أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - نص صاف يستذكر عذاباته














المزيد.....

نص صاف يستذكر عذاباته


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 2336 - 2008 / 7 / 8 - 10:34
المحور: الادب والفن
    



من مدينته كربلاء صاحبة الارض التي تحمل أضرحة شهداء معركة الطف ولد الشاعر باسم فرات ، فتراءت له أضرحة الشهداء ويوم عاشوراء ، حيث الحزن الذي يخيم على تلك المدينة ويكون في ذروته ، فمشاهد كتلك يصطدم فيها الطفل المولود تشكل له صدمات متلاحقة خاصة وان تلك العزاءات ليست الا تعبيرا صادقاً عن حجم المأساة الكبيرة التي جرت للحسين (ع) وأصحابه في تلك الواقعة الأليمة . ومن كربلاء الى بغداد الى العاصمة الاردنية عمّان يخرج الشاعر في باسم فرات ليكون شاهداً على حقب متلاحقة من الآلآم والكوارث التي أدت الى أن تصبح البلاد رماداً للحروب والخصامات السياسية ، وبعد رحلة سنوات زادت على الأربع في عمّان أسس باسم فرات لنص شعري جديد ومختلف في أطار قصيدة النثر العراقية والتي تفوقت بكل المقاييس على قصائد التفعيلة والشعر الحر وأصبحت واقع حال مفروض لا فرار منه .
لقد عرفت الشاعر العراقي باسم فرات عن قرب عام 1995 في العاصمة الاردنية عمّان وكان داخل وطنه العراق المحاصر يرسم بيانه الشعري بهدوء تام من دون ان يلفت الأضواء من حوله ، وحيث لا مكان لشاعر عراقي شاب ومتمرد على واقعه في تلك الظروف العصيبة التي مرت بالوطن العراقي ، وفي عمّان أستطاع هذا الشاعر الشاب ان يتسلل بنصوصه التي كان ينشرها في الصحافة العربية ويشد اليه انتباه النقاد والشعراء على حد سواء ، وكانت همومه الشعرية أكثر من همومه الحياتية والمادية ، ولذلك كان مخلصاً للشعر بطريقة تكاد تكون مختلفة عن مجايليه وممن سبقوه ، فقد مّر المثقف العراقي في بدايات العقد التسعيني من القرن المنصرم داخل العاصمة الاردنية عمّان بظروف مادية صعبة ومؤلمة أكثر تعقيداً وبؤساً من سنوات الحصار العراقي داخل الوطن ، إلا أن باسم فرات كان كلما جلسنا في مقهى العاصمة بعمّان كان يهم بقصيدته وكيف يتسنى له تطويرها في ظل التطورات الكثيرة التي اجتاحت النصوص الشعرية منذ ثورة الشعر العربي الحديث التي أسس لها السياب ونازك والبياتي واخرون وصولا الى قصيدة النثر التي كانت تصطدم بالسلطات الثقافية وكانت غير مسموح لها ان تحلق في فضاءات الكتابة والنشر أسوة بالشعر العمودي او الحر وطبعاً كان هذا نابعاً من تخلف المؤسسة الثقافية آنذاك ، لكن قصيدة النثر أخذت شيئاً فشيئاً مساحتها الطبيعية في الخارطة الشعرية العربية الامر الذي جعل من الجميع أن يقتربوا منها ويجربوا الكتابة فيها ، وهكذا فقد أصبحت قصيدة النثر الأكثر شيوعاً في ايامنا هذه .
وفي عمّان أستطاع الشاعر باسم فرات أن يحصل على عمل كمصور في أحدى محلات التصوير الاردنية ليتمكن من أن يبقى على قيد الحياة ، خاصة وانه عمل كمصور في وطنه العراق ، فكانت ألتقاطاته للصورة ذكية وكأنه يلتقط الصورة الشعرية والجملة الاجمل داخل قصيدته ، كما واستطاع من خلال عمله هذا أن يساعد العديد من أصدقائه الذين كانوا يرزحون تحت طائلة العوز والجوع بسبب عدم حصولهم على عمل ما ، فيما كانت فرصة الحصول على عمل في المجال الصحفي او الثقافي أمر من المستحيلات التي لا يمكن باي حال من الأحوال الحصول عليها ، ولهذا ذهب العديد من أدباء العراق في عمّان للبحث عن مصدر عيش حتى وان كان شاقاً . وكان لوجود البياتي وسعدي يوسف وحسب الشيخ جعفر وأساتذة وفنانين صدى كبيراً ومحفزاً أكبر لكتابة نصوص عراقية جديدة في عمّان كما وان النقاشات واللقاءات والامسيات الثقافية التي اقامها ادباء العراق جعلت من الساحة الثقافية الاردنية أن تزدهر وتتطور بعد ان كانت شبه راكدة ، وفي هذا المعترك الثقافي الذي يضم العديد من مدارس الشعر الحديثة أستطاع باسم فرات أن يكتب نصاً صافياً بانسانيته مستذكراً عذاباته منذ اول لحظة فتح عينيه فيها على الدنيا بعد ان أنكسر الطفل الرضيع في مدينته كربلاء ليشاهد فاجعة والده التي كانت مرسومة بعيون امه الثكلى ، منذ تلك اللحظة الثاقبة خلص فرات الى اللوعة والقهر والحرمان من الاب ليرتمي باحضان امه التي استطاعت ان ترسم ملامح الاب فيه بعد ان اصبح شاباً يافعاً ، وبهذه الآلام والمآسي التي رافقته منذ الطفولة خط نشيد الحزن في قصائده التي كان يكتبها داخل الوطن لتتبلور تجربته وتنضج في عمّان على مدى سنوات التسعينيات ثم يرحل بعيدا عن العالم حيث نيوزلندا ويستقر فيها لسنوات ويصدر ديوانه الاول ( أشد الهديل ) عام 1999 عن دار الواح في اسبانيا ، ثم ينتقل الى اليابان حيث هيروشيما تلك المدينة التي أغتسلت بدماء ابنائها يوم ضربت بالقنبلة الذرية .
وتطورت تجربة باسم فرات اكثر فاكثر وتعمق كثيراً بقراءة التاريخ القديم والحديث فيما تعمقت جذور قصيدته حتى اصدر مجموعته الثانية ( خريف المآذن ) . وأردفها بمجموعة ثالثة تحت عنوان ( أنا ثانية ً)
ليقف الجميع نقاداً وادباء أمام تجربة شعرية جديدة انبثقت من الشعرية العراقية التي كانت ومازالت السباقة في طرح الجديدة وتطوير القديم باستمرار ، انه الامتداد الحقيقي للمتنبي والجواهري والسياب والبياتي وما بعدهما ، وهكذا هو الشعر العراقي الذي يرفد الشعرية العربية بشعراء من طراز خاص ودائماً ما تكون نصوصهم هي الحكم الوحيد لهم في غابة الشعر العراقي خاصة والعربي عامة ، وقد تجاوز نص فرات الشعرية العربية ليخرج الى العالمية وتترجم نصوصه الى الانكليزية ولغات اخرى الامر الذي مكنه كشاعر شاب ان يقرأ جيدا ما يكتب من شعر بلغات اخرى مقارناً ما بين النص العربي والانكليزي والذي استطاع النص العربي ان يقفز في احايين كثيرة على نصوص عالمية . انه الشعر الذي لا يعرف المستحيل . ولعل موجات وكميات الألم والحرمان والحروب والدمار والموت المجاني التي تضغط على الشاعر العراقي لتجبره على تدوين ذلك الألم بالطرق الفنية الجمالية مكنته لان يتفوق في نصه على نصوص الاخرين وفي مناسبات كثيرة ، وفرات هو واحد من شعراء العراق الذين اخلصوا لنصوصهم وجعلته لان يتبوأ مكانة مرموقة في الخارطة الشعرية العراقية ، أن الشاعر باسم فرات هو تجربة شعرية نابعة من قلب الألم العراقي المفجع ....



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء طالباني - باراك والتبرير الغبي لمكتب الرئيس
- الموصل تحت رحمة الميليشيات !!
- وزير التربية يطلق النار على الطلبة العزل !!
- محاولات تمرير قانون النفط !!
- أسود الرافدين ، أخزيتمونا !
- قناة الفرات ، ومجاهدي خلق ، والدفاع عن ايران !
- القتلة ، فاصل ونعود !
- جابر الجابري الوكيل الادرد
- زيباري والاتفاقية الامريكية
- رثاء متأخر
- قناة العراقية قليلا من المهنية
- الى الشهيد الناقد علي عبد الحسين مخيف الدعمي
- المالكي ذليلاً
- مدينة الثورة ، مدينة قاسم
- بشتاشان الجريمة المغيبة
- حوار مع الشاعر نبيل ياسين
- حوار مع الشاعر العراقي حميد قاسم
- فيزياء مسعود البرزاني
- حوار مع الشاعر العراقي شاكر لعيبي
- حرامية العراق


المزيد.....




- مترجمة باللغة العربية… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161.. مواعيد ...
- علماء الفيزياء يثبتون أن نسيج العنكبوت عبارة عن -ميكروفون- ط ...
- بعد نزول مسلسل عثمان الحلقة 160 مترجمة عربي رسميا موعد الحلق ...
- الإعلان الأول.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25 على فيديو ...
- إلغاء حفل استقبال -شباب البومب- في الكويت جراء الازدحام وسط ...
- قيامة عثمان الحلقة 160 مترجمة باللغة العربية وتردد قناة الصع ...
- قمصان بلمسة مغربية تنزيلا لاتفاق بين شركة المانية ووزارة الث ...
- “ألحقوا اجهزوا” جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 للشعبتين ...
- الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية.. كتاب -القضية ال ...
- مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - نص صاف يستذكر عذاباته