أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مصطفى العبد الله الكفري - تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية















المزيد.....



تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 729 - 2004 / 1 / 30 - 04:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية 1 - 4
العلاقات السورية اللبنانية مترسخة في أعماق التاريخ  
ظـل الوطن العربي إبان الحكم العثماني يشكل وحدة إدارية سياسية اقتصادية واحدة بالرغم من التقسيم الإداري العثماني الذي قسم الوطن العربي إلى ولايات وألوية ومتصرفيات، إلا أن هذا التقسيم لم يكن يعني عملياً تقسيماً مرتكزاً إلى مفهوم الكيانات المستقلة المنفصلة بعضها عن البعض الآخر ، وإنما كان يعكس توجهات السلطة العثمانية عبر إحداثها صيغة تنظيمية إدارية تستطيع ممارسة الرقابة المتشددة على سائر المقاطعات التابعة لها ، وظلت حلقات التبادل بين مختلف المناطق تسهم في تشكيل نوع من الوحدة الاقتصادية كانت تعززها باستمرار علاقات تكاملية بين عدد من الأسواق الداخلية ، وعلى طرق القوافل التجارية بين مختلف أرجاء الوطن العربي .
تضم سورية الطبيعية أو بلاد الشام والتي المساحة الجغرافية الممتدة من جبال طوروس شمالاً، إلى رفح والعقبة على الحدود المصرية جنوباً ، ومن الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط غرباً ، إلى الضفة الغربية لنهر الفرات شرقاً ، وتقدر مساحتها بحوالي 400 ألف كيلو متر مربع، وظلت هذه المنطقة تشكل وحدة سياسية اقتصادية دائمة . وبهدف تمكين السلطنة العثمانية من ممارسة الرقابة المركزية من ناحية ، وتوسيع نطاق الالتزام الضرائبي للولاة والأمراء التابعين لها من ناحية أخرى ، فقد توزعت بلاد الشام في عام 1904 إلى ثلاث متصرفيات وثلاث ولايات وهي : ولاية دمشق وولاية حلب وولاية بيروت . في حين كانت المتصرفيات هي : متصرفية الزور (دير الزور) ، متصرفية جبل لبنان ومتصرفية القدس ، وكانت كل متصرفية تضم عدداً من الأقضية ، وكما ذكرنا سابقاً فإن هذا التقسيم الإداري للسلطنة العثمانية لم يكن عملياً تقسيماً سياسياً مرتكزاً إلى مفهوم الكيانات المستقلة المنفصلة بعضها عن البعض الآخر ، بل ظل يشكل كياناً اقتصادياً سياسياً واحداً .( )
وشهدت سورية الطبيعية في المراحل الأخيرة من السلطنة العثمانية ، حالة من المنافسة القوية بين كل من فرنسا وإنكلترا تهدف إلى توسيع دائرة نفوذ كل من الدولتين داخل المشرق العربي ، لكن ظروف الحرب القائمة آنذاك كانت تدفع بالدولتين إلى التخفيف من حدة المنافسة بينهما واللجوء إلى حل وسط يحقق التوازن في مناطق نفوذهما في المنطقة ، الأمر الذي كان من أهم نتائجه اتفاقية سايكس بيكو في 16 أيار 1916 ، التي استطاعت أن ترسم خارطة النفوذ الفرنسي والإنكليزي في المشرق العربي .
- جذور العلاقات السورية اللبنانية :
إن جذور العلاقات السورية اللبنانية مترسخة في أعماق التاريخ والواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، وفي مناسبات مختلفة اعترف قادة البلدين ومختلف الفعاليات وعلى كافة الأصعدة بهذه الحقيقة ، لأن لبنان نافذة سورية على البحر ، وسورية هي السوق الكبيرة للتجارة اللبنانية ، إن تاريخ العلاقات الاقتصادية بين سورية ولبنان والتي تجمعها وحدة طبيعية وجغرافية يبقى يفتقر إلى الأسس الموضوعية إذا لم يرصد نشاط كل الناس على مختلف انتماءاتهم الاجتماعية ، متوقفاً عند طبيعة عملهم ، وأنماط الإنتاج السائدة عندهم ، وتنوع مصالحهم وتداخلها ، فالعملية التاريخية هي عملية شمولية تشترك في صنعها سائر فئات السكان وليس فئة الحكام والطبقة المسيطرة وحدها كما يعتقد معظم المؤرخين .
(صحيح أن العلاقات اللبنانية السورية ارتسمت وفي جانب منها من مواقع السيطرة الاستعمارية وتقاسم النفوذ الغربي بين فرنسا وإنكلترا بعد نهاية الحرب لعالمية الأولى ، لكن الصحيح أيضاً أن جانباً كبيراً من تلك العلاقات كانت تفرضه مصالح الناس في البلدين في سعيهم الدائم لتأمين حاجاتهم ، وتوفير مقومات استمرارهم وتطورهم .
فقد ظلت القضايا الاقتصادية تشكل موضع اهتمام السكان في حياتهم المعيشية اليومية ، فكانت من عوامل الجذب الأساسية في تقاطع مصالحهم أو تنافرها ، وفي تحديد توجهاتهم وخياراتهم السياسية) .(1)
لقد نسج لبنان وسورية شبكة من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية المتداخلة والمتكاملة ، شكلت عنصراً توحيدياً للفعاليات الاقتصادية في كلا البلدين ، وقد عملت هذه الفعاليات وتحت ضغط مصالحها إلى تعميق ارتباطها .
- الانتداب الفرنسي (التجزئة السياسية والتوحيد الاقتصادي):
وفي مرحلة ما بعـد الحرب العالمية الأولى ارتكز المشروع الاستعماري ، الذي يعكس وجهة نظر الرأسمالية الفرنسية في سعيها لإحكام قبضتها السياسية والاقتصادية على سورية ولبنان ، إلى قرارين الأول – التجزئة السياسية بين المناطق السورية واللبنانية ، والثاني – قرار التوحيد الاقتصادي بين سائر الدويلات التـي أنشأها الانتداب الفرنسي والتي كانت بإشراف مباشر من قبل سلطة مركزية هي المفوضية العليا الفرنسية ، وقد تم تنفيذ هذا المشروع الاستعماري عندما قام الجنرال غورو بإصدار عدد من القرارات قضت بإنشاء دويلات في المشرق العربي هي : دولة لبنان الكبير في آب 1920 ، دولة العلويين في آب 1920 ، دولة حلب في أول أيلول 1920 ، دولة دمشق في أول كانون أول 1920 ، دولة جبل الدروز آذار 1922 .
ولم تكن هذه الدويلات التي أنشأتها فرنسا تستند إلى أساس واقعي يسمح لها بالاستمرار، ولكنها كانت محكومة بسياسة الأمر الواقع ، الذي فرضه الفرنسيون بهدف إضعاف مناطق الانتداب التابعة لهم من الداخل ، والسيطرة عليها مجزأة بدل أن تشكل دولة واحدة قوية قادرة على الحياة والاستمرار .
وإذا كانت سياسة التجزئة الفرنسية قد رمت إلى إحداث العزل السياسي بين سورية ولبنان، فإن المصالح المشتركة بين البلدين كانت دافعا قوياً إلى التلاقي والتقارب بين سائر الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية في كل من سورية ولبنان ، هذه الفعاليات التي بدأت تحت ضغط مصالحها تشعر بحاجتها الماسة إلى التعاون والتضامن ، وبالتالي إلى توحيد مطالبها في وجه الانتداب الفرنسي تحقيقاً لاستقلالها الاقتصادي المتلازم مع تحررها السياسي في الوقت ذاته .
وهكذا فإن إشكالية العلاقة السورية اللبنانية بعد انهيار السلطنة العثمانية وانحسارها في نهاية الحرب العالمية الأولى تبدو من خلال التنازع بين تيارات رئيسة ثلاثة وهي :
الأول - الحركة التوحيدية السورية وتطالب بالمحافظة على وحدة البلاد السورية (سورية - لبنان - فلسطين) ، كشرط أساسي لوحدة السوق وتكامل العلاقات الاقتصادية بين سائر المناطق.
الثاني - برجوازية الحرير في جبل لبنان ، التي تسعى إلى تحقيق مشروع لبنان الكبير ذي الكيان المنفصل والمستقل سياسياً عن سورية الداخلية ، مع بقائه تحت الحماية الفرنسية .
الثالث - الرأسمالية التوسعية في كل من إنكلترا وفرنسا ، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها ، وتأمين مصالحها قبل أية مصلحة أخرى .
وظل التنازع بين التيار الاستقلالي والتيار الوحدوي مستمراً إلى أن بدت في عام 1943 بوادر نجاح التيار الاستقلالي ، وأخذت سورية تتجه نحو استعادة وحدتها الداخلية وحصلت على ذلك في آب 1943 . وكذلك لبنان في تشرين الثاني 1943 . وشاركت كل من سورية ولبنان في مشاورات الوحدة العربية التي أفضت إلى إعلان بروتوكول الإسكندرية في تشرين الأول 1944. وقيام جامعة الدول العربية وإعلان ميثاقها في 22 آذار 1945. واستمر التعاون بين سورية ولبنان إبان خوضهما معركة جلاء الأجنبي عن أراضيهما ، وتحقق الجلاء عن سورية في نيسان 1946 ، وعن لبنان في كانون الأول 1946 ، وأضحتا دولتين مستقلتين وأعضاء في جامعة الدول العربية .
- الوضع الاقتصادي أثناء فترة الانتداب الفرنسي في سورية ولبنان:
إن مرحلة ربع قرن من الانتداب الفرنسي لم تغير هيكل الاقتصاد الوطني في سورية ولبنان تغييراً جذرياً ، بالرغم من الاهتمام المتزايد بقطاع التجارة وإهمال الزراعة فقد ظل الإنتاج الزراعي يلعب دوراً بالغ الأهمية في مرحلة ما بين الحربين العالميتين ، وحتى الاستقلال ، ويشكل العامود الفقري للاقتصاد الوطني .
مع العلم أن الاقتصاد الزراعي كان اقتصاداً متخلفاً يستخدم الوسائل التقليدية في الزراعة ، وكان المردود منخفضاً ولم تستخدم الأساليب التقنية الزراعية المتطورة أو الوسائل الحديثة لاستنبات الأراضي الخصبة المتوفرة في سورية ولبنان .
1- الزراعة السورية اللبنانية خلال فترة الانتداب :
احتلت الزراعة مركز الصدارة في اقتصاديات الدويلات السورية واللبنانية ، وظلت تشكل دائماً مورداً أساسياً يؤمن أسباب العيش لمعظم السكان،  ويقدر عدد العاملين في الزراعة عام 1930 حوالي 1700 ألف نسمة وهذا يعادل 62 % من مجموع السكان . وكانت الزراعة تسهم بأكثر من 30% من إجمالي الناتج الاجتماعي ، وكانت معظم الأراضي المزروعة أراضي بعلية، بحيث لم تتجاوز الأراضي المروية 25 % من إجمالي الأراضي المزروعة .
ولا بد من الإشارة إلى أن الإنتاج الزراعي في سورية ولبنان قد كان محصوراً بأيدي فئة قليلة من الملاكين 0الاقطاعيين) ، وكانت الأغلبية الساحقة من المزارعين تقوم بأعمال أخرى إلى جانب أعمالهم الزراعية لإعالة أسرهم .
ويتضح أن السياسة الاقتصادية للسلطنة العثمانية والانتداب الفرنسي ، لم تعمل طول فترة تواجدها في سورية ولبنان على تنشيط وتنمية القطاع الزراعي ، كما أن سيادة العلاقات الإقطاعية في الريف ، واتباع نظام المحاصصة الزراعية القائم على استغلال كبار الاقطاعيين لجهود فلاحيهم ، كل هذا أدى إلى تدهور الزراعة وتدني معدلات الإنتاج الزراعي في سورية ولبنان خلال هذه المرحلة .
إن الترابط بين سورية ولبنان في مجال الزراعة والتكامل بينهما واضح من خلال تنوع المحاصيل في كلا البلدين وحاجة كل بلد إلى المحاصيل التي تنتج في البلد الثاني . وقد أشارت بعثة "جيب" التي كلفت بمهمة تحديد ركائز الاقتصاد اللبناني واقتراح الحلول لمشاكله، في تقريرها الرسمي الذي قدمته في عام 1948 (والذي يستند إلى أرقام 1943-1944) إلى أهمية التكامل الزراعي بين سورية ولبنان حيث ورد في التقرير :  إن زراعة لبنان مكملة لزراعة البلدان العربية المجاورة (أي سورية) ، ومن المستحيل أن ينتج لبنان من المواد الغذائية ما يكفي حاجة سكانه . إن التجارب التي تهدف إلى زيادة مساحات الأرض  لزراعة الحبوب ، مثلاً ، تنجح عن طريق انخفاض وتراجع المساحات المزروعة بمحاصيل أخرى تلائم التربة والمناخ أكثر ، أو بحراثة واستصلاح أراض قاحلة غير اقتصادية ، فعلى لبنان ، والحالة هذه أن يتكل على البلدان المجاورة في تقديم القسم الذي يحتاج إليه من المواد التي لا يمكنه إنتاجها، ويقدم لبنان لهذه البلدان المحاصيل الزراعية التي يتخصص في إنتاجها ، بدلاً منها .
واحتلت زراعة الحبوب أهمية خاصة في الإنتاج الزراعي السوري اللبناني وكانت مساحة الأراضي المزروعة بالحبوب تشكل 75 % من مساحة الأراضي المزروعة . وتتركز بشكل خاص في سهول حمص وحماة ومنطقة الفرات والجزيرة السورية ، وسهل حوران وسهول البقاع وعكار . وتأتي زراعة القمح والشعير والذرة والشوفان في مقدمة منتجات سورية ولبنان من الحبوب .
وتجدر الإشارة إلى مسألة اعتماد لبنان على استيراد القمح من سورية ، وبخاصة إبان الأزمات الاقتصادية التي عرفتها المنطقة خلال فترة الانتداب وبشكل خاص فترة الحصار البحري الذي فرض على السواحل السورية واللبنانية في السنوات الأولى للحرب العالمية . وقد أشارت صحيفة بيروت في عددها رقم 1423 الصادر بتاريخ 24 تشرين الأول 1941 إلى مباحثات سورية - لبنانية بشأن تزويد لبنان بالقمح والبذار الحوراني . 
وفي عام 1942 أنشأت حكومتا سورية الموحدة ولبنان الكبير مجلساً عرف باسم مجلس الميرة الذي كانت غايته إحصاء كميات القمح والشعير والذرة التي تنتجها أرض سورية ولبنان وتوزيعها بالعدل بين البلدين ، وتأمين الرغيف للسكان سواء في بيروت أو دمشق ، وبالتالي كانت وظيفة الميرة ، تنظيم علاقات لبنان الاقتصادية بسورية بهدف تعزيز التكامل الزراعي وبشكل خاص تبادل المنتجات الزراعية والغذائية بين الدولتين . 
ويؤكد الدكتور محمد مراد في كتابه العلاقات اللبنانية السورية ، (أن قيام مجلس الميرة بين سورية ولبنان قد أكد بشكل قاطع حيوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين وعلى تكامل حلقة أساسية من حلقات الدورة الزراعية الضرورية لغذاء السكان فيهما . ففي معرض رده على برقية التهنئة التي أرسلتها إليه لجنة الإعاشة اللبنانية بمناسبة عيد الفطر ، أكد رئيس الوزراء السوري حسني البرازي ( أنّ الأخوة التي تجميع بين لبنان وسورية لا تزيدها الأيام إلى توثقاً وإحكاماً ، وأن الرغيف الذي نتقاسمه في هذه الأيام سيبقى خير رمز لاتحاد مصير البلدين الشقيقين وعواطفهما وآمالهما في الشدة والرخاء) .( )
وإذا كانت الحبوب وبخاصة الغذائية منها قد شكلت ضرورة حيوية للتكامل الزراعي بين سورية ولبنان حيث تقاطعت عندها حاجات السكان للاستهلاك المحلي ، فإن فروعاً أخرى من المنتجات الزراعية كان لها أهميتها في التكامل الزراعي بين البلدين ، حيث كانت زراعة الحمضيات والفواكه ، وبخاصة الموز والتفاح قد تركزت في المنطقة الساحلية من لبنان . كما اشتهرت سورية بزراعة المشمش واللوزيات والخوخ والأجاص والفستق ، لذلك لعبت هذه المنتجات الزراعية المتنوعة دوراً أساسياً في عملية التكامل الزراعي بين سورية ولبنان .
وكانت زراعة أشجار التوت وتربية دودة الحرير الشيء الوحيد الذي حظي بعناية سلطات الانتداب الفرنسي ، وذلك بسبب ، أن إنتاج الحرير يرتبط بعجلة الأسواق الفرنسية مباشرة في مرسيليا وليون وغيرها ، وتوسع نطاق زراعة التوت في سورية ولبنان لإنتاج الحرير . وفي عام 1924 توزع إنتاج الحرير في سورية ولبنان على الشك التالي :( )
1- دولة لبنان الكبير 1500.00 طن .
2- دولة العلويين    700.00 طن .
3- الاسكندرونة     600.00 طن .
ووصل إجمالي إنتاج الحرير في سورية لبنان أعلى مستوى له في عام 1929 إلى أعلى حد حيث بلغ 3575 ألف طن وتراجع الإنتاج في نهاية عهد الانتداب حيث بلغ في عام 1944 حوالي 45000 طن .
وقد شكل القطن السوري والحرير اللبناني ، هدفاً دائماً للرأسمال الفرنسي الذي سعى إلى التحكم بالمنتجات الزراعية الصناعية ، لذلك أولت السلطات الفرنسية اهتماماً كبيراً بزراعة الحرير والقطن في كل من سورية ولبنان .
كما دخلت زراعة التبغ في نطاق القضايا الاقتصادية المشتركة بين سورية ولبنان ، وغدت مورداً هاماً للعاملين في هذه الزراعة وتكونت شركة " الريجي " التي تهتم بتنظيم زراعة التبغ وتوزيع عائداتها .
وصدر في عام 1935 قرار المفوض السامي الفرنسي ، القاضي بإخضاع زراعة التبغ وبيعه وتصنيعه إلى نظام حصر جديد هو (المونبول) الذي قيد جماهير المزارعين والمستهلكين في سائر المناطق السورية واللبنانية بشروط قاسية جداً .
إن تنوع الطبيعة الجغرافية في كل من سورية ولبنان أدى إلى تنوع المنتجات الزراعية بين مختلف المناطق ، ففي سورية الداخلية حيث السهول الزراعية الخصبة (سهول حمص ، حماة ، حوران) انتشرت زراعة الحبوب الغذائية ، وبخاصة القمح في حين اشتهرت في لبنان الزراعات الساحلية وبخاصة الحمضيات وأشجار الموز ، كما عرفت المناطق الجبلية في لبنان توسعاً كبيراً في زراعة الأشجار المثمرة وبخاصة التفاح والكرمة ، وقد أسهم هذا التنوع في المنتجات الزراعية في إحداث نوع من التكامل الزراعي يعززه قرب المسافة وانخفاض تكاليف النقل .
2- تطور الصناعة في سورية ولبنان خلال فترة الانتداب :
كانت الصناعة في سورية ولبنان قبل الحرب العالمية الأولى عبارة عن صناعات تقليدية يدوية حرفية بسيطة ، وشهدت الصناعة في كلا البلدين خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، نمواً هاماً وبخاصة فيما يتعلق بتوظيف رساميل محلية وأجنبية ، في صناعات الغزل والنسيج وبخاصة القطن والصوف والحرير وصناعة العباءات والطرابيش والأسمنت والحجارة الصناعية والقساطل والكبريت والصابون ودباغة الجلود وصناعة الأحذية وطحن القمح والصناعات الغذائية المربيات والسكاكر والكحول والمشروبات الكحولية والخشب والمفروشات وصناعات خفيفة متفرقة أخرى .
وإذا كانت معظم الصناعات السورية واللبنانية قد غلب عليها طابع الصناعة اليدوية أو الحرفية الصغيرة ، فإن وتيرة نمو وتطور الصناعة أخذت تتصاعد في أواخر الثلاثينات وبداية الأربعينات وبخاصة بعد انفجار الحرب العالمية الثانية التي كان من أهم نتائجها تحول الإنتاج الرأسمالي في معظم الدول الأوربية ومنها فرنسا إلى إنتاج حربي بالدرجة الأولى ، الأمر الذي فسح المجال أمام نمو وتطور الصناعات السورية واللبنانية . وأهم الصناعات التي تطورت بشكل كبير ومفاجئ صناعة تعليب الخضار والفواكه ، المعجنات الغذائية ، التبغ والتنباك والسجاير ، زيت الزيتون ، المنسوجات وبخاصة القطنية والحريرية .
إن التطور الكبير الذي أخذت تشهده الصناعة في سورية ولبنان خلال هذه المرحلة ، كان يفرض على أرباب الصناعة المحلية ومالكي وسائل الإنتاج في البلدين (وهم تجار أولاً وصناعيون ثانياً) ، كان يفرض عليهم إيجاد السوق لتصريف فائض الإنتاج الصناعي الذي تحقق . ولما كانت السلع الأجنبية تمثل المنافس الرئيسي للسلع الوطنية في الأسواق المحلية فقد كان من الطبيعي أن تسعى البرجوازيتان السورية واللبنانية إلى تعميق ارتباطهما الاقتصادي بهدف مواجهة المزاحمة الأجنبية من جهة ، ورفعهما شعار الاستقلال السياسي كمقدمة طبيعية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي في البلدين من جهة أخرى .( )
أخذ الإنتاج الحرفي في كل من سورية ولبنان يشهد حالة من التقهقر وذلك بسبب ارتباط قسم كبير منه بعجلة السوق الرأسمالية الفرنسية من جهة ، وبسبب بروز المدن الكبيرة مثل بيروت ودمشق وحلب وحمص ، وتحولها إلى مراكز للإنتاج الحرفي والصناعي ، مما أدى إلى هجرة العديد من الحرفيين من الأرياف إلى هذه المدن ، التي كانت تمثل سوقاً لتصريف منتجاتهم . ومع بداية الثلاثينيات من هذا القرن أخذت المدن السورية واللبنانية تشهد نمواً صناعياً كبيراً وبخاصة في سنوات الحرب العالمية الثانية . حيث بدأت تظهر المعامل والمؤسسات الصناعية على نطاق واسع في بيروت وطرابلس ودمشق وحلب .
* المؤتمر الصناعي الاقتصادي في عام (1929) :
يعد المؤتمر الصناعي الاقتصادي لعام 1929 من المحطات الهامة في العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية ، حيث انعقد في دمشق خلال الفترة 6 - 8 أيلول 1929 المؤتمر الصناعي الاقتصادي بإشراف غرفة تجارة دمشق ، وكان هدف المؤتمر (الوقوف على حالة الصناعات الوطنية ، ودرس الطرق المؤدية إلى تنشيطها وتسهيل سبل نهضتها وبث فكرة التعاون والمساعدة بين أربابها) . ومن أهم توصيات المؤتمر :
1- تهيئة الشباب (الناشئة) وتعليمهم الصنعة وتدريب العمال .
2- تحديث النقابات الصناعية .
3- إقامة مصرف صناعي .
4- حماية العمال وإحداث صناديق حماية وتأمينات .
5- تعديل التعرفة الجمركية .
وانبثق عن المؤتمر ثلاث لجان لمتابعة توصياته هي لجنة التنظيم المسلكي ، ولجنة تسويق الصناعات ، ولجنة البحث في وضع التعرفة الجمركية المناسبة . ومن أبرز نتائج هذا المؤتمر إقامة معرض دمشق الدولي الدائم منذ 31 أيار 1936 ، الذي انطلق أساساً كمعرض للصناعات المحلية ثم أصبح معرضاً عاماً للصناعات المحلية والأجنبية .
لقد شارك رأس المال الصناعي السوري اللبناني في دعم معركة الاستقلال ضد الانتداب الفرنسي . تمثل ذلك في جمع كلمة السوريين واللبنانيين في مؤتمر دمشق لعام 1929 ضد الانتداب .
3- التجارة في سورية ولبنان أثناء فترة الانتداب:
لقد حرصت سلطات الانتداب الفرنسي على ربط المناطق السورية واللبنانية بشبكة من الطرق والمواصلات وذلك لدوافع اقتصادية صرفة ، إذا اقتضت مصلحة الفرنسيين إبقاء المناطق الإنتاجية مفتوحة بعضها على البعض الآخر تسهيلاً لعمليات الاستثمار الاقتصادي ، ولهذا السبب أجرت السلطات الفرنسية إصلاحات واسعة وعمليات ترميم لعدد من الطرق البرية وبخاصة تلك التي تؤمن الاتصال بين المدن والقصبات من جهة وبين المدن الرئيسية الكبرى من جهة ثانية . ولعبت الخطوط الحديدية دوراً مهماً في عملية نقل المسافرين والبضائع طيلة فترة الانتداب ، وبرزت أهمية الخطوط الحديدية في وقت لم تكن فيه السيارة قد اتسع انتشارها بعد . ومن أهم الخطوط الحديدية التي تم مدها :
- خط حديد دمشق - بيروت طوله 140 كم.
- خط حديد رياق - حلب طوله 331 كم.
- خط حديد حمص - طرابلس طوله 102 كم.
بالإضافة إلى الخط الحديدي الحجازي الذي يصل دمشق بالحجاز عن طريق درعا . وفي محطة درعا يتفرع عنه فرعان الأول يتجه إلى فلسطين وصولاً إلى حيفا ، والثاني نحو الأردن وصولاً إلى مكة المكرمة .
وكان تطور وسائل النقل وشبكة الطرق والمواصلات من العوامل الهامة التي أدت إلى تطور التجارة بين سورية ولبنان . وبين سورية ولبنان من جهة ودول المنطقة المحيطة من جهة أخرى. واعتُمدت سياسة الباب المفتوح أمام حرية التجارة وانتقال رأس المال في كل من سورية ولبنان ، وعُقدت اتفاقات تجارية هامة مع البلدان المجاورة وبخاصة العراق والأردن ومصر والسعودية . وكان السبب الرئيسي في تنشيط التجارة اعتماد التعرفة الدنيا في الرسوم الجمركية مع الدول التي اعترفت بالانتداب الفرنسي على سورية ولبنان .
وأدى الازدهار التجاري إلى تحول بيروت إلى مركز تجاري هام في المنطقة ، ونشطت مراكز تجارية هامة في سورية وبخاصة في دمشق وحلب ، التي ظلت تعتمد اعتماداً كبيراً على حركة مرفأ بيروت وتستورد سلعها عن طريقه ، مما أوجد رباطاً اقتصادياً متيناً بين البورجوازيات التجارية الدمشقية والبيروتية والحلبية في ظل الهيمنة الفرنسية . ثم انقلبت البورجوازية ضد الهيمنة الفرنسية ونادت بالاستقلال ورفض الانتداب لأن ذلككان يحقق مصلحتها أكثر .
4 - المؤتمر الاقتصادي لعام 1938 :
ويعد هذا المؤتمر من المحطات الهامة في تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية . عقد المؤتمر في غرفة تجارة بيروت في 17 شباط 1938 ، وتمثلت فيه غرف التجارة والصناعة والزراعة في كل من بيروت وصيدا ودمشق وحلب وحمص وحماه وطرابلس واللاذقية . كما شارك في المؤتمر عدد من الفعاليات الأخرى من كلا البلدين ، ( مثل نقابة الصناعة الوطنية في سورية ولبنان). وقد ناقش المؤتمر العلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين سورية ولبنان ومن أهم قرارات المؤتمر :
    أ - وجوب بقاء المصالح المشتركة موحدة ما بين سورية ولبنان وأن تتسلم الحكومتان هذه الإدارة من من المفوضية العليا وأن تدار بهيئة مشتركة سورية – لبنانية .
ب- عدم موافقة المؤتمر على مبدأ الانفصال الجمركي بين سورية ولبنان ، لأن ذلك لا يحقق مصلحة البلدين . وبقاء التعرفات الجمركية على حالها لمدة سنة إلى أن يقوم المجلس المشترك بوضع تعرفة تحقق مصالح البلدين .
ج- تؤكد مقررات هذا المؤتمر: (الإصرار على تعميق الروابط الاقتصادية بين سورية ولبنان وإزالة الحواجز الجمركية بينهما ، وتحديد حصة كل من البلدين من مداخيل الجمارك تبعاً لدرجة الاستهلاك العام في كل منهما . وتحذير الحكومتين من عواقب الأخطاء الاقتصادية والجمركية وأخطار الانفصال على اقتصاد البلدين) . وهدد المؤتمر باتخاذ الوسائل المناسبة للدفاع عن مصالح البلاد الاقتصادية .
تطور صادرات ومستوردات سورية ولبنان خلال الفترة 1938-1947
(الوحدة 1000 ليرة لبنانية سورية).
السنة المستوردات الصادرات
1938 70916 29278
1939 75567 36516
1945 130624 43842
1946 266654 85560
1947 177088 41088
المصدر: د. مسعود ضاهر ص57 .
 
وكان معظم مستوردات سورية ولبنان من المواد المصنعة (الآلات والمعدات) والغذاء والمنتجات الزراعية والمحروقات . أما المواد الأولية اللازمة للصناعة فلم تكن لها نسبة كبيرة في إجمالي المستوردات بسبب ضعف الصناعة بشكل عام .
وأهم صادرات سورية ولبنان خلال هذه الفترة : المنسوجات والأقمشة والحرير الطبيعي والصوف الخام وخيوط الحرير الطبيعي والفواكه الطازجة والمجففة والخضراوات والحمضيات والقطاني والجلود الخام والمدبوغة وأوراق التبغ والمواشي والزيت والزيتون .
وتشير بيانات الأمم المتحدة (تقرير الأمم المتحدة ، التطور الاقتصادي في الشرق الأوسط 1945-1954 ، الصادر في نيويورك 1955 ص963) إلى أن النفقات الهائلة التي تكبدها الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية ، خلفت في سورية ولبنان أرصدة كبيرة من العملات الأجنبية قدرت قيمتها بحوالي 76 مليون جنيه إسترليني . (وتقديرات تقرير بعثة جيب تصل إلى حوالي 125 مليون جنيه إسترليني) .( )
لقد شكلت الدويلات السورية ودولة لبنان الكبير نوعاً من الكونفدرالية الاقتصادية ، في ظل الانتداب الفرنسي ، تمثلت بوحدة النظام النقدي ، ووحدة النظام الجمركي ، ومجموعة المصالح الأساسية المشتركة .
وكانت الليرة السورية - اللبنانية أساساً لوحدة النقد المتداول في مختلف مناطق سورية ولبنان المشمولة بالانتداب الفرنسي . وكانت سلطات الانتداب قد حصرت حق إصدار وصك النقود ببنك سورية ولبنان الكبير ، الذي كان عبارة عن شركة مالية فرنسية تابعة لبنك فرنسا.
                                                      

*****************************


تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية 2 - 4
محاولات الوحدة الاقتصادية بين سورية ولبنان
                                                     

وقع لبنان وسورية في عهد الرئيس بشارة الخوري والرئيس سعد الله الجابري ، اتفاقية في عام 1944 تم خلالها تحديد المصالح المشتركة بين البلدين ، وإقامة مجلس أعلى لمتابعة كافة المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين . ويدعى " المجلس الأعلى للمصالح المشتركة " ويتولى المجلس الإشراف على جميع المصالح المشتركة وإدارتها ، وإعداد التشريعات اللازمة والاتفاقات التجارية والاقتصادية الدولية، وعرضها على الحكومتين لإقرارها. وأقرت الاتفاقية بوجود نوعين من المصالح المشتركة :
الأول - مصالح يجب أن تستمر إدارتها مشتركة لمدة غير معينة كمصالح الجمارك ومراقبة الشركات ذوات الامتياز . ومراقبة إدارة حصر الدخان .
الثاني - مصالح يجب أن تترك إدارتها فوراً لكل من الحكومتين . كمصلحة البارود ومصلحة حماية الملكية الصناعية والتجارية والفنية والأشغال العامة وإدارة البريد والبرق والدفاع والأمن العام .
ونصت الاتفاقية على أن سورية ولبنان تؤلفان منطقة جمركية واحدة ذات وحدة جمركية تنتقل البضائع ضمنها بحرية كاملة وبدون أية ضريبة أو رسم جمركي . وعلى هذا الأساس يكون للدولتين إدارة جمركية واحدة . كما حدد الاتفاق كيفية توزيع عائدات المصالح المشتركة ومدة سريان هذا الاتفاق.
وهكذا فإن التطورات الاقتصادية التي حدثت إبان مرحلة الانتداب الفرنسي أدت إلى ظهور تيار واسع في كل من سورية ولبنان يسعى تحت ضغط مصالحه المشتركة إلى تعميق الترابط الاقتصادي بين سائر الفعاليات الصناعية والتجارية والزراعية، وتوحيد برامجها الاقتصادية على طريق المطالبة بالاستقلال الاقتصادي كمقدمة أساسية لتحقيق الاستقلال الكامل. وهذا كان واضحاً في مقررات المؤتمرات الاقتصادية السورية اللبنانية وأبرزها مؤتمرات 1928-1929-1933-1935-1938 .
مرحلة ما بعد الاستقلال:
ثمة تطورات مهمة بدأت تطرأ على بنية الاقتصاد وهيكله في كل من سورية ولبنان وبخاصة في مرحلة ما بعد الاستقلال . وبدت السياسة الاقتصادية في لبنان مختلفة عما هي عليه في سورية . ففي الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد اللبناني يشهد نمواً متزايداً في قطاع التجارة والخدمات والسياحة ، كان الاقتصاد السوري يتجه نحو تعزيز الاقتصاد الموجه ويولي عناية خاصة بالقطاعات المنتجة ، وبخاصة الزراعة والصناعة . هذه التوجهات المتباينة في السياسة الاقتصادية كانت تسير بالبلدين نحو الانفصال التدريجي للمصالح الاقتصادية المشتركة .
وازدهرت الحركة التجارية التي تركزت في مدينة بيروت ، التي احتل مرفؤها مركز الصدارة في حجم المبادلات بين الخارج والداخل السوري والعربي . كما ازدهر قطاع السياحة الأمر الذي أدى إلى زيادة حجم الإيرادات الجمركية للدولة اللبنانية وتنشيط الحركة المالية داخل لبنان وتدفق عملات أجنبية قابلة للتعادل بالذهب . كل هذه العوامل أدت إلى تعزيز الموقع التجاري والمالي الذي أخذ ينفرد به لبنان دون باقي الدويلات السورية ، مما دفع البورجوازية اللبنانية بالمطالبة بفك شراكتها مع البورجوازية السورية التي تعززت واستمرت خلال فترة الانتداب الفرنسي . وبدأت الأصوات تنادي في مطلع عهد الاستقلال بفصل المصالح المشتركة مع سورية .
ومثل اتفاق شتوره في عام 1943 الخطوة الأولى على طريق الانفصال الاقتصادي بين سورية ولبنان حيث أصبحت الكونفدرالية الاقتصادية مقصورة فقط على الاتحاد الجمركي دون باقي المصالح المشتركة التي استمرت طيلة الفترة الانتدابية .( )
أما الخطوة الثانية نحو الانفصال الاقتصادي بين البلدين فقد تمثلت بانفصال مكتب القطع المشترك في عام 1948 ، فأصبح هناك مكتب قطع خاص بلبنان وآخر خاص بسورية ، وكانت هذه الخطوة من أبرز الخطوات التي مهدت إلى الانفصال الجمركي أو القطيعة الاقتصادية بين سورية ولبنان 1950 .
لقد كانت الفعاليات الاقتصادية السورية واللبنانية تتجه بأنظارها نحو المحيط العربي وتسعى إلى تعميق ارتباطها مع الداخل الذي بات يشكل المجال الحيوي والطبيعي لنمو مصالحها وتطورها .
 (لقد أكد ميثاق 1943 عروبة لبنان الاقتصادية أي لبنان ذا الوجه العربي . وبعد نصف قرن من الاستقلال لا تزال الأسواق العربية تستورد أكثر من 75% من الصادرات الصناعية اللبنانية، وما زالت تجارته مرهونة بتصريف سلعها في الدول العربية ، كذلك صادراته الزراعية وقطاع الاصطياف فيه) . لذلك نلاحظ أن الدكتور مسعود ضاهر ينادي بتجاوز عروبة الميثاق الاقتصادية إلى التكامل الاقتصادي اللبناني مع محيطه العربي حيث لا حياة له بدونه .( ) فالتكامل الاقتصادي وارتباط لبنان بمحيطه العربي هو الرد العملي على دعوات تقسيم لبنان وتجزئته ، وهو المدخل الطبيعي لولادة لبنان العربي الديمقراطي العلماني الموحد.
- الاتفاق الأول للوحدة الاقتصادية اللبنانية– السورية في عام 1955 :
نصت الاتفاق على قيام وحدة اقتصادية كاملة بين سورية ولبنان بصورة تدريجية تضمن بصورة خاصة لرعايا البلدين على قدم المساواة :
1 – حرية العمل والإقامة ورؤوس الأموال .
2 – حرية العمل والإقامة وممارسة النشاط الاقتصادي .
3 – حرية التملك والايصاء والإرث .
4 – حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية والأجنبية .
5 – حرية النقل والترانزيت واستعمال وسائل النقل والمرافئ والمطارات .
يؤازر المجلس الاقتصادي المشترك لجان اقتصادية وإدارية تعمل تحت أشرافه بصورة دائمة أو لمدة مؤقتة منها .
1 – لجنة جمركية .
2 – لجنة اقتصادية .
3 – لجنة مالية .
لقد ظل الميزان التجاري بين سورية ولبنان فائضاً لصالح لبنان بسبب استيراد العديد من الصناعات اللبنانية إلى سورية . واستيراد بعض المواد الغذائية من لبنان مثل البيض والمعكرونة والخشب والمصنوعات الحديدية وغير ذلك .
وتصدر سورية إلى لبنان الماشية والخضراوات والحبوب والمواد الأولية لصناعية الصوف والقطن والخيوط . وتستورد من لبنان الطيور والدواجن والفواكه والأعلاف والمواد للصناعة والأسمنت والأدوية والمواد الكيميائية وصلال الأغنام والخشب والصوف المغسول والمواسير والأنابيب والمولدات . ويمكننا توضيح حركة المبادلات التجارية بين البلدين من خلال الميزان التجاري لسورية مع لبنان .
تتبدى مواقع التكامل والقوة لدى الاقتصادين السوري واللبناني في النشاطات التالية : 
1 – الإنتاج الزراعي (إنتاج الغذاء في سورية وإنتاج الحمضيات والفواكه في لبنان) .
2 – صناعة تعليب وحفظ الأغذية والمأكولات .
3 – صناعة النسيج .
4 – صناعة الزجاج .
5 – صناعة الورق .
6 – صناعة الملابس والمنتجات الجلدية .
7 – قطاع السياحة .
8 – النقل والترانزيت .
9 – الطاقة .
10- قطاع المصارف والتمويل .
ثمة أوجه تكامل وتنافر بين الاقتصادين اللبناني والسوري ، تستند إلى الميزات المقارنة لكل من البلدين . " أن الميزة المقارنة الواضحة في سورية  تكمن في قطاعي الزراعة والصناعة ، في حين أن الميزة المقارنة الواضحة في لبنان تكمن في قطاعي الخدمات والصناعة ، بما في ذلك الصناعات الزراعية . فإذا ازداد الانفتاح والتبادل التجاري بين البلدين ، سوف يميل الاقتصاد السوري إلى التخصص في الزراعة والصناعة ، في حين يميل الاقتصاد اللبناني إلى التخصص في الخدمات وفي خدمات التصدير بما في ذلك التجارة والتسويق والأعمال المصرفية والمالية ، وغير ذلك من الخدمات ."  
 خبر سورية ولبنان في السابق تجربة وحدة اقتصادية بينهما ، طبقت خلال حقبة الانتداب الفرنسي ، وانتهت إلى قطيعة بين البلدين عام 1950 وقد أتاحت تجربة الوحدة الجمركية إظهار المقدار الكبير من التباين في الخيارات الاقتصادية للبلدين فقد تأكد مع الاستقلال اللبناني الخيار القائم على تعزيز حرية التبادل والاستيراد في حين تأكد مع الاستقلال السوري الخيار القائم على تفضيل الزراعة ولاحقا الصناعة وأدى هذان الخياران إلى اعتماد سياستين متعارضتين في ميدان التجارة الخارجية . ففي حين اتبع اللبنانيون سياسة قائمة على حرية التجارة والاستيراد، عمد السوريون لتقييد الاستيراد والحد منه . وكان لابد لهذا التباين في سياسات التجارة الخارجية بينهما من أن يؤدي للانفصال الجمركي عام 1950 .
بل إن التخصص في التجارة من قبل اللبنانيين وموقعهم المهيمن في التجارة الخارجية للبلدين أدى منذ الثلاثينات لنشوء احتجاج سوري على هذا الواقع .
                                                       الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
                                                         جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
[email protected]

ما يؤكد مقولة عدم إمكانية لبنان من الانفصال عن جسده العربي والسوري بشكل خاص النتائج الاقتصادية للحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية :
- في الحرب العالمية الأولى : كان البحر مغلقاً بسبب الحصار الخارجي، والحصار التركي الداخلي أدى إلى انقطاع لبنان عن محيطه العربي (عن سورية) ، كانت النتيجة :
1- وفاة ثلث السكان في متصرفية جبل لبنان .
2- خرج الاقتصاد اللبناني أقل نشاطاً عما كان عليه قبل الحرب .
- في الحرب العالمية الثانية : كان البحر مغلقاً أيضاً بسبب الحصار الخارجي . ولكن العلاقة مع المحيط العربي - مع سورية - كانت قوية ومتينة فكانت النتائج :
1 -الغنى الفاحش لمعظم البرجوازية السورية اللبنانية .
2 - خرج الاقتصاد اللبناني والاقتصاد السوري أكثر نشاطاً وصلابة مما كان عليه قبل الحرب .
ففي ابتعاد لبنان عن محيطه العربي الدمار والخسارة . وفي اندماجه بالمحيط العربي الحياة والرفاه والتقدم والربح .

 

 

****************

تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية 3 - 4
معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق 
                                                     

تم بتاريخ 22/5/1992 توقيع معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين سورية ولبنان كما تم من خلال هذه المعاهدة توقيع اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين والذي يتضمن الاهتمام بالإنتاج نوعاً وكماً داخل البلدين والسير تدريجياً في إطلاق حرية تبادل السلع والمنتجات الوطنية التي تقرها اللجنة الاقتصادية . تنظيم شهادات المنشأ في كلا البلدين وفقاً لمقررات السوق العربية المشتركة .
وتهدف المعاهدة في الجانب الاقتصادي إلى :
1 – حرية انتقال الأشخاص بين البلدين وحرية انتقال رأس المال .
2 – حرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي .
3 – حرية تبادل البضائع وتبادل المنتجات بين البلدين .
4 – حرية النقل والانتقال للبضائع والترانزيت .
5 – حرية الإيصاء والإرث وحرية التملك .
كل هذا في إطار القوانين والأنظمة النافذة في كلا البلدين .
تظل معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسورية إنجازاً هاماً على طريق التعاون الاقتصادي بين البلدين ولكنها تبقى متأخرة إن لم تكن مقصرة عن ترجمة واقع الحال بين البلدين الشقيقين .
وقد نصت هذه المعاهدة في مادتها الثانية ، أن الدولتان تعملان على تحقيق التعاون والتنسيق في المجالات الاقتصادية والقطاعية ، وعلى إقامة المشاريع المشتركة ، وعلى تنسيق خطط التنمية، أي أنها أضافت إلى موضوع التعاون والتنسيق في المجالات الاقتصادية مدخلي التكامل المتمثلان بإقامة المشاريع المشتركة ، وتنسيق خطط التنمية ، ثم أضافت في مادتها الخامسة، مدخل تنسيق المواقف تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
ونصت المادة السادسة من المعاهدة ، على إنشاء مختلف الهيئات التي تقع عاتقها مهمة صياغة وتنفيذ الاتفاقات : المجلس الأعلى، المشكل من رئيسي الجمهورية ورئيسي مجلس النواب ورئيسي مجلس الوزراء ونائبيهما في البلدين، وهو الذي تقع على عاتقه مهمة وضع السياسة العامة للتنسيق والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات . هيئة المتابعة والتنسيق المكونة من رئيسي الوزراء والوزراء المختصين . اللجان الوزارية المختلفة المشكلة من الوزراء المختصين ومنها لجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، الأمانة العامة للمجلس الأعلى ، التي يقع على عاتقها متابعة تنفيذ أحكام المعاهدة . كما نصت المعاهدة في المادة نفسها على عقد اتفاقيات خاصة، أي ملحقة وفرعية ، بين البلدين ، في المجالات التي تشملها هذه الأخيرة . وقد بلغ عدد الاتفاقيات الخاصة الموقعة بين البلدين ، بين عامي 1991- 1996 ، ستة عشر اتفاقا شملت ميادين الزراعة والتنسيق الاقتصادي ، وانتقال الأشخاص والبضائع ، والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والعمل ، والتربية والشباب والرياضة والتعليم المهني ، ومنع الازدواج الضريبي ، والقضاء وتشجيع الاستثمار والتعاون العلمي والبيئة وتوزيع مياه العاصي ، وإنشاء مكاتب حدودية مشتركة، كما أضيف إلى هذه الاتفاقات بروتوكولات تنفيذية وبروتوكولات تعاون ومذكرات تفاهم في الميادين نفسها ، بلغ عددها21 بروتوكولاً .
لقد وقع لبنان وسورية اتفاقاً للتنسيق والتعاون الاقتصادي والاجتماعي يشمل النواحي الزراعية ، والتصنيعية وحركة الترانزيت ومبادلات الطاقة . كما تم الاتفاق على إقامة محطة كهربائية في شمال لبنان بطاقة 1000 ميغا وات تغذي بالغاز السوري ، وتمول بنسبة 75% من القطاع الخاص. إن معاهدة الأخوة والتعاون تؤكد على ضرورة التعاون الاقتصادي بين البلدين في إطار سيادة واستقلال البلدين . وقد أكد الأستاذ نصري خوري الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري على أنه تم حتى الآن التوقيع على عدة اتفاقيات ثنائية استناداً إلى معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق أهمها :
• اتفاقية الدفاع والأمن .
• اتفاق التعاون الاقتصادي والاجتماعي.
• اتفاقية التعاون الزراعية .
• اتفاقية نقل البضائع وانتقال الأشخاص .
• اتفاق التعاون الصحي .
إضافة إلى أن هناك اتفاقيات قديمة ما زالت سارية المفعول .
نلاحظ أن الأهداف تشبه إلى حد كبير الأهداف التي تم تحديدها في (اتفاق الوحدة الاقتصادية اللبنانية –السورية) في عام 1955 . ولو تم تطبيقها في ذلك الزمان لحصدنا نتائج تخدم مصلحة البلدين بالتأكيد .
وفي الإطار الاقتصادي والاجتماعي تم عقد الاتفاقات التالية :
1 – اتفاق بشأن أوجه التنسيق والتعاون في المجال الزراعي .
2 – اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي .
3 – اتفاق تنظيم الأشخاص والبضائع .
4 – اتفاقية ثنائية في مجال العمل .
5 – اتفاقية التعاون في مجال التعليم الفني والمهني والتقني .
6 – اتفاقية من أجلب ازدواج التكليف الضريبي أو منع التهرب الضريبي .
7 – اتفاق لتشجيع الاستثمار وحمايته .
8 – اتفاق تعاون علمي .
9 – اتفاق يتعلق بتوزيع مياه نهر العاصي .
10- اتفاق تعاون في مجال البيئة .
11- اتفاقية إنشاء مكاتب حدود مشتركة .
وإلى جانب هذه الاتفاقيات ، تم التوقيع على عدد من البروتوكولات ، لعل أهمها على الصعيد الاقتصادي : 
1 – برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون السياحي .
2 – بروتوكول تعاون في مجال الصناعية .
3 – بروتوكول تعاون في مجال الزراعة بشقيها النباتي والحيواني .
4 – بروتوكول تعاون في مجال الحجر الصحي ووقاية الثروة الحيوانية .
5 – بروتوكول اتفاق تنفيذي لتبادل السماد (تربل وسوبر فوسفات الثلاثي) .
6 – وثيقة اتفاق للتعاون العلمي والفني في مجال المواصفات والمقاييس .
7 – اتفاق لاستجرار الطاقة الكهربائية .
8 – مذكرة تفاهم حول تحالف في لإطار التعاون في مجال الاتصالات .
9 – اتفاق تنفيذي زراعي .
- اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي الاجتماعي :
وتم في 16 أيلول 1993 التوقيع على اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي ، ونصت المادة الأولى منه على : إقامة أعلى درجات التعاون والتنسيق بين البلدين بما يضمن مصالحهما الأساسية والعمل على تحقيق ذلك بصورة تدريجية وعلى أساس المعاملة بالمثل . وقد أقر الاتفاق في مادته الأولى جملة مبادئ لتحقيق التكامل الاقتصادي :
1 – حرية انتقال الأشخاص بين البلدين .
2 – حرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي وفق القوانين والأنظمة المرعية في كل من البلدين .
3 – حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية .
4 – حرية انتقال الرساميل بين البلدين .
5 – حرية النقل والترانزيت واستعمال وسائل النقل في البلدين وبينهما .
6 –حرية الإيصاء والإرث وحرية التملك في إطار القوانين والأنظمة النافذة في كل من البلدين .
كما نصت المادة الثانية من الاتفاق على أنه : لتنفيذ مضمون المادة الأولى تعمل الدولتان على تحقيق السوق المشتركة بينهما بصورة نموذجية من خلال : 
– إطلاق حرية انتقال المواطنين اللبنانيين والسوريين بين البلدين من خلال إلغاء القيود التي تحد من هذه الحرية .
- السير تدريجياً في إطلاق حرية تبادل السلع والمنتجات الوطنية بين البلدين وتحريرها من جميع القيود وإعفائها من الرسوم الجمركية ومتمماتها وذلك وفقاً لقوائم السلع والمنتجات التي تساوي أعباؤها الداخلية وتقرعا اللجنة الاقتصادية المنصوص عنها في هذه الاتفاقية .
-  تنظيم شهادات المنشأ في كل من البلدين وفقاً للمبادئ المقررة في اتفاقية السوق العربية المشتركة ومن حيث الجهة التي تقوم بإصدارها والمعلومات التي تتضمنها وبما يكفل صحة ودقة هذه المعلومات .
- تنسيق تشريعات النقل والمواصلات والترانزيت بين البلدين بما يكفل حرية العمل وتكافؤ الفرص للعاملين في هذه القطاعات .
-  تنسيق السياسات الزراعية بما يؤدي إلى تنمية القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي، وبما يضمن ويحمي مصالح المنتجين في كلا البلدين ومع مراعاة التقويم الزراعي الذي تقره اللجنة الزراعية المشتركة .
وفي هذا المجال يعمل على إنشاء مؤسسات تسويق مشتركة وإقامة معارض مشتركة ويجري التعاون والتنسيق في المجالات التقنية وبصورة خاصة البحوث العلمية التطبيقية والإرشاد الزراعي والحماية والحجر والتربية والتأهيل .
– تنسيق السياسات المشجعة للنشاط الصناعي بما يؤدي إلى تعزيز القطاع الصناعي في البلدين وإقامة المشاريع الصناعية المشتركة ذات الفائدة والحيوية للجانبين .
- التعاون والتنسيق في مجالات الطاقة الكهربائية والمائية والنفطية والثروة العدنية وإقامة المشاريع المشتركة بما يخدم مصلحة البلدين .
– تنسيق السياسة السياحية والعمل في اتجاه خلق دورة سياحية من خلال عمليات تنشيط تلك الحركة وإقامة المشاريع المشتركة وتنسيق وتوحيد عمليات التزويج والتسويق في هذا المجال .
– إطلاق حرية العمل والاستخدام وممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية والمهنية لرعاية كل من البلدين بما يكفل لهم فرصاً متساوية وذلك وفق القوانين والأنظمة في كل من البلدين .
وفي هذا المضمار يجري العمل على تطوير تشريعات العمل والضمان الاجتماعي في      كل من البلدين بما يؤدي إلى التقارب بينهما لجهة الحقوق والواجبات .
– التعاون والتنسيق في مجالات الصحة والشؤون الاجتماعية .
- تقديم التسهيلات لانتقال الرساميل بين البلدين بما يؤمن تحرير التجارة بينهما وإقامة مشاريع مشتركة .
– تنسيق التشريع الضريبي والمالي بهدف تشجيع القيام بمشروعات اقتصادية مشتركة ، ويراعى في هذا الصدد بشكل تنسيق وتوحيد المزايا والضمانات والتسهيلات والإعفاءات وتطبيق أحكام الاتفاقات المرعية بهذا الشأن والمعقود في نطاق جامعة الدول العربية والمنظمات العربية المنبثقة عنها . ويجري العمل في هذا المجال على تلافي ازدواج الضرائب على المكلفين من رعايا الدولتين ضمن مبادئ الاتفاقية الخاصة بمنع الازدواج الضريبي المعقودة في نطاق جامعة الدول العربية .
– تسهيل التصنيف والتبويب الإحصائي في البلدين وإقامة مركز معلوماتية في الدوائر المختصة للمعلومات الاقتصادية (صناعية ، تجارية ، نقل، سياحة ، … الخ).
– تنسيق التعامل الاقتصادي والتجاري مع الدول الأخرى والمنظمات الإقليمية والدولية .
وبموجب المادة الثالثة من هذا الاتفاق ، تتولى لجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية المحدثة بموجب معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق تحقيق الأهداف المبينة في المادة الثانية من هذه الاتفاقية ، كما أحدثت بموجب المادة الرابعة من هذه الاتفاقية لجان فرعية من ممثلين عن الإدارات العامة المختصة والهيئات الممثلة للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية في كل من البلدين، ومن هذه اللجان : اللجنة الاقتصادية ، التي تختص بمعالجة وتنسيق الشؤون الاقتصادية والتجارية والمالية بما في ذلك انتقال الأشخاص وعملهم والبضائع والرساميل وشؤون الاستيراد والتصدير والجمارك وغيرها من الأمور الاقتصادية .
كما نصت المادة الخامسة من هذا الاتفاق في فقرتيها (ب) و (ج) على ما يلي :
الفقرة ب _ تلغى إجازات الاستيراد بالنسبة للمنتجات الصناعية ذات المنشأ الوطني المنصوص عليها في المادة الرابعة من الاتفاق الاقتصادي لعام 1953 وتعديلاته ويستعاض عنها باستمارات إحصائية . ويطبق على هذه الاستمارات ذات الأحكام المالية والجمركية المطبقة على إجازات الاستيراد .
الفقرة ج _ تعتمد شهادة المنشأ العربية المعدة وفق اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين البلدين العربية في مجال إثبات الهوية الوطنية لبضائع المتبادلة بينهما .
وأشار الاتفاق إلى موضوع إنشاء سوق مشتركة بين البلدين في مادتين منه . لكنه أعطى تعريفا في مادته الثانية للسوق المشتركة لا يشتمل على كل العناصر المكونة تقليديا للسوق .
تم الاتفاق في إطار هيئة المتابعة والتنسيق بتاريخ 19 أب 1997 على إنشاء " منطقة التجارة الحرة للسلع الصناعية " بين البلدين أي حصرت هيئة المتابعة اتفاقية التجارة الحرة المنوي إنشاؤها بالسلع الصناعية . مرجئة لمرحلة لاحقة مناقشة موضوع تحرير تبادل السلع الزراعية بين البلدين . وجاء هذا الاتفاق ، ترجمة لما ورد في " اتفاق التعاون الاقتصادي والاجتماعي " لعام 1993 بخصوص تحرير تبادل البضائع والمنتجات الوطنية بين البلدين . وفي 7 شباط 1998 ، وقع الاتفاق بهذا الشأن ضمن إطار هيئة المتابعة والتنسيق ونص على تخفيض الرسوم الجمركية على السلع الصناعية المتبادلة بنسبة 25 % كل سنة ولمدة أربع سنوات ابتداء من أول كانون الثاني 1999 . وصدر في سورية بتاريخ 3 آب 1998 ، القانون رقم 4 القاضي " بإطلاق حرية تبادل المنتجات الصناعية الوطنية المنشأ بين سورية ولبنان ابتداء من 1/1/1999 ، كما صدر في لبنان المرسوم 1294 بتاريخ 31آب 1998 ، في الإطار ذاته .
وتمهيدا لوضع الاتفاق موضع التطبيق ، كان الصناعيون اللبنانيون والسوريون قد وقعوا مذكرة تفاهم بتاريخ 10 أيار 1998 ، نصت على تسمية 22 لجنة قطاعية مشتركة بغية التحضير لمؤتمر تعارف وتبادل خبرات وبلورة اقتراحات لتذليل المعوقات أمام الاستيراد والتصدير ، والاطلاع على الميزات التي تؤسس للتكامل بين الدولتين ، وتحديد كيفية تطبيق شهادة المنشأ ، وقد انعقد المؤتمر المذكور ، بتاريخ 3 تشرين الأول 1998 في دمشق ، وضم نحو ثلاثماية صناعي من الجانبين .
وقدم الجانب اللبناني خلال المؤتمر ، اقتراحات تهدف إلى تذليل العقبات أمام تطبيق الاتفاقية فوضعت جمعية الصناعيين مذكرة طلبت فيها : وضع جدول زمني لاستثناء البضائع اللبنانية من المنع الكمي للاستيراد الذي تطبقه سورية  على العديد من السلع، وإزالة العوائق التي تعترض تسوية المدفوعات الناشئة عن التبادل التجاري في وسورية . وتقدمت الحكومة اللبنانية بتاريخ 2/11/1998 من اللجنة المشتركة بمذكرة أثارت فيها بضعة مشكلات تعيق تطبيق الاتفاق لا بد من تذليلها وأهمها :
- التباين في تصنيف السلع وتبنيدها بين البلدين ، لان سورية  تعتمد اتفاقية بروكسل لعام 1950 في هذا المجال بينما يعتمد لبنان اتفاقية النظام المنسق لعام 1985 ، التي انضم إليها عام 1993 ، ووضع تعرفة وفقا لنظامها شرع باعتمادها ابتداء من أول كانون الثاني 1996 .
- وضع جداول مقارنة لبنود السلع ومعدلات رسومها في البلدين بانتظار اعتماد السوريين للنظام الجديد ، انسجاما مع متطلبات الاتفاقيات الدولية .
- اعتماد سعر صرف موحد للدولار على قيمة البضائع المستفيدة من الخفض الجمركي وهو ما تعتمده الجمارك اللبنانية في حين أن الجمارك السورية تعتمد أسعارا مختلفة للدولار مرتبطة بمعدلات الرسوم الجمركية التصاعدية التي تعمل بها .
- طالبت المذكرة اللبنانية بإفادة السلع التي لحظ بشأنها خفض بمعدل 50 % في اتفاقية  1953 . من خفض إضافي قدره 25 % تطبيقا لإحكام الاتفاقية الجديدة . والجدير بالذكر أن  اتفاقية 1953 تلحظ في مادتها الثانية إعفاءات من الرسوم على بعض المنتجات اللبنانية والسورية عند تبادلها مباشرة ، وهي تقع في 29 مادة ، كما تلحظ تخفيضات بمعدل 50 % على منتجات أخرى تقع في 42 مادة ، وهي تستثني في مادتها الخامسة بعض المنتجات المدرجة في الجدولين (2)(3) من إجراءات منع التصدير أو الاستيراد التي يمكن أن يطبقها أحد البلدين لسبب أو لآخر .
ووقعت اتفاقية جديدة بين البلدين في عام 1968 وسعت لائحة السلع المعفية من الرسوم الجمركية ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ .
                                                   ***********************


تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية 4 - 4
تحرير التجارة بين البلدين 
                                                      

في 2/11/1998 عقد اجتماع للجنة المتابعة والتنسيق في البلدين لمناقشة آلية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بتاريخ 7/2/1998 حول إطلاق حرية التبادل للمنتجات الصناعية الوطنية المنشأ وتقرر في هذا الاجتماع :
1 – أن يطبق تخفيض في سورية بنسبة 25% على أساس الرسوم الجمركية ومتمماتها (الضريبة الموحدة) النافذة بتاريخ صدور القانون رقم/4/ لعام 1998 .
2 – أن يطبق في لبنان التخفيض على أساس معدلات الرسوم الجمركية النافذة بتاريخ صدور المرسوم 1942 لعام 1998 .
3 – السلع المسموح باستيرادها والمعفاة بموجب اتفاق 1953 تبقى معفاة وفقاً لأحكام ذلك الاتفاق .
4 – أما السلع المسموح باستيرادها والتي تستفيد من إعفاء جزئي بموجب اتفاق 1953 فيطبق عليها التخفيض المقرر بنسبة 25 % على النسبة الباقية غير الخاضعة للتخفيض أصلاً بموجب اتفاق 1953 .
5 – السلع التي كان استيرادها ممنوعاً في سوريا بموجب أحكام التجارة الخارجية يطبق عليها التخفيض المقرر 25% سنوياً على أساس سعر الدولار الأمريكي في الدول المجاورة ولا تستفيد من الإعفاءات المنصوص عليها في اتفاق 1953 .
6 – تم استثناء السلع التالية ذات المنشأ الوطني من أحكام تحرير التبادل والتخفيضات    الجمركية :
– التبغ ومشتقاته ومصنوعاته (لا تستفيد من التخفيض الجمركي) .
- المشروبات الروحية (لا تستفيد من التخفيض الجمركي) .
– الألبسة المستعملة (يمنع تبادلها) .
– يبت بشأن السيراميك والبورسلان والرخام والمكثفات والعصائر والمشروبات الروحية في اجتماع قادم .
7 – وتقرر أن يبدأ العمل بهذا الاتفاق ابتداء من 1/1/1999 .


- تنفيذ اتفاق تحرير التبادل الصناعي:
وبتاريخ 28 كانون الأول 1998 أكد أعضاء لجنة المتابعة والتنسيق مجدداً وضع اتفاق تحرير التبادل الصناعي موضع التنفيذ بدءا من 1/1/1999 . واتفق على إرجاء البحث بوضع اتفاق لتحرير تبادل السلع الزراعية بين البلدين بناء على طلب الطرف اللبناني. كما اتفق على استثناء بضعة سلع صناعية لبنانية من التجارة الحرة ، بناء على طلب الطرف السوري . وشملت هذه الاستثناءات التبغ ومشتقاته ومصنوعاته ، السيراميك والبورسلان والرخام والمكثفات والعصائر والمشروبات الروحية وكان قد سبق أن وافق الجانبان على أن تصدر شهادات المنشأ عن الغرف الصناعية في كل من البلدين ، على أن تصادق عليها الوزارات المختصة ، وعلى أن يعتمد على هذا الصعيد، النموذج الذي اقره المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي التابع للجامعة العربية ، وهو ما نصت على الأخذ به المادة السادسة من اتفاق التعاون الاقتصادي والاجتماعي، التي طلبت اعتماد شهادة المنشأ العربية لا ثبات الهوية الوطنية للسلع المتبادلة وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي قد اصدر القرار 1317 بتاريخ 18/2/1998 المتضمن الإعلان عن إنشاء " منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى " وهو تضمن أيضا تحديد نسبة القيمة المضافة التي ينبغي أن تعتمدها شهادات المنشأ وهي 40 % من قيمة المنتج النهائية .
وصدر بتاريخ 31/12/1999 قرار موحد عن وزيري المالية والصناعة في لبنان بشأن خفض الرسوم الجمركية على السلع الصناعية المعدة للتبادل ، كما باشرت الأجهزة الجمركية ابتداء من 1/1/1999 تطبيق التعريفات الجديدة بحسب الجداول والملاحق التي وزعها عليها المجلس الأعلى للجمارك .
" والجدير بالذكر أن حصة لبنان من مجموع الواردات والصادرات السورية بلغت 5 % خلال حقبة 1992 ـ 1996 كما بلغت حصة سورية  من مجموع التبادل التجاري اللبناني 6.8 % خلال الحقبة ذاتها . وفي عام 1996 استورد لبنان من سورية  بقيمة 308 مليون دولار ، منها 54 مليون دولار منتجات صناعية كما استورد من سورية  في الأشهر التسعة الأولى من 1997 بقيمة 326 مليون دولار، منها 41 مليون دولار منتجات صناعية أما صادرات لبنان إلى سورية  عام 1996 فقد بلغت 74 مليون دولار منها 54 مليون دولار من المنتجات الصناعية وفي عام 1997 بلغت صادرات لبنان إلى سورية  38 مليون دولار منها 21 مليون دولار منتجات صناعية وبالتالي فقد حقق ميزان تبادل المنتجات الصناعية فائضا للبنان بقيمة 2 مليون دولار ، عام 1996 وعجزا قدره 20 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من 1997 . "

- منافع التكامل الاقتصادي السوري اللبناني :
لازالت تجربة منطقة التجارة الحرة بين سورية ولبنان في بدايتها ومن الصعب تحديد النتائج، حيث لم يمض على تطبيق التجربة سوى عدة أشهر ، ولكن يمكننا تحديد بعض المنافع التي يمكن أن يحققها البلدان نذكر منها :
1 - حافز ومبرر لإجراء الإصلاحات الاقتصادية الضرورية لمواجهة عولمة الاقتصاد .
2 - تشجيع الاستثمار بين البلدين .
3 - تحسين مناخ الاستثمار في البلدين .
4 - إعطاء مؤشر للمستثمرين عن وجود سوق مهمة ومتنامية في سورية ولبنان .
5 - إعطاء مؤشر عن تزايد انفتاح البلدين على الاقتصاد العالمي .
6 - تحسين شروط إنشاء مؤسسات اقتصادية مشتركة سورية لبنانية .
7 - حافز للمنتجين للاهتمام أكثر في تطوير مؤسساتهم الإنتاجية لمواجهة المنافسة .
8 - زيادة إنتاجية العمل ووحدة رأس المال .
9 - استقطاب رؤوس الأموال الموجودة خارج البلدين وتحفيزها للعودة .
10 - زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين .
مشاكل منطقة التجارة الحرة بين سورية ولبنان :
1 - تحديد المحتوى المحلي للسلعة المتبادلة .
2 - التحقق مكن شهادة المنشأ.
3 - تحديد نسبة القيمة المضافة المحلية .
4 - التباين في تصنيف السلع وتبنيدهابين البلدين .
5 - مشاكل أسعار الصرف .
ونورد أهم الإجراءات الضرورية لتنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين سورية ولبنان :
- تكييف التشريعات وهذا يعني أن يعتمد البلدان قاعدة منشأ مشتركة لمنتجاتها بشكل يتفق مع قاعدة المنشأ والمقاييس المقبولة .
- إصلاحات في السياسة الاقتصادية. وذلك لتأكيد مصداقية السياسة الاقتصادية المتبعة ، كعنصر اجتذاب للقطاع الخاص ، أي لتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية على السواء . 
- ربط هذه السياسات بشكل ثابت ببرنامج للتحرير الاقتصادي ، حيث يقتضي الأمر لإكسابها وصانعيها المصداقية المطلوبة .
- التوفيق والمطابقة للأنظمة التشريعية وللسياسات الاقتصادية الذين تنطوي عليهما نماذج التكتل " العميق" .
- نص اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي في مادته الأولى على حرية انتقال الرساميل بين البلدين وفي عام 1996 تم توقيع اتفاق بين البلدين سمي اتفاق تشجيع الاستثمار وحمايته وحدد أهدافه بتدعيم النشاط الاستثماري وإيجاد المناخ الاستثماري اللازم . ونصت المادة الثالثة منه ، تحت عنوان تشجيع الاستثمارات على استفادة هذه الأخيرة من التسهيلات والحوافز وأشكال التشجيع الأخرى المعتمدة لتشجيع الاستثمار في البلدين . كما نصت المادة نفسها على ضمان معاملة عادلة ومنصفة لمستثمري الطرف الآخر وقد ضمنت المادتان 4 و 5 منه حماية هذه الاستثمارات وحرية تحويل الرساميل والعائدات المترتبة عليها ونصت المادة 8 منه على تشكيل لجنة مشتركة لتشجيع وحماية الاستثمارات . وقد تم إقرار القانون القاضي بإبرام اتفاق ضمان الاستثمار وتشجيعها بين سورية ولبنان في التاريخ ذاته الذي أقرت فيه اتفاقية التجارة الحرة .
" وبتاريخ 22 تشرين الأول 1998 نشرت الصحف مشروع عقد تأسيس شركة قابضة سورية ـ لبنانية للاستثمار والتمويل برأسمال قدره 10 ملايين دولار تقدم به مجلس رجال الأعمال السوري اللبناني إلى الحكومة السورية وأشار المشروع في مادته الثانية إلى حرية الاستثمار في جميع المشاريع على أن تكون الأولوية لتلك التي تساعد على التكامل ونصت المادة السادسة منه على أن يكون الاكتتاب بـ 40  % من رأسمال الشركة مناصفة بين اللبنانيين والسوريين بينما يخصص الباقي للاكتتاب العام . كما نصت المادة 7 منه على اعتبار المشروع واحدا من المشاريع التي تنطبق عليها أحكام قانون الاستثمار رقم 10 الصادر في سورية  عام 1991 ، وهو القانون الرئيسي لتشجيع الاستثمار فيها، منذ ذلك التاريخ . كما نصت المادة 12 على استفادة الشركة من (اتفاق تشجيع الاستثمار وحمايته بين البلدين) ، وأكدت المواد الأخرى على استثناء الشركة من الأنظمة والقيود التي تسري على الاستيراد والقطع وتلك التي تنظم شؤون العاملين الخ..." 
إن الانفتاح على الأسواق الإقليمية يتيح الإفادة من الإمكانات التي توفرها سوق أوسع ويؤدي إلى تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات الإنتاجية، مما يجعلها اكثر جاهزية لمواجهة المنافسة في السوق الدولية لاحقاً ، فالإمكانات التي يوفرها التعاون الإقليمي ، ولو أنها تكون محدودة في المدى القصير ، تتيح للمؤسسات تحسين قدراتها التنافسية في معرض استعدادها للتصدير، وهي تستفيد من التمرين الذي تحصل عليه في الأسواق الإقليمية التي هي مبدئيا أقل اهتماماً بالجودة والنوعية من أسواق الشمال .
أن لبنان من خلال شبكته المصرفية في العالم والخبرة التجارية المشهود له بها ، والكفاءات التي يمتلكها في ميدان الخدمات المرتبطة بالصناعة والسياحة والتجارة الدولية ، يشكل شريكا شبه حتمي لسورية بما يتوافق مع مصلحة البلدين . إن من شأن هذه العلاقة أن تسرع الانفتاح الاقتصادي والمرونة الاقتصادية في الجانب السوري وان تؤمن للبنان سوقا قيد التوسع وإمكانات استثمار مهمة .  
يبقى الإصلاح الاقتصادي ، وهو حاجة يشترك فيها البلدان ، المقدمة والأساس لنجاح أي تكامل اقتصادي أو تقدم . لذلك لابد من  إصلاح السياسات التجارية والصناعية والمالية والنقدية، وإصلاح الإدارة العامة والقطاع العام . إن خلق قدرة إدارية هو ما يتيح وضع سياسة الإصلاح موضع التنفيذ . ويتوقف على تحقيق هذه الإصلاحات نجاح البلدين في تحقيق تنمية فعلية تتأسس على قاعدة انخراط ثابت ومفيد في النظام العالمي ، ومواجهة العولمة التي تكتسح العالم كالبلدوزر.
إن العلاقات الاقتصادية بين سورية ولبنان كانت وما تزال متصلة ومتشابكة منذ أقدم أزمنة التاريخ وهذا ليس استثنائياً وليس غريباً لأن طبيعة البلاد الجغرافية والبشرية ووضعيتها الاقتصادية والتجارية تتطلب ذلك وتقضي بذلك . إن تسريع وتائر التكامل والتعاون الاقتصادي بين سورية ولبنان يهدف إلى تعويض الزمن الضائع وتعجيل الاستعداد للمنافسة القادمة من خلال التحولات السياسية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة .
ورغم الحدود السياسية المصطنعة بين سورية ولبنان، فقد ظلت المناطق مفتوحة اقتصادياً بعضها على البعض الآخر . واستمرت عملية التفاعل اليومي بين السكان تتخطى الحدود المرسومة وتتجسد في إطار نوع من التكامل في العلاقات الاقتصادية فرضته العوامل الطبيعية والبشرية والتراثية .
                                                     

**************************



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة أم الأمركة ؟
- معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي
- المرأة وظاهرة العنف
- التعاون البحثي بين الجامعات العربية والجامعات الأوروبية في م ...
- الإصلاحات الاقتصادية والتحول إلى اقتصاد السوق في الدول العرب ...
- إعداد الاقتصادات العربية لمواجهة السوق الشرق أوسطي
- الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول العربية على طريق العمل الاقت ...
- جامعة الدول العربية ومسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك
- الدول العربية الإنجازات الاقتصادية والتحديات
- تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك
- التكامل الاقتصادي بين سورية ولينان
- المنظمات التعاونية في الوطن العربي
- سياسات الاستثمار في البلاد العربية
- مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية
- ملامح المستقبل أو خطوط الأفق
- جامعة الدول العربية الأهداف والمبادئ
- التنمية المستقلة في الوطن العربي
- الإشارة إلى محاسن التجارة للشيخ أبي الفضل جعفر بن علي الدمشق ...
- الشراكة الأوروبية المتوسطية
- التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مصطفى العبد الله الكفري - تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية