|
°°° حزب الصم البكم الذين لا يقشعون.
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 2378 - 2008 / 8 / 19 - 05:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مخطئ من يظن أن حزب العدالة والتنمية هو أقوى حزب في المغرب، ومخطئ أكثر من يحسب أن حزب الاستقلال أو الاتحاد الاشتراكي أو غيرهما من الأحزاب التي شاركت في الانتخابات الأخيرة والتي بلغ عددها ثلاثة والثلاثون حزبا، هي أحزاب قادرة على قلب الطاولة في وجه صناع القرار، أوبلوغ الريادة في قلوب الناس، لأن أكبر حزب في البلاد هو حزب الصامتين الذين شكلوا في تشريعيات 7 شتنبر نسبة الثلثين. حزب غالبية منخرطيه صم بكم عمي أمام ما يجري من دحرجة عنيفة للبلاد نحو الهاوية. حزب أتقن مهنة الصمت، حتى أضاع حواسه الخمس، فهو لا يرى ما يدور من حواليه من تلون للمترشحين بين استحقاق وآخر، يغمض عينيه حتى عندما تطول أيدي هؤلاء إلى رزقه وقوت عياله، فلا يسمع أنكر تلك الأصوات التي غطت دورات المجالس بما لا تشتهيه طبلات الأذن، ولا يشم الرائحة العفنة المنبعثة من إبط منتخب ثقيل الظل، منتفخ البطن، لا يظهر إلا في زمن الحملات القصيرة جدا غير آبه للكوارث المحدقة بالمواطنين، ولا يتذوق العلقم الذي يعيشون عليه ومرارته المتزايدة من استحقاق إلى آخر. قد تتضاعف قوة حزب الصامتين الضعيفة/ القوية في الانتخابات القادمة إن أُحسن استغلالها وتوظيفها في إطارالواقع والمستقبل، واستثمرضعفها القوي لسد الفراغ الذي تستغله التشكيلات السياسية التي تملأ بخوائها ذاك الفراغ الذي يتركه الصامتون بصمتهم. عندها لن تجد مكانا لها تمارس فيه سياستها التي لا تمارس عادة إلا في حالات الصمت وحالات الفراغ... صحيح أن الصمت سلوك سلبي خطير، ولكن الأشد خطورة منه، هو أن يستمرء الصامتون هذا الوضع وتتحول أكثريتهم إلى متفرجين على ما يدور حولهم بحجة تمضية الوقت والتسلية بسقطات وهفوات هاته الأحزاب التي تقول ما لا تفعل. فالصامتون بذلك يتسلّون بمصيرهم ويضحكون على أنفسهم، ما دام مالئوا الفراغ هم الذين سيتحكمون في رقابهم كلما تمادوا في صمتهم المقيت.. ورغم أن متابعة ومساءلة ومحاسبة ومراقبة اداء النواب وتقييم مستواهم حق أصيل للناخب على نوابه. لم نسمع قط عن مواطنين تقدموا بجرد حساب ومساءلة لبعض النواب حول أدائهم ومواقفهم و اسلوب عملهم، وخاصة حينما يتعلق الأمر بانسلاخ بعضهم عن ماضيهم المفعم بأفكار التغيير والعدالة والتقدم، و انتسابهم إلى واقع جديد يتنكرون فيه لكل ما بشروا به اثتاء الحملات الانتخابية. كما أنه لم يحدث أبدا أن قام مواطن بمقاضاة رئيس بلدية أو رئيس مجلس من أي نوع، لأنه لم يصلح له الطريق، أو لم ينجز لأبنائه مدرسة، أو أهمل حديقة، وكأن هؤلاء النواب فوق المساءلة وفوق المحاسبة وفوق المراقبة. فكل المتابعات القضائية التي عرفتها البلاد لم يتقدم بها المواطنون ولم تكن دفاعا عن مشروعية أو ضد التزوير، بل كانت نتاج تصفية حسابات ما بين المنتخبين لأجل مصالحهم الشخصية، حتى بدأنا نسمع عن مئات المتابعات القضائية في حق مئات المنتخبين الذين يقبع الكثير منهم في السجون بسبب تجاوزت ومخالفات خطيرة رهنت مختلف بلديات الوطن في ديون كانت في غنى عنها. ومع ذلك مازال الحزب الصامت صامتا وهو يدرك أنه في سياق حمّى التسابق على الترشح والتفرد وشهوة الترؤس، لن يختلف المسؤولون اللاحقون عن السابقين وربما سيعبثون هم أيضا بالمال العام، ويرفعون قيمة ديون البلديات إلى عشرات الآلاف من الملاييرمما يؤخر البلاد إلى عشرات السنين، ويؤكد المعادلة النبوية الخالدة " كما تكونوا يولّى عليكم".. و يبقى الضحية في كل الأحوال هو المواطن صمت أم تحدث. لهذا علينا أن نُدرك جيدا أنّ ترك هذا الحزب الصامت تتقاذفه الأيدي وتتلاعب به الأهواء قد ينذر بكوارث اجتماعية مدمّرة، تفتح الباب أمام فتن داخلية تتعدد فيها المرجعيات المُتعصبة لأهوائها داخل المجتمع، فيتحول هذا الثراء وهذا الزخم الذي يتميز به الشعب المغربي إلى تسليم بما هو قائم بصفته المنجز النهائي المثالي الذي لا يمس، والذي لا يمكن الحلم بتغييره نحو الأحسن ، مما يغذي شكلا من أشكال الاستسلام. ويأتي ذلك على النقيض من رغبة الكثير من المفكرين والمثقفين التقدميين – الصامتين- في التسلح بالحاسة النقدية والانحياز للعمل في سبيل التغيير نحو الأحسن وعدم الاستكانة للأوضاع القائمة مهما بدا الطريق مسدودا؟ فهل لنا أن نتوصل إلى طرق ناجعة تخرج الغالبية منا من صمتها السلبي، وسلبيتها الصامتة، فلسنا أقل من بلدان ومجتمعات وصلت إلى تحقيق إشراك كل مواطنيها في توفير سبل حل مشاكلهم لبناء مستقبلهم وتحسين أحوالهم في أقل جهد ووقت، و لاشك أن لدينا آراءا وأفكارا وقوانين وأحزابا، فقط حاجتنا إلى إخلاص النوايا ونقاوة الضمائر ومخافة الله الذي سيحاسبنا على أفعالنا واتجاهاتنا ومكنونات سرائرنا قبل ظواهرها. فمتى يراجع الصامتون قناعاتهم وأفكارهم ومواقفهم، ويجروا عليها تعديلات و تدقيقات و تصحيحات قبل فوات الأوان؟؟؟..وما فكرة تأسيس جمعية " لكل الديمقراطيين " إلا أداة لإخراج الوضع السياسي مما هو فيه من تخبط وتسيب و إسفاف، حسب تصريحات مبتكريها الذين سرعان ما تحولوا بمسارها نحو حزب يضم كل الصامتين والغاضبين والمنبوذين وحتى اللامهتمين بالسياسة ...
#حميد_طولست (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنتخب متهم حتى تثبت براءته
-
استطلاع الرأي ترف ديمقراطي لا نملكه
-
ثقافة السلام وخطاب التحجر
-
الشوبينغ - و شبقية التسوق
-
فوضى فتاوى القحط و دعاوى الإبادة
-
الشارع المغربي!
-
°°°الكائنات الإنتخابوية...
-
الفساد والإفساد..
-
صحافة الحقيقة!
-
°°° كثرة المهرجانات تبديد للمال العام
-
°°°الوصايا العشر الموصلات لمجلسي النواب والمستشارين
-
°°°الشذوذ الجنسي.. أسبابه وهل له علاج؟
المزيد.....
-
تحديث مباشر.. دخول الصراع يومه التاسع وترامب: إسرائيل لا يمك
...
-
على وقع الضربات المتبادلة مع إسرائيل.. زلزال في شمال إيران
-
-فتاح 2-: الصاروخ الإيراني الذي يصل إلى تل أبيب في أقل من 5
...
-
الدويري: المقاومة تعمل بعمق قوات الاحتلال وحرب إيران لا تؤثر
...
-
شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لخيام تؤوي نازحين غرب مدينة غزة
...
-
شاهد.. أفضل ضربة قاضية هذا العام
-
هل ستقبل إيران بما يطرح على طاولة الأوروبيين؟ وما موقف إسرائ
...
-
ترامب يكشف سبب -صعوبة- مطالبة إسرائيل بوقف ضرباتها على إيران
...
-
تظاهرة في ماليزيا دعماً لإيران وفلسطين ورفضاً للدعم الأميركي
...
-
مظاهرات حاشدة في بغداد دعمًا لإيران ورفضًا للحرب
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|