أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا مناع - من أجلك يا سيدتي














المزيد.....

من أجلك يا سيدتي


عطا مناع

الحوار المتمدن-العدد: 2396 - 2008 / 9 / 6 - 07:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كأن أمي بعثت للحياة بعد أن غيبها الموت منذ أكثر من 15 عاما، عندما رأيت تلك السيدة الثلاثينية في مكتب مدير الخدمات في المخيم داهمني رعب دفين تسلل في جسدي ليفجر مرحلة لا تنسى من الحرمان والفقر والصراع من اجل البقاء في تلك البقعة المسماة بالمخيم الذي كان ولا زال لعنة تلاحق من سكنة، وكان الرب حكم علينا نحن اللاجئين بان نعيش الجحيم الأبدي عقابا لنا على الخروج من جنتنا فلسطين والارتضاء بالمخيم ملاذا لنا.

قالت السيدة الثلاثينية لمدير المخيم بذل ورجاء وألم لقد انكسر ظهري من العمل في المدرسة أتمني عليك أن تنقلني إلى عمل اقل تعبا، وكان رد السيد المدير وبلطف شديد... أنا لا املك القرار في نقلك فالأمر يعود إلى مديرة المدرسة، تحدثي معها وأنا متأكد أنها ستتعاطف معك، شكرته السيدة على لطفه واقتنعت مرغمة بردة وخرجت بهدوء من المكتب على أمل أن تتعاطف معها مديرة المدرسة في المخيم.

تلك السيدة ليست موظفة في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهي تعمل ضمن برنامج الطواريء الخاص بالمخيمات والذي يتيح للبعض فرصة عمل لثلاثة اشهر في أحدى مؤسسات المخيم لمواجهة البطالة والفقر الذي يجتاح المخيم الذي لا يختلف كثيرا عن المخيمات الفلسطينية في الوطن والشتات حيث الحاجة والموت المبكر بفعل المرض والاحتلال، فالمخيمات الفلسطينية تتقاسم الهم المشترك وما لا يخطر على بال الإنسان من أمراض الضغط والقلب والسكري والفساد واهم ما يجمع بينها مقابر الشهداء المنتشرة على أطرافها.

خرجت السيدة الثلاثينية من المكتب وخلفت وراءها أجواء من الصمت الذي لم يدم طويلا، لكنها أعادتني عقود إلى الوراء حيث معاناة الرعيل الأول من اللاجئات الفلسطينيات اللواتي كن يقطعن عدة كيلوا مترات ليوفرن تنكه الماء ويجبن الجبال لساعات طويلة لجمع الحطب لاستخدامة في الطبخ وشؤون البيت الأخرى ناهيك عن الاتجار به لتوفير عدة قروش لتوفير وجبة فقيرة للأفواه الجائعة التي تعيش يومها وتعتقد مخطئة أن العدس لحمة الفقراء الذين لم يخجلوا يوما من فقرهم ولباسهم المرقع بسبب وحدة حالهم ولقناعتهم أن الموت مع الجماعة رحمة في مجتمع منسجم طبقيا ونفسيا، كان ذلك في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تلك السنيين التي لا يمكن مقارنتها بهذه الأيام التي قسمت المقسم وفتت المفتت، أيام ساد فيها قانون الفتونه والعربدة والتحكم بلقمة البشر ولحمها وعرضها في سوق المرحلة واستخدامها مادة للتسول الدنيء والتعامل من أبناء الجادة بفوقية مقيتة من الباشا الذي يفترض أنة مجبول من نفس الطينة التي تواجه تقلبات الزمن في انتظار العودة.

لا عودة في المدى المنظور ولا أمل في قيادة تمنح الإسرائيلي وعد بلفور فلسطيني جديد، والصمت يخيم على باشاوات اللاجئين الذي أتخموا وعاشوا ليومهم اللهم يضحكون علينا بالشعارات التي لا حياة فيها، وان جد الجد لا تحرك لهم قناة ولا يقلون كلمة الحق في وجه السلطان الذي يرمي لهم بالعظمة التي هي ثمن صمتهم، وللحقيقة أنهم يلعبون دورهم بإتقان وتفاني ويشاركون عن قصد في إسدال الستارة على مرحلة دفع الشعب خلالها الثمن الكبير، مرحلة تدفعنا الوراء عقود وتعود بنا لنقطة البداية في ظل عملية تشكيك وشراء الذمم والتخريب الغير مسبوق.

اليوم تجتاح فلسطين ومخيماتها موجه عاتية من الفقر والإفقار التي تستهدف مصادرة الحلم الفلسطيني الذي عجزت قوى العالم الجبارة عن النيل منة، موجة الفقر تلك تكاد تنال من قطاعات واسعة من الفلسطينيين التي قهرت بالفقر الغير مسلح بالوصفة السحرية التي تمنح الإنسان قوة جبارة في الدفاع عن ذاته، قوة قوامها الفكر الذي يصقل ألذات ويحول القوة الكامنة في جموع الفقراء لمعين لا ينضب من المقاومة وإيمان لا يهتز بان المستقبل لنا.

قد تكون في أوساطنا حالات إنسانية بحاجة للتعاطف معها ومد يد العون لها لمواجهة فقرها، ولكننا كلاجئين لن نقبل إن نتحول لمجموعة بشرية تعيش ظروفا إنسانية لأنها شردت من أرضها وبالتالي يمن الإسرائيلي على بعضها بعودة مشوهة، قضيتنا بالأصل سياسية تأخذ إبعاد وطنية وتاريخية ولا يحق لأي كان مهما على شأنه أن يفتي بحق أجمعت علية الشعوب بأنة حق شخصي لا يسقط بالتقادم.








#عطا_مناع (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا في عرض الحكومة.. أكلنا زبالة
- الحرية للمعتقلين السياسيين في السجون الفلسطينية
- اتفاق كنيسة المهد جريمة بلا عقاب
- صح النوم للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- العبيد الجدد في سوق العمل الإسرائيلي
- السيد قريع إن كنت تعرف قتلك مصيبة وان كنت ....
- من دخل دولة الاحتلال فهو آمن !!!
- نحيا وتموت فلسطين
- يا دعاة التجرد من العاطفة الوطنية تريثوا
- لا يكفي استنكار جريمة بحر غزة
- السيد حسن : لن يبقى في الوادي إلا حجارته الكبيرة
- أولادنا يتعاطون المخدرات.. من المسئول؟؟؟
- غسان كنفاني رفيق الفقراء
- عطش وجوع وموت على نار هادئة
- احذروا فئران السفينة وامبرطورية الفساد
- الاعتداء على مؤسسة إبداع...كيف ولماذا!
- حول السياسي والوطني والتعصب الاعمى
- المحترم رفيق النتشة: القانون يحمي الفاسدين
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بطن الحوت
- البعد الأخلاقي لاستخدام الضحية كقطع غيار للقاتل


المزيد.....




- تجبرها على إلغاء حفلاتها.. دولي بارتون تعاني من -بعض المشاكل ...
- ياسمين صبري تتألق بفستان -قشرة الأسماك- بأسبوع الموضة في بار ...
- قطر تُعلق على اعتذار نتنياهو وتطورات محادثات -خطة ترامب- بشأ ...
- لغة الصفير.. -كنز- تراثي ثقافي مهدد بالاندثار في المغرب
- دلالات نجاح الجيش السوداني في تنفيذ إسقاط جوي بالفاشر المحاص ...
- خبراء سودانيون: التمويل الخارجي فخ كبير والتعافي يكون من الد ...
- باتفاق بين الدولتين.. طهران: ترحيل عشرات الإيرانيين من أمريك ...
- الإعلان عن موعد عرض المسلسل التركي المُرتقب -ورود وخطايا-
- كيف تُقرأ خطة ترامب لـ-السلام الأبدي في الشرق الأوسط-؟
- فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين بعد انهيار مبنى مدرسة في شرق جاوة ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا مناع - من أجلك يا سيدتي