أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باتر محمد علي وردم - تعقيبا على -الاتجاه المعاكس-: المثقف الذي يقبل رشاوى الأنظمة أسوأ من الغواني!















المزيد.....

تعقيبا على -الاتجاه المعاكس-: المثقف الذي يقبل رشاوى الأنظمة أسوأ من الغواني!


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 737 - 2004 / 2 / 7 - 05:30
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بالرغم من أهمية فضيحة كوبونات النفط التي وزعها نظام صدام على مريديه من المثقفين والإعلاميين كأحد أنواع الرشوة وشراء الذمم وقيام قناة الجزيرة بتخصيص برنامج الاتجاه المعاكس لمناقشتها فقد فشل مقدم البرنامج فيصل القاسم في انتقاء الأشخاص المناسبين للحوار في هذه المسألة فتحولت الحلقة الأخيرة إلى نوع من التهريج والصراخ الفارغ بدون اي مضمون. فالصحافي المصري سيد نصار ظهر أشبه بالمهرجين في حديثه وأثبت قدرا كبيرا من الجهل والضحالة بينما لم يكن الشاعر العراقي علي الشلاة موفقا في مناقشة مسألة الرشاوى وأصبح كل حديثه منصبا على الدفاع عن مجلس الحكم وتوجيه الاتهامات والابتعاد عن الموضوع الأساسي.
والبرنامج كان على كل حال شبيها بنمط الحوار الدائر حاليا في المجتمع الثقافي والإعلامي العربي حول هذه الفضيحة، والقدرة الهائلة للمرتشين من نظام صدام على اختراع مبررات وحجج لا تنتهي ومنها قانونية هذه المعاملات ضمن إطار الأمم المتحدة، ولكن الجميع يتناسى أن المسألة في الأساس هي مسألة أخلاقية أكثر من كونها سياسية وقانونية.
من الناحية القانونية يمكن النقاش طويلا حول مدى شرعية هذه العقود ما دامت غير سرية وضمن إطار برنامج الغذاء والدواء، وقد استخدم الكثير من الأشخاص الذين وردت اسماؤهم في القائمة هذه الحجة لتبرئة أنفسهم وأن العملية تمت ضمن سجلات ومراقبة الأمم المتحدة.
البعد السياسي موجود في المسألة ولكنه ليس جوهريا ايضا. ومن المثير للضحك في الواقع أن نقرأ، كما أفاد أحد المثقفين الأردنيين الذي ذكر إسمه في القائمة بأن نشر القائمة هو لانقاذ بوش وبلير من ورطة سياسية يعيشان بها وبالتالي تم اختيار هذه الأسماء نظرا لمواقفها القومية، ولكن لماذا هؤلاء فقط دونا عن عشرات الآلاف من "القوميين" الآخرين؟ وهل لم يجد بلير وبوش من ينقذهما من الورطة إلا انتقاء فلان وعلان من المثقفين العرب؟ هذا رد سخيف لا يقنع أحدا ويضر بصاحبه في نهاية الأمر.
المسألة ببساطة هي مسألة أخلاقية، وتتلخص بالخطأ الذي يرتكبه سياسيون ومثقفون يمثلون رموزا سياسية وثقافية بالدخول في عمليات تجارية مع نظام حكم، يدافعون سياسيا عن مواقفه الإجرامية وخاصة إضطهاده لشعبه وارتكاب جرائم ضد هذا الشعب. ان الشخص الذي يتطور ليصبح مثقفا وسياسيا ورمزا شعبيا في بعض الحالات ويؤثر بأقواله وكتاباته على آراء عشرات الآلاف من الناس يعلم تماما بأن هناك مسؤولية أخلاقية كبيرة على أكتافه، وعليه أن يكون مختلفا عن الآخرين ولا يمكن القبول بالدمج ما بين الثقافة والتجارة بالنسبة لرموز العمل السياسي والثقافي الشعبي لأن ذلك يعني خداع الناس واستخدام الرشاوى للترويج لأنظمة حكم قمعية.
وإذا كان من حق النظام العراقي السابق، كما يقول بعض القوميين أن يتعامل فقط مع اصدقائه ومؤيديه في الأمور التجارية، فهل هذا يعني أنه من حق اية وزارة أو مؤسسة عامة عربية أن تتعامل فقط مع "اصدقائها" في التعيينات والعطاءات والمكافآت المالية وغيرها، أليس هذا هو بالضبط جوهر الفساد الذي نرفضه جميعا؟  وما هو الفرق إذا بين صاحب شركة يحصل على عطاءات بسبب صداقته مع الوزير وسياسي يستفيد ماليا من علاقته مع نظام حاكم ورئيس دولة بل ما هو الفرق بين نظام صدام الذي يتعامل مع "اصدقائه" من القوميين وما بين الاحتلال الأميركي الذي يتعامل فقط مع الشركات الأميركية في عقود نهب موارد العراق تحت إسم "إعادة الإعمار"؟
لا نريد أيضا أن نتحدث كثيرا عن "أخلاقية" تأييد نظام دكتاتوري عذب شعبه وقتل وسجن مئات الآلاف من الأبرياء، فالمثقفين الذين يطالبون بالديمقراطية في الأردن والعالم العربي حاولوا إقناعنا بأن تأييدهم للنظام العراقي هو بسبب "المواقف القومية والوقوف ضد الإمبريالية الأميركية"، ولكن انكشاف العلاقات التجارية يدمر تماما مصداقية هذا الموقف ولا تنفع في ذلك التبريرات الإجرائية حول قانونية وشرعية هذه التعاملات!
البعض حاول استخدام حجة أن كشف هذه القائمة تم تحت الاحتلال الأميركي وأنها لخدمة هذا الاحتلال وعملائه، ولكن حتى لو قام كبير اللصوص بكمشف أوراق اللصوص الآخرين فهل هذا يعني تبرئة اللصوص من تهمة الارتزاق والرشوة السياسية والثقافية، بالطبع لا
البعض حاول فتح ملفات أخرى ومنها أن الفساد لا يقتصر على صدام وحاشيته بل على كل الأنظمة العربية وخاصة الخليجية. وهذا صحيح ولكنه ايضا لا يبرئ مرتزقة صدام من جريمتهم الأخلاقية. كما أن الأنظمة العربية الخليجية قد وفرت لمواطنيها على الأقل قدرا من الرفاهية والتنمية والتحديث ومن ثم بقي لديها فائض مالي وزعته على الصحافيين المرتزقة لتشتري صمتهم وتأييدهم، ولكن النظام العراقي السابق دمر حياة شعيه وقتل وروع وأقام المقابر الجماعية وترك شعبه في الجوع والمرض ووزع الثروات على المرتزقة الذين كانوا يحققون مكاسبهم الخاصة على حساب آلام الشعب العراقي، وهذه جريمة أخلاقية لا تغتفر.
البعض أيضا اعتبر أن توزيع الأموال على الصحافيين والمثقفين أفضل من إضاعتها على الغواني في أوروبا كما يفعل بعض العرب الأثرياء، ولكن هذا غير صحيح  ايضا لأن الغانية تقدم خدمات خاصة مقابل هذه الأموال ضمن "طبيعة عملها" ولكن المثقف المرتزق يبيع موقفه السياسي والثقافي بالمال ويؤجر قلمه لتأييد الجرائم وخداع الناس وايذائهم، فالغانية أكثر شرفا وأخلاقا من المثقف المرتزق لأنها لا تخدع الناس ولا تؤيد القمع والكذب.
نتمنى أن يكون هذا الموقف حالة دراسية هامة للرموز السياسية والثقافية الشعبية العربية في التمسك التام بالطهارة السياسية وعدم الموافقة على الدخول في اية تعاملات تجارية تشوه مصداقية العمل السياسي أو القبول برشاوى وأعطيات من الأنظمة العربية، وهي كما يجب أن نؤكد دائما مسألة إخلاقية لا سياسية ولا قانونية، لأن المصداقية الأخلاقية والسياسية هي الرأسمال الحقيقي لأي مثقف ومن يريد أن يكون مثقفا محترما فيجب ألا يقبل التعاملات التجارية وإلا عليه أن يتوقف عن تعاطي الثقافة والسياسة ويكتفي بكونه رجل أعمال أو صاحب مهنة تقتضي ملاحقة المصالح التجارية.  



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاح العربي...من دافوس!
- قائمة كوبونات النفط تسبب صدمة أخلاقية في الأردن!
- متى تطالب الدول النامية -بالمديونية البيئية- من الدول الصناع ...
- عندما تصبح أجهزة الحاسوب مصدرا للموت والمرض!
- جوائز أسوأ الشركات تأثيرا على البيئة لعام 2003
- الشيطان ضحية البشر
- رموز الجهل والسخافة في الفضائيات العربية
- أهم أحداث العلوم والتكنولوجيا للعام 2003
- لهذه الأسباب لن اشارك في مسيرة تأييد المقاومة العراقية في عم ...
- العولمة وتدمير البيئة
- أساليب النفاق والخداع التي يستخدمها الإسلاميون في قضية الحجا ...
- التركيب البيوسايكولوجي لعقل الإنسان يرفض كل النظريات الشمولي ...
- التركيب البيوسايكولوجي لعقل الإنسان يرفض كل النظريات الشمولي ...
- مؤسسة رامسفيلد السرية لاستفزاز الإرهابيين!!
- مفاعل ديمونا...محرقة الشرق الأوسط النووية القادمة
- ثورة المعلومات تغير أنماط العمالة في العالم
- أمنية العام الجديد: تحرير صدام وتنصيبه زعيما على الأمة العرب ...
- متى نتخلص من نظرية المؤامرة ونصارح أنفسنا بالواقع؟
- القضايا العشر التي تحدد مستقبل التنمية في العالم
- بوش وبلير والديمقراطية الليبية!


المزيد.....




- الطاقة والحلول المتعثرة
- تقرير: إنتل توقف توسعة بقيمة 25 مليار دولار لمصنعها في إسرائ ...
- صفعة عمرو دياب: ما بين ضريبة الشهرة وحق النجوم في الخصوصية
- مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار أمريكي يدعو لوقف إطلاق النار في ...
- اختفاء طائرة عسكرية تقل نائب رئيس مالاوي وتسعة آخرين
- اكثر من 19 ألف صاروخ غير موجه أطلق على إسرائيل منذ بدء الحرب ...
- مقتل شخص وإصابة العشرات إثر انفجار في مصنع للأسلحة شرق بولند ...
- فيديو: حريق هائل ينشب في مجمع سكني في ميامي
- عمليات التنظيف جارية بعد عواصف عاتية ضربت بلدات نمساوية عدة ...
- مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار أمريكي حول وقف إطلاق النار في غز ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باتر محمد علي وردم - تعقيبا على -الاتجاه المعاكس-: المثقف الذي يقبل رشاوى الأنظمة أسوأ من الغواني!