتفائي بترجمته لجزء من رواية يوليسس لجيمس جويس. في ذلك المهرجان التقى نيازي بشخص آيرلندي كتب " 217 " كتاباً عن شكسبير فقط. قال نيازي في هذا الصدد " لقد انكمشت معلوماتي وأصبحت تُجمع بحوصلة دجاجة مريضة أمام هذا الرجل ". وفيما يتعلق بقوة الحافظة قال نيازي " لقد بدأت بحفظ الشعر وخصوصاً المعلقات منذ زمن مبكر جداً، وكنا نتبارى ونتناطح فيما بيننا في كل مكان تقريباً. ويعترف نيازي بأن بدايته كان كلاسيكية ولم يطلع الا على قصيدة واحدة من الشعر الحديث لعبد الوهاب البياتي ولم ترُق له في حينه. وحينما انتقل الى بغداد تعرف على الشعر الحديث وشعر التفعيلة، ولكنه بقي يكتب الشعر الكلاسيكي مع شعر التفعيلة. عن ذكرياته الاعلامية يقول نيازي " في عام 1954 أو 1955 أفتتح التلفزيون العراقي وقدمتُ مثل بقية المتقدمين وأصبحت أحد ثلاثة مذيعين أوائل. ثم بقيت وحدي في التلفزيون. وفي عام 1956 فُصلت بتهمة قراءة الأخبار بشكل حماسي ضد الانكليز أو أنني كنت أحسب على التيار المناصر لجمال عبد الناصر. ثم فصلت من كلية الزراعة، ثم تلاها الفصل من كلية الآداب عند ذلك قررت الذهاب الى كلية التربية." ثمة نقلة نوعية مهمة حدثت في حياة نيازي حينما كان طالباً حيث تعرف على شخصيتين مهمتين سوف تكون لهما سطوة وتأثيراً واضحين على حياته الشخصية وتجربته الأدبية وهما نجيب المانع " يرحمه الله " وسميرة المانع " أطال الله في عمرها " والتي تزوجها نيازي اثر اللقاء الأول بنجيب المانع. للمناسبة لا يفوّت نيازي أية فرصة للاشادة بدور نجيب المانع في تعريفه بالموسيقى الغربية والأوبرا. وحينما خطب نيازي سميرة قرر نجيب أن يتعرف على نيازي معرفة أولية، ويرى إن كان يصلح زوجاً لشقيقته يقول نيازي عن هذا اللقاء " كان نجيب يهدف من هذا اللقاء أن يقيمني. فخلال الدقائق الخمس الأولى كان يتحدث عن الموسيقى الكلاسيكية التي لم أكن أفهم منها شيئاً يُذكر لأنني كنت منغمساً بلغة القرآن الكريم. بعد خمس دقائق خالجني الشعور بأنني أنا الذي أريد أن أمتحنه وهل يصلح أن يكون أخاً لزوجتي، وليس العكس!" يعتز نيازي بالذكريات الأولى التي ربطته بالكاتب عبد الملك نوري. فحينما تعرف عليه عن طريق نجيب المانع كان نوري ينحني له حينما يلتقيه، ويكرر هذه الانحناءة حينما يغادره. وكان يعتبر نيازي شخصية كبيرة على الرغم من صغر سنه آنذاك. وقد واظب نوري على هذه الانحناءة الى أن غادر نيازي الى لندن. لا بد من تذكير القارئ الكريم بأن التغيير الدراماتيكي الكبير الذي طرأ على نيازي قد حدث اثر مقتل أخيه الذي قلب حياته رأساً على عقب، بل أن الدنيا قد اسوّدت في ناظريه. كما أنه لم يكن مطمئناً لطبيعة الحياة السياسية المهيمنة على العراق آنذاك، لذلك قرر مغادرة العراق لا لكي يعيش، بل لكي يموت بارادته ميتة كريمة. ذات يوم جاءه الشاعر حسين مردان وقال له بالحرف الواحد " لقد فُتح الطريق للأدباء الذين يريدون السفر الى خارج العراق " كان نيازي في ذلك الوقت قد حصل على جواز السفر لكنه لم يخبر حسين مردان لأمر ما في نفسه. حينما خرج نيازي من الأراضي التركية بواسطة القطار وانفتحت أمامه أوروبا الخضراء بجبالها وأنهارها وغاباتها صاح نيازي بصوت عالٍ " يا الله لكم أنا سعيد هذه المضارب التي ستكون كلها قبراً لي! " كان يخاف أن يموت تحت أقدام الظالمين لأن الموت في العراق صار مُذلاً ورخيصاً ومهيناً. الغريب أن نيازي ترك العراق لا لكي يعيش، بل لكي ينتحر، ويقضي على نفسه بارادته. غير أن المعادلة انقلبت رأساً على عقب حيث بدأ بتعلم اللغة الانكليزية وثمة مفارقات في تعلم هذه اللغة كنا قد أشرنا اليها في دراسات سابقة لعل أبرزها زياراته المتكررة الى المتحف الوطني حيث كان ينهل الثقافة الفنية من المحاضرات اليومية التي كانت تقدم في ذلك المتحف العريق. أما المحطة الأخيرة التي توقف عندها نيازي فهي محطة الترجمة. ونيازي لا يعتبر نفسه مترجماً محترفاً بحجة أنه لا يستطيع أن يتقمص شخصيات الكتاب الآخرين. لنستمع الى الحجج التي ساقها في هذا المضمار حيث يقول " ربما أنا أترجم الجملة أفضل من المقطع، والمقطع أفضل من القصة كلها، لكنني لست مترجماً محترفاً " أما الأسباب التي دفعته للترجمة فهي كالآتي " عندما اندلعت الحرب العراقية – الايرانية رأيت أن أغلب أصدقائي يعانون من أمراض القلب بسبب ادمانهم على سماع الأخبار اليومية للمعارك الأمر الذي فاقم حالتهم الصحية. أما أنا فقد قررت أن أحفظ قاموس " تاج العروس " وكما تعرفون فان حفظ القاموس أمر متعب جداً، بل هو أقرب الى المستحيل. وحينما طالت الحرب قررت أن أحفظ جزءاً كبيراً من الشعر الجاهلي وهو أمر متعب أيضاً لكي أتفادى القلق وأتجنب الأمراض التي وقع أغلب أصدقائي ضحية لها. أما حينما اجتاح العراق الكويت أصبحت المسأله أكبر من القاموس العربي والشعر الجاهلي فقررت أن أنغمس في قراءة قاموس أكسفورد وحينما لم ينجدني اكسفورد قررت الشروع بترجمة يوليسس. وجويس كما هو معروف أكبر أديب أناني على وجه الكرة الأرضية. وإذا قرأت له صفحتين فانه يهيمن عليك وأنا أشبهه بالمرأة الحسناء التي لا تقبل بوجود ضرة الى جانبها. " أشار نيازي الى أن صعوبة ترجمة جويس هي التي أنقذته من الأمراض الخطيرة التي دهمت أغلب أصدقائه العراقيين. فصعوبة كُتب جويس تهدم الأعصاب. وأن الذي يترجم في أحد كتبه لمدة أسبوعين يحتاج الى اجازة لمدة شهرين. ولهذا فان المترجم السابق لجويس قد استغرقته يوليسس " 23 " عاماً. وخلال زيارة نيازي الأخيرة الى دبلن لمشاركته في الأمسية الاحتفائية المخصصة له لأنه ترجم جزءاً من يوليسس اكتشف أن هناك شخصاً آيرلنديا قد حفظ أجزاءً كبيرة من هذا العمل الروائي الفذ. كما أنه صادف شخصاً آخر حفظ ست مسرحيات شكسبيرية بكاملها عن ظهر قلب. كما تعرف أيضاً على أستاذ متخصص بأدب جويس وقد وعد نيازي بانه سوف يعينه على تفسير أية كلمة أو جملة غامضة في يوليسس، وبالمقابل فقد تعهد نيازي بأن يذكر هذه المعونة في مقدمة الجزء الثاني من ترجمته ليوليسس التي سوف ينتهي منها خلال الأشهر القليلة القادمة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - القصة العراقية المعاصرة - في أنطولوجيا جديدة للدكتور شاكر ...
- فيلم - ثلاثة قرود - لنوري بيلجي جيلان وترحيل الدلالة من الحق ...
- المخرج قيس الزبيدي يجمع بين السينما والتشكيل والعرض المسرحي
- - الطنجاوي - لخالد زهراو... محاولة جديدة لهتك أسرار محمد شكر ...
- قراءة المهْجَر والمنفى بعيون أوروبية
- رواية - الأم والابن - لكلاوﯿﮋ صالح فتاح: نص يع ...
- - زيارة الفرقة الموسيقية - لكوليرين . . شريط ينبذ العنف ويقت ...
- في شريطه الروائي الوثائقي - فك ارتباط - عاموس غيتاي يدحض أسط ...
- جابر الجابري يتحدث عن الثقافة العراقية في مخاضها العسير
- مجيد ياسين ل - الحوار المتمدن -: في قصائدي لوحات تشكيلية رُس ...
- - مُلح هذ البحر - لآن ماري جاسر والاصرار على حق العودة
- ترجمة جديدة ل - هاملت - تسترشد بالأنوار الكشّافة للشُرّاح وا ...
- صلاح نيازي يعمل بروح الشاعر ومبضع الجرّاح
- ثنائية القامع والمقموع في - فندق رواندا - لتيري جورج
- الواقعية الإجتماعية وأهمية الإرتجال في فيلم - فيرا درَيك - ل ...
- القاص لؤي حمزة عباس: يتخلى عن الغموض، ولا يزال متشبثاً بشعرن ...
- القدس: قصة الجانب الشرقي للمخرج الفلسطيني محمد العطار: القدس ...
- علاء سريح في معرضه الشخصي الثالث: تكوينات متكررة على سطوح تص ...
- تلاقح الأجناس الأدبية في رواية - حبل السُرّة - لسميرة المانع
- الفنان علي النجار ل - الحوار المتمدن -: غرابة التشكيل المعاص ...


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المثقف وفن الاستذكارات في أمسية ثقافية في لندن