أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حسين علي الحمداني - الشباب وقيادة المجتمع















المزيد.....

الشباب وقيادة المجتمع


حسين علي الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 11:16
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


إن أول ملامح الثورة الجديدة التي يطرحها علينا هذا القرن الجديد هو أنها تضع قيادة العالم في المرحلة القادمة في أيدي الشباب. وهناك ظواهر عدة تؤكد هذا الدور الذي بدأه الشباب في مجالات قيادة الشركات أو في الاستثمار أو داخل معامل الاختراع أو حتى في قمة السلطة السياسية في عدد من دول أوروبا.
فثورة المعلومات وتراكمها جعلا هذا الجيل الشاب يستفيد من إنجازاتها من دون حاجة إلى انتظار تراكم الخبرة الحياتية, كما أن الشباب أصبح يمثل القوة الاستهلاكية المؤثرة, وهم يضعون في هذه السوق مداخيلهم المبكّرة من سوق العمل في نوعية جديدة وغير تقليدية من البضائع. وقد أصبحوا يمثلون المستهلك الخفيّ الذي يوجه احتياجات الأسرة, ويفرض رغباته في المأكل والملبس وجميع مستلزمات الحياة الأخرى
أين نحن مما يجري؟ وما هو حال شبابنا وحالنا معهم؟ وماذا أعددنا لهم؟ فشبابنا مازالوا يخضعون لأنظمة تعليمية واجتماعية غير صالحة للعصر الذي يعيشون فيه, ولا تلبي أدنى مطالب حياتهم اليومية, فلا تزال المناهج التعليمية والمقررات الدراسية تنتمي لما قبل عصر المعلومات والاتصال والعولمة الجارفة, ولا نزال نتوجس ريبة من الشباب وأفكارهم وطموحاتهم, ونضع الحواجز أمامهم لكبح جماح رغباتهم ومحاصرة طموحاتهم, ومازلنا ندفع بأعداد كبيرة منهم وخاصة المتعلمون إلى البحث عن مجتمعات جديدة تفتح لهم مجالاً لتحقيق طموحاتهم وتلبي رغباتهم وأحلامهم, فامتصت الدول المتقدمة نخبة المتعلمين والطموحين والجادّين من شبابنا ووصلت أعدادهم في بعض الدول إلى عشرات الالاف, ومَن بقي حبيس مجتمعنا تحوّل إلى أدوات متفجّرة سياسياً أحياناً واجتماعياً أحياناً أخرى, فجزء منه انجرف وراء ما انجرف, وجزء كبير لم يجد فرصته بعد, وهذه ظاهرة لا ننفرد بها وحدنا, بل هناك كثير من المجتمعات التي فقدت زمام قيادة الشباب انجرف شبابها إلى مصائد التطرف والعنف وعالم المخدرات والكحول, والإحصاءات تشير إلى بلد مثل روسيا, ففي السنوات العشر الماضية, أي منذ انفراط عقد دولة الاتحاد السوفييتي انتشرت في المجتمع الروسي أمراض حادة مثل العنف والمخدرات بين جيل الشباب, شباب المدارس والجامعات.
إن الشباب يعيش أزمة اغتراب حقيقي, إن مواجهة الشباب بالأنظمة البيروقراطية وأنماط السلطة غير الديمقراطية لا تبقيه خارجها فقط, ولكنها تجعل دوره ينحصر في الخضوع لها والالتزام بقوانينها ما يشعره بالعجز وعدم القدرة على تحقيق ذاته. والاغتراب هنا هو مرحلة وسطى بين الانسحاب من المجتمع والتمرّد عليه. هو يلجأ إلى ثلاثة أنواع من التصرّفات: إما الانسحاب من هذا الواقع ورفضه, وإما الخضوع إليه في الوقت الذي يعاني فيه النفور, وإما التمرّد على هذا المجتمع ومحاولة تغييره ولو كان ذلك بالقوة.
إن استمرار تجاهل قضية الشباب في مجتمعاتنا وعدم معالجة ما يلاقيه من تدهور في مناهج التعليم, وابتعاد الشباب عن الاهتمام بالسياسة, وجهلهم بتاريخ أوطانهم, وموقف اللامبالاة مما يجري حولهم هو نتيجة حتمية لسياسات التجاهل لمواجهة قضاياهم, وقد حوّلتهم تلك المشاعر المتناقضة في داخلهم إلى مخزن يغرف منه كل من لديه مصلحة خاصة في تجنيدهم واستخدامهم.
شبابنا اليوم إما أن يكونوا الأداة الأولى في انبعاث نهضة حديثة شاملة, وإما أن يتحوّلوا إلى وسيلة لتدمير ما موجود, ففي عصر العلم والعولمة, ليس أمامنا كثير من الخيارات, ولا الكثير من الوقت لنفكّر ونقرر, فنحن والزمن في سباق مميت, وعلينا - حكومات وقيادات في كل المواقع - أن نبدأ في وضع قضيتهم في مقدمة المسائل الوطنية, ونشرع في وضع الحلول وتطبيقها لمصلحة أجيال الشباب, هذا إذا أردنا أن نجتاز حاضرنا إلى مستقبلنا بأمان, وعلينا أن نعيد تنظيم مجتمعاتنا وحياتنا وفق واقعهم وحجم قوتهم ومدى تأثرهم بما يجري من حولنا في العالم, وأن نعترف بأن شبابنا لن يكونوا أقل تأثّراً بالدور الذي يقوم به نظراؤهم في بقية تلك القرية الكونية, فهم يراقبون وسيحاولون أن يكسروا قيود الواقع ويتمرّدوا عليه, وسيحاولون أن يؤسسوا سلطتهم بمعزل عن مجتمعاتهم, وكذلك عن السلطات الاجتماعية والثقافية التي يعيشون تحت مظلتها, ولكي نتدارك الوضع, وقبل أن يتجاوزنا الزمن لابد من الاعتراف أولاً بأن نوعية تعليمنا ومستواه لا تتناسبان مع العصـر وطموحات الشباب, فالعالم من حولنا يتحدث بشـكل دوري عن (نوعية التعليم) الذي يحتاج إليه في كل مرحلة من التطور المجتمعي, وربط هذا التعـليم بتطوّر الحياة في مجتمعاته, في الوقت الذي نتحدث نحن في مجتمعاتنا عن الأميـّة وتزايدها وتدهور مدارسنا وتسـرّب أطفالنـا من المدارس الذي وصل إلى أرقام مخيفة من الأطفال خارج المدارس, لابد لمواجهة هذا التدهور من إعادة النظر في فلسفة التعليم عندنا, والتحوّل من أسلوب الحفظ والتلقين, من دور الطالب بوصفه متلقياً وقابلاً ومطيعاً لما يلقّنه إياه معلمه, إلى فلسفة التعليم عن طريق الحوار والمناقشة والتدريب على التعلم الذاتي, وأن ندمج التعليم بالثقافة بشكل متواز, وأن تصبح برامج الثقافة جزءاً من مناهج التعليم, كالفنون بكل أنواعها من موسيقى ومسرح ورسم وتربية بدنية إلى الثقافة العامة والقراءة الحرّة, وأن تصبح المكتبة جزءاً من المنهج الدراسي.
ومن ثم لابد من إقحام الشباب للمشاركة وسماع رأيهم في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وتوسيع دورهم في المشاركة في كل ما يتعلق بحياتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم, وأن يمثل الشباب في المؤسسات الديمقراطية والتشريعية, ويفسح المجال لسماع مقترحاتهم والأخذ بها عند التطبيق, فالثقافة السياسية جزء وشرط مهم في ثقافة الشباب إن أردنا تدريبهم وتأهيلهم للقيادة في مرحلة لاحقة, ونحن بهذا ندخلهم في نسيج المجتمع بدلاً من أن يتحوّلوا إلى أدوات للهدم والتخريب, فوضع ثقافة متوازنة للشباب تراعي خصوصيتهم , وتسعى للحاق بالثقافة الحديثة المنفتحة على العلم والتكنولوجيا والفلسفة المعاصرة المتطلعة إلى مزيد من الكشف عن الكون وأسراره أمر لا مفر منه, وأن ندرّبهم على اكتشاف ثقافة الشعوب والأمم المعاصرة ليتمكّنوا من التعامل والتفاعل معها في هذا العالم الذي بدأت تتشابك فيه تلك الشعوب بثقافاتها المختلفة على درب التعاون والتلاقي والاندماج في ثقافة كونية تسعى لإشاعة السلام في العالم وتحتفظ في الوقت ذاته لكل شعب بخصائصه وعاداته وتقاليده وتراثه الديني والوطني ضمن حركة التفاعل مع الثقافات الأخرى. إن نظرة سريعة على واقع شبابنا اليوم تكشف لنا مدى عزوف الشباب عن المشاركة في قضايا المجتمع, والابتعاد عن النشاطات السياسية والاجتماعية، وهذا ناتج عن طول أمد الاستبعاد الذي مورس ضد الشباب وعزلهم عن الحياة العامة وخاصة السياسية سواء في المدارس والجامعات أو في المنظمات الشعبية والديمقراطية المحدودة.






#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية الاحلام المريضة
- قراءة هادئة لشارع صاخب
- النفط مقابل الكرة
- الجذور التاريخية لمفهوم حقوق الإنسان
- الطريق إلى البيت الابيض
- نظفوا العراق
- اليورو والانتخابات العراقية
- زيادة الرواتب
- من يحتاج الاتفاقية نحن أم أمريكا؟؟
- الديمقراطية بين اللفظ والممارسة
- تصورات العرب حول الديمقراطية
- الديمقراطية التي يخشاها البعض
- هل تسرع حزب الله
- إدارة الصراع باستخدام العنف
- العراق والعرب قراءة الواقع الحالي
- بين نشيد موطني ووصايا القائد
- الجوار العراقي والدور لمطلوب
- التاسع من نيسان
- عراقيو الخارج
- الرغيف مقابل التصويت


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حسين علي الحمداني - الشباب وقيادة المجتمع