|
بنك الزواج للمزلوطين!!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 2382 - 2008 / 8 / 23 - 10:05
المحور:
حقوق الانسان
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تعديلات وزارية مرتقبة، بل ذهب البعض إلى قرب تشييع الحكومة الحالية والتي لم تتجاوز شهرها السادس بعد، وانبثاق فجر النسخة الثانية لحكومة ما بعد الانتخابات، قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، وقيل الكثير أيضا عن استوزار بعض قياديي العدالة والتنمية وإقحام عدد من كفاءاتها البكر التي لم تُجرب بعدُ في تسيير الشأن العام،. إنها ليست مزحة، بل فكرة جيدة، وخطوة جريئة لو طبقت، لاشك أنها ستنال استحسان الجماهير وتؤتي أكلها بإذن الله. خاصة وأن حزب العدالة والتنمية غير من توجهه و إديولوجياته بعد مؤتمره الأخير، وبعد أن أصبح زعيم الحزب الجديد السيد بنكيران، يحاول التخلص من كل الصور القديمة، التي كان يظهر فيها كرجل دين متشدد، ويعوضها بصور جديدة، يظهر فيها كرجل منفتح لا يعارض حريات الآخرين. وبالمناسبة، و كأي صحفي يرغب في الحصول على سبق إعلامي، اغتنم فرصة الترويج لأطروحة استوزار الطبيب النفسي السيد العثماني كوزير للصحة، والسيدة بسيمة الحقاوي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، لاقترح على السيدة الوزيرة - إذا تحققت الرؤيا وتم تعيينها وزيرة – أقترح عليها أن تنشئ "بنكا للزواج" بدلا من تشييد المساجد كما سبق أن صرحت - في ما مضى، عندما كان حزبها يريد أسلمة كل شيئ- بأنها ستعمل على بناء الكثير منها إذا ما تحمل حزبها مسؤولية تسيير البلاد. شيء جميل ومحبب بناء المساجد، وفيه خير وأجر وفير عند الله، لكن هناك أولويات أخرى تستحق أن تُنجز وينال منجزوها ثواب بناء المساجد؟ أليس تحصين الإنسان بالزواج، بناء أحق بالأولوية التي تجلب التواب عند الله.. خاصة وأن إحصائيات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تبين أن عدد المساجد عبر تراب المغرب قد بلغت 41 ألف و292 مسجدا ومكانا لإقامة الصلاة ، منها 12 ألف تتواجد بالمجال الحضري، و29 ألفا و279 بالعالم القروي. وتتوزع إلى 67%للقاعات المخصصة للصلاة و33% للمساجد.وحسب ذات الإحصائيات فإن متوسط نسبة المساجد لكل مواطن تجاوزت 7 مساجد لكل 5 آلاف مواطن، مع وجود تباين حسب المناطق والجهات، وحسب المجالات الحضرية والقروية. إني والله يعلم لست ضد بناء المساجد، لكن هناك الكثير من الأولويات، وعلى رأسها الزواج. ولا أحد يشك في أن السيدة (الوزيرة) وحزبها يعرفان أن الإسلام شرع الزواج لمقاصد سامية ولتحقيق غايات عظيمة جليلة، منها على سبيل الذكر لا الحصر – لأن المقام لا يتسع لذكر كل المقاصد- أنه وسيلة من وسائل العفاف والإحصان والعفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ثم أن من أهداف الزواج أنه سبب لبقاء النوع البشري والإنساني، ثم أنه وسيلة إيجابية لتحقيق الأمومة والأبوة وصناعة الأجيال المتلاحقة لإقامة المجتمع المسلم السليم. فإذا تعطل الزواج ولم يتم فإن هذه الأهداف وهذه الغايات السامية ستتقوض وتحدث في المجتمع خلل كبير. لاريب أن العنوسة و العزوبة هي إحدى المشكلات الكبيرة المترتبة عن تأخر الزواج أو تعطله بانعدام الاستطاعة التي يعاني منها كثيرا مجتمعنا، وأسبابها أن الزواج أصبح يكلف كثيراً، حيث نجد الشاب في بدء حياته العملية حينما يخطو الخطوات الأولى في السلم الوظيفي بعد التخرج من الجامعة لا يستطيع أن يتحمل أعباء تكوين أسرة وحده وتوفير متطلباتها، ولا بد له من معين. ربما يقول قائل أن الزواج سهل، و أن الناس هم الذين عسروا ما يسَّر الله عز وجل، وعقَّدوا ما سهله الشرع. نعم الزواج في الشرع أمر سهل ويسير، ولكن الناس هم عسَّروه وصعَّبوه بما وضعوا من عقبات وما اخترعوا من تكاليف، فأصبح الشاب لا يستطيع ذلك فيتأخر الزواج، وفي ذاك التأخر مصائب .. أليس هذا وذاك يدخل في صلب مهام كل من يتحمل مسؤولية وزارة مهمتها التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، أليست مسؤولية الدولة ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن هي الحفاظ على هذا الإنسان والتضامن معه لحمايته وطمأنينته، وتحقيق سلامة حياته وتنظيم علاقة الأفراد بعضها مع بعض على أسس من المصالح والقيم والمبادئ الإسالامية. إنه في واقع الأمر عمل خيري وتوفيقي وإنساني وديني.. وفكرة رائعة من اجل رعاية الشباب من ذكور وإناث، وجمعهم تحت راية الزواج والعشرة الشرعية التي حددها ديننا الإسلامي الحنيف و اوجبتها شريعتنا السمحاء. فالعزوف عن الزواج لدى الشباب من أكبر و أخطر المشاكل المقوضة لأركان المجتمع، ولحل هذه المعضلة، نقترح على السيدة وزيرة الأسرة بسيمة الحقاوي التفكير في إنشاء هذا البنك باسم "بنك الزواج" "للمزلوطين" المسحوقين، كتلك الأعراس الجماعية التي نسمع و نقرأ و نشاهد بعضها عبر الفضائيات والتي صارت تقليدا تتباهى به مدن وقرى في كثير من البلاد الإسلامية وبعض الجهات من مغربنا الحبيب و آخرها ما أقدمت عليه جمعية من جنوب المغرب، وبالضبط في قرية " إيسمكان" حيث تم تزويج 14 زوج من العرسان في حفل جماعي .. أما لماذا "بنك الزواج" لهذه الفئة؟؟، فكلنا يعرف- وهذه حقيقة - أن الشباب المغربي في أعم الحالات وأعظمها، يكره أن يظل عازبا، و يرغب في الارتباط، لكنه لا يفعل ذلك، لأنه لا يملك الإمكانيات المادية التي تمكنه من ذلك، فراتبه بسيط وهش وبه كساح لا يسمح له بذاك الترف رغم الرغبة الجامحة في الزواج! لذا ستكون مهمة هذا البنك الأساسية هي الحد من العنوسة و العزوبة في المغرب بتقديم الدعم المادي لكل من آنس في نفسه المقدرة – المعنوية- لإنشاء أسرة. والمساعدة على تمويل جزء من النفقات الضرورية المختلفة والمتعددة التي تتطلبها إجراءات الزواج. ربما يقول قائل، و لماذا يُوجه مثل هذا الاقتراح للسيدة بسيمة الحقاوي، وليس إلى الوزيرة السيدةنزهة الصقلي؟؟ ومن أين ستتدبر الوزارة ميزانية هذه البنك؟؟أما السؤال الأول فأترك الجواب فيه للقارئ ليعمل خياله أثناء المقارنة بين السيدتان. أما بالنسبة للسؤال الثاني فالأمر سهل وهين بالنسبة لمناضلي حزب اعتمد و يعتمد في تسيير شؤونه على الأعمال الاجتماعية والخيرية، وإن الطرق والوسائل لن تعوزهم لجمع واستغلال تبرعات أهل الخير في المغرب وهم - والحمد لله كثيرون جدا-، إلى جانب الأنشطة التجارية والاستثمارية التي يمكن أن يمارسها ويقوم بها هذا البنك، إضافة إلى الهبات الخاصة الآتية من هنا وهناك. وفي ذات الاتجاه - وهذا كلام يحتاج إلى وقفة - يمكن أن يحصل "بنك الزواج" على أموال كثيرة، لو وجه المحسنون جزءا من الزكاة، ومن الأموال المخصصة لبناء المساجد والجوامع، ودور العبادة لصالح هذا البنك، لأنه يوجد من هذه المساجد والجوامع ودور العبادة - حاليا ما يكفي والحمد الله - ونحن لسنا في حاجة ملحة لتشييد المزيد منها - على الأقل لفترة مؤقتة-، وتوجيه هذه الأموال لمساعدة شباب مسلم على الزواج، هو أيضا عمل خيري إسلامي كبير، لا يقل أهمية عن تشييد دور العبادة، . فقيمة عمل بني آدم تكمن أولا في نيته، تم في مقدار النفع الذي يجلبه عمله أو الأذى الذي يدفعه أو الاثنين معا، وعلى مقدار هذا النفع أو ذاك الأذى المدفوع وعلى عدد المستفيدين منه تكون القيمة والتقييم ورضى الله ورسوله والمؤمنين..
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
°°°صراعات المنتخبين وتعاسة الناخبين
-
الرصيف أو الطروطوار
-
حيرة هلال
-
°°° حزب الصم البكم الذين لا يقشعون.
-
المنتخب متهم حتى تثبت براءته
-
استطلاع الرأي ترف ديمقراطي لا نملكه
-
ثقافة السلام وخطاب التحجر
-
الشوبينغ - و شبقية التسوق
-
فوضى فتاوى القحط و دعاوى الإبادة
-
الشارع المغربي!
-
°°°الكائنات الإنتخابوية...
-
الفساد والإفساد..
-
صحافة الحقيقة!
-
°°° كثرة المهرجانات تبديد للمال العام
-
°°°الوصايا العشر الموصلات لمجلسي النواب والمستشارين
-
°°°الشذوذ الجنسي.. أسبابه وهل له علاج؟
المزيد.....
-
اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي
...
-
الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال
...
-
برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
...
-
الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا
...
-
الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ
...
-
شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي
...
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|