|
دفاعا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
جادالله صفا
الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 02:13
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ بداية السبعينات عززت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين علاقاتها مع الجالية الفلسطينية، كسائر القوى والفصائل الفلسطينية الاخرى، واكتسبت جماهيريتها بين اوساط الجالية الفلسطينية بقارة امريكا اللاتينية، والتي اكنت لها الجالية كل احترام وتقدير لدورها النضالي، ولمسيرتها النضالية، وشقت الجبهة طريقها بين ابناء الجالية فاستقبلوا وفودها بكل الزيارات، وحواروهم بهموم القضية والوطن والثورة، وكان للجبهة الشعبية الدور الفاعل والمساهم بخلق جالية واعية مناضلة وصلبة بالدفاع عن فلسطين والقضية والثورة، ومن خلال الجالية الفلسطينية ايضا عززت علاقاتها مع العديد من القوى اليسارية والثورية بالقارة.
لم تتوانى الجبهة الشعبية اطلاقا بالدفاع عن وحدة الجالية ومؤسساتها، فطالبت انصارها وقاعدتها الجماهيرية للتمسك بالمؤسسات الفلسطينية والانخراط بها، مؤمنة بدور المؤسسة الفلسطينية على طريق بناء المجتمع الديمقراطي، فكان دورها بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ينعكس دائما وباستمرار على كافة مؤسسات الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تجمعاته، فكان لانصار الجبهة وجماهيرها بالقارة دورا نضاليا كان يعبر دائما عن دور الجبهة الطليعي ونقاوة ونزاهة سياستها الوحدوية والنضالية، وخاض انصارها بكل المؤسسات معركة دمقرطة المؤسسة والعمل الجماهيري والجاليوي، وواجهت انصار الجبهة بالقارة العديد من المواجهات الداخلية الفلسطينية التي كانت بالاساس نتاجا للحالة الفلسطينية العامة، والتي جاءت بشكل عام انعكاسا لطبيعة العلاقات الداخلية بمنظمة التحرير الفلسطينية، رغم اصطدامها وتنافسها مع انصار حركة فتح وجماهير فتح بالقارة، الا ان التناقضات الداخلية كانت دائما وباستمرار تقودها سفارة فلسطين بهذه الدولة او تلك، حيث كان انصار الجبهة وجماهيرها بالقارة توجه لهم الاتهامات بالملحدين، وعملاء سوريا وليبيا، وكلمات اخرى لا تخلو من الاهانات والاساءات والاستفزازات، ورغم كل هذا حافظت هذه القاعدة على التجنب بالوقوع بهذا المطب وهذا الفخ، واصرت هذه القاعدة على الحفاظ على المباديء الاخلاقية بالعلاقات الداخلية، وعدم الانجرار الى خلافات جانبية تؤثر على الدور النضالي الفلسطيني بالقارة.
عززت هذه القاعدة الجماهيرية علاقاتها مع قوى اليسار، بكافة جوانبه وافكاره وارائه، بما يخدم القضية الفلسطينية، واقامت معه العديد من النشاطات المشتركة بالمناسبات الوطنية الفلسطينية بالعديد من الدول، وكان لها دورا مميزا بتشكيل لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني والذي تركت بصمات ايجابية على ايصال القضية الفلسطينية وعدالتها الى كافة شعوب القارة.
اصطدمت الجبهة الشعبية بالعديد من العقبات والمشاكل بعلاقتها مع الجالية الفلسطينية، التي اثرت على دورها واداءها، وبالطبع هذه التصرفات لم تكن قرارا مركزيا جبهاويا بمقدار ما كانت تصرفات فردية من مواقع مسؤولة على مستوى القارة، وهذا حصل بالعديد من الدول واخص بالذكر تشيلي والبرازيل، وهذه التصرفات الشاذة التي ادت الى الاساءة الى الجبهة الشعبية ودورها ونقاوة افرادها، لم تسمح الجبهة باستمرار هذه الافراد بين صفوفها، وكان هذا القرار بالفعل صائبا، ومكملا ايضا للاجراءات التي اتخذتها بحق عناصر اساءات الى نزاهة ونقاوة الجبهة وعناصرها، وما قامت به وفود لها ببداية السبعينات لم تكن ايضا من اخلاقيات عناصر الجبهة اطلاقا، ولم تستمر هذه العناصر ضمن صفوف الثوار وما زالت هذه العناصر منبوذة من قبل الجبهة وقيادتها وعناصرها ومن قبل الجالية والجماهير، الجالية الفلسطينية بامريكا اللاتينية تعرفت على رموز ثورية نضالية ما زالت تشهد لها الجالية الفلسطينية بصلابة مواقفها واراتها النضالية، كالشهيد ابو عبيدة الذي استشهد وهو يؤدي واجبه الوطني بكولومبيا باوائل الثمانينات، كذلك المناضل الكبير الرفيق جايل العرجة الذي استشهد بمنتصف السبعينات.
من خلال ادبياتها نبهت الجبهة الشعبية الى خطورة البرجوازية الصغيرة وتحولها الى برجوازية كبيرة، قد تصل الى مواقع قيادية، مما تؤثر على المسيرة الثورية للحزب، وانحرافه عن الاهداف والمباديء الثورية، ، مؤكدا ان الاغلبية من ابناء الجالية الفلسطينية بامريكا اللاتينية هم من اصول فلاحية، غلبت عليهم العادات والتقاليد الفلسطينية، ضمن مجتمع غربي يختلف كليا عن عاداته وتقاليده العربية والفلسطينية، فالجبهة الشعبية لم تتمكن من التعامل مع هذه الشريحة الفلسطينية ضمن مفاهيمها الثورية، فالجبهة لم تتمكن على مدار علاقتها مع الجالية الفلسطينية بامريكا اللاتينية من خلق كوادر تكون قادرة على قيادة جماهيرها والتفاعل معهم باحلك الازمات، وهذا ترك سلبيات باداء انصار الجبهة والعلاقات اليومية مع الجالية والجماهير، كذلك كانت هذه العناصر ضعيفة امام التصدي لحملات التشويه التي كانت تمارسها قيادات محسوبة على فتح، اضافة الى الدور السلبي للسفارات الفلسطينية بشكل عام بكيفية التعامل مع القوى الفلسطينية بالساحة، حيث تعاملت السفارات دائما وباستمرار بازدواجية بعلاقاتها مع القوى والجالية الفلسطينية.
جانب اخر ما اود التطرق اليه وهو ما ذكرته اعلاه، الى خطورة تحول البرجوازية الصغيرة الى برجوازية كبيرة، فهذا التحول قد يعكس سلبيات على الاداء العام للجبهة، وهذا ما حصل، نعم لقد انتقلت شريحة من انصار الجبهة الشعبية من برجوازية صغيرة مثقفة الى شريحة يرجوازية كبيرة، بدات مفاهيمها تلتقي مع مفاهيم البرجوازية الفلسطينية بشكل عام، حيث تطمح هذه الشريحة الى تسلم مقاليد القيادة بحكم واقعها الطبقي الجديد الذي فرض عليها النظر الى مصالحها، قبل النظر الى مصلحة الجالية الفلسطينية ومؤسساتها الجاليوية والجماهيرية، فبدات هذه الشريحة تطرح نفسها كقيادة للعمل الوطني دون العودة الى الضوابط التنظيمية التي تحدد العلاقات الداخلية والمسؤوليات وتوزيعها، وذلك تحت مسميات وتبريرات التقادم، ورات نفسها هذه الشريحة بان باستطاعتها ترتيب العلاقات الداخلية بما ويتلائم تطلعاتها واطماعها، مما ادى الى خلق تصادم بينها وبين الجبهة الشعبية، وعندما اكتشفت بعض القيادات الفتحاوية والسفراء هذه الطموحات والاطماع بدات التعامل معها من منطلقات انانية واطماع ذاتية، واستغلت هذه الاطراف هذه المفاهيم من خلال التحريض على اطراف اخرى، من خلال الانتقاص متخلية عن القيم الاخلاقية والتقادم بالنضال وغيرها، رغم ادراك السفراء وهذه القيادات بحقيقة الوضع، ومعرفتهم باسماء المخولين بالتحدث باسم الجبهة ومن خلال رسائل رسمية، الا ان الاصرار كان هو محاولة المساس بالجبهة ودورها النضالي.
رغم كل المحاولات التي تم بذلها من اجل تجاوز هذه الحالة، ولرغبة هذه الشريحة واطماعها الذاتية والانانية، الا انها بقيت على مواقفها وادعاءاتها التي تريد بناء تنظيم بشكل اخر مختلف، يخالف الاسس التنظيمية للجبهة ويصطدم مع خطها، فما كان من هذه الشريحة الا العمل على اقامة تحالف مع اطراف فلسطينية اخرى تتصارع مع الجبهة الشعبية وخطها بالعلاقات الداخلية الفلسطينية، فحاولت هذه الشريحة وبذلت كل جهودها من اجل منع الجبهة الشعبية من المشاركة بنشاطات على مستوى القارة، وتمكنت هذه الشريحة من جر افراد اخرى محسوبة على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الى التحالف مع اليمين الفلسطيني والسفارة الفلسطينية عندما بذلوا كل الجهود من اجل منع الجبهة من المشاركة بالمنتدى الاجتماعي العالمي، وبالاخص محاولات منع ليلى خالد من القدوم الى البرازيل للمشاركة بالمنتدى الاجتماعي العالمي الخامس، فتحالفت هذه الشريحة مع الكونفدرالية الفلسطينية ( حاليا الفيدرالية ) والسفارة الفلسطينية لمنع هذه المشاركة، ورغم تمكنهم من التاثير على مشاركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالمنتدى الاجتماعي الخامس الا ان الجبهة تمكنت من المشاركة من خلال وفد من كادرها الاول.
هذه الشريحة التي اعلنت خروجها من الجبهة، بعد كل فشلها للتاثير على مواقف ومفاهيم الجبهة الثورية وعلاقاتها الداخلية الفلسطينية، اصطدمت فيما بعد مع حلفائها المتمثلين بالسفارة والفيدرالية الفلسطينية، دون الخوض بهذه التفاصيل، الا ان هذه الشريحة رغبت بعد ذلك البحث عن اطار يسمح لها استمرارها بالساحة وبين الجالية والجماهير، فارادت ان تتحالف مع انصار الجبهة الشعبية، لمواجهة النهج المهيمن والمسيطر على المؤسسات الفلسطينية، ولكنها تريد ان تفرض مفاهيم لا تستند اطلاقا الى مفاهيم التحالف والصراع، وما تريده هو ان تفرض فقط مفاهيم الصراع، رغبة للانتقام وليس للبحث عن مخارج للازمة التي تمر بها الساحة الفلسطينية ومؤسساتها، فالجبهة لها مواقف واضحة وصريحة وليست خافية الى احد، فمنذ انطلاقتها اكدت على مصطلح الصراع والتحالف ضمن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية واطرها، وليس من خلال العداء، وكانت دائما وباستمرا وبحكم معرفتي بمواقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فكان دائما شعارها الدفاع عن المؤسسات الفلسطينية، وكانت تدعو افرادها وعناصرها وانصارها وجماهيرها للانخراط بالمؤسسات الفلسطينية الجماهيرية والشعبية والطلابية والعمالية والنسائية، كمؤسسات ملكا للشعب الفلسطيني، ودائما وباستمرار كانت من المدافعين عن المؤسسات الفلسطينية، واعلنت دائما وباستمرار ادانتها ورفضها لكل المحاولات التي تمس بالمؤسسة الفلسطينية، واذا خاضت الجبهة الشعبية صراعها مع اي طرف اخر كان من ضمن المؤسسات الفلسطينية وليس من خارجها.
من حكم فهمها لحجم المؤامرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، والحالة المترهلة للمؤسسات الفلسطينية على الصعيد الوطني، وادراكها وفهمها لخطورة تهميش وتعطيل مؤسسات الشعب الفلسطيني وخطرها على مستقبل القضية الفلسطينية، فالجبهة الشعبية بمواقفها واضحة كالشمس، بانها مع تفعيل المؤسسات الفلسطينية بكافة تجمعات الشعب الفلسطيني، على اسس ديمقراطية تضمن المشاركة الجماعية على اساس التمثيل النسبي، والجبهة الشعبية بالتاكيد لن تكون مع اي موقف يسيء الى المؤسسات الفلسطينية وانما تدين وتنبذ هكذا مواقف سيئة لا علاقة لها بها، ولن تكون اطلاقا جزءا من تحالف تطغى عليه المصالح الذاتية والضيقة والانانية، ومن هنا الاطراف الفلسطينية الاخرى وعلى راسها السفارات الفلسطينية ليست هي المخولة باقرار العضوية التنظيمية بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لتوجه اصابع الاتهام للجبهة، وعلى هذه القوى والاطراف ان تتوخى الحقيقة قبل ان تقدم على اي خطوة تفاديا لاساءات قد لا تكون بمكانها، وهذه القوى مطلوب منها الابتعاد عن عمليات التشهير من خلال رغبتها لتحميل الجبهة مسؤولية افعال غير لائقة قامت بها عناصر خارجة عن اطار العمل الوطني والعلاقات الداخلية.
جادالله صفا كاتب فلسطيني مقيم بالبرازيل 15/06/2008
#جادالله_صفا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تطورات الوضع العام للاجئيين الفلسطينيين بالبرازيل
-
الفأر اللي الغى نشاط النكبة
-
اللاجئين الفلسطينيين بالبرازيل ماهو واجبنا اتجاههم؟
-
اي مصير ينتظرنا؟ مستقبل مجهول، ام حل مفروض؟
-
لاتركبوا الطائرة الا والعلم الفلسطيني يرفرف بايديكم
-
ايهما اقل شرا مؤتمر انابولس ام الموافقة على التهدئة؟
-
لماذا لا تتوقف القيادة الفلسطينية عن ادانة المقاومة؟
-
لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني بالبرازيل... وافاقها المستقب
...
-
تحيا فلسطين ...... تحيا تشيلي...تسقط موريتانيا ....... تسقط
...
-
اليسار الفلسطيني بالبرازيل وانعكاسات مفاهيمه على المؤسسات ال
...
-
اللاجئين الفلسطينيين بتشيلي المحيط من امامكم والعدو من ورائك
...
-
لماذا المقاطعة لمؤتمر القمة العربية؟
-
من تاريخ الهجرة الفلسطينية الى البرازيل (الجزء الاول)
-
لمحة سريعة على واقع اللاجئيين الفلسطينيين بالبرازيل
-
المازق الفلسطيني الراهن واحتمالات العودة للخيار الاردني
-
المؤسسات الفلسطينية بالبرازيل وافاقها المستقبلية
-
قطاع غزة - المحرقة - والنازية الجديدة
-
اولى الضحايا اللاجئين الفلسطينيين بالبرازيل
-
الشرعية الفلسطينية ومأزقها.... ازمة ام مؤامرة؟
-
اللاجئون الفلسطينيين بالبرازيل يقرعون جدار الخزان
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|