أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - دور المثقف














المزيد.....

دور المثقف


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 11:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتبر عصر الأنوار .. الفترة المضيئة والمميزة لدور الثقافة والمثقفين في مجتمعات الغرب المفعمة بالتجارب والتحول والتجاوز والتخطي والتبدل في تغذية تاريخية قل نظيرها في صيرورة المجتمعات الأخرى .
كان المثقفون يلعبون دور المثقف الملتزم ، الذي يحمل رسالة التنوير الداعية الى نشر قيم الحداثة في الحرية والعلم والتقدم .. من خلال التجربة والواقع المعيش ، ليكون المثقف ذلك الأنسان الرائد في تمثل الفكر النقدي الهادف الى النهوض بأعباء تغيير الواقع وتحديث المجتمع .
شهد هذا العصر مثقفين يتمتعون بمزايا كارزمية من أمثال فولتير ، وكانط ، وهيجل .. الخ . وهكذا أنتعشت الثقافة ونما الأدب في الغرب في خضم آوار الواقع .. لكن من دون أن تخضع لألتزاماته الخانقة .. وأشتراطاته المعيقة .. لأن لعبة الثقافة الحقة أن تخترق القيم والمفاهيم .. لتبدع ذوات المثقفين ما يعتمل بدواخلها من إرهاصات ورؤى لتتزاوج مع تجليات الطبيعة وتمظهرات المجتمع أملاً في ولادة واقع جديد وبقيم جديدة مفعمة بالخير والعلم والحرية . وبذلك تكون الثقافة فعل حياة وتغيير لأن (( المفاهيم الفكرية مصنعة ، المدركات الحسية ضرورات )) .
في القرن العشرين صار للمثقفين دورٌ أكبر حتى أعتبر هذا القرن ، قرن المثقفين أو على الأقل قرن سارتر في فرنسا .. لكن في الثلث الأخير من هذا القرن .. مع تراجع أهمية أدوات المقاربة وأشكال العقلنة وخطط التغيير ووسائل التعديل التي أنتجتها الحداثة ، والتي لم تعد تجدي في فهم العالم – خاصة بالنسبة الى الغرب – وهذا بالضبط ما يشكل الأشكالية الكبرى .. إشكالية النهايات التي باتت تشكل مرحلة مفصلية – لافاصلة – بين الحداثة وما بعد الحداثة .. مرحلة الإنتقال من الحداثة الى عصر العولمة التي تؤسس لعالم في طور التشكل .. عالم يبنى على أساس نقد أساطير الحداثة في أطار التجدد المستمر للفكر الغربي لذلك نرى مشيل فوكو يرفض دور المثقف الممثل للناس والمعبر عن معاناتهم والمتعالِ عليهم ، فيما يعلن ريجيس دوبرييه المثقف الماركسي الفرنسي سنة 1994 ، يعلن موت المثقف وإقترح سادراً في غلوه في معاداة المثقفين أن تقام لهم متاحف على شاكلة المتاحف الأخرى . وهذا الموقف المتحامل على المثقفين متآتي من (( ان رأي دوبرييه هو نوع من مشاعر الذنب حيث كان مثقفاً ماركسياً عضوياً نموذجياً ذهب به حماسه الثوري وحميته الماركسية في الستينيات الى حمل السلاح في أدغال امريكا اللاتينية ، وهو اليوم يعيش مرحلة نهايات اليقينيات وإنقشاع لأوهام الآيديولوجيا التي تغشي الأبصار )) على حد تعبير د. محمد سبيلا .
فنهاية المثقف : لاتعني نضوب مداد المثقف أو تهشيم يراعه .. بل لاتعني (( موت الحلم )) .. المثقف الذي يفكر بالنيابة عن مريديه وأشياعه بغية السيطرة عليهم ، مثل هذا الدور الذي كان يضطلع به المثقف الملتزم في المجتمعات الغربية قد ولى عصره .. إذ مع ثورة المعلومات المتاحة للجميع يتغير الأمر .. حيث تنتج واقعاً جديداً (( أي عالم العولمة بفضائه السبراني ومجاله الإعلامي ، بإنسانه العددي ومواطنه الكوكبي )) .. ييسر للفاعلين عملية الإبداع طالما يجري تشغيل الفكر وتوظيف القدرات الفعلية .. وبذلك تتوقف الحاجة الى المثقف البيروقراطي الموجه .. في مجتمع ثقافي متوازن .
أما دور المثقف في المجتمعات العربية والإسلامية .. فالأمر جد مختلف .. هنا سياق آخر .. هنا تأخر تاريخي ، وإستبداد سياسي ، وإختلالات إجتماعية وسياسية رهيبة ، وإستقواء للحركات التكفيرية ، وهيمنة للفكر التقليدي .. فكر لايقبل الآخر – لايرى إلا نفسه – مغذى بمقولات غير عقلانية .. مترعة بالخرافات والأساطير .. يتزوق بها كحقائق راهنة .. يمير المثقف العربي منها شاء أم أبي .. تنام في لاوعيه وترسم يقظته .. مع إختلاط كل ذلك بمجسات الحداثة الوافدة ومعاييرها التي تحاول أن تجد لها موطيء قدم .
إن مظاهر الإستلاب في المجتمع العربي .. قد تحرك المثقف سواء أكان عصرياً متعالياً أم تقليدياً منغلقاً عن الحداثة .. للتصدي لها بصفته فاعلاً إجتماعياً – الوصف لاينطبق إلا على عدد محدود من المثقفين – حيث يثور الأول على مظاهر التخلف فيما يثور الثاني على مظاهر الإغتراب .. هذا المثقف تثقل كاهله مهام هائلة لتلمس دربه المظلم وهو يحمل سراجاً خافتاً للكشف والنقد والتحليل ، بغية إتمام رسالته التاريخية الملقاة على عاتقه في تفعيل سراجه ليكون مَشعلاً وهاجاً للحرية والعلم والتقدم والأنسنة الحداثية في ذات الوقت الذي يستنزفه الإستجداء من أجل الإرتزاق ، أو الإستخذاء في تمجيد الإستبداد ، أو التقليد الذي يصادر العقل في الوقت الذي كان عليه تفعيل رسالته من خلال التعبير عن (( الإستقلالية النسبية للعقل في مواجهة التقليد والنقل )) .. وهكذا حتى إذا تبين له بأنه عاجز عن الفعل الإجتماعي أقنطه البؤس وتملكه اليأس من الأصلاح يقول عبد الله العروي (( يأس له تاريخ طويل في الفكر التقليدي لنتذكر قول إبن خلدون : ( إذا نزل الهرم بدولة فإنه لايرتفع ) قد يجد اليوم في حتمية العلم الحديث مايزكيه في ذهن المثقف المنعزل )) .. هذا بالإضافة الى ضبابية الرؤية والرؤيا عند المثقف العربي الذي تشل حسه النقدي نتيجة إرتهان فعله بتوجيه السياسة وخانقها الجبري الذي صنعه الفكر التقليدي (( إذا إستندت هذه السياسة الى قاعدة فكرية دوغمائية قتلت عند المثقف العربي حسه النقدي وشوهت رؤيته الموضوعية للأحداث والظواهر والأفكار )) ، ناهيك عن خواء حسه النقدي إزاء الذات ومدى مسؤوليته عن راهنية التخلف على مستوى الدولة والمجتمع والفكر الديني والثقافة فضلاًً عن إحجام المثقف عن ( قراءة التاريخ ) قراءة عصرية حداثية ، والتي تعد شرطاً أساسياً في كينونة المثقف بأبعادها الذاتية والوطنية والإنسانية .. (( إن مثقفينا بشكل عام لايميلون الى قراءة التاريخ .. ولو فعلوا لكانت قراءتهم آيديولوجية تزيد من تخلفهم وتعصبهم والحال هذه لاتفيد كقراءة منتجة ومجددة )) كما يقول سليم مطر .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل المقدس لصنع التطور
- المصالحة المتعثرة
- المبدع .. وقيم الجمال
- ديكارت .. من الشك الى اليقين
- العنف المتوازن .. ام التقاء الارادات
- ملوك الشمع
- مقاربة شحوب الكهرباء
- صيرورة الفكر .. وتفكيك الانسان
- طيف الاصيل
- امريكا .. ولغة الرمال
- الوجودية .. واشكالية الماهية
- مقاربة الدين والعلم
- رواتب الموظفين
- فشل السياسة الخارجية للنظام العربي
- المكافأة
- نقد العقل السياسي العربي / النظام العربي : بين الدولة الامني ...
- لغة الحضارة
- الاسئلة الصادمة
- وجل الاحلام
- ازمة المثقف .. الاصولية المؤدلجة .. الخانق السياسي .. الذات ...


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - دور المثقف