أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - قاسم حسين صالح - أمسية دمشقية مع ..مظفر النواب















المزيد.....

أمسية دمشقية مع ..مظفر النواب


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2395 - 2008 / 9 / 5 - 11:20
المحور: مقابلات و حوارات
    


كنت مدعوا لحضور اعمال المؤتمر العربي الحادي عشر للطب النفسي الذي انعقد بدمشق في العشرة الاخيرة من آب الماضي 2008 . وكنت اخطط الى ان التقي بعدد من المثقفين العراقيين في سوريا لأجراء حوارات معهم لمجلة { عيون ثقافية } التي ارأس تحريرها. وكانت اولى امنياتي ان التقي بمظفر النواب .. ولكن كيف وانا لا اعرف له عنوانا" ولا رقم هاتف سوى أنه يعيش في دمشق الجميلة ، عاصمة الثقافة العربية لهذا العام .
اتصلت عبر البريد الالكتروني بالفنانة هديل كامل ، التي تربطني بها صداقة منذ ان اختارتني ان ادرسها مادة ( تحليل الشخصية ) حين كانت طالبة ماجستير باكاديمية الفنون الجميلة . وبرغم مشاغلها في تصوير اكثر من مسلسل فقد عملت جهدها واتصلت عبر " الجوال" بعدد من اصدقاء مظفر وبعثت لي بقائمة من الأسماء بينهم الفنان " كوكب حمزة " فاتصلت بكوكب واسعفني بما اريد . وفي اللحظة اتصلت برقم جوال مظفر فردّ علي صوت شاب ان مظفر ما يزال نائما" ، وكان ذلك الساعة الحادية عشرة صباحا". عرّفته بنفسي ورجوته ان يتصل بي .. وفي الساعة الواحدة ظهرا" رن هاتفي وكان صوت مظفر .. فكانت فرحتي .. واتفقنا على ان يكون موعدنا الساعة السادسة من عصر يوم غد ( 22 – اب -2008 ) في مقهى (الهافانا ) على اسم عاصمة كوبا .. علمت انها ملتقى المثقفين من الادباء والفنانين في دمشق التي تشبه مقهى ( البرازيلية ) في بغداد ايام زمن الثقافة .
كان عصر ذلك اليوم ( ثاني ايام المؤتمر ) تعرض فيه بحوث ونشاطات علمية . ولكن ما الذي يفعله قادم من العراق حصل على " فيزا " دخول سوريا وقلبه يمتلىء حبا" لمظفر غير ان يتخلى عن كل التزاماته امام فرحة اللقاء به!
ولان هذه الفرصة الثمينة تحتاج الى توثيق بالصورة والصوت فان الأمر يتطلب ان احصل على " موبايل " حديث غير موديل "اياد علاوي " كما يسميه العراقيون الذي يقوم بوظيفتين .. المكالمات والرسائل ، والذي امتلكه من ثلاث سنوات .
كان الوقت ضيقا" امامي ، فاليوم جمعة وشركات بيع الهاتف النقال( مسكره) بدمشق فرجوت سائق السيارة المخصصة لنقلي من فندق شيراتون الى كلية الطب ان يدلني على مكان اشتري منه "ولا يغشني" .وكان السائق " ابو باسم " سوري اصيل ، اخذني بسيارته ظهرا" الى مكان بعيد عن مركز المدينة . مررنا بقاسيون التي تطل منها "فيروز " لترى بلدها الجميل فعلا" وسرنا في شارع " رومانسي " تحف به الاشجار .. لك ان تسميه شارع العشاق أو شارع الشعراء . ووصلنا الحي الذي يسكن فيه ، والمحل الذي يبيع الهاتف النقال ، وكان صديقه . واشتريت الجهاز بحوالي ثلث ما بجيبي من دولارات ( 250 دولار ) . والمفارقة انني كنت فرحا" بحصولي على الجهاز برغم انني ساقصّر في شراء قائمة من الهدايا كلفتني بها " وزارة الداخلية "والعاملون لديها من الجنسيين !.

مظفر .. بعد اربعين عاما" !
كان موعدنا الساعة السادسة عصرا" في مقهى " هافانا " .. وها انا فيها قبل عشر دقائق . جلست بالمكان الذي اعتاد مظفر ان يجلس فيه وعيناي تطلان على الشارع ترصدان الوجوه القادمة .
كنت مثل الذي لديه موعد مع حبيبه ، فارقها وهي شابه وينتظرها الان وهو في الستين . كان بي شوق عارم لان ارى مظفر ، وخوفا يرعبني ان اراه بالحال الذي وصفوه لي ، فانا لم التقي به سوى مرة واحدة استمرت اسبوعا" بايامه ولياليه .. في القلعة الخامسة بسجن بغداد المركزي ، حين كان شابا" .. وها انا انتظره الان وهو في السبعين ! .
كان الشارع ضاجا" بالناس والسيارات . ومن بعيد لمحت مظفرا" .. عرفته من شعر رأسه الابيض المنسدل على اذنيه . كان يتهادى في مشيته ومعه شاب . ودق قلبي .. فلحظتها كنت مثل الذي فارق اباه أو اخاه أو صديقه الحميم وكان يائسا" من لقياه وها هو آت لا تفصله عنه سوى امتار ! .
ودخل مظفر .. واعترتني هزّة .. فانا احمل للرجل حبا" خاصا" ، وارى فيه تاريخ العراق الحديث، وتاريخ الشيوعيين والمناضلين الوطنيين ، وشاعرا" يلهج باشعاره كل العراقيين والعرب أيضا". فمن ينسى منهم قوله لحكّام العرب :
" أولاد القحبة ،لست خجولا حين اصارحكم بحقيقتكم ..
ان حظيرة خنزير أطهر من أطهركم " .
وما يحز بالنفس انه برغم كل ما قاساه من اجل الوطن والناس فانه يعيش غريبا" عنهما ، وقد يموت غريبا" أيضا" كما الجواهري .. وكأن الموت والغربة صارا قدرا" للعراقيين امثالهما .. مع ان العراق قد تحرر كما يقولون .
اخذته بحضني وقبلّته على الخدين والجبين .. ولحظتها اصبت بدهشة وسؤال حيرني : ترى هل يقصر طول الانسان بتقدم الزمن ؟! . فقد استحضرت ذاكرتي المشهد الأول للقائي بمظفر عام "64" . فحين استقبلته بباب القلعة الخامسة بسجن بغداد المركزي ، وقدّم لي نفسه قائلا" : مظفر النواب ! مددت يدي الى رقبته واحنى رأسه لي لاقبلّه .. وها انا الان احني رأسي لأقبلّه مع انني لم ازدد من الطول الا قليلا"!.
كنت احظرت لمظفر هديتين : كتابي " المجتمع العراقي " الذي فيه موضوع بأسمه ، وكيلو جرزات من اربيل .وبدأت الكلام بأن فتحت غلاف الكتاب وقرأت له الاهداء ، وكان كالاتي :
" الى الذي التقيته قبل اربعة واربعيين عاما" واسميت ابني على أسمه .. الشاعر والفنان والمناضل والانسان الذي اذا ذكر العراق ذكر أسمه .. مظفر النواب ".
واهتز صوتي حين قرأت الاهداء .. والتمعت في عيني مظفر ومضة رطبة .



بداية الحوار
بدأت الحوار بأن سألته :
- كيف انت الان يا مظفر ؟
فاجابني : مو حزن .. لكن حزين
- يعني مثل بلبل كعد متأخر لكه البستان كله بلايه تين ؟
+ واكثر !
- بس لا يمكن ان يصير مظفر : مثل صندوق العرس ينباع خردة عشك من تمضي السنين .
+ هاي تبقى يم الناس .
- وتبقى بقلوب ناسك اشما تمضي السنين .
+ وانا حزين على الناس اولا" ، وعلى المبدعين ، وعلى الوضع العالمي . وحزني حزن شجاع جسور .. يحاول حرق خبايا تبدو غريبة ولكن اقرب الى الحقيقة .
وكان ثالث الأشياء التي آلمتني في مظفر ، بعد صدمة ادراكي أن طول جسمه قد قصر ، وقلة وزنه الذي قد لايصل الستين كيلو ، هو أنه يعيش حالة " انكسار نفسي " .. ولها اسبابها .. فالرجل يعيش وحيدا" في شقته ، فلا زوجة تؤنسه في وحدته وشيخوخته ، ولا يأتيه الأهل الموزعون بين بغداد وهولندا الا في احايين متباعده ، ولم يبق منهم سوى اخوين وثلاث اخوات .
سألته عن تاثير الغربه فيه ( وقد قضى معظم عمره غريبا" ) فأجابني أن تاثيرها كان قاسيا" عليه " لكنني تلاءمت معها وصارت جزءا من حياتي وتفكيري .. واكتسبت طاقة قوية للمقاومة " . واكد لي ان هذه الطاقة لا تزال قوية ، وانا اتفق معه في مضمونها النفسي لكنني اراها قد خذلته في بعدها الجسمي .
ولأن المناضل السياسي ، في وضع معقد كالوضع العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص ، فقد سألته عن الذي يفخر به في تاريخه وعن الذي يأسف عليه ، فأجابني ان المسألة ليست قضية فخر انما " انا نفذّت قناعاتي .. وما زلت ، ولست آسفا على شيء في تاريخي ، برغم اخطاء الآخرين نحوي ، وانتماءات كانت قبلية اكثر منها سياسية أو ايديولوجية .. فانا لدي طاقة للتحمل وقدرة على مسامحة الجميع " .

اسعد لحظة .. في حياته
تتنوع لحظات السعادة عند الناس ، فقد تكون ليلة الزواج من الحبيبة أو عودة غائب أو ولادة طفل .. لكنها عند مظفر كانت من نوع أخر . فمعروف عنه أنه حين كان في سجن الحلة عام 1966 عمل مع آخرين على حفر نفق من السجن الى " كراج الحلة " .
واجابني :
"ان اجمل لحظة في حياتي كانت لحظة خروجي من هذا النفق.. كان الليل لحظتها اجمل ليل ..واجمل نجوم ".
واضاف "ان قصة حفر هذا النفق طويلة .. استغرق حفره اكثر من عشرين يوما" بحسب ذاكرتي . وكان المخططون له اربعة بينهم الكاتب المعروف جاسم المطير ، فيما الذين خرجوا معنا بحدود 28 لم يمسك منهم سوى واحد بسبب الكلب الذي كان ينبح ونبّه الحارس ، برغم اننا اعطيناه قطعة لحم فيها سم ولكنه لم يأكلها ، فعمد اثنان منا الى مسكه .. فصارت فوضى واخذ الحارس يصيح فمسك احدنا وهربنا وكنت لابسا" دشداشة وعقال" .
قلت له : انك في نظر كثيرين مثل غيفارا ان لم تكن اعظم منه ، لكنك لم تنل التقدير الذي تستحقه ، فعلى من تعتب ان تكون بهذا الحال ؟ .
اجاب : " ما عندي عتب على أحد .. وطني مظلوم ، فهل اعتب على مظلوم مثلي ! " .
وسألته عن توقعاته بخصوص مستقبل العراق ، فأجاب بلسان الواثق من قراءته ان العراق سيكون عظيما" ( عندي قناعة مبنية على الناس الذين عشت معهم ، وعلى الظروف القاسية التي مر بها العراق وقدرته على تجاوزها .. لا اعرف الزمن ولكني على يقين ان ذلك اليوم ليس بعيدا" ) .

مظفر .. والحب !
ومثل مظفر .. الشاعر .. والمغني .. والرسام ، لا بد ان يكون للحب نصيب في حياته برغم الغربة ومشاكل السياسة والنضال .
تورد وجهه قليلا" حين القيت عليه السؤال فاجاب ان أول تجربه له في الحب كانت في شارع الرشيد .
( كانت سيارتها زغيره .. والشارع مزدحم .. والدنيا حاره .. التفت اليها فرأيت حبات من العرق تسيل على خديها .. لحظتها تمنيت ان امسحها بمنديلي ) .

- والى اين وصلت قصة حبك البكر هذه ؟
+ قطعها عام 63 ( يقصد الانقلاب البعثي الفاشي )
- وهل صمت عن الحب ؟
+ ابدا" .. فقد احببت كثيرات .
- اذن ، هل من المعقول ان لا تكون بين الكثيرات واحدة يختارها قلبك لتكون زوجتك ؟
صفن مظفر الذي لم يتزوج في حياته وقال لي ما يحتاج الى تحليل نفسي :
+ انا اهرب من التي تبغي الزواج مني أو تطلبه بلسانها !
وعزا السبب الى ان " الشاعر يحتاج الى فراغ هائل وليس الى صخب ". واكد لي انه ليس بنادم على عدم زواجه ، لأن الزواج ـ في قناعاته ـ صخب ووجع رأس .
وقد يكون لهذه الحالة تحليل آخر ، منها : ان مظفر قد كرّس حياته الشبابيه للسياسة والنضال ، وانه اراد ان يتفرغ لهما ولا يربط نفسه بأي التزام آخر . وربما يرجع ذلك الى انه يتمتع بـ " يقظة ضمير " تنبهه الى ان لا يحمّل الآخرين " الزوجة تحديدا" مسؤولية ما يصيبه من الام ونكسات ولا يريد لهم أن يتعذبوا بسببه. أو انه وجد نفسه ان الذي يتزوج " النضال " لا يصلح لأن يتزوج امرأه تكون " ضرّه " متعبة . أو ربما انه كان في شبابه شخصية نرجسية .. وهذه من خصائصها انها ترفض ان يتوحد بها احد لانها متوحده " متزوجة " بذاتها فقط . وقد يكون ـ لا شعوريا" ـ كالمعري ،لا يريد ان يجني على ابنه بما اصابه هو من ضيم .. وجد ان لا احد يطيقه غيره ، فاشفق على ابن احسن اليه بأن لا ينجبه ! .
ومع ذلك فقد منّ عليه القدر بولد يقوم على خدمته لم تنجبه له زوجة ، هو شاب سوري في الثامنة والعشرين من عمره اسمه " حازم الشيخ " خريج اداب قسم الاثار ، دمث الأخلاق مهذب السلوك يرعى مظفر اكثر مما يفعل الولد لأبيه ..يقول أنه تعرف على مظفر كواحد من المعجبين ، وتطور الاعجاب الى صداقة قوية حتى صار يسكن معه في شقته ( تعود لسوري يسكن فيها مظفر دون مقابل ) وليس صحيحا" ما قيل ان الشقة منحها له هذا الحزب أو ذاك أو هذه الحكومة أو تلك .

مظفر .. ومرض باركنسون
كانت الصدمة الرابعة التي آلمتني في مظفر ، أن الاطباء قالوا له انه مصاب بمرض باركنسون " أنظر الملحق "، فأخذت اراقب حركة يده ووجهه . كان يرفع كوب الشاي ويشربه دون أن ترتعش يده ، ولا يبدو على وجهه اعراض واضحة من المرض ، غير ان اعراضا خفيفة كانت تبدو عليه في ثقل مشيته ، وارتعاشات خفيفة احيانا" . ولما طلبت منه ان يكشف لي عن سرّ اجاب: " الاطباء يقولون انني مصاب بمرض باركنسون ، وانا لا اعتقد ذلك " ..قالها مكابرا ،واضاف كمية من السكّر في كوب الشاي ، فقلت له : تجنب السمّين الابيضين .. السكّر والملح ، فاجاب أنا لا اشكو من السكّر .. وبدا لي أنه عنود حتى مع النصائح الطبية .
قلت له : انك متمرد على الموت وتعرضت الى مواقف كثيرة كان يمكن أن تموت في واحد منها..
اجاب : كنت انجو من الموت باستمرار .. واعتقد ان هناك قوة تحرسني .
- وهل تؤمن بالله ؟
+ لدي يقين بوجود قوة خارجية تحرسني ، وهي موجودة بداخلي بالوقت نفسه .
- ومن من رجال التاريخ أقرب الى نفسك ؟
+ الامام علي وأبو ذر وسلمان الفارسي .
- لماذا ؟
+ لانهم اعطوا كل حياتهم لقناعاتهم ، ولكن الزمن حاصرهم مثلما حاصر غيفارا .
- ولكن الا ترى أن الثلاثة شيعة ؟
+ ما كانوا في وقتها كذلك . وقريب مني : ماركس ولينين وهادي العلوي الذي مزج الماركسية بالتصوف في فلسفة التاو .
- وهل لديك فلسفة تؤمن بها ؟
+ فلسفة ابن عربي .. فلسفة الحب .. تصور أنني خرجت ذات يوم أتمشى في أحد شوارع دمشق وأنا بهذا العمر ( والتفت نحو حازم يسأله عن عمره ما ذا كان اربعة وسبعين أو خمسة وسبعين ! ، فاجاب : اربعة وسبعين ) وقد خرجت الصبايا من مدرسة ثانوية بالشارع فوجت بنات دمشق " كلهم حلوين " فقلت بيتا" واحدا" لا غير :
( اشكد ذقت بقلاوة شغل الشام ،
يا شغل بغداد مثلك ما لكيت !)
- يا عيني ! .. نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى .. طبعا" ، شارع الرشيد والسيارة الزغيره وحبات العرق على وجناتها ...
وابتسم مظفر .. فرأيته طفلا في ابتسامته !
*
وسألته عن سرّ هذه المواهب المتعدده التي يمتلكها : الشعر بنوعيه ، الرسم ، الغناء . فاجابني جوابا" ظريفا" :
+ رب العالمين لم يعطني هذه المواهب بلاش .. بل مقابل ما تحملته من الآم ! .
- وكيف حال هذه المواهب الآن ؟
+ كلها توقفت .. الرسم والكتابة بسبب يدي ، والحنجره بسبب ارتعاش صوتي .

العراق .. حبه الذي اضناه
يقول مظفر أنه جاب الدنيا وسافر في بلدان العالم فلم يجد بلدا" اجمل من العراق . ولما قلت له : أنا عائد الى العراق فحملّني رسالة لمن تريد ، اجاب :" رسالتي الى الشعب العراقي بكل فصائله في جملة واحدة : عظوا بالأسنان على العراق فانتم اينما ذهبتم في العالم لن تجدوا بلدا" مثله ، وهذه ليست مبالغة ".
وقرأ لي آخر قصائده عن حبه للعراق الذي اضناه ، وعن ثقته بأنه عائد اليه :
" يجي يوم انلم حزن الايام وثياب الصبر ونردّ لهلنا
يجي ذاك اليوم لجن انا خايف كبل ذاك اليوم تاكلني العجارب "
وختمها ببيت موجع :
" يجي ذاك اليوم .. واذا ما جاش ادفنوني على حيلي وكصتي لبغداد !!".

كادت الدمعة تطفر مني .. ليس فقط لخوفي ان لا يرى مظفر حبيبته بغداد ، بل ولهذا الحب الراقي المتوحّد بالوطن .. فهو يوصي ان مات بالغربة ان يدفنوه واقفا" ووجه نحو بغداد حيث هي قبلته !
*
حاولت أن اسعى الى تحقيق أمنيته فقلت له :

لو أن حكومة أقليم كردستان وجهت لك دعوة بالعودة الى العراق ، فماذا تقول ؟
اجاب : لقد حصل هذا فعلا" .. فالدعوة وجهت لي من قبل جلال الطالباني .
وعلمت ان السيد جلال الطالباني كان قد قدّم له الدعوة من على شاشة احدى الفضائيات بصفته صديقا له لا بصفته رئيس جمهورية ، لآنه يعلم أن مظفرا سيرفضها ان أتته من سلطة .
*
ويبقى مظفر النواب .. هور العراق المليء بالعجائب والغرائب ، ونخلته الباسقه ، وجبله الاشم في كبريائه واستقامة رقبته التي لم تحنها المصائب والمحن .. وسيبقى لنا منه تاريخه الاسطوره التي سيحكيها العراقيون والعراقيات لأحفادهم ، برغم أن مناهجنا الدراسية بخلت عليه حتى في تضمينها واحدة من قصائده في حب الناس والوطن .

طبعت على خديه قلبتين وثالثة على الجبين .. وودعته .
وحين ابتعدت عنه أمتارا" شعرت بهاجس ارجف قلبي : أنني سوف لن ارى مظفرا" بعد الآن .. فجادت العين بالدمع .. وما اصدقه أن ينهمر وأنت في الشارع بين الناس في امتع وأوجع أمسية دمشقيه عن مبدعي العراق في الغربه !.
دمشق في 22 – اب – 2008










( ملحق _ مرض باركنسون )

مرض باركنسون ( او الشلل الرعاشي )يصنّف كخلل ضمن مجموعة اضطراب النظام الحركي ، ناجم عن نقص في عدد خلايا الدماغ المنتجة لمادة الدوبامين التي تساعد على نقل الايعازات او الرسائل العصبية الخاصة بالحركة ، وتتمثل اعراضه بالآتي :
- هزّة او رجفة في اليد او الذراع او الفك او الوجه
- تصلّب الأطراف
- صعوبة المشي
- صعوبة الكلام
- عدم استقرار الوقفة او التوازن
وله أعراض مصاحبة تتمثل بالآتي:
- تقطع النوم
- الاكتئاب
- تقلبات في المزاج
والمرض يصيب الرجال اكثر من النساء ، ولا يوجد له الآن علاج شاف واحد بل مجموعة أدوية . وفي الحالات التي لا تستجيب للعلاج فان المرض يتقدم بسرعة ويبدأ الاهتزاز يؤثر في معظم النشاطات اليومية .
ومن أشهر الأشخاص الذين اصيبوا به :
- هاري ترومان
- ماوتسي تونغ
- محمد علي كلاي
- رونالد ريغن
- سلفادور دالي
- سعود الفيصل
- ياسر عرفات
- ويضاف لهم الآن : مظفر النواب .
______________________________________________________



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملة الحوار المتمدن - البديل المنقذ ..مرّة أخرى
- في سيكولوجيا الفساد المالي والاداري 2-3
- في سيكولوجيا الفساد المالي والاداري 1-3
- دور وسائل الاعلام في اشاعة ثقافة تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة
- هيئة النزاهة تستخدم جهاز كشف الكذب
- الشخصية العراقية ..وسيكولوجيا الخلاف مع الآخر
- الاتفاقية العراقية الأمريكية ..وسيكولوجيا الورطه !
- نحو بناء نظرية في الابداع وتذوق الجمال في العالم العربي (الح ...
- في سيكولوجيا الدين والتعصب
- دروس من 9 ابريل / 4- العراقيون ..وسيكولوجيا الانتخابات
- دروس من 9 أبريل 3- تبادل الأدوار بين السنّة والشيعة
- دروس من 9 أبريل- تحليل سيكوسوسيولوجي
- دروس من 9 أبريل / 1- سيكولوجية الاحتماء
- الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة /مدخل لثقافة المص ...
- الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة(مدخل لثقافة المصال ...
- الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المصا ...
- الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المص ...
- دور وزارة التعليم العالي ....
- مؤتمر الخدمات النفسية والرعاية الأساسية عقب الكوارث ، الرؤى ...
- حوار مع فرويد - 5


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - قاسم حسين صالح - أمسية دمشقية مع ..مظفر النواب