أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - كليلة ودمنة في أراب ستان -7-















المزيد.....

كليلة ودمنة في أراب ستان -7-


عبدو أبو يامن

الحوار المتمدن-العدد: 1800 - 2007 / 1 / 19 - 02:33
المحور: الادب والفن
    


( عرب أم أعراب )
قال تعالى : (( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم )).
وقال أيضا : (( الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله )).
وقال سبحانه أيضا: (( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم )).
وحدث هشام بن عروة، عن أبيه قال : كان ناس من الأعراب يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما نقبل صبياننا، أفتقبلون صبيانكم ؟ فقال عليه السلام : (( وأملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة ؟ )) .
وعن أبي هريرة أن الرسول عليه السلام قال : (( الكبائر سبع : أولهن الشرك بالله، وقتل النفس بغير حقها، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم بدارا أن يكبروا، وفرار يوم الزحف ، ورمي المحصنات، وانقلاب إلى الأعراب )) .
ويقول الشاعر الحضري أبو نواس من ضمن أبيات له مشهورة في ديوانه:
ولا تأخذ عن الأعراب لهوا ولا عيشا فعيشهم جديب!!
وقال أبو فرعون الساسي ( أعرابي نزل البصرة ) :
ولست بسائل الأعراب شيئا حمدت الله إذ لم يأكلوني!!!

قال كليلة معلقا : إلى أين تذهب بنا _ يا دمنة _ حين تسوق لنا كل هذه الشواهد عن الأعراب، وما الذي نحا بك هذا المنحى؟
فأجاب دمنة : إنهم العرب _ معذرة يا صاحبي، الأعراب _ ؛ وهل للناس في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها حديث إلا العرب العاربة أو المتعربة أو المستعربة، لا أدري لأن الأمر اختلط على الجميع، فلم يعد يعرف رأس من ذنب، ولا سيف من خشب، ولا ذهب من حطب ولا أعراب من عرب ، في هذا الوقت الذي تدلهم فيه الخطوب، وتحلولك الظلمات، ويعزب عن العاقل عقله، ويطيش بالحليم صوابه، وتضحي الحياة في البلاد العربية شقاء متصلا وهما دائما.. ويتخطف الناس العرب من حولهم وتتداعى عليهم الأمم من شرق وغرب، ويصبح الفتى العربي في وطنه غريب الوجه واليد واللسان..
قال كليلة مستفسرا : إذن هناك فرق بين العرب والأعراب، ولا يمكن أن نطلق اللفظ جزافا من غير ضابط ولا رابط؟
قال دمنة متعجبا: وهل هذا مما يحتاج إلى سؤال؟!!
سامحك الله _ يا كليلة _ إن الفرق بعيد كالبعد بين السماء والأرض، وفسيح كالفسحة ما بين شرق وغرب، وأين الثرى من الثريا؟؟
قال كليلة : أسعفني به حتى لا يتشابه البقر علينا، وحتى لا ينبهم الأمر على الناس.
قال دمنة : حبا وكرامة، إن ما يحدث في بلاد العرب أوطاني، من الشام لبغدان ، ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان، لا يحدث في يلاد عربية أهلها عرب، وإنما يحدث في صحارى الأعراب لقوم يقال لهم الأعراب، ومن الخطأ الفاحش أن تردد مع الجوقة العالمية من قنوات فضائية وصحافة وإعلام وصحافة مقروءة ومكتوبة محلية وأجنبية أن تردد وراءهم أن البلاد العربية تعاني ما تعاني، وأن العرب يتقاتلون فيما بينهم، فما يحدث _ يا صديقي _ هو بين أعراب يطلق على ديارهم بادية، بادية تنعت بالمدر، فمن الظلم البين والمغالطة الواضحة الفاضحة أن تطلق عليها مدن عربية، بل صحارى عربية، تجوس خلالها الذؤبان والفهود والنمور، وتحوم في فضائها العقبان والغربان والجراد، وتدرج في جنباتها اليرابيع والضباب والعقارب، وتسكنها الوعول والظباء وحمر الوحش!!
فغر كليلة فاه معبرا عن اندهاشه واستغرابه مما سمع، ولم يحر جوابا، وكان سكوته أبلغ من كلامه، مما جعل دمنة يواصل كلامه قائلا: نعم _ يا صديقي _ هو ما أقول لك من غير تعسف و لا تحامل، ولكن الأمر يحتاج إلى شيء من الروية وإعمال الفكر، فالنظرة الطائرة إلى ما حولك تقول لك إن كل ما تراه وتحسه وتسمعه وتشمه وتذوقه يشي بأنه عربي، ولكن لو دققت النظر لألفيته أعرابيا صرفا في لونه وطعمه ورائحته. ولكن لو أكتفينا بما قلنا فإنا لم نصنع شيئا ولرجعنا إلى نقطة الصفر التي بدأنا منها ؛ ذلك أنا لم نفرق بين العرب والأعراب، وهذا ما أحاول القيام به توا..
العرب – يا صديقي _ كانت _ في أغلبها _ وفي أول أمرها أعرابية بدوية تسكن الصحاري والبوادي في بيوت الشعر والخيام، وتقتني الإبل والشاء وتعيش على ألبانها وأوبارها وأصوافها، وتأكل الضب واليربوع، وتقنص الظباء وحمر الوحش، وتتبع مساقط الغيث بحثا عن الماء والعشب والكلأ، وتظل تطوف وتطوف في حدود صحرائها العربية الشاسعة، هذه الصحراء التي لم تصل المدنية إلا إلى جزء يسير منها، إذ ظلت الحال كما عليه قبل ألف وخمسمائة عام، وتحكم الحياة الاجتماعية والسياسية العصبيات والأحلاف غير الشريفة، ( وأنا وابن على الغريب، وأنا وأخي على ابن عمي ) و ( وأحيانا على بدر أخانا إذا لم نجد إلا أخانا ) وتقوم حياتهم على السلب والنهب واللصوصية وقطع الطريق، والإغارة على القوافل، والقتل هو الذي يحكم هذه الحياة، لأنك إن لم تكن قاتلا فبالتأكيد ستكون مقتولا..
فليس هناك استقرار ولا ما يشبه الاستقرار، وليس هناك إلا الترحال ثم الترحال ثم الترحال.. بحثا عن غنم أو غارة أو سلب، أو ثأر قديم.
أما عن وحدة فلا تسل، وأما عن ذمة فلا تفتش، وأما عن أمان فلا تبحث، وإنما هو الخوف ثم الخوف ثم الخوف..
وإنما هو الجفاء وغلظ القلوب وتحجر الأكباد، حتى يأتي واحدهم إلى الرسول الكريم ويقول له وقد رآه يقبل أحد الصبيان : أتقبلون صبيانكم؟ والله إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم!!
فالشدة والجلافة والخشونة وقسوة النفاق واللدد في الخصومة والجدال والمراء، وجهارة الصوت والتفاخر بالأنساب والأهل والعشيرة، وما عداها فليذهب إلى حيث تلقي به شعوب!!
ثم جاء الإسلام، فقلب كل ذلك إلى ضده، فبدلهم من بعد خوفهم أمنا، وأطعمهم من جوع، ووحدهم بعد أن كانوا هملا وطرائق قددا، ووضعهم على الدرب بعد أن مهد لهم سبله وذلل عسيره وأنار معتمه، وما عتموا أن ملأوا الأرض نورا وحياة وتمدنا وحضارة، والناس هم الناس والجنس هو الجنس، خلا فرق واحد، وهو فرق جد خطير وعظيم جد عظيم، هو أنهم خلعوا عنهم حالة كانوا متسربلين بها، أو قل بدلوا كينونتهم بكينونة جديدة، واستبدلوا بذاتهم القديمة ذاتا جديدة هي التي أحدثت كل هذا الفرق، ولذلك قال الرسول الكريم : (( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا )).. فقهوا ما ذا؟ هل يقصد الرسول الكريم فقهوا الدين فقط، لا أظن ذلك لأن الإسلام دين ودنيا، وإنما فقهوا شيئا أكبر وأشمل من مجرد الدين وشرائعه، فقهوا أسس المدنية والحضارة، فقهوا معنى الاستقرار والتعايش السلمي فيما بينهم، وتعلموا معنى أن يعيش الإنسان في جماعة، له من الحقوق وعليه من الواجبات مثل ما لهم وما عليهم، وهكذا وهكذا....
ولكن ما الذي حصل؟؟
الذي حصل أنهم اعتنقوا التقدم مذهبا، وجعلوا الحضارة واقعا، والمدنية أسلوبا، سلوكا وفكرا ومعاملة.. فكأنهم كانوا _وهم فعلا كذلك _ يعيشون حالة من الردة الجاهلية والتردي الثقافي، والانحطاط الأخلاقي، والسلوك الهمجي، فاستبدلوا كل ذلك بما هو مناقض له على طول الطريق.
ولذلك في الحديث الآنف الذكر نجد أن الرسول الكريم يذكر من بين الكبائر السبع ( والانقلاب إلى الأعراب ) ويجعلها في قرن واحد مع الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
ثم .. ثم ..
ثم ارتد العرب إلى حالتهم الأولى ( حالة الهمجية البدوية الأعرابية ) وعصوا عن أمر ربهم ورسوله.
فعاثوا في بعضهم قتلا وتدميرا، وسلبوا بعضهم بعضا، وسرقوا واعتدوا وطغوا وتجبروا وأصبح بأسهم بينهم جميعا تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، وتحسبهم عربا وهم ليسوا كذلك.
فها هم يتقاتلون على الحدود الجغرافية، ويتناحرون على المناصب السياسية، ويكفر بعضهم بسبب مذاهبهم الدينية، ويلعن بعضهم بعضا صبحة وعشية.
وعدوهم الحقيقي الخبيث يسخر من غبائهم، ويهزأ من عقولهم، ويزرع الفتنة والبغضاء فيما بينهم، وينهب ثرواتهم، ويقتلهم بسلاحهم، ويشرد بهم، ويصب عليهم العذاب صبا.
والأدهى من ذلك والأمر أن كل ذلك يتم تحت مرأى ومسمع من العالم أجمع. فلم يستحوا من الله ولا من الناس ولا من أنفسهم.
والدولاب يدور ورحى المنية تطحن، والعشرات بل المئات بل الألوف من الأبرياء يموتون يوميا في العراق وفلسطين والعراق، والملايين من المستضعفين يهجرون إلى أقطار المعمورة يعانون مصاعب العيش وفقد الأوطان وغياب الخلان.
وبعد وطأة صمت تمادت في الطول حتى كأنها دهر أفاق كليلة من ذهوله وألقى بهذا التساؤل الذي يشبه الجواب:
وهل السر وراء ذلك أن حالة المدنية التي يدعي العرب أنهم يعيشونها ما هي إلا قشرة خارجية، ومظاهر مادية استبدلوا فيها الطائرة والسيارة بالجمل والحمار، والعمارات الشاهقة والفلل الفارهة بخيمة الوبر وبيت الشعر، والإتصالات الحديثة بحديث الركبان، وأن الحضارة والمدنية لما تدخل في قلوبهم، فهم أسلموا ولم يؤمنوا، وفرق بين الإسلام والإيمان، فما أكثر المسلمين وما أقل المؤمنين؟!!!
قال دمنة : لعله كذلك، لعله كذلك!!



#عبدو_أبو_يامن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديكتاتور.. وغباء .. وقمر
- الظاهرة المحفوظية
- ومن العشق ما قتل!!
- ليس بالجبن وحده يحيا الإنسان
- متعلمون ولكن!!
- دلالة المقاطعة والبحث عن معنى
- فلسفة السؤال، والثقافة المفقودة
- فرنسا شيراك، والبحث عن دور
- متى أكتب؟!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -6-
- كليلة ودمنة في أراب ستان -5-
- رسالة تداعي الحيوانات على الإنسان، الملحمة الإنسانية الخالدة
- قديس
- كليلة ودمنة في أراب ستان – 4 –
- كليلة ودمنة في أراب ستان – 3 –
- كليلة ودمنة في أراب استان -2-
- كليلة ودمنة في أراب ستان -1-
- هذا بوش أم هتلر.. لا أستطيع التمييز بينهما؟!! - 2-
- هذا بوش أم هتلر.. لا أستطيع التمييز بينهما؟!! - 1-
- قنوات التدجين الفضائية العربية!!


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - كليلة ودمنة في أراب ستان -7-