أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فلورنس غزلان - خطيئة أن تكوني أنثى















المزيد.....

خطيئة أن تكوني أنثى


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 2397 - 2008 / 9 / 7 - 08:38
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


منذ ولادتكِ محكومة بالموت، منذ خروج أنوثتك للعلن، تحيط بك ألغاز الاختفاء وطلاسم الاندثار، منذ ولادتك يسطرون اسمك في دفاتر الجرائم، لأنك مشروع مجرمة، مشروع خاطئة، مشروع قتيلة..
من قال لك أن تولدي بصفة أنثى، من قال لك ، أن تحملي صورة الجمال ، وتولدي بجسد مخصص للذة ممنوع عليك؟
من قال لك أن تحملي سر الكينونة والخلق؟. من قال لك أن تكوني سر التكاثر، وسر البقاء؟
من قال لك ، أن تولدي في غياهب الشرق ؟ ، من قال لك ، أن تدخلي الحياة عارية، وتفضحين عريهم ، وتوصدين أمامهم أبواب الجنة، لأن لك جسداً يوقظ شبقهم ، لأن لك جسدا يحمل صورة أمهم ، يحمل صورة حواء الخاطئة الأولى والمتهمة الأولى والمجرمة الأولى ، وأنت ضحية الانتساب إليها؟!
تحضرين ولحضورك صفة اللطم ، .لحضورك الصدمة الكبرى، تحيلين ثلوجهم نارا موقدة وتستمرين بإشعال حرائقهم اليومية، وتقرعين طبول اللذات في أقفاص صدورهم ، توقظين فيهم أكسجين الشهوة ، فيشخر شهيقهم وزفيرهم بأصوات لا يريدونها أن تعلو، يريدونها خرساء ، ويريدونك جسداً ، يمتليء جمالا، ويموت حساً...توقظين كل ذرات فحولتهم...نعم...لكنك ميتة الوجود ...طاغية الحضور في لياليهم...لكنك صورة للعبادة مرهونة للامتلاك ، ولا يحق لك أن تمتلكين...حتى ذاتك...هي خارجة عنك، هي لهم وليست لك.
أنتِ أيتها الأنثى ، المجللة بالعار، المَكسُّوة بعوراتهم..
أنتِ أيتها الأنثى ، ممهورة بخاتم العبودية، تحملين الذئب في نهمك، والثعلب في احترازك، والكيد في عينيك ، والخطيئة من رأسك حتى كاحليك...لذا تُصدَر الشرائع وتُسَّن القوانين خوفاً منك وعليك!!. تُسَطر الأقوال ، وتُبتَكر الوسائل لضغطك وصهرك وتعليبك وحفظك بعيدا في غياهب الأرض ، في غياهب الذاكرة والتاريخ...لا تُذكَرين إلا عندما يُراد لكِ أن تخرجي للعلن..صورة يريدونها أُضحيةً...قرباناً لأعرافهم ...قرباناً لقيمهم...كما يرونك فيها...دون أن يدركوا أنك مرآة عيوبهم....أنك مرآة وجوههم المتعددة...أنك مرآة جشعهم ونزواتهم...أنك مرآة ضعفهم ، ويعتقدون أنهم بأسركِ سيربحون كل الجولات ...يعتقدون أنهم بخنق صوتك ...سيكسبون كل الحروب ، وبالتالي فموتك هو نصرهم المؤزر على إخفاقاتهم وكبواتهم...على ضعف حيلتهم ...أمام طغيان حضورك الأنثوي.

كنتِ هكذا على مر الزمان، وقبل أن يخرج الذكور لغابات الصيد وصنع الأقفاص...قبل أن تدرك الذكورة معنى الخسارة دون حروب، ومعنى الانكسار دون معارك ، ومعنى السقوط دون مقاومة.
لكنهم عقدوا المؤتمرات وأصدروا الأحكام والدساتير للتضييق والخنق...أفلحوا كثيراً، وكنتِ على الدوام طريدتهم وبؤرة الصيد في أرضهم ...أشعلوا الحرائق في ديارك وفي حقولك...جعلوا منك وقوداً لدفء النفس الضعيفة، وكلما أبديتِ قوةً رموكِ بالصفات الملعونة...وكلما قاومتِ قوانينهم...اخترعوا شرائع غيبية لإرغامكِ وإخضاعكِ ، وأنبتوا ذرائع سماوية خارجة عن إرادتهم!! لجعلك طوع البنان ورهن الشريعة ورهن الدور المرسوم...ورهن دائرة أن تكوني أنثى ، فهذا يعني أن تبقين في الظل.. في الخلف...في أقبية التاريخ ...تصنعين سعادتهم...وتوقدين نفسك لمباركة خطاهم...هكذا يعبدونكِ..هكذا يقدسونك...أُما ً لكثرتهم...أُماً مُسَّخرةً للتضحيةِ، مُسَّخَرة لنكران الذات يحاصروك بجُمَلٍ منمقة لأسركِ، يجعلون من هذه الأناشيد السلبية قيودا لإخضاع تمردك ، الذي يهدد وجودهم ورجولتهم.
استطعت رغم الحصار التاريخي ، أن تخرجي عن طوعهم ، أن توقدي شموع حريتك، أن تنتزعي دورك في ساحات الحياة ، وأن تنتصري لأنوثتك...تنتصري لجسدك ...أن تمتلكي ذاتك وقرارك...هذا حصل ويحصل في بعض دول العالم الآخر، خارج دائرة الشرق المتخلف...خارج دائرة الإطار الديني ، الذي اخترعوه لتقييدك ، وتهميشك...خارج إطار العادة المقدسة في تحويلك لجثة تمشي ، وخيال يمرر رغباتهم ، وببغاء يردد ترهاتهم...هذا الشرق الحالم...الشرق غير الفاعل ، بل المفعول به على الدوام ، ويريد أن يفعل بك...ليبدو فاعلا.! ــ أمام نفسه على أقل تقدير ــ ، وإلاّ كيف يَكسب جولاته؟!...لولا إسقاطات ضعفه وخذلانه أمام جبروت الانكسارا ت والهزائم متعددة الوجوه ، فكيف ينتصر إذن ؟! ...كيف يبرر خساراته المستمرة منذ قرون؟...عليه أن يُلَّفعكِ، أن يحفظك بعلبٍ تمشي ، عليه أن يخفيك وراء حُجب وستائر يلونها بشعائر ويتحفها بأشعار تدللك وتدلل عليكِ كبضاعة يُسوِقها لتربح أنظمتهم وترتفع أسهم قوانينهم ..رغم استنكار العالم الآخر لهشاشتها وقِدَمِها، واهتراء واصفرار أوراقها المتساقطة بفعل ضرباتك المتكررة على أبوابٍ أوصدوها بوجه معاول مقاومتكِ وتمردكِ.
في الشرق ...مازلتِ مُعَّدة للتعميد، مُعَّدة للوأد ، فيما لو خرجت على هذه الشرائع الصفراء...فيما لو خرجت عن طوق الالتزام ، فيما لو حاولت امتلاك زمام الحياة....زمام أمركِ...لا يحق لك أن تكوني إلا لهم ، فعليك وحدك تقع كل أعباء شرفهم...شرفهم مُعلق الأهداب بهذا الجسد الذي تملكين...لهذا تلاحقك سيوفهم...تلاحقك سكاكين الذبح وتُنصَب لأجلك شراك الصيد، وأعواد المشانق..ومن ثم تُعدُ الأفراح وحفلات الرقص على جثتك....هكذا قتلوا هدى وزهرة...ووووو...ومنذ أيام مَثَلوا بجسد" الدرداء " ابنة السابعة عشر في إدلب....وهكذا راح أحد الآباء الفلسطينيين..مفتخراً، بأنه قهر العدو وانتصر على إسرائيل!، لأنه اكتشف أن شرفه في جسد ابنته...دفنها حيةً ترزق بعد أن كبل يديها وقدميها....تركها تموت تحت التراب في حفرة أعدها لوأدها ،وراح يقول للعسكر...بفخر :"عاد شرفي الضائع في فلسطين ..عادت قريتي...وعاد بيتي...فابنتي هي من سلب كل ما أملك..ابنتي هي سر انتصار إسرائيل"!...
يبدو أن الشيطان ذو القرنين ...لا ينصب شباكه إلا لك أيتها الأنثى...ولا يتمكن إلا منك...لأن الرجل المُذَّكر هذا، يمتلك قدرات خارقة لا يستطيع الشيطان التغلب عليها...فأنتِ وأنتِ فقط ...من يتقمص الشيطان ...أنت فقط من يوقع الذكورة في حبائل الشباك المعدة أنثوياً...أنت من يملك مفتاح انكساره ومفتاح انهياره ، على قدميك تخر قواه...وأمامك يصبح ريشة ضعيفة في مهب الريح ، وبمجرد أن يُشبعَ غرائزه الهائجة وأوداج فحولته المنتفخة...يهرب ويلوذ بفرار الرجولة ، ثم يصبح جندياً في فريق اصطيادكِ...يُسَّخر كل ذرائعه لتصبحين ...منذورة مهدورة الدم ، ففي فناءك يَكمُن وجوده، وتنتصر رجولته، وترتفع أسهم شرفه ، ويستعيد مكانته الشرعية والقومية والوطنية....لهذا تُناصِرُه الحكومات والأنظمة، وتَخترعُ له قوانين مُخففَة، كي لا يُسَجل في لوائح القَتَلة والمجرمين، لأن قتلك ليس جريمة!.....والخلاص منك غنيمة...لأن موتك بالتالي لا شيء..لاشيء...!!
فقد سُحبت منك صفة الإنسانية منذ ولدت في عالم شرقي الأعراف ومتخلف القوانين...أنتِ مُلك هذه القوانين ، أنتِ مُلك الدولة...عليك أن تقبلي بالامتلاك...أن تقبلي بتسجيل نفسك رهينة لدى المجتمع...رهينة لدى والدك وأسرتك ومن ثم زوجك...رهينة برسم قانوني مجتمعي إلهي الصنع، ومصدق من أعلى القمم السلطوية في دفاتر الدساتير الوطنية...ولهذا حين تخرجين من البيت...تصبحين خارج حدود القانون...خارج شريعته...فاحذري الانزلاق مع الشيطان الملتصق فيكِ....كظلكِ...احذري مطبات تتصيد حركاتك وسكناتك، وتعد عليك أنفاسك...فموت الدرداء وهدى وزهرة ونجلاء...وو...كلها أمثلة حية لترضخي ...كلها دروس لتستسلمي لعبوديتك....لن ينصروك...إن لم تنتصري لنفسك ، وخاصة أن الكثيرات من بنات جنسكِ...مَن سَخَّرنَ رؤوسهن...للإيقاع بك ، ودخلن أقفاص العبودية برضاهُنَ أو مكرهات...رضين ولا يردن أن تكون إحداهُن...مختلفة...يخشين كل متمردة... يخشين كل مختلفة....يحشُدنَ الطاقات مع الجنود الذكور، ويساندن موتك ويستعذبن سلخ جلدكِ المباح لهن بفعل قوانين تصنع منك ومن جسدك طبلاً ....لأناشيد تُسَبحَ باسم موتك وتهلل لوأدك.

كوني أنثى رغما عنهم...كوني أنتِ...كوني سيدة عليكِ...وسيدة خارج إطار سيادتهم...اصنعي دولتك...اصنعي شرعيتكِ....اصنعي عالمك...وانتصري لك ولابنتك...ليومك...لغدك...كي تلتحقي بعالم يبتعد عن عالمك بفراسخ طويلة ، ومع رجل يؤمن بك.. بإنسانيك تصنعان عالما حراً ..عالماً...دون تمييز ..عالما أساسه رجل وامرأة يتكاملان ، ويمتلكان أنفسهما، ولا ملكية أو ثأر لأحدهما عند الآخر.

باريس 05/09/2008







#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرض البسيكولوجي السوري
- صقيع في علاقات الكبار، ينذر بجحيم في الشرق الأوسط
- لماذا تلاحقنا اللعنة؟ ( هذيان مع الذات)
- هل من واجب الفقراء والجياع الصيام في شهر رمضان؟
- من منفية غجرية إلى محمود العربي - محمود درويش-
- هل لديكم وصفة تناسب مقام النظام السوري؟
- رسالة مفتوحة إلى رئيس محكمة الجنايات الأولى القاضي - محي الد ...
- لمعتقلي إعلان دمشق
- مولود لا هو من الجن ولا من الإنس سيخرج من كم الحاوي اللبناني
- المحاكم الوطنية للشعب والدولية للزعماء
- بين مشاهد الفقر وفستان السيدة أسماء وحقوق الإنسان مسافات كيف ...
- كيف أصيبت باريس الساركوزية بجذام الأسدية بعيد الثورة الفرنسي ...
- ميزان اللقاء السوري الفرنسي
- مجزرة صيدنايا عربون سورية للعضوية في - الاتحاد من أجل المتوس ...
- الفرق بين إنغريد بيتانكور وفداء حوراني
- حجز حرية وزيارة ...أولها غارة وآخرها خسارة!
- الخصوصية السورية !
- تعلموا الديمقراطية من دول إسلامية، لكنها مع الأسف غير عربي ...
- باص السلام الإسرائيلي السوري
- الإطاحة - برأس المملوك جابر السوري آصف شوكت-


المزيد.....




- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فلورنس غزلان - خطيئة أن تكوني أنثى