عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري
(Adel Attia)
الحوار المتمدن-العدد: 2393 - 2008 / 9 / 3 - 07:50
المحور:
الادب والفن
فى إحدى المستشفيات 00
كان لقاء 0
وكانت صداقة 0
وكم من صداقات ، هى وليدة الألم : آلامنا ، أو آلام غيرنا !
لذلك فهى حميمة ، وعظيمة بمقدار الألم العظيم !
000 000 000
تعرّفت إليها :
أرملة وثكلى 00 فى مقتبل العمر 0
فقدت وليدها ، وزوجها 00
فى حادث مأساوى 0
أبقى آثاراً واضحة المعالم على جسدها ، الذى كاد أن تلتهمه النار 00
00 إلا نفسها 0
فقد حمل روحها ، باقتدار ، جسدها الذى يئن !
ناولتنى صورتها ،
التى سبقت الحادث ،
وقالت لى :
هذه آخر صورة ألتقطت لى 0
فقد امتنعت عن الظهور فى أى صورة من الصور : فردية أو جماعية 0
كانت الصورة جيدة زاخرة بالحياة ،
أو : كالحياة ذاتها 0
تأملت تلك الملامح ، التى كشفتها العدسة فى لقطة 0
ففى كل صورة من صور الإنسان غنى لا ينضب 0
إنها جزء منه ، ومن شخصيته 0
مع اننا أمام العدسة ،
لا نرى سوى أنفسنا ،
ولا نحس إلا باللحظة الزائلة التى ينفتح فيها مصراع آلة التصوير ،
وينغلق فى اقتناص !
وتساءلت :
ترى ماذا كنا سنبدو فى تصاويرنا ،
لو كنا نعلم بما سيحدث لنا من أحداث عميقة ومؤثرة ؟
فلو كانت هذه السيدة التى ترقد على السرير الابيض ،
تعلم بما سيلم بها فى المستقبل ،
لما ظهرت على بساطتها ،
وهدوئها ،
المرتسمين على وجهها فى هذه الصورة ،
ولفقدت إلى الأبد واحدة من الذكريات التاريخية فى حياتها 0
000 000 000
لا بد وأن نقر بأن الجمال الحق لا يكمن فى الملامح المتناسقة ،
بل فى الروح الثاوية خلف حجاب يقينا مصاعب الحياة 0
وكمهمة المصور،
علينا أن ننفذ إلى ما وراء المظهر الخارجى ؛
لنكشف الجمال المستتر 0
فلوحة : " الجيوكندا " 00أو : " الموناليزا " 00
الشهيرة والثمينة 0
لا يرجع تقديرنا لها إلى جمال مثير فى سيدة اللوحة ،
وإنما لما وراء هذه اللوحة من مشاعر وومضات وعبقرية الفنان ،
الذى وجه أنظارنا بلمساته السحرية :
إلى ذواتنا بما فيها من خلق ، وابتكار، وإبداع 0
وإلى غيرنا ، فنشاركهم مشاعرهم 0
وإلى ذاته ، إلى : ليوناردو دافنشى 00
الإنسانى العميق 0
الذى تأثر كثيراً بأحزان سيدة اللوحة : ليزا 00الشمعة المحترقة !
000 000 000
اعدت الصورة إلى سيدة الصداقة 00
وقد تعلمت :
أن الانسان أعظم من الصورة 0
ومهما شوهته الأحداث جسدياً ،
ستبقى فيه تلك الروح الخلاقة المتصلة بالله ،
فهى التى تعكس مدى أهميته فى الكون 0
#عادل_عطية (هاشتاغ)
Adel_Attia#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟