جامعة الدول العربية الأهداف والمبادئ

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

الحوار المتمدن-العدد: 691 - 2003 / 12 / 23 - 04:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

جامعة الدول العربية هيئة عربية تضم الدول العربية الموقعة على ميثاقها والتي تتكلم اللغة العربية على امتداد الوطن العربي. وبذلك تكون الجامعة العربية منظمة دولية إقليمية تتميز عن غيرها من المنظمات بأنها تجمع بين دول تقع ضمن رقعة جغرافية واحدة  تسكنها أمة عربية واحدة ذات تاريخ وتراث واحد ولغة وحضارة واحدة وآمال وطموحات مشتركة، وينص ميثاقها على أنها تأسست استجابة للرأي العام في الوطن العربي.وتعد جامعة الدول العربية من أقدم المنظمات الدولية الإقليمية، فقد تأسست في (22) آذار 1945 وهذا يعني أنها تأسست قبل منظمة الأمم المتحدة بثلاثة شهور.

أهداف جامعة الدول العربية:

تهدف جامعة الدول العربية إلى توثيق الصلات وتمتين الروابط فيما بين الدول العربية على أساس احترام استقلال هذه الدول وسيادتها، وتوجيه جهودها لما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها،وتحقيق أمانيها وآمالها استجابة للرأي العام العربي في جميع الدول العربية . كما تهدف إلى تعاون الدول الأعضاء في الجامعة تعاونا وثيقا وفقا لأنظمة كل دولة منها وظروفها الموضوعية وبخاصة في المجالات التالية[1]:

1- الشؤون الاقتصادية والمالية، ويدخل في ذلك أيضا التبادل التجاري والمعاملات الجمركية

 والنقود والزراعة والصناعة.

2- شؤون الاتصالات والمواصلات، الطرق والسكك الحديدية والطيران والملاحة والبريد والبرق والهاتف.

3- الشؤون الاجتماعية والثقافية والصحية[2].

4- المحافظة على السلام والأمن العربيين، إذ تختص الجامعة العربية بمنع الحروب بين الدول العربية وتوفير الأسباب التي تجعلها آمنة على نفسها من أي اعتداء.

بالإضافة إلى الأهداف المنصوص عليها صراحة في ميثاق الجامعة العربية، يمكننا استخلاص أهداف أخرى من نص الميثاق بصورة ضمنية ومن بينها:

 - تحرير الوطن العربي: وبخاصة الدول المحتلة احتلالا عسكريا من قبل دول أجنبية، بالرغم من عدم تضمين الميثاق نصوصا صريحة تطالب بالمواجهة المباشرة مع الدول الاستعمارية. ولكن هدف تحرير فلسطين كان دائما أحد الأهداف الرئيسية لجامعة الدول العربية[3].

- تحقيق الوحدة العربية : لم ينص ميثاق الجامعة العربية صراحة على اعتبار الوحدة العربية       من أهداف الجامعة . إلا أن البعض يرى أن التمهيد لتحقيق الوحدة العربية يعد الهدف الأصيل والبعيد للجامعة . ويرى فريق آخر في الجامعة العربية ( بديلا هزيلا للوحدة العربية )[4] حيث أكد ميثاق الجامعة على استقلال الدول العربية وسيادتها .

المبادئ التي تسير عليها جامعة الدول العربية: تضمن ميثاق جامعة الدول العربية المبادئ الرئيسية التالية:

1-المساواة بين الدول الأعضاء، حيث يكون للجامعة مجلس يتألف من ممثلي الدول الأعضاء ويتناوب ممثلو دول الجامعة رئاسة المجلس .فالدول العربية والأعضاء في الجامعة تمثل جميعا كقاعدة عامة - مهما كان وزنها السياسي أو الاقتصادي ومهما كان حجمها الإقليمي - في أجهزة الجامعة ، كما أن لكل دولة منها صوت واحد ولها ذات الوزن .

2- المحافظة على سيادة الدول الأعضاء . فقد أكد الميثاق على استقلال الدول العربية وسيادتها ليس في مواجهة الدول غير العربية فحسب بل في مواجهة بعضها البعض. أما أحكام  التصويت في الجامعة فقد جعلت القاعدة العامة في إصدار القرارات هي الإجماع، والقرار الذي لا يتخذ بالإجماع لا يلزم إلا من صوت على هذا القرار[5].

3- مبدأ المساعدات المتبادلة ، والمقصود بالمساعدات هنا هو المساعدة التي تقدمها الجامعة للدول الأعضاء في حال الاعتداء عليها أو التهديد بالاعتداء عليها . حيث نص الميثاق على انه في حال وقوع اعتداء دولة على دولة من أعضاء الجامعة أو خشي وقوعه ، فللدولة المعتدى عليها أو المهددة بالاعتداء أن تطلب دعوة مجلس الجامعة للانعقاد فورا . ويقرر المجلس التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء .

        وتعاهدت الدول الأعضاء في الجامعة على أن كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها أو على قواتها ، اعتداء عليها جميعا ، ولذلك فإنها عملا بحق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن كيانها تلتزم بان تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها وبان تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة كافة التدابير والإجراءات وتستخدم كل ما لديها في وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء وإعادة الأمن والسلام[6].

4-مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء ، بحيث تحترم كل دولة في الدول الأعضاء نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يهدف إلى تغيير ذلك النظام.ويكون التعاون فيم بين الدول العربية بحسب نظام كل دولة منها وأحوالها. وقد تأرجح تطبيق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية  بين الضيق والاتساع، فتارة نجد أن الدول الأعضاء في الجامعة قد تناولوا أمورا تدخل في إطار الشؤون الداخلية بحجة الدفاع عن الفكرة القومية وتارة أخرى نجد أن تعاون الدول الأعضاء يتم في إطار هذا المبدأ. وقد استبعد واضعوا الميثاق كل ما من شأنه أن يمس هذا المبدأ كاستبعادهم مثلا مبدأ عدم جواز أن تنتهج دولة عربية سياسة تخالف سياسة الجامعة العربية[7].

5- مبدأ فض المنازعات بين الدول الأعضاء في الجامعة بالطرق السلمية، حيث لا يجوز اللجوء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب بينهما خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها، ولجأ المتنازعون إلى مجلس الجامعة لفض هذا الخلاف ،كان قرار المجلس نافذا وملزما.

وسواء أكانت الجامعة العربية فكرة عربية صافية وتسعى لتحقيق الوحدة العربية أم كانت فكرة الجامعة العربية إنكليزية الأصل وضعها (ايدن) في محاولة لإجهاض فكرة القومية العربية والوحدة العربية الحقيقية. فالجامعة العربية اليوم حقيقة واقعة علينا أن نطورها ونحولها إلى هيئة عربية تخدم الوحدة العربية وتسعى لتحقيقها.

 

                                                       الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

                                                         جامعة دمشق – كلية الاقتصاد

        [email protected]

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] - انظر كمال غالي،ميثاق جامعة الدول العربية ،دراسة تحليلية مقارنة في القانون الدولي ، القاهرة 1948ص36 وما بعدها.

انظر،الجامعة العربية مؤتمرات القمة ، منشورات الثقافة والإعداد الحزبي في القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي دمشق 1985 ص40.

[2] - هكذا وردت في ميثاق جامعة الدول العربية ،ووجه إلى المادة التي تتضمن الأهداف العديد من الانتقادات..

[3] - د.محمد السعيد القاق، التنظيم الدولي،الدار الجامعية بيروت ص457 1983.

[4] - د.محمد طلعت الغنيمي، الجامعة العربية، دراسة قانونية وسياسية منشأة المعارف الإسكندرية 1974 ص74.

[5] - لقد كان لأحكام التصويت الدور الأكبر لإعاقة عمل جامعة الدول العربية وبخاصة في مجال اتخاذ القرارات التي تفعل العمل العربي المشترك.

[6] - الجامعة العربية ، المادة الثانية من معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي في إطار الجامعة العربية التي أضحت نافذة المفعول منذ 22 آب 1952.

[7] - انظر،مفيد شهاب،المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة 1974 طبعة (2) ص425.

#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل