أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدو أبو يامن - هذا ما علمتنيه الحياة














المزيد.....

هذا ما علمتنيه الحياة


عبدو أبو يامن

الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 07:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أن لها أسرارا كأبنائها؛ منها الدقيق ومنها الجليل، منها الحقير ومنها العظيم، منها العميق ومنها السطحي، منها المفرح ومنها المحزن.. ولكن مع فارق واحد هو : الجلال والجمال والشمول التي تتمتع به أسرارها، والكلية والموضوعية التي تمتاز به..
علمتني أن لها أسرارا حال الصحة وحال المرض، وحال الغنى وحال الفقر، وحال الصحو وحال السكر، وحال القوة وحال الضعف.. وأنها مهتمة بأسرارها من أعظم عظيم حتى أحقر حقير، من أضخم مجرة حتى أحقر ذرة..
علمتني أنها محايدة تجاه أبنائها لا فرق عندها بين إنسان وحيوان ولا نبات ولا جماد.. وأن بني الإنسان حين يتوهمون في أنفسهم مكانة ليست لهم، وعظمة ليست من شيمهم، وسيادة ليست من حقهم فإنها لا يعنيها كل توهماتهم وتخرصاتهم؛ فهي قد وجدت قبل أن يوجدوا وهي قد أوجدت بقية أبنائها قبل أن يخلقوا..
وليس عليها فيمن رضي أو سخط أو فرح أو أسى أو قام أو قعد؛ فأهدافها أكبر من أهدافهم الأنانية الضيقة، وغاياتها أسمى من غاياتهم الشخصية المنحطة..
علمتني أن كل كائن من كائناتها مهما ضؤل حجمه أو عظم وارتفع قدره أو نقص وسما عقله أو سف كلهم سواسية وكلهم بذات الأهمية وكلهم له دور أناطته به... فليس من زيادة وليس من فضول، وهكذا كانت سيرة الحياة مذ كانت على الأرض حياة.. حتى النملة والذبابة والبعوضة كل منها منوط به دور فكل عامل وكل مهم وكل لم يوجد عبثا؛ وبهذه السيرة وبهذا التدبير الحكيم كان التوازن والتناسق والانسجام!
حتى جاء آخر أبنائها في سلسلة الوجود ونظر إلى صورته وشكله ومظهره ومخبره وسره وجهره، ورأى أنه بعقله يفوق هذه الكائنات التي بجواره، وأنه يستطيع ترويضها واستغلالها في صالحه، وأنها وإن كانت أقوى منه قوة وأشد بطشا، وأنه وإن كان لا يستطيع أن يفوقها في قدراتها ومواهبها؛ فأين هو من قوة الأسد، وأين هو من ضخامة الفيل، وأين هو من سرعة الفهد، وأين هو من نظر الصقر، وأين هو من حركات القرود البهلوانية التي تزري بأعظم لاعب أكروبات من بني البشر!! عندما نظر إلى هذا كله وإلى أكثر منه قال في نفسه: إنه وإن كان هذا المخلوق الضئيل الحجم، الضعيف الطول والحول، العاري من كل هبة وقدرة غريزية مما يتمتع به خصومه فإن لديه العقل؛ به يسود وبه يغلب وبه يصبح خليفة في الأرض، وكان له ويا ليته لم يكن!!
إذ طغى وتجبر، وكفر وتكبر وظن أن الشمس إنما تدور مسبحة بحمده؛ أو ليس هو الذي ظن أنها ما تكسف إلا لموت عظيم من عظمائه؟! وأن القمر ما يبزغ إلا ليشهد على حبه؛ أو ليس هو الذي شهد ( بتشديد الهاء ) القمر على هواه وجعله أنيسه وسميره؟!
فإذا بهذا الذي ظن في نفسه أنه أعقل عاقل أجهل جاهل، وما أعظم غرور الإنسان وما أعظم حماقاته!!
همست لي الحياة قائلة: انظر إلى صنع الإنسان وانظر إلى صنيعي؛ انظر إلى مدنه ومنشآته وابتكاراته واختراعاته، إنها مدن صناعية ومادتها إسمنتية، إنه يتنفس صناعيا، ويأكل صناعيا، ويشرب صناعيا!!
ثم انظر إلى صنيعي؛ كل ما فيه طبيعي، الماء والهواء والغذاء!!
ولكن محامي بني الإنسان يجادل: صنيعك لا يكفي، البشرية في انفجار عددي، وغذاؤك لا يكاد يكفيهم، وهواؤك لا يكاد يحيهم، وماؤك لا يكاد يرويهم فماذا نصنع؟! لقد تصرفنا هذا كل ما في الأمر!!
فأجابته الحياة: ولكنكم لم تستغنوا عني بعد فما زلتم تفرون من مدنكم وقراكم إلى أراضي البكر إن كان لا يزال في الأرض أراضي بكر، تفرون بأنفسكم إلى الجبال والبحار والجزر تجددون حياتكم، وترممون أجسادكم، وتحيون نفوسكم.. فإذا كنت لكم بكل هذه الأهمية وهذا المكانة فلم تعتدون على حرماتي؟ تنقصون من أطرافي، وتلوثون أجوائي، وتسممون مياهي؟!
ثم هناك أمر آخر: ألستم تزعمون أن مواردي في نضوب فمن أنضبها؟ وأن عدد أبنائي في انفجار فمن فجرهم؟ وأن رقعة الحياة بدأت تضيق فمن ضيقها؟
وأمر آخر: هو في الحقيقة سؤال بسيط : بأي منطق وعقل وفي أي دين أو شرع وبأي علة وسبب يملك عشرون في المائة من سكان العالم ثمانين من المائة من ثروات العالم، بينما توزع عشرون في المائة على باقي سكان العالم؛ هذا لم أجده حتى في عالم الجمادات فضلا عن الحيوانات؟!!
ولم يحر الإنسان جوابا.. وكان السكوت أبلغ وأشرف أيضا!!



#عبدو_أبو_يامن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلنا يهرب
- إلى من سيضرم النار سريعا في هشيم العالم!!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -7-
- ديكتاتور.. وغباء .. وقمر
- الظاهرة المحفوظية
- ومن العشق ما قتل!!
- ليس بالجبن وحده يحيا الإنسان
- متعلمون ولكن!!
- دلالة المقاطعة والبحث عن معنى
- فلسفة السؤال، والثقافة المفقودة
- فرنسا شيراك، والبحث عن دور
- متى أكتب؟!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -6-
- كليلة ودمنة في أراب ستان -5-
- رسالة تداعي الحيوانات على الإنسان، الملحمة الإنسانية الخالدة
- قديس
- كليلة ودمنة في أراب ستان – 4 –
- كليلة ودمنة في أراب ستان – 3 –
- كليلة ودمنة في أراب استان -2-
- كليلة ودمنة في أراب ستان -1-


المزيد.....




- سوريا.. -جملة- مطبوعة على أكياس تهريب مخدرات مضبوطة تشعل ضجة ...
- نتنياهو يأمل في استعادة شعبيته بعد التصعيد مع إيران، فإلى ما ...
- اقتحامات وتفجيرات.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على الضفة الغرب ...
- مأساة في نهر النيل.. مصرع 4 أشخاص غرقا إثر انقلاب مركبهم
- زلزال بقوة 5.5 درجة يهز باكستان
- روسيا تشنّ هجمات بمسيّرات على مناطق واسعة من أوكرانيا
- تقرير يكشف تفاصيل تجنيد إسرائيلي لاغتيال كاتس بأوامر إيرانية ...
- -صليت وسط الأنقاض-.. علي شمخاني مستشار مرشد إيران يكشف ما حد ...
- كيف أحبطت قطر هجوم إيران على -العديد- أكبر قاعدة أمريكية في ...
- سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديد


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدو أبو يامن - هذا ما علمتنيه الحياة