أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدو أبو يامن - هذا ما علمتنيه الحياة -2-














المزيد.....

هذا ما علمتنيه الحياة -2-


عبدو أبو يامن

الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 04:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أفضت لي الحياة ذات يوم قائلة: عجبت لأمر أبنائي وأمرهم كلهم عجب، وأعجبهم على الإطلاق هذا الإنسان؛ كيف يتقاتلون ويتصارعون، ويعفرون وجه الأرض بالدماء ويملئون أديمها بالأشلاء، وكأنهم سباع ضارية أو وحوش عادية،كأنهم لم يغادروا أدغالهم وغابتهم وكهوفهم بعد؟! وهم الذين – زعموا – قد غادروا الحالة البدائية والبربرية والوحشية وأصبحوا علامة على المدنية والحضارة والإنسانية!!
عجبت لهذا الزعم وأنا أرى كل يوم إلى كل هذا القتل والعنف والصراع، وكأن الإنسان ما زال يقدم قرابين بشرية من بني جنسه إلى آلهته الأسطورية القديمة... أو كأن الأرض التي يمشي عليها وحش فاغر فاه ينادي كل يوم بمزيد من الدماء يروي بها عطشه الجنوني الذي لا يرتوي!!
فقلت في نفسي – والحديث ما زال للحياة - : أهذا هو الإنسان الذين زعموا أنه مشتق من الأنس، ضد الوحشة حيث أنه خرج من حالة الاستيحاش التي كانت تشكل كينونته وماهيته وغادرها واستأنس بأخيه الإنسان، وانعتق بذلك من ظلمة الوحدة والوحشة إلى ضياء الأنس والألفة، إذ أصبح أليفا مألوفا بعد أن كان وحشا مخوفا؟!!
هذا التطور الإنساني الذي يمثل علامة فارقة بينه وبين البقية الباقية من أبنائي ما كان له أن يتم إلا بعد آلاف السنين وبعد عصور ودهور من الظلام والهمجية والبربرية حين كان القتل دينا، وخطف الزوجات شرعا، وعدم الثقة دستورا، والخوف الكلي- من أي شيء وكل شيء، في الأرض وفي السماء، ما كان منه حقيقيا وما كان منه وهميا- حين كان ذلك هو النمط الذي تفسر به حياة البدائيين، أو قل هو الخوف الذي يمثل كينونتهم ويعبر أحسن تعبير عنهم بحيث تقول وأنت محق في ذلك: الشخص البدائي هو إنسان خائف.. من الوحوش الحقيقية في الغابة المجاورة ومن الوحوش الوهمية التي تمليها عليه عقليته الساذجة بل حتى يخاف من زوجته أقرب الناس له، هذا عدا عن الآخرين!!
بل وصل الأمر بهؤلاء المتوحشين البدائيين إلى حد عبادة هذه الكائنات التي ملأتهم رهبة وخوفا؛ إذ عبدوا الشمس والقمر والبرق والرعد والأنهار، بل عبدوا حتى التماسيح والخنافس!! وهل في ذلك عجب؟ فالإنسان دائما بين أمرين حيال ما يجهله ويخافه : إما أن يعاديه وإما أن يعبده، فعادى من الأشياء ما عادى، وعبد منها ماعبد.. وهل في ذلك غرابة وإحدى صفات الإله - أي إله - أنه يخاف ( بضم الياء ) أليس هو المنتقم الجبار؟!
والغريب العجيب معا أن ظاهرة الخوف ما زالت تمثل جوهر الإنسان حتى بعد مرور مئات الألوف من السنين على ظهورها، فما زالت البشرية تخاف من أشياء حقيقية وأخرى وهمية، تخاف من المرض والأسلحة الكيماوية والذرية وتخاف أيضا من الأطباق الطائرة والكائنات الفضائية، بل تخاف حتى من الغرباء والآخرين؛ ووقفت حيال الأمر ذات الوقفة القديمة: إذ عادت منه ما عادت، وعبدت منه ما عبدت؛ عادت الآخر المختلف دينيا وعرقيا ولونيا، وعبدت آلهتها الجديدة المادة والتطور – إلى أين!! – والدولار والجنس أيضا؛ فكأن الحضارة والمدنية ما هي إلا قشرة خارجية سطحية والروح هي هي ما زالت جاهلية، وأنه لا فرق بين مدني وبربري، ولا بين مدنية ووحشية!! وهذا من سخريات القدر، وعجائب الإنسان وما أكثر أعاجيبه!!
وإذا دققت في الأمر رأيت أن بقية أبنائي من الكائنات الأخرى حيوانا ونباتا وجمادا يحكم حياتهم قانون ( صراع البقاء ) أو تنازع البقاء، فالصراع هو الذي يحكم هذه الحياة، وهو الذي أعطى التوازن والانسجام لهذا الكون؛ فآكلات أعشاب تتغذى بالنبات وآكلات لحوم تتغذى بآكلات أعشاب ثم موت يسري على الجميع من نبات وعاشب ولاحم فتتحلل كل هذه الأشياء إلى مواد وأملاح يتغذى عليها النبات ثم تأتي آكلات الأعشاب... إلى آخره في سلسلة ديالكتيك الوجود العجيبة فكل له دوره في هذه الدراما الكونية المحكمة، وكل يتصرف وفق ضرورات العيش من غير زيادة أو نقصان أو تعد أو طغيان.. إلا الإنسان هو الوحيد من أبنائي الذي يقتل بلا ضرورة!!
( وللحديث بقية )



#عبدو_أبو_يامن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا ما علمتنيه الحياة
- كلنا يهرب
- إلى من سيضرم النار سريعا في هشيم العالم!!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -7-
- ديكتاتور.. وغباء .. وقمر
- الظاهرة المحفوظية
- ومن العشق ما قتل!!
- ليس بالجبن وحده يحيا الإنسان
- متعلمون ولكن!!
- دلالة المقاطعة والبحث عن معنى
- فلسفة السؤال، والثقافة المفقودة
- فرنسا شيراك، والبحث عن دور
- متى أكتب؟!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -6-
- كليلة ودمنة في أراب ستان -5-
- رسالة تداعي الحيوانات على الإنسان، الملحمة الإنسانية الخالدة
- قديس
- كليلة ودمنة في أراب ستان – 4 –
- كليلة ودمنة في أراب ستان – 3 –
- كليلة ودمنة في أراب استان -2-


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدو أبو يامن - هذا ما علمتنيه الحياة -2-