القرآن أشهر كتاب عربي

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2393 - 2008 / 9 / 3 - 08:49
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

يقول نيتشه : الكتاب العبقري حتى خصومه يتحدثون عنه .
يحث العالم الإسلامي اليوم الشباب على قراءة القرآن بنفس الوقت الذي يدعون به من أن الكتب الأخرى ضالة وهدفها صهيوني بحت وهو إشاعة الفجور ودعوى التضليل لهدم الإسلام ومرتكزاته .
وعشاق القرآن يكرهون مع عشقهم للقر آن الكتب الأخرى ويتخذونها عدوا لذلك فهم يساهمون من غير عمد أو قصد بهدم مؤسسات المجتمع المدني وقتل الأرواح التي تسكنها وتساهم أيضا الكتب الدينية الأخرى بتجفيف منابع الدماء الحية لتضع محلها دماء قديمة وفاسدة قد أكل الدهر عليها وشرب .

أنا لا أدعو في هذا الشهر لهجر القرآن أو لإتخاذه مهجورا وإنما أحاول لفت الإنتباه إلى أن القرآن نفسه أيضا لا يقرأ كما هو المشهور عنه ولا يفهم محتواه كما هو المشهور عنه .
نتفاجؤا جميعا حين نعرف أن غالبية الكتب العالمية الشهيرة لا تقرأ إطلاقا ويكتفي أصحابها بالإستماع عنها فقط لا غير وبذلك ينقلون الأحاديث عنها نقلا تقليديا شبيها بأساليب النقل قبل عصر التدوين وإكتشاف الكتابة الأبجدية .
ورأيت وشاهدت في حياتي مآت بل آلاف يتناقشون ويتحدثون في علوم القرآن وهم لم يقرأوا القرآن إطلاقا ولكنهم يتخذونه في رمضان موضه رمضانية .

نحن اليوم بحاجة في رمضان ليس لقراءة القرآن فحسب بل بحاجة لقراءة الكتب الديموقراطية والعلمانية والكتب التي تعلمنا على إتقان مهنة الحرية ويجب أن تمتلأ المكتبات في المساجد بالكتب التي تعلم الشباب كيف يفكر بإنشاء مجتمع مدني أو بتلعم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان .

والقرآن هو الكتاب الأكثر شهرة... والأقل قراءة... والأكثر وجودا في البيوت والمدارس.... والأقل تطورا ..وهو الكتاب الوحيد الذي طبع مرات عدة بطبعات مزيدة ومنقحة دون أن يظهر عليه الزيادة أو النقصان !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
بدليل أن الناسخ والمنسوخ هو عبارة عن تعديلات حدثت عليه وكذلك قراءته بلهجات مختلفة دليل أيضا على أن اللهجات الأخرى لها أيضا معاني أخرى .

ليس من الضروري أن يكون الكتاب الأكثر تواجدا في البيوت أن يكون أيضا الأكثر قراءة فغالبية الكتب المشهورة في العالم هي الأقل قراءة وبعض الكتب القليلة البيع تكون أكثر قراءة من الكتب الأكثر بيعا وإقتناءا في العالم .
وإن القراءة الكثيرة مفسدة وضارة بالتفكير ولو يترك الإنسان على سجيته لربما يبدع من عقله أكثر مما يبدع إنتاجا من خلال قراءة الكتب .
والكتب الأكثر بيعا في الوطن العربي تكاد أن تكون روايات أدبية فقط وليست كتب علمية خاصة بمؤسسات المجتمع المدني .
إن الكتب الأكثر شهرة في العالم هي في نفس الوقت الكتب الأقل قراءة في العالم ..
وهنالك كتب مشهورة جدا ويتحدث عنها الناس من أنهم قرأوها وما قرأوها قط على الإطلاق.
وتجد الناس في مجالسهم ومنتدياتهم يتحدثون مثلا عن كتب مشهورة وبنفس الوقت يدعون أنهم قرأوها وبالنقاش عنها يدع غالبية الحضور أنهم ق{اوها وما قرأوها قط .

وكذلك الكتب المقدسة سواء أكانت التوراة أو الإنجيل أو القرآن فإن شهرة تلك الكتب أقل بكثير من شهرة قراءتها .

ربما يكون هذا المقال ساخرا رغم أنني أقصد التوضيح به أكثر من السخرية وإنني أنا شخصيا كعلماني قارىء للقرآن أكثر من الذين يدافعون عنه ويدعون أنني لا أقرأه وأحفظ منه آيات متفرقات وسور متعددة علما أن الذين يخاصمونني لا يقرأون في القرآن كما أقرأ أنا .
وكذلك الإنجيل فأنا أقرأه أكثر من القسس والرهبان .

وطبيعة الإنسان المزدوجة ونفاقه السطحي والعميق تجعله يدعي أنه قرأ مثلا كتاب رأ س المال (المينافست)حتى أن غالبية الشيوعين المنتسبين للحزب الشيوعي لم يقرأوا بحياتهم كتاب رأس المال أو كتاب (أصل العائلة)ل إنجلز ....
وإن غالية الكتب المشهورة غير مقروءة إطلاقا وأغلب المسلمين المتمسكين في القرآن لا يقرأون القرآن لا في رمضان ولا في غير رمضان وإذا قرأوه في رمضان فإنهم يقرأون بقصد التعبد وليس بقصد فهم المضامين .

إن القراءة مسألة شاقة جدا ولا يتقن هذه المهنة غير المدربين عليها منذ نعومة إضفارهم فالقراءة متعبة جدا وهي تشبه عملية الحفر في الصخور ومن ناحية أخرى بحاجة إلى إتقان ويشعر القارىء المحترف وكأنه يرسم على الماء بألوان زيتية .والقراءة ليست هواية بل هي حرفة ولها إحتراف أيضا وهي ليست هواية كهواية اللعب بكروات الثلج أو كروات البلياردو .

إن القراءة مثيرة للأعصاب وللجدل معا وهي ليست سهلة على الإطلاق وتكون القراءة في البداية هواية ثم تصبح مهنة ثم تصبح المهنة إحتراف .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل