أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - الأرض في المشروع الصهيوني















المزيد.....

الأرض في المشروع الصهيوني


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2234 - 2008 / 3 / 28 - 10:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم الأرض الثاني والثلاثون
الأرض في المشروع الصهيوني والتحدي الفاشل

قرر المواطنون العرب في دولة إسرائيل تنظيم أعمال احتجاجية على النهب المنهجي للأراضي العربية يوم الثلاثين من آذار 1976. تصدت الشرطة الإسرائيلة بالنار للمتظاهرين العرب، سقط جراءها ستة شهداء من بين المتظاهرين. ومنذ ذلك الحين تكرس الثلاثون من آذار يوما للأرض في أنحاء فلسطين كافة، علما بأن النضالات الجماهيرية، دفاعا عن الأرض، تتواصل على مدار كل عام قبل ذلك التاريخ وبعده ، كما سيتبين لاحقا. هذه المجزرة لم يرتفع في العالم المتحضر صوت يندد بها، شِان المذابح السابقة واللاحقة من جانب إسرائيل ضد العرب داخل دولتها وخارجها، وذلك على النقيض مما يجري تجاه بلدان أخرى مثل الصين بسبب التيبت في الوقت الراهن.
دأبت الدولة العبرية منذ أيامها الأولى على مصادرة منهجية لأراضي المزارعين العرب وتحويلها لمشاريع الخدمة العامة لليهود فقط. بعض الخدمات يتمثل في المزارع العامة او الخاصة، وبعضها في مشاريع الطرق العابرة او ميادين التدريب العسكري أو محميات طبيعية. أما الهدف الرئيس من المصادرة فهو تقويض ارتباط العرب بالأرض الفلسطينية، وتدمير الإنتاج المستقل للعرب داخل فلسطين، تمهيدا لترحيلهم منها. وبعد الاحتلال عام 1967 انتهجت إسرائيل خطة نهب أراضي المزارعين العرب؛ ولم تنفع جهود المواطنين العرب في الاحتجاج والدفاع عن الأراضي في رد غائلة الاستيطان المنهجي وفق خطط عسكرية ترمي لمحاصرة التجمعات العربية وعزلها عن بعضها البعض. في الأراضي المحتلة في حزيران 1967 بنيت مستوطنات لاستيعاب مليون ونصف مليون مستوطن من داخل إسرائيل، بما يتناقض مع اتفاقية جنيف المتعلقة بالأوضاع في الأراضي المحتلة. وفي الوقت الراهن تصر إسرائيل ، بما يتعارض مع الاتفاقيات التي وقعت عليها ، على مواصلة بناء الشقق الاستيطانية داخل مدينة القدس وحولها. إنها تعرقل كل مسعى يبذل من أجل تسوية سلمية تضمن أقل شروط العدالة للشعب الفلسطيني؛ وفي الوقت الراهن بلغ الاستيطان على أراضي الضفة حدا بات من غير الممكن حياله إقامة دولة فلسطينية متصلة وذات سيادة. وفرضت إسرائيل سيطرتها على مصادر المياه في عموم فلسطين التاريخية؛ وهي تحرم العرب من حصة عادلة من المياه وتفرط في استغلال المياه وتتنامى حاجتها إلى المياه؛ وهي تدفع الأحداث دوما باتجاه الصدامات المسلحة، وتفاقم مشكلة المياه كي تحولها إحدى بؤر النزاع المسلح في المنطقة، في المستقبل المنظور والبعيد. ولو حصلت إسرائيل على تنازلات تتيح التوصل إلى اتفاق فلن يكون ذلك إلا مؤقتا تنطلق منه إلى مزيد من التوسع. فقد باتت النزاعات العسكرية متنفسا للحالة الإسرائيلية الاقتصادية والسياسية والثقافية، المترتبة على طبيعة أهدافها وتحالفاتها الدولية؛ تشكلت في إسرائيل مراكز قوى ومصالح مرتبطة بالحروب المتعاقبة؛ وبات التوصل إلى اتفاقيات سلام مستدامة يتطلب إحداث تغييرات جوهرية على عسكرة الاقتصاد والثقافة والسياسة في إسرائيل ويقلص من أهمية إسرائيل بالنسبة إلى الاستراتيجية الأمريكية والغربية في المنطقة العربية، ويقامر بحرمانها من الدعم الوفير المقدم لها تحت شتى المسميات والبرامج.
منذ أوائل القرن الماضي بدأ تنفيذ عملية منهجية لتطهير فلسطين من سكانها الأصليين، وتحويلها إلى امتداد للمركز الرأسمالي في بقعة يهيئها التخلف لتبعية مطلقة. تقلب المشروع الصهيوني بين المراكز الرأسمالية في برلين وباريس ولندن كي يستقر في لندن ثم في واشنطون. بدأت العملية بقرار المؤتمر الصهيوني الأول إنشاء الصندوق القومي اليهودي بهدف الاستحواذ على أراضي العرب في فلسطين وما حولها؛ وبحلول العام 1907 كان الصندوق قد أقر نظامه وبرنامج عمله وسجل في بريطانيا شركة استثمارية. وتضافرت جهود دول أوروبا وعصبة الأمم والانتداب البريطاني على فلسطين من أجل تقسيم فلسطين وإنشاء دولة لليهود على جزء منها. ولو كان الهدف تطوير دولة فلسطينية ديمقراطية يتساوى المواطنون فيها بالحقوق والواجبات لما اتخذت الأمور مجراها الذي سارت عليه.
تشكلت الوكالة اليهودية المشرفة على عمل الصندوق القومي، كما تسلمت هيئات رأسمالية يهودية شركة الكهرباء ومشروع تطوير معادن البحر الميت وشركة تطوير الأراضي الفلسطينية. وسلم قطاع التعليم أيضا إلى الوكالة ، وأفردت له الحركة الصهيونية 40% من مواردها المالية؛ فتوفرت بذلك لها الفرصة كي تخطط البرامج التعليمية ولتشحن الجمهور بالعقيدة الصهيونية ، خاصة النظرة العدائية إلى العرب، والإعداد لقيام دولة ذات توجه عنصري خالص. لم يصدر عن عصبة الأمم ولا عن أي هيئة دولية ما ينتقد هذا التوجه العنصري الإقصائي والإحلالي. فالاتفاق تام على استراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
في ضوء هذا التوجه طرح بن غوريون مشروعه " الصهيونية العملية " وفيه قرن "الملكية العبرية" ب "العمل العبري" و "الدفاع العبري" في وحدة عضوية متماسكة. حمّل أوري أفنيري في كتابه "إسرائيل بلا صهاينة" الصادر بالانجليزية، بن غوريون بسبب برنامج "الصهيونية العملية"، مسئولية الصراع الدموي على الأرض الفلسطينية. وبن غوريون هو الذي يحمله المؤرخ اليهودي إيلان بابيه ، مؤلف كتاب "التطهير العرقي في فلسطين" مسئولية وضع خطط المجازر ضد المزارعين في القرى العربية من اجل تهجيرهم وإقامة دولة نقية من العرب وموسعة وذات نهج توسعي.
وبوحي من برنامج الحركة الصهيونية نفسه حصل التعاون بين" الدفاع العبري" و الانتداب في قمع الثورة الفلسطينية في عقد الثلاثينات من القرن الماضي. وفي كتابه " إنشاء الجيش الإسرائيلي" قرن ييغئال آلون، الوزير والجنرال العسكري السابق، عملية الاستيطان على الأرض الفلسطينية زمن الانتداب بالخطة العسكرية لخوض القتال لاحقا مع الشعب الفلسطيني. قال آلون ان المستوطنات لم تبن وفق تطلعات اقتصادية، بل طبقا لمقتضيات " الصراع العسكري القادم لامحالة". ووفقا للهدف نفسه صمم الهيكل النموذجي للمستوطنة بحيث يسهل التحركات العسكرية داخلها. أنشئت وحدات " الهاجاناة" بغرض الدفاع عن المستوطنات؛ لكن هذه الوحدات العسكرية دربت لخوض المعارك المسلحة. وإبان ثورة الثلاثينات في فلسطين تعاونت الهاجاناة مع الجيش البريطاني في التعرض للمجاهدين العرب. وفي خضم المعارك المشتركة استفادت وحدات الهاجاناة من الخبرة العسكرية البريطانية، وبرز في هذا الميدان البريغادير البريطاني وينغيت( رقي فيما بعد إلى رتبة جنرال) ، الذي أبدى – والكلام للجنرال آلون- حماسا منقطع النظير للمشروع الصهيوني، ونقل للهاجاناة تكتيك مهاجمة العدو في عقر داره بدل الجلوس والانتظار حتى يقوم العدو بالهجوم. وكانت تجربة مناهضة الثورة الفلسطينية مقدمة لمعارك الاستيلاء على أراضي الدولة الفلسطينية عامي 1948و49.
دعم الانتداب البريطاني مشروع الاستيطان اليهودي، طبقا لوعد اللورد بلفور، كما وافقت عصبة الأمم على تفويض بريطانيا بهذا الشأن؛ كان مبدأ تهجير العرب الفلسطينيين من ديارهم مضمرا في قرار الأمم المتحدة الصادر في 29 نوفمبر 1947 بتقسيم فلسطين . وكتب إيلان بابيه في كتابه " التطهير العرقي في فلسطين" أن دول اوروبا صمتت موافقة عن المجازر بحق الجماهير العربية الفلسطينية عامي 1948 و1949.
حظي مخطط "الصهيونية العملية" باهتمام المنورين الفلسطينيين في بدايات القرن العشرين. والغريب أن الأوائل قيموا جيدا أهداف الاستيطان الصهيوني في فلسطين، بينما اللاحقون استخفوا وقت الشدة وأحلوا الهزل في موضع الجد. كتب المنور محمد روحي الخالدي ، النائب في مجلس المبعوثان بالآستانة عن فلسطين، وتكلم من على منبر المجلس يفضح الاستيطان اليهودي . إذ بحكم موقعه جال هذا المنور خريج السوربون، على المنشئات الاستيطانية اليهودية وحقق وطرح مخاوفه على المجلس. وكتب المنور الصحفي نجيب نصار حول موضوع الاستيطان وكشف مخاطره، وذلك في صحيفته "الكرمل" التي صدرت خلال الفترة 1908- 1948. لفظ نجيب نصار أنفاسه الأخيرة بينما الجماهير كانت منشغلة بالهرب من البطش الدموي عام 1948 . وفضح المنور نجيب عازوري في كتابه "يقظة العرب" تواطؤ الإدارة العثمانية في فلسطين مع الصهاينة وكشف إهمال الإدارة والتعسف في الجباية وفرض الخاوات ، وغير ذلك من مظاهر التدمير المتعمد لأوضاع الفلاح الفلسطيني. وكتب الأديب خليل بيدس ريبورتاجات في مجلته " النفائس العصرية"، كما كتب خليل السكاكيني والعديد من الكتاب والأدباء في فلسطين عن الظاهرة الاستيطانية واستشرفوا مخاطرها الكارثية. وما ضاعف القلق أن بناء المستوطنات تزامن مع طرد المزارعين العرب بالجملة من ديار سكنوها بعد مئات الأجيال من أسلافهم، لأن الحركة الصهيونية اتبعت الحزم في تنفيذ مبدأ العمل العبري. وحاليا يتحكم الصندوق القومي اليهودي في مليونين ونصف مليون دونم، أو 13% من أراضي إسرائيل، المحظور انتقالها إلى العرب؛ كما يتحكم في مصادر مائية يمنعها عن العرب الذين انتزعت منهم.
ناضل الشيوعيون اليهود والعرب ضد شراء الأراضي وضد تهجير العرب أو منعهم من العمل في المشاريع الزراعية اليهودية. وتحمل الكثيرون من الشيوعيين اليهود اضطهادات بلغت حد الاغتيال السياسي والتهجير من فلسطين على ظهر بواخر بلا أوراق ثبوتية. وكتب الأديب الفلسطيني الراحل، نجاتي صدقي( وهو اول شيوعي عربي ينضم إلى الحزب ويتولى مراكز قيادية في صفوفه).. كتب في مذكراته يقول، ان مقاومة سيل الهجرة وشراء الأراضي من قبل الصندوق القومي اليهودي وكذلك مقاومة التوسع الاستيطاني كانت من صلب برنامج عمل الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي أقر عام 1930 . في ذلك الحين تمت مناقشة أحداث البراق عام 1929، وقررت اللجنة المركزية للحزب أن ما تخللته من صدامات كان سببها القلق من تدفق الهجرة اليهودية وتوسع الاستيطان اليهودي.
في تلك الأثناء لم يصعب على المراقب المهتم، خاصة عصبة التحرر الفلسطينية، استشراف ما يدبر في الخفاء وفي برامج العمل والقرارات الدولية. نبهت العصبة زعامة الحركة القومية في فلسطين من ترويج فكرة استحالة العيش المشترك بين اليهود والعرب في فلسطين ، لأن ذلك من شأنه تمرير مشروع تقسيم فلسطين. كما بذلت العصبة جهودا سياسية - ثقافية للتحذير من خطة تهجير عرب فلسطين من ديارهم؛ واستطاعت تجنيب جزء من الجماهير خطر التهجير في الناصرة والمثلث والجليل ، حيث تمتعت ببعض النفوذ الجماهيري.
وبعد إقامة الدولة صادرت إسرائيل سبعين بالمائة من الأراضي العربية أو منعت وصول أصحابها إليها. وفي العام 1967 أقر الكنيسيت قانون " الاستيطان الزراعي" منع بموجبه تأجير الأراضي التابعة للصندوق القومي إلى غير اليهود، وأكد ملكية المياه في الأراضي اليهودية، أو تحتها في أحواض تحتأرضية، من الانتقال إلى منفعة غير اليهود. وبروح هذا القانون تم تخطيط مسار الجدار التوسعي بحيث يفرض ملكية إسرائيل لجميع الأحواض المائية وموارد المياه الجوفية في سلسلة الجبال المطلة على الساحل. إن الطبيعة الطبقية للحركة الصهيونية أفرزت التوجه العنصري لدولتها وعمقت نهجها الكولنيالي بعد حزيران 1967، حتى مرحلة الادعاء بالحق في كامل الأرض الفلسطينية وجعل الدولة يهودية خالصة. ورغم قرار محكمة العدل الدولية تواصل إسرائيل بناء الجدار، وتصادر من اجل ذلك المزيد من الأراضي العربية جنوب فلسطين المحتلة في محافظة الخليل. ومارست الإدارة الأمريكية الضغوط على السلطة الفلسطينية والحكومات العربية كي تغفل فتوى محكمة العدل الدولية، الوثيقة الحقوقية الوحيدة الضامنة للحقوق الفلسطينية المشروعة. وتجري التحضيرات لمصادرة أراض أخرى من اجل شق طريق عابر من شمال إسرائيل إلى منطقة النقب، علما بأن طرقا عدة قائمة تؤدي إلى النقب والجليل. الهدف الرئيس من هذه المشاريع يتمثل في فصل العرب عن الأرض وتبديد آمالهم في بناء الاقتصاد الوطني المستقل على المنطقة المخصصة لبناء الدولة العتيدة. فصهيونية الدولة، إلى جانب قيام وتعزز النظام الدولي الجديد، باتت تشكل حائلا دون تحرر الشعب الفلسطيني وتشكيل دولة عربية ذات سيادة. وحيث يوجد من هم أكثر تطرفا من الإسرائيليين داخل الإدارة الأمريكية وفي الأوساط الأكاديمية ودور البحث والصحافة ومراكز الثقافة والشركات الاقتصادية عابرة القارات، خاصة التجمع العسكري للولايات المتحدة الأمريكية، ممن يوجهون السياسات الخارجية لولايات المتحدة ، فلن تتوفر في القريب المنظور إمكانية لإقامة دولة مستقلة للعرب في فلسطين. وعلى حد تعبير إيلان بابيه لم يبق حجر يمكن أن تشيد به دولة فلسطين المستقلة. وكتب الدكتور حسن نافعة ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في هذا الصدد يقول بات متعذرا قبول اقتسام الأرض بالتساوي أ و تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات، بما يسمح إقامة علاقة تعاون واحترام متبادل بين العرب واليهود على أرض فلسطين. وضمن توازن القوى الدولي فليس هناك ما يوحي بأن منظمة الأمم المتحدة سوف تستعيد دورها أو فاعليتها بحيث تتوصل إلى تسوية عادلة للمشكلة الفلسطينية. في ضوء هذه التأكيدات يثير القلق إصرار السلطة الفلسطينية على مواصلة التفاوض الذي يقال أنه يجري وراء الكواليس
ترتفع الصيحات في الأرض المحتلة محذرة من التلهي عما تنفذه إسرائيل ، بما في ذلك النزاعات الجانبية، ومواصلة اجترار الادعاءات والاتهامات المتبادلة بين فتح وحماس. ومعروف أن خطة شارون للانسحاب من طرف واحد من غزة قد رمت إلى ترويج صورة زاهية عن إسرائيل المحبة للسلام تغطي على الخطة المدبرة للضفة، أرضا وسكانا. الخطر يحدق بالضفة والقدس وبسكان الضفة والقدس، وعلى هذه البؤرة يجب أن تتركز الاهتمامات.
تدور النقاشات في الوقت الراهن في الضفة الغربية لتصنيف مهام النضال بين برنامج عاجل وآخر مؤجل. ومن جملة الطروحات منع التوصل إلى تسوية تنتهك فيها مبادئ الفتوى الحقوقية للمحكمة الدولية. كما تدرس إمكانات تدخل هيئات حقوقية دولية لمراجعة قرارات المصادرة من جانب إسرائيل ز ومثال ذلك أنه تبين أن 40 بالمائة من أراضي المستوطنات على أرض الضفة كانت ملكيات خاصة وليست أراضي دولة. وهي وسيلة لفضح عنصرية الاستيطان . ويطرح أيضا أن المقاومة الشعبية، العمل الجماهيري المنظم والمثابر، هو الوسيلة الأنجع لشن نضال وطني مثابر ضد المشروع الصهيوني الهادف للاستحواذ على أكبر حيز من فلسطين بأقل نسبة من السكان العرب. فالمقاومة المسلحة في ظروف "الحرب على الإرهاب"، وضمن توازن القوى الحالي على الصعد الدولية، العسكرية والثقافة – الإعلامية والسياسية، تستثمرها إسرائيل لدعم خطابها بصدد الإشكالية الفلسطينية. فهذه هي طبيعة الحالة الدولية الراهنة، حيث القضية الفلسطينية مرتبطة منذ بداياتها، في القرن التاسع عشر، بالمشاريع الامبريالية ومخططاتها تجاه المنطقة. وتزامنت كوارث الشعب الفلسطيني ونكباته مع تردي أوضاع الجماهير العربية بسبب السيطرة الكولنيالية للامبريالية، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، تحت وطأة الأنظمة المستبدة المتحالفة مع الامبريالية. وظلت مشكلات الجماهير الفلسطينية، وستظل مقرونة بمصير النضال النهضوي العربي في دورة جديدة من نضال التحرر الوطني والديمقراطية والتنمية.
طرحت القضية على هذا النسق بعد نكبة 1948؛ وبادرت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى حشد الشعب الفلسطيني في شتى أماكن تواجده للنضال الوطني التحرري ورفع شعار "القرار الوطني الفلسطيني المستقل". وتجلت على نحو ساطع مكانة إسرائيل في الاستراتيجية الامبريالية في المنطقة؛ وردت الأنظمة العربية التحية الفلسطينية بشعار "نقبل ما يقبله الفلسطينيون"،أ و"على المجتمع الدولي تحمل مسئولياته!" ستارا للتنصل من مسئولياتهم. ضمن توازن القوى الدولي ليس هناك ما يوحي بأن منظمة الأمم المتحدة سوف تستعيد دورها أو فاعليتها بحيث تتوصل إلى تسوية عادلة للمشكلة الفلسطينية .
بعض الحكام العرب ولج بوابة المزاودة والديماغوجيا فرفعوا ضرورة تزويد الفلسطينيين بالسلاح والمتطوعين عبر البلدان المجاورة، مسقطين أن ما يحتاجه النضال الفلسطيني وقفة عز بوجه التطاولات الامبريالية، أو على الأقل رفض التساوق مع خططها في المنطقة والقبول بدور مخلب قط في مواجهة إيران أو دول تمانع سياسات الغرب. القومية العربية باتت مفرغة من الكرامة والعزة بعكس ما هي عليه لدى الأتراك والفرس والباكستانيين، ولا نتحدث عن الهنود. تركيا رفضت عبور القوات الأمريكية لاحتلال العراق من أراضيها؛ وترفض الانجرار في الحرب ضد الشعب الأفغاني. واضح أن الشعور القومي في تركيا وإيران يحكم تصرفات قيادتي البلدين، بينما الأنظمة العربية مرغت بأوحال السياسة المتخاذلة العلاقة القومية في شتى مظاهر الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية .
في مثل هذه الظروف هل يصمد شعار استقلالية القرار الوطني الفلسطيني؟ أم ينصهر الموضوع الفلسطيني من جديد في النضال القومي العربي بمضمونه الوطني والديمقراطي والتنموي ؟
باتت مهمات قوى التغيير الديمقراطي في المجتمعات العربية تتجلى في تفعيل البعد القومي في مختلف جوانب النضال الديمقراطي التحرري والتنموي. وتفرض ضرورات المرحلة المبادرة لتشكيل منظمات شعبية على قاعدة قومية تخوض النضالات التحررية ، ومنها مقاومة مشاريع التوسع والتهجير الإسرائيلية، ثم تصفية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتلال يعزز مواقعه في العراق ... ولو بصعوبة
- احترام مشاعر الجمهور وعقله
- أجل، إسرائيل بحاجة إلى مبرر
- نموذج لعدوانية العولمة وإرهابها
- الإيديولوجيا كالهواء نتنفسه ولا نشعر به
- السلطة والفصائل تستنكف عن تحريك المقاومة الجماهيرية
- أوضاع الفلسطينيين تتدهور للأسوأ
- التعليم قد يؤدي دور أداة التقدم والديمقراطية 3من 3
- التعليم قد يؤدي دور أداة التقدم والديمقراطية حلقة2
- التعليم قد يؤدي دور أداة التقدم والديمقراطية
- دلالات سياسية لتقرير فينوغراد
- إسرائيل لا تتازم وخياراتها مفتوحة
- غطاء لجرائم الحرب بتفويض أمريكي
- مشاكل التقدم في المجتمعات التابعة
- حكم الشوكة والأمن القومي
- صوت التوحش المتقحم من أدغال الليبرالية الجديدة
- هل تدشن زيارة بوش مرحلة تفكيك المستوطنات؟
- فهلوة مرتجلة
- جردة حساب عام ينقضي
- بؤرة التخلف الاجتماعي


المزيد.....




- اصطدم بعضهم بالسقف وارتمى آخرون في الممر.. شاهد ما حدث لأطفا ...
- أخفينها تحت ملابسهن.. كاميرا مراقبة ترصد نساء يسرقن متجرا بط ...
- عجل داخل متجر أسلحة في أمريكا.. شاهد رد فعل الزبائن
- الرئيس الإيراني لم يتطرق للضربة الإسرائيلية بخطاب الجمعة
- وزير خارجية بريدنيستروفيه: نحتاج إلى الدعم أكثر من أي وقت مض ...
- مخاوف على حياة 800 ألف سوداني.. تحذيرات من ظهور جبهة جديدة ب ...
- -الرهان على مستقبل جديد للشرق الأوسط بدون نتنياهو- – الغاردي ...
- العراق... ضحايا في قصف على قاعدة للجيش والحشد الشعبي
- جمهورية جديدة تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.. وا ...
- كوريا الجنوبية.. بيانات إحصائية تكشف ارتفاع نسبة الأسر المكو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - الأرض في المشروع الصهيوني