أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حميد طولست - استطلاع الرأي ترف ديمقراطي لا نملكه














المزيد.....

استطلاع الرأي ترف ديمقراطي لا نملكه


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 2376 - 2008 / 8 / 17 - 11:33
المحور: حقوق الانسان
    


قرأت خبرا طريفا من أسبانيا، تحدث عن رسالة وجهتها وزارة الصناعة هناك إلى السيدة ثليا سانتياجو رئيسة بلدية مدينة صغيرة فى الجنوب باسم "لوس بياريس". سألتها فيها عما إذا كانت المدينة ترغب في نصب برج لإدخالها ضمن شبكة الهاتف المحمول. وأمهلت الوزارة البلدية ثمانية عشر يوماً للرد. وحين استطلعت رئيسة البلدية ، أعضاء المجلس البلدي حول الأمر وجدتهم مختلفين بصدده، بين مؤيد ومعارض ومن ثم فإنها لم تجد مفراً من طرح الموضوع للاستفتاء عليه. وحينذاك قالت: إنها لا تريد أن تتخذ قرارها قبل أن تطمئن إلى أن الأغلبية تؤيده، وأن انتخابها لا يخول لها الحق في الانفراد برأي فيما يمس راحة الناس. ما فعلته السيدة ثليا سانتياجو ليس أمراً جديداً ولا مستغرباً، ولكنه سلوك طبيعي في المجتمعات الديمقراطية التي يستمد السياسيون فيها شرعيتهم من رضا الناس وتأييدهم، وتستمد السلطة التنفيذية شرعيتها من كونها في خدمة الناس، حتى إن كل واحد في الهرم التنفيذي، من قمته إلى قاعدته يصنف باعتباره خادماً للمجتمع. واللجوء إلى الاستفتاء العام -الحر والنزيه بطبيعة الحال- هو أحد أقوى الوسائل التي تستخدم للتثبيت من ذلك الرضا. وعادة ما يضرب المثل في ذلك بسويسرا، التي لا يكاد يمر فيها شهران أو ثلاثة، إلا ويجرى فيها استفتاء الناس في شأن من شئونهم. من إقامة الجسور وتصدير السلاح للخارج إلى استقبال الطائرات في الليل في المواعيد التي لا تسبب إزعاجاً للسكان والحيوانات النائمة.
لم أستطع أن أقاوم الرغبة في المقارنة بين الذي حدث في أسبانيا ويحدث في سويسرا والكثير من البلدان التي نسعى دائما إلى استنساخ نماذجها في الأمورحرفيا، وبين الحاصل في العالم العربي عامة وفي المغرب عامة خاصة. حيث لم تستوقفني حقيقة أن أحداً لم يسألنا عن رأينا في بيع المدارس العشر التي عرضتها الأكاديمية الجهوية للدار البيضاء، كما لم يثرني أن أحدا لم يطلب رأينا قبل أن يغلق علينا كل منافذ شارع الحسن الثاني القلب النابض لمدينة فاس. لا لشيء إلا لأن مثل ذلك السلوك ترف ديمقراطي لا نملكه، ومدى في استرضاء الناس وتدليلهم لم نبلغه بعد. أما الذي أثارني إلى درجة الاستفزاز، أن لا أحد سألنا في قضايا تبدو بسيطة، لكنها مصيرية تهم مصالحنا العليا، وعلى رأسها صحة المواطنين، ليس ذلك فحسب، وإنما تم التصرف في الكثير من أمورنا من جانب أطراف ليست مخولة في ذلك، كالذي حدث ويحدث في كل الأحياء السكنية وقرب المدارس الإبتدائية وحتى رياض الأطفال في عمرالزهور، حيث استنبتت فوق سطوح الكثير من المنازل بجل الأحياء الآهلة بالسكان ونصبت هوائيات ضخمة لشركات الهواتف المحمولة دون اللجوء لإستشارة أي كان عن رأيه وكأن الأمر طبيعي وعادي ولا يشكل أية خطورة على المواطنين.. مبلغ علمى أنه من الناحية القانونية والسياسية فإن فضاءات القطاع العام المشتركة ليست ملكاً لأي كان، لأنها ملك للمجتمع، تتولى الحكومة إدارتها نيابة عنه. فهل تملك الاكاديميات الجهوية و حتى وزارة التعليم حق التصرف فيما لا تملك، ونفس السؤال يوجه للجماعات الحضرية والقروية وكل شركات الهواتف المحمول وحتى المجرور؟ وحتى تكتسب تصرفاتها تلك شرعيتها من الناحيتين السياسية والأخلاقية، فليس أمامها سوى الرجوع إلى المجتمع، وأخذ موافقته فيما هي مقدمة عليه.
فانتهاك حقوق وملكية الناس وعدم الاهتمام برأيهم، شأنه شأن القمع السياسي، الذي يبلغ ذروته في المجتمعات اللا ديمقراطية و بشكل ينذر بكوارث اجتماعية. حيث العلاقة بدون شكٍّ متوترة ومأزومة، والقمع منظّم ومشّرع، سواء المعلن منه وغير المعلن في معظم الدول لاسيما العربية منها، حتى عند تلك التي تدعي أنها ديموقراطية، أو مستقرة أو في بحبوحة مادية ورخاء اقتصادي، وتحاول أن تظهر للمجتمع الدولي على أنها نموذجية. فعند التدقيق في الأمر نجد أنّ الشعوب التي قمعت لفترات طويلة وعوقبت وإضطهدت ومنعت من ممارسة حقوقها الإنسانية وحريتها ولم يهتم برأيها كأنها مجرد مخلوقات ميكروسكوبية لا قيمة لها‮، فأن ‬التعبيرعن الكبت والقمع لديها يأخذ مناحي متعددة، بدءًا من التذّمر أو انتشار الشذوذ وصولا لأعمال العنف. والتحول مع مرور الوقت إلى قنابل موقوتة من حيث لا تدري، ويصبح التطرف في المواقف وردود الأفعال سمة تسم تصرفاتها، ولا فرق في التطرف بين كونه تطرفا يقف خلف شعارات "دينية"، أو تطرفا يقبع خلف شعارات "علمانية"، ذلك أن الغريزة إذا مُنعت كلًّيًا من الاشباع الضروري لحاجاتها فإنها تصبح في منتهى القوّة ولها سلطة يمكن أن تحول الكائن الإنساني إلى الهوس والهلوسة كما المخدّرات. لذا لا ينبغي، أن يقلل أحد من حجم البلبلة والقلق الذي تخلقه مثل هذه التصرفات اللا ديمقراطية التي يُخضع لها الشارع في بلادنا..





#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة السلام وخطاب التحجر
- الشوبينغ - و شبقية التسوق
- فوضى فتاوى القحط و دعاوى الإبادة
- الشارع المغربي!
- °°°الكائنات الإنتخابوية...
- الفساد والإفساد..
- صحافة الحقيقة!
- °°° كثرة المهرجانات تبديد للمال العام
- °°°الوصايا العشر الموصلات لمجلسي النواب والمستشارين
- °°°الشذوذ الجنسي.. أسبابه وهل له علاج؟


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حميد طولست - استطلاع الرأي ترف ديمقراطي لا نملكه