أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - -الثقافة العربية في فلسطين ( 1من 4حلقات) البدايات والإعاقات















المزيد.....



-الثقافة العربية في فلسطين ( 1من 4حلقات) البدايات والإعاقات


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2356 - 2008 / 7 / 28 - 11:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


مقدمة الجديد للكاتب "رواد التنوير في فلسطين"


1- مخلفات عصر الظلام
في الميثولوجيا اليونانية أن سيزيف تعرّض لسخط الآلهة، فحكمت عليه بأن يقوم كل يوم بدحرجة صخرة ضخمة من أسفل الوادي صعداً حتى قمة الجبل. وحال اقتراب الصخرة من القمة، وبعد أن يكون المغضوب عليه قد استنزف قواه، تفلت الصخرة من بين يديه وتنزلق وتهوي إلى الوادي، لتتكرر المعاناة مع الصباح الجديد.
ألا تحاكي مأساة الشعب الفلسطيني مأساة سيزيف في الأسطورة الإغريقية؟ أليس هذا الشعب المعذّب سيزيف العصر، وهو المعرّض لسخط جبابرة الكون، المطارد في كل مكان، من قبل اولئك الذين تركت خطواتهم على الأرض أديما محروقاً، وهو لم يتعلم حتى الآن كيف يمسك بصخرته بحزم وصلابة حتى القمة، فبقي قلقا مرتبكا يتهرّب النصر من بين يديه العاجزتين عن الإمساك بمصيره فيهرب منه المستقبل. واصطبغت ثقافته بطابع القلق والحيرة و الندب والتظلم.
يتحدثون عن ثقافة فلسطينية حصرت الفعل الفلسطيني في دائرة المقاومة في وجه العدوان الدائم، دون أن تدحره أو توقفه كي تنتقل إلى الهجوم المضاد. ثقافة ميّزتها الرئيسة هي العفوية، نظراً لغياب التفكير النظري الاستراتيجي. ونظرا لعفويتها تعجز عن النفاذ إلى جوهر موضوعها: طبيعة الخصم وارتباطاته ومدى قدرته، وطبيعة كفاحها وحلفائه، وطبيعة المرحلة والعصر الذي يكافح في كنفه. ويتمّ استدراجها في أغلب الأحيان في مواجهات غير متكافئة، لتكابد الهزيمة، وتغرق في المزيد من التأزّم. تتبدل عناوين النضال: تارة قضية العدالة في مواجهة الظلم، وأخرى الخير يواجه الشر، ومرة مرابطة إسلامية في مواجهة الكفر، وهل أحقّ بالنصر من الكفاح في سبيل الحق؟ وفي كل منازلة يكون النصر قدرا حتميا! منذ أن بدأت صراعا ضاريا، دثّرت بالقداسة فتاهَ، النضال خياراً بين النصر أو الشهادة، وضلّ عن مهمة التحرير. أدمنت القيادات الفلسطينية تقديم الشهداء طمعا في الآخرة، وغفلت عن واجباتها حيال الحياة والحرية، ففاتها النصر، ثم تاهت القضية بين الانتقام والتّحرير من النهر إلى البحر، وبين الاعتراف بإسرائيل وإنكار وجودها. وفي هذه الأثناء تصاعدت العربدة الصهيونية في نهج تناسق فيه التكتيك مع الاستراتيجية تستدرّ شهيَتها للتوسع الاستيطاني عثراتُ النضال الفلسطيني، إلى أن جاهرت إسرائيل بالحقّ في كامل "أرض الميعاد". سخت الجماهير الفلسطينية بالتضحيات الجسام، ويتأهب الأعداء لطردها عن المسرح، إذ بات من غير الضروري التستر خلف الأقنعة.

يحتمل مفهوم الثقافة مضمونين متغايرين: الثقافة الوطنية بمضمون تحرّري، والثقافة القومية بمضمون محافظ. وللنظرة السطحية، تبدو الثقافة القومية هي الأكثر انطباقا على البعد القوميّ للثقافة في بلد عربي. أما النظرة المتمعّنة فتخرج بنقيض ما يتراءى للنظرة السطحية. الثقافة الوطنية تضمّ كل ما أرسته حركة التحررالعربية من التخلف ومن السيطرة الأجنبية والتشرذم.. تضم كل ما يغني إنسانية الإنسان، مما ألهمته إرادة مقاومة قوى الضغط الخارجي من القيم الثقافية المتضمّنة المعلومات والمثل والمعايير السلوكية والأخلاق والقيم الجمالية. إنها قيم الحداثة والتغيير الاجتماعي، قيم التضامن القومي والإنساني والوحدة الملازمة للتحرّر الوطني كضرورة لازمة. ينحسر في الثقافة الوطنية كل ما استوعبته الثقافة القومية من الخرافة والوهم والاغتراب عن الواقع.
أما الثقافة القومية فتشمل جماع ما ترسّب في الوعي الاجتماعي من قيم معرفيّة ونظرات سطحية وخرافات، وما راكمته النفسية الاجتماعية من انكسارات وقهر واستلاب عبر حكم السلاطين والاستبداد الفكري والسياسي، ثم قصور الرؤية وانحسارها في طائفية أو عشائرية أو قطرية، لكنّها لا ترقى أبداً إلى المفهوم القومي او الإنساني. ونظراً لرسوخ عناصرها عبر القرون، فإنها تتجلّى بأشكال تلقائية عفوية، وتغلب على الثقافة القوميّة عناصر التقليد والمحافظة، وقد تتعايش ضمنها القيمة ونقيضها، مثل المعرفة والخرافة، إرادة التقدم ووهن المحافظة، التطلع إلى الحرية والإذعان للواقع، فهي لذلك ثقافة هجينة، تعجّ بأسقام الوهن والتخلف، بل ترش السكر على السقم كما رصدها نجيب نصار، حيث عناصر التحديث والمعرفة لم تترسخ في الوعي الاجتماعي، وتحاصرها عناصر المحافظة ورومانسية الخرافة. تلك هي الثقافة التي أريد لها أن تسود الوعي الاجتماعي الفلسطيني.

السمة المميزة للثقافة الوطنية الفلسطينية هي أنها ولدت وترعرعت عبر الجهود التنويرية، وفي خضم النضال ضد الغزو الاستيطاني الصهيوني ذي الأهداف الاقتلاعية والمندمج عضويا في الانتداب البريطاني. وخلال الصراع المحتدم منذ بدايات القرن العشرين، وكثقافة تجسد الهوية المهددة بالاقتلاع، خاضت الثقافة الوطنية الفلسطينية النضال ضدّ السقم الذاتي ـ التخلف الاجتماعي للمجتمع المحلي واستلاب جمهور الفلاحين الواسع وعفوية الممارسة. كما تاهت بين فهم للصهيونية كحركة يهودية مضمونها الزيف، او كشرّ أزلي يقتضي تطهير البشرية منه، علاقة يهودية محضة، والزيغ في التعامل معها أخلاقي ينحصر في بيوع الأرض، حتى أن مثقفا حداثيا مثل محمد روحي الخالدي نظر إلى الصهيونية كامتدادا لقديم أو كحركة قومية من طراز أوروبي، وغفل عن أن القوميات الأوروبية تزامنت مع حداثة حطمت اللاهوت، ونزعت عن كل مقدس قداسته، وأحلّت العقل مكانة مهيمنة، يشكك وينقد ويكتشف، ضمن أفق مفتوح على التقدّم والتنمية والعقلانية، بينما الصهيونية أحلّت اللاهوت والأساطير مكانة مهيمنة، واستولدت التاريخ من مشيئة إلهية تمضي به عبرالكوارث والحروب والدمار والقتل إلى أن تبنى الدولة العبرية ويشيد الهيكل وتحلّ حقبة الألفية السعيدة. لم تتفق حركة التنوير على مفهوم متعين للصهيونية، فأورثت حركة مواجهتها الحيرة والارتجال وعفوية النشاط. وفي عام 1933 يكتب خليل السكاكيني في رسالة إلى ولده يسجّل فيها شهادته على ذلك الواقع:" في كل يوم تقذفنا السفن بمئات المهاجرين، وكل يوم تباع الأرض قطعة كبيرة بعد قطعة ( يقصد أن الباعة هم من كبار الملاك) والناس يتخبّطون خبط عشواء، بل قل إن الناس هم لاهون بل نائمون، بل مستسلمون إلى اليأس". كان خليل السكاكيني يشيد بأمريكا وهو زائر لها بينما كان وزير حارجيتها يضغط على السلطة العثمانية كي تسمح بالهجرة إلى فلسطين! وأخيرا اهتدى عام 1948، ولم يهتد الآخرون حتى الآن، " كيف نستطيع أن نثبت أمام عدوان اليهود وهم منظمون مدرّبون متّحدون ومجهزون بأحدث الأسلحة، ونحن لسنا من كل ذلك في شيء؟ اما آن لنا أن نفهم أن الاتحاد يغلب التفكك، وأن النظام يغلب الفوضى، وأن الاستعداد يغلب الإهمال؟!" وتتالت الانتكاسات والكوارث ولم نفهم بعد، والأصح لم تفهم التيارات المهيمنة على حركة المقاومة الفلسطينية هذه الحقائق البدهية! حتى أن التمييز بين اليهودية والصهيونية بقي مذموما مدحورا رغم بينات من المواقف الجريئة والصادقة من يهود مناهضين للصهيونية ومتضامنين مع الحق الفلسطيني. فالذاتية والمزاجية تغلب على التعقل والتفكر والتدبر داخل الحركة المقاومة الفلسطينية. وهذا لغز النكبات المتتالية.
ربما بلورت ثقافة التنوير رؤية موضوعية وواقعية لطبيعة الصراع، لكن عوامل سلبية عديدة فعلت فعلها، منها دأب السياسة على تغييب الثقافة والمثقفين، وإبعاد المثقفين عن دائرة القرار، وربما النظرة الأصولية الرافضة للحداثة وتحكيم التجريب، والتي غلبت قبل أن تتشكل الأصولية في حركات منظمة، فتغلغل في الثقافة الفلسطينية عنصر التوتر الانفعالي والحيرة والقلق، كما داخلها الندب والتفجّع، وبقيت ثقافة مقاومة، ولم تمارس دور التحرير.
التنوير مرحلة من النهوض القومي العربي، استهلت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتواصلت حتى الحرب العالمية الأولى، أو بعد ذلك بسنوات، حين أخضعت الأقطار العربية لحكم الانتدابات بعد صدور وعد بلفور وافتضاح مؤامرة سايكس بيكو، فأدرك المثقفون المنوّرون واقع الكولنيالية الامبريالية، وانتقلت رسالة التنوير إلى ترشيد حركة التحرر الوطني. فالثقافة الوطنية وريثة الثقافة التنويرية، ومتمّمة لمضمونها التحرّري. ورغم أن التوسع الاقتصادي للامبريالية ومظاهر العدوان العسكري للامبريالية ظهرت في وقت أبكر، مثل العدوان البريطاني على مصر، والإطاحة بحركة عرابي التحررية عام 1882، بالتواطؤ مع الخليفة العثماني، وكذلك الاحتلال البريطاني لأطراف الجزيرة العربية، والفرنسيّ للمغرب، والإيطالي لليبيا، إلا أن ذلك لم يستحق الوقفة المعاينة، فاستمر المنوّرون يشيدون بدول الغرب وبعلومها وديمقراطيتها.
لم يكن ممكنا الحديث عن برنامج إصلاح ونهضة موحد على صعيد الدولة العثمانية برمتها، وخصوصاً في مجال الثقافة، حيث اللغة العربية كانت في حالة قهر ومحاولة تذويب دائمتين من قبل اللغة التركية. كان لتراجع العنصر العربي في قيادة الدولة الإسلامية وبين الولاة أيضاً أثر سلبيّ في غياب الفقه العقلي كبديل للفقه التسليمي الذي كان سائداً في الإمبراطورية العثمانية، خاصة في بلاد الشام. وبالنتيجة ترسّخت المفاهيم السلفية التسليمية والجبرية، وازداد البؤس خلال الحكم التركي الذي أجهز على ما حفظته القرون من نشاط ثقافي عقلاني. وتتمثل الخطورة الجدّية في اقتصار إسلام الدولة العثمانية على العبادات، والدروشة على وجه الخصوص، وهو ما شرحه بتوسّع المنوّر العربي عبد الرحمن الكواكبي، والافتقار إلى المضمون الحضاري المتمثل في فقه ابن رشد أو ابن عربي أو الشيرازي، فالأتراك أخذوا من الإسلام مبادئ الدين وتركوا جوهره الثقافي.
شيء من التاريخ

في العالم العربي، تمتد جذور منظومة مفاهيم التخلف المقرونة باستبداد الحكام والجور على البشر وقهر الهيئة الاجتماعية في العصر الوسيط. هي قيم موروثة تناقلتها الأجيال بوعي مستلب في ظل القهر والاضطهاد المتواصلين عبر القرون، تواصلت واستفحلت في ظلّ الحكم العثماني الموسوم بالظلامية والانحطاط والجمود. عاشت فلسطين حتى الالتقاء بالغزوة الوافدة على مشارف القرن العشرين ضمن أنساق الوعي التي سادت في ظلّ السلطنة العثمانية، الوعي المستكين لسطوة أسياد الأرض ولاستبداد الولاة العثمانيين، وللتأويل الصوفيّ للدين، هذا التأويل الذي لقي رعاية السلطة العثمانية. كان كبير مستشاري السلطان عبد الحميد، أبو الهدى الصيّادي شيخ الطرق الصوفية وراعي طقوس الدروشة في أرجاء السلطنة العثمانية. والصوفية، مثلما تعهّدها الاستبداد، تعزية للذات وسلوى تخفف بؤس الحياة الميئوس من عدالتها، حصرت مهمة الفرد في هذه الدنيا في "الاستعداد للآخرة". استفحلت الدروشة حتى تلبست طقوس الدين. في عتمة الظلام المطبق والجمود الفكري الملازم للركود الاجتماعي سلكت كتب السحر والشعوذة والتصوف إلى العقول، وحفرت لها مجرى عميقا في الوجدان الجمعي. شكل التماثل الاجتماعي عامل دمج. وفي بلد أدمن العيش في ظلام العصور، تتغشّاه من الخارج أنوار العصر الحديث التي تعشي العين وتزوغ معها النظرات فتهرع إلى الموروث الثقافي الطافي على أديم الحياة الراكدة ليوفر لها ملاذ حماية يعوّض رابطة الاقتصاد والسياسة المفقودة. وهكذا انبثقت الأصولية ردّة فعل مباشرة على التوسع الأوروبي في بلدان المسلمين. هنا نجد تناظراً مع سلفية أولى نشأت في مرحلة تدهور وانحدار اجتماعي وسياسي، ثم قويت مع انهيار الخلافة العباسية واستيلاء التتار على بغداد. الأصولية الحديثة، شأن أصولية العصر الوسيط نمت في ظل الاحتلال الأجنبي، وحملت فيروس أزمة الضعف في وجه العدوان الأجنبي. هذا التماثل في الظروف الاجتماعية جعل أبو حامد الغزالي وابن تيمية وكل الفقهاء الذين ظهروا في عهد الحروب الصليبية والغزو المغولي مراجع دينية للسلفية المعاصرة.
سيطرت الأصولية على أنقاض حضارة العقل والفكر المبدع في العالم العربي ـ الإسلامي، الذي بلغ ذرى رفيعة في المرحلة الأولى، لكن النظرية فيه انفصلت عن التجربة والممارسة، فلم تصمد في وجه طغيان الفكر الظلامي المستنبت في كنف الإقطاع وجلاوزة السلاطين. في كنف تغليب العقل على النقل، تطور علم الكلام والاجتهاد على أيدي الحسن البصري وواصل بن عطاء، وأشيع حوار أعلام الفقه وأئمته، وأبدعت الحياة العقلية اجتهادات الأئمة الأربعة، ثم تبلور الفكر المعتزلي، إلى جانب علوم اللغة والفلسفة وعلوم الطبيعة والعلوم الإنسانية. تطوّر العلم التجريبي في الثقافة العربية – الإسلامية، وظهر أعلام في الطبّ والرياضيات والفلسفة والأدب والنقد الأدبي من بينهم البيروني والرازي وابن الهيثم وابن النفيس وابن سينا والأصفهاني والجرجاني والفارابي وابن طفيل وإخوان الصفا وأبو العلاء المعري وأبو حيان التوحيدي والرازي وابن رشد وابن خلدون. توصل هؤلاء إلى الحكمة من خلال التجريب وإعمال العقل. لم يدّع أحد منهم أنه اكتشف "إعجازا علميّا في القرآن"، شأن المتطفلين على علوم الغرب في عصرنا المسخوط بالوهن والشعوذات.
في عهد المأمون، غد ا الاعتزال المذهب الرسمي للخلافة، واستمر ذلك ستة عشر عاما في عهود المأمون والمعتصم والواثق، "تولى المعتزلة المناصب القيادية بما في ذلك منصب الوزير الذي شغله أحمد بن دؤاد. وهذا لم يغير إيديولوجية الدولة القائمة على التوحيد ووحدانية الشريعة ذات المصدر الإلهي الواحد"1 أولى الفكر المعتزليّ قيمة عليا لإرادة الإنسان باعتباره متميزا عن بقية مخلوقات الله بالعقل، وهو مسئول أمام الله في الدار الآخرة، ولا يستقيم مع العدالة الربّانية أن لا يتمتع الإنسان بحرية الإرادة كي يستحق حساب الآخرة. أولى المعتزلة للعقل دورا مميزا في فهم الشريعة، وتفسير الظواهر حسب مبدأ السببية.
تولّى المتوكّل الخلافة عام 232 هجرية (847م)، و"استغل الإقطاعيون والأمراء ممن أزيحوا عن مواقعهم في عهد المأمون، وممثلوهم في القطاع الفكري، نقاط الضعف في شخصية الخليفة الجديد، ومنها إسرافه في الملذات والشراب، وشرعوا يضغطون عليه لتوجيه سياسة الدولة باتجاه مصالحهم وتفكيرهم، وحمله على إلغاء ما أحدثه المأمون وخاصة فيما يتعلق بعلم الكلام المعتزليّ وخلق القرآن وارتباطهما بمذهب الدولة". استجاب لهم الخليفة، وشن حملة ضارية ضد أنصار المذهب المعتزلي وفكره، لدرجة أن الجيل التالي لم يعرف عن هذا المذهب إلا ما كتب وقيل ضده من تجنيات. كان المتوكل قاسيا ومحبا للهو والشرب فأوكل الأمور للمذهب الجديد، واغتفر له المتحدّثون الأشعريون سوء أفعاله، ورووا رؤى لهم في المنام أن الله غفر له. أمر المتوكل"بترك النظر والمباحثة في السجال، وترك ما كان عليه الناس في أيام المأمون والمعتصم والوائق، وأمر الناس بالتسليم والتقليد، أي التسليم بالقضاء والقدر، وأمر شيوخ المتحدثين بإظهار السنة والجماعة"
ويدأت محنة العقلانية في الفكر، وبدأت الرحلة باتجاه "فكر السلف الصالح"، تلك الرحلة التي تاهت وضلت طرقها في متاهة الاستبداد السياسي وإخضاع الرقاب للحكم المطلق.
آلت الحظوة لأبي الحسن الأشعري الذي صاغ إيديولوجية جديدة لقوى المحافظة انطوت على تغليب النقل على العقل. واستقر الأمر للجمود. نفى أبو الحسن الأشعري عن الدين وظيفة إسعاد البشر وترشيدهم إلى ما فيه خيرهم في الدنيا وأوَّله سبيلا لمعرفة الله، فأسند إلى النصوص وظيفة الكشف عن المطلق، الأمر الذي لا تنهض به الا النخب المتميزة. "إن الأشعرية قد أسقطت العلاقة بين الموجودات والحوادث، فقالت باستحالة معرفة الحقيقة" بذلك حكمت الأشعرية على جمهور المسلمين بجهل أصول الدين وأحكامه، ثم الخنوع لنزوات السلاطين، فدشنت عهد التراجع عن الثقافة العقلانية" 4



يرجع المؤرخون الصوفية إلى الحسن البصري، الفقيه الورع الزاهد، الذي عاش في بدايات الحكم الأموي. واتخذت الصوفية على يدية سمة الزهد ومعارضة سلطة الحكم وتبذله. وكم جهر الصوفيون بمعارضة بذخ الخلفاء من بني العباس، ونقموا عليهم انفرادهم بأموال المسلمين دون الرعيّة. لكن مضمونا للصوفية تسليميّاً وتوكليّاً نما على يد سلفية العصر الوسيط التي دشّنتها الأشعرية. نشأ وضع تكرر في التاريخ العربي - الإسلامي ينتفي فيه الأمن، فيتطلع الناس إلى الآخرة ينشدون السلوى؛ وتتسع دائرة التصوّف إذ ييأس الناس من العدالة على الأرض، ولا يجرؤون على مجابهة الحكام وينشدونها في السماء.
يقترن هذا الفكر بظهور موجات من تعسف الحكم تشرذمت على إثرها الدولة، واحتدمت الصراعات والحروب والفتن، فانعدم الأمان، وانتشر قطّاع الطرق، وعمت الفوضى، ما أثّر سلباً على التبادل التجاري والنموّ الاقتصادي. تراخت حركة دواليب التطوّر الاجتماعي، وتوقّف الإبداع الثقافي، وراحت عروقه تجفّ، فتشكل مناخ لا يساعد على التراكم وتنشيط الإنتاج، وأضافت الفتن والحروب وبطش الحكام إلى المصاعب. شكّل الوضع الاجتماعي الجديد وعاء الأشعرية، التي تواصلت باستمرارية.
في ظلّ القلق الاجتماعي، يعزف الناس عن البحث والاجتهاد، ويسود نمط من الفكر ينطوي على النقل والتقليد، وينظر إلى البحث العقليّ والتعميم الفلسفيّ نظرة بغض وكراهية، ويسمه بالإلحاد والزندقة. وتغري هذه الأوضاع الحكّام على التبذل والإيغال في الاستبداد لدرجة أن يأمر السلطان "المفكّرين" العاملين في بلاطه بأن ينشئوا "تراثا" يبين قصور العقل وعدم قدرته على الإدراك، ويشهّر بسفه الفلاسفة وضلالهم. يكتب علاء الدين الطوسي في كتاب أنشأه على غرار "تهافت الفلاسفة" فيقول في مقدمته: "أشار مولانا ومولى الثقلين، ملك الخافقين، سلطان سلاطين العالم…أبو الفتح محمد بن مراد خان...أن أنظر في الرسالة المسمّاة تهافت الفلاسفة التي ألفها الإمام الهمام قدوة الأئمة العظام مرشد طوائف الأنام حجة الإسلام…أبو حامد الغزالي وأكتب على أسلوبه ما يسنح لي ويظهر عندي في كلام الفريقين…". ويلفت الانتباه عبارات التضخيم والتبجيل والتعظيم التي تقرب من الصفات الإلهية ودور هذا التعظيم في إرهاب المتلقي وأبطال مفعول العقل لديه ولجم لسانه عن محاورة ما هو آت
ومع تسلل غير العرب، خاصة الأتراك السلاجقة، إلى جهاز الحكم، ساد مناخ عرفي عطّل حرية البحث والحوار الفكري، ونكّل أولياء الأمر الجدد من فرس وأتراك بالخلفاء المحبوسين داخل أقفاصهم، يغتالون هذا ويسهلون عيني آخر، ويخلعون حسب مشيئتهم، كما أهملوا الأدب والشعر، ومالوا إلى تشجيع طقوس الدروشة والتعلق بالأولياء والمزارات. تصاعد الصدام بين الأشعرية وثقافة الإبداع والتجديد، وبلغ أوجه في الفترة الثانية للحكم العباسي. وشهدت حقبة ما بعد سقوط بغداد على يد المغول إحراق المجلدات ومؤلفات العلماء والنوابغ، وتم تكفير معظم العلماء أمثال الرازي والخوارزمي وابن سينا والبيروني وابن رشد والتوحيدي، وأعدم الحلاج. هي حقبة شبيهة بها حقبة غزو العراق من قبل القوات الأمريكية.
في هذا المناخ الموبوء أقبل الجمهور على كتب السحر والشعوذة والتصوف، وتجاوب الوجدان الجمعي مع خرافاتها. انتشر ما يعرف بالطبّ النبوي، وشاعت أساطير وخرافات، وتمّ افتتاح عشرات العيادات التي تداوى بالقرآن الكريم. وتوثقت العلاقة بينها وبين حلقات الزار وزيارات " الأولياء" والتداوى من المس الشيطانى والربط الجنسي وكتابات المحبة والتأليف بين القلوب.

جرت محاولات في فترات متباعدة لإعادة الأمور إلى نصابها. ركّز المعز بن عبد السلام الذي عمل في القاهرة في القرن السابع الهجري (الثاني عشر الميلادي) على مبدأ العدالة الاجتماعية في الإسلام. ورفع ابن رشد لواء العقلانية في القرن الثامن، (الثالث عشر الميلادي) كما نادى أبو أسحق الشاطبي في القرن التاسع الهجري ( الرابع عشر الميلادي) في كتابه "الموافقات في أصول الشريعة "بإقامة حكم الشريعة على "مراعاة مصالح البشر". وقيم الإمام محمد عبده هذا الأثر الفقهي وطلب من أحد تلامذته العمل على طباعته ونشره.

ما الذي قذفه بحر الظلام؟

أمعن النظر في التردي المريع منوِّران سلّطا الضوء على عواقب الاستبداد وتعطيل العقل. عرض الباحث الفولكلوري الفلسطيني، الدكتور توفيق كنعان لوحة بانورامية عن التدين الشعبي الذي جسد الجهل والتغييب التام للعقلانية والإقرار بعجز البشر حيال تحديات الطبيعة والواقع الاجتماعي، ما يرمز إلى امتهان البشر. العجز حيال قوى الطبيعة وتحديات الحياة يكمل العجز حيال العلاقات الاجتماعية الموسومة بالجور والقهر. وقدّم المنوّر عبد الرحمن الكواكبي صورة انطباعية لتدهور فهم الدين، حيث "سيطرة عقيدة الجبر في أفكار الأمة... وإدخال العلماء المدلّسين على الدين مقتبسات كتابية، خرافات وبدعا مضرّة، وتهوين غلاة الصوفية الدين وجعلهم إياه لهوا ولعبا وبث الأوهام في عقول العامة، والفزع في قلوب المسلمين بالمرهبات واعتقاد منافاة العلوم الحكمية والعقلية للدين ـ الاستسلام للتقليد والتعصب للمذاهب ـ وترك التبصّر والاستهداء والغفلة عن حكمة الجماعة والجمعة وجمعية الحج، والعناد على نبذ الحرية الدينية جهلا بمزيّتها وتكليف المسلم نفسه ما لا يكلفه به الدين، وتهاونه فيما هو مأمور به"6.
شخص المنوّر عبد الرحمن الكواكبي الترسبات في عاملين رئيسين: استبداد الحكم وفتور الجماهير. فالاستبداد أخطبوط مدّ أطرافه في كل اتجاه، "في الفكر الإنساني وفي دواوين الحكومة وفي كل مجال يعيش فيه الإنسان. في كل هذه الميادين يعيش الفساد والتحلل فيفسد الدين والتربية ويعادي العلوم ويضعف الاقتصاد فينهب ثروة الأمم وينشر الفقر"5.
أدرك الكواكبي قبل غيره ما للتنظيم من أثر على قوة حركة التغيير. "الأفكار لا تتحوّل إلى واقع إلا من خلال حركة منظمة، تجمع المؤمنين بهذه الأفكار، والمستعدين للتضحية من أجل ترجمتها إلى أعمال في حياة المجتمع. فكل الثورات والدعوات الإصلاحية التي نجحت كان وراءها تنظيم يخطط ويتحرك لإنجازها، لأن عمر الجمعية أطول من عمر الفرد، وهي أقدر على الوفاء بما لا يفي به عمر الفرد الواحد"7
وفي السياسة تجلّى الخلل في أن "الاستبداد يربي الناس على الأخلاق الملعونة، فهو يجبر الناس على استباحة الكذب والخداع والنفاق والتذلل وإماتة النفس، ونبذ الجد وترك العمل، ما يدفع الآباء إلى ترك تربية الأبناء، حيث تذهب جهودهم عيثا أمام سطوة تربية الاستبداد، حيث يشعرون أنهم لا يربون أولادهم لهم، بل يربون أنعاما للمستبدين وأعوانا لهم عليهم"8
أما المنوّر الفلسطيني، الدكتور توفيق كنعان، فقد فصّل دقائق الثقافة الشعبية في ممارسات بدائية هدفت لتجنب الشر ونشدان الخير والتخلص من الأمراض، دأبت المنظومة الاجتماعية على ملء فراغ المعرفة العلمية بالخرافة. الأمر الذي تجلى في التردد على المزارات، وأداء الطقوس الملازمة. ينحدر تقليد التردد على المزارات، منذ عصور الوثنية، وتواصل عبر عهود القهر
والاستلاب، حيث تقديس الأشياء بناء على ما يقترن بها من قوة وارتباط بمصادرها الموهومة. من الممارسات الشعبية في المزارات ذات الصبغة السحرية، كما نقلها الباحث الفولكلوري من اتصالاته المباشرة بالناس.
دراسة الدكتور كنعان للمعتقدات والممارسات الدينية فيما يتعلق بتصور قدرة الأولياء يمكن اعتبارها ذات صلة بالبحث عن علل الواقع المأزوم، فهي حافلة بتصوّر الناس لقدرات الأولياء الخارقة، ودورهم في مسائل الخير والشرّ والرزق والفقر والمرض والشفاء، وذلك للتستر على ظلم أسياد الأرض وطواغيت الاستبداد الميري. القلق والخوف من المجهول يولدان في النفوس معتقدات حول الآبار المسكونة بأرواح خيّرة وشريرة. أما إذا كانت أرواح أولياء الله تقدم العون للأخيار فلا يجوز الاقتراب منها في حالة لا تظهر عدم الاحترام لأولئك الأبرار. ولذلك لا يجوز لامرأة مؤمنة أن تقترب من نبع مقدّس أو تمسّه وهي غير طاهرة، وإذا حصل ذلك فإن الولي سيعاقب مثل هذه المرأة بإصابتها بمرض في جسدها. كما لا يجرؤ أحد على الاقتراب من نبع تسكنه روح رجل مقدس دون أن يذكر اسم الله أو اسم الولي أو القديس الذي يسكن ذلك المكان، خاصة إذا كان الشخص يسير ليلاً بمفرده في مكان مهجور. وإذا لم يفعل الشخص ذلك فإنه سيلقى المتاعب. أما الأرواح الشرّيرة التي يمكن أن تصادف شخصاً ما، فإنها قد تتبعه وتصيبه بالمرض والضعف حتى الموت. وقد يعاقب المجموع بجريرة أحدهم، قد يعاقب البلد بأكمله ويوقف جريان النبع، ويمكن أن تقوم هذه الأرواح بتجفيف مياه هذه الينابيع، خاصة إذا اقتربت منها امرأة غير طاهرة.
طاسة الرجفة أو طاسة الرّعبة، إناء يملأ بالماء فيتحوّل الماء فيه إلى دواء ذي قدرة سحرية مبنية على الكتابات المثبتة عليه، يشفي الشخص المرعوب. وقد أجرى الدكتور كنعان دراسات على 58 عينة من الإناء المعروف بطاسة الرجفة ( أو طاسة الرّعبة، الخوفة، الخضّة). ولا يقتصر أثر هذا الإناء "السّحري" على شفاء المصاب بحالة الخوف، إنما هناك العديد من الأمراض التي يشفى أصحابها إذا ما وضعوا ماء في هذه الطّاسة وشربوا منه. وقد أورد المؤلف عشرات من الكتابات التي نقشت على تلك الأواني والتي توضح القدرة الشفائيّة السحرية لتلك الآنية.
1د. فيصل دراج، المثقف الفلسطيني وقراءته للصهيونية، الكرمل، عدد 167، ربيع 2001، ص 115.
2- برهان الدين دلو، مساهمة في إعادة كتابة التاريخ العربي – الإسلامي، دار الفارابي 1985، ص 282.

3- المصدر نفسه ، ص283

4- المصدرنفسه ، ص283، منقول عن مروج الذهب،ج4،ص86
5سيد يوسف، عبد الرحمن الكواكبي، الهيئة العربية العامة للكتاب، القاهرة 2006، ص 53.
6- المصدر السابق، ص 45.
7- المصدر السابق، ص 128.
8- المصدر السابق، ص 175.







#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خنق الماركسية من خلال احتضانها
- نكبة تفرخ نكبات وكوارث
- النضال الطبقي في البنية الكولنيالية-3
- النضال الطبقي في البنيةالكولنيالية
- من ركام المحنة تنبت العقلانية
- النضال الطبقي في البنية الكولنيالية
- خطورة الفساد تتجاوز إهدار المال العام
- الأرض في المشروع الصهيوني
- الاحتلال يعزز مواقعه في العراق ... ولو بصعوبة
- احترام مشاعر الجمهور وعقله
- أجل، إسرائيل بحاجة إلى مبرر
- نموذج لعدوانية العولمة وإرهابها
- الإيديولوجيا كالهواء نتنفسه ولا نشعر به
- السلطة والفصائل تستنكف عن تحريك المقاومة الجماهيرية
- أوضاع الفلسطينيين تتدهور للأسوأ
- التعليم قد يؤدي دور أداة التقدم والديمقراطية 3من 3
- التعليم قد يؤدي دور أداة التقدم والديمقراطية حلقة2
- التعليم قد يؤدي دور أداة التقدم والديمقراطية
- دلالات سياسية لتقرير فينوغراد
- إسرائيل لا تتازم وخياراتها مفتوحة


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - -الثقافة العربية في فلسطين ( 1من 4حلقات) البدايات والإعاقات