أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كوره جي - سولجنستن.. رأي آخر فيه














المزيد.....

سولجنستن.. رأي آخر فيه


حميد كوره جي
(Hamid Koorachi)


الحوار المتمدن-العدد: 2373 - 2008 / 8 / 14 - 10:11
المحور: الادب والفن
    


الكسندر سولجنستن الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1970 ، ودع الحياة ووطنه روسيا قبل أيام . الروائي الروسي الكبير اشتهر بمعارضته للاتحاد السوفيتي السابق ما بوأه موقعا عزيزا في الغرب الرأسمالي. الجيل الراهن من الروس ، حسب ما تنقله وكالات الأنباء، لا يعرفون سولجنستن ، ولا تستهويهم الشخصيات السياسية والثقافية ، في وقت يتعلقون غالبا بالرياضيين و نجوم الموظة الغربية ،وقد تحول سولجينستن في فترة الحرب الباردة إلى رمز معارضة الإتحاد السوفييتي ولأسباب سياسية ، ولظروف الحرب الباردة بين الكتلتين الشرقية المسماة بالدول الإشتراكية والغربية المسماة بالعالم الحرّ.

وقد كان سولجنستن من المغضوب عليهم في فترة ستالين ، فحجبت كتبه عن القراء ، ومنعت من الطبع والنشر . وسمح له بالكتابة والنشر في فترة خروشوف القصيرة ، أما في عهد بريجنيف المعروف بالفترة الستالينية الثانية عادت الرقابة والمنع يمارسان عليه ، و تم طرده من الاتحاد السوفييتي بعد اعتقاله لفترة ما ، فاختار الغرب الرأسمالي للإقامة و والعمل.
واصل انتقاداته للاتحاد السوفييتي و معارضته له طوال فترة إقامته في الغرب بلا هوادة حتى عودته إلى موطنه روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، و لم يتوقف لحظة عن الشكوى من قرار نفيه ، وانتهاكات حقوق الإنسان ، سواء في فترة الحرب التي يطلقها على عهد حكم ستالين ، أو في الفترات التي تلته.
لقد أسر ّ سولجنستن خلال منفاه و بعده بكل مكنونات قلبه ، سواء في مقابلات ولقاءات ، أو مقالات كتبها ، أو روايته وقصصه ، و انتقد كل ظاهرة لم تعجبه في روسيا و العالم من منطلقات إيديولوجية ، لكنه لم يكن يعتقد أن العلاقات الرأسمالية هي جذور الأزمات والمشاكل المتفاقمة في روسيا والعالم.
كان يؤمن إيمانا بروسيا العظمى ، ويحلم بقيامها ، لتكون مركز الشرق ، تدور حوله الجمهوريات السوفيتية السابقة كواكب مطيعة له. لم يوجه طوال حياته اقل انتقاد للمكارثية التي سادت في أمريكا ، وصادرت حرية الرأي والتعبير للكتاب والصحفيين ، واضطهدت مئات المثقفين . ولم يبد أي تعاطف مع مناهضي الحرب الامبريالية في فيتنام و كمبوديا ، سواء بإبداء رأيه ، أو بانضمام إلى أحرار العالم الغاضبين على الحروب ومشعليها.

العجيب هو الاهتمام البالغ والمبالغ فيه من قبل وسائل الإعلام البرجوازية بوفاة سولجنستن، والتي كان خبرها يتصدر نشرات الأخبار في كبرى وكالات الأنباء ، والقنوات التلفزيونية العالمية من قبيل بي بي سي ، وسي ان ان ، و فوكس نيوز و سواها، وقيام رؤساء العالم الغربي بنعيه ، وإرسال برقيات التعزية إلى المسؤولين الروس. و الجدير بالتأمل هنا ، هو استغلال عالم الرأسمال لهذه المناسبة ، و انتهازها فرصة ثمينة للنيل من الاشتراكية والشيوعية ، و الحركات التحررية في العالم، وكأنها كانت تتهيأ لهذا الحدث ، و قد صاغت كل برامجها لأداء مراسم الوفاة بالشكل الذي يتم تصويره كانتصار الرأسمالية على الاشتراكية ، و إلحاق آخر هزيمة بقوى التقدم والتحرر.

ميديا الغرب الرأسمالي ليس لها سوى اجترار ذات الوسائل الدنيئة في محاربة الإنسانية ، والتي أصبحت اليوم متهرئة ، بفعل انحطاط البرجوازية و تفسخها ، و تحولها إلى قوة رجعية ، عاجزة عن تحقيق أي منجز لصالح البشرية ، بل حتى أمست تتنكر وتلغي كل منجزات البشرية التي تحققت بنضال الطبقة العاملة وطلائعها القوى الاشتراكية .

لا شك أن الفترة الستالينية ، والبيروقراطية السوفييتية ، بما مورست خلالها من سياسة القمع و التحريفية وانتهاك حرية الرأي و التعبير ، لا بد من إدانتها و الاتعاظ من تجاربها وعبرها ، لتحقيق آمال البشرية في خلق مجتمعات المساواة والعدل والاشتراكية ، لكن أن يتخذ سولجنستن وبدعم و تشجيع من الامبرياليين بالهجوم على كل مكاسب البشرية ، من تقدم و انتزاع كثير من الحقوق بفضل نضال الكادحين في العالم ، مسألة جديرة بالتفكير والتأمل ، و الشك في مصداقيتها ، والبحث عن منابعها.

احتفاء الغرب الهائل بالروائي الروسي سولجنستن لم يكن لدواعي إبداعية وأدبية ، و كان نيله لجائزة نوبل عام 1970 لأسباب سياسية ، وهي معارضته للاتحاد السوفييتي في فترة الحرب الباردة ، حيث شهدنا كيف تستقبل الحكومات الغربية أي منشق عن دول أوروبا الشرقية ، كبطل للحرية و مناضل في سبيل الديمقراطية، وكلنا سمعنا بأخبار الرياضية الرومانية ناديا كوما نتشي ، حين هربت إلى الغرب ، و أقيمت لها احتفالات مهيبة ، لكن ما يفضح نفاق العالم الرأسمالي بعد انتهاء الحرب الباردة ، ما تمارسه حكوماته من طرد طالبي اللجوء ، و رفض طلباتهم .
فإضافة إلى نتاجاته الأدبية ، كانت له آراؤه في القضايا الاجتماعية ، والسياسية ، تصلح أحيانا لأن تكون بيانات للقوى الرجعية ، إذ يكتب: " الثورات دائما مبعث المآسي ، ومصائب الناس ، والمثل الصارخ على ما أقول هو عواقب حركة عصر النهضة والتنوير، والحكومات العلمانية ، من انتشار اللا أخلاقية ، و ضعف الدين." هنا يلتقي سولجنستن مع مفكري ما بعد الحداثة المتنكرين لكل منجزات البشرية من تقدم ورفاه ، و دولة القانون، ما خلق هوة بينه وبين اللبراليين . إنه يوصي بالعودة إلى المسيحية لخلاص المجتمع ، و يروج للقومية الروسية العظمى . وبعد أن قاطعته القوى الاشتراكية واليسارية ، و اللبرالية والعلمانية ، لم يبق، في أيامه الأخيرة له أصدقاء سوى من أوساط رجال الدين الارتودوكسي ، والقوميين العنصريين ، والقيصريين .
لا شك أن سولجنستن روائي كبير ، لكن ليس بحجم مواطنه باسترناك الذي كان أيضا من المنتقدين للستالينية ، والذي خلق عملا خالدا ، مثل رواية دكتور جيفاكو ، التي لا ترقى إليها أية رواية من روايات سولجنستن.
فكل شيء في نظر الرأسمالية سلعة و مادة استهلاكية: المرأة والإنسان، والثقافة و كل ما يمكن أن يجني منه الرأسمالي ربحا. فالرأسمالية ، أخيرا ، استهلكت " الكسندر سولجنستن" ، ورمت به في سلال النسيان.

2008-08-13



#حميد_كوره_جي (هاشتاغ)       Hamid_Koorachi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهالي كركوك ضحايا القوى المتصارعة على النفوذ في العراق
- برعم الحزن وقصائد أخرى لفروغ فرخزاد
- الإتفاقية الأمنية لضمان أمن قوى الاستغلال والنهب في المنطقة
- ثلاث قصائد للشاعرة الفنلندية أديت سودرغران ( 1892_ 1923)
- حين تنسف مدفعية الأخوان المسلمين أوثان القوميين
- أمريكا الصغيرة / قصيدة لبابلو نيرودا
- صهيل الأفق الأحمر فوق نهر - مالمو -
- من قصائد قرّة العين(1815_1852)
- يا ابني! للشاعر الشيلي بابلو نيرودا
- أي ّ عهد من دول ساهمت بتدمير العراق وشعبه؟
- يا بني ّ ، يار - الحبيب-!
- في الذكرى الستين لتأسيس إسرائيل
- في رثاء فروغ فرخزاد
- ألسنة الآلهة، وألسنة الملوك
- فيكتور هوجو.. ارتباط الأدب والسياسة
- نيران فتنكم تحرق الأبرياء
- الِزْمو وو .. حرامي !!!!!
- الحجاب و حرية الملبس
- حمّالة الأقاصي
- - الغجرية- قصيدة لأديث سودرجران


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كوره جي - سولجنستن.. رأي آخر فيه