أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - رسالة إلى مؤيد سامي














المزيد.....

رسالة إلى مؤيد سامي


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2314 - 2008 / 6 / 16 - 10:50
المحور: سيرة ذاتية
    


الكتابة إليك ليست مناسبة خاصة، قد ما هي استمرار لمنولوج داخلي أو رفع الصوت أثناء القراءة. أعرف أنني أبقى مقصراً في حقك وحقّ أسرتك الجميلة الماثلة صوركم في عيوني، لكنني مع ذلك تأخرت.. أعترف أنني تأخرت في الكتابة بدرجة ملحوظة، منتظراً، باصرار عنيد، وصول رسائلك المطولة التي قلت أنك ترددت في إرسالها لي في حينها لأسباب معينة.. فما الذي منع ارسالها بعدما تركت عالمنا المعولم والدنيا الدنيّة.. فالموت يلغي جميع المبررات ويرتفع فوق الأحكام. أصدقك القول.. أنني انتظرتها حقا.. وما أزال أتمنى أن أجدها في صندوق بريدي.. وأعاهدك أن أردّ عليها فوراً.. ما أزل أشتاق للحديث الذي لم تقله.. والأسئلة التي لم تعرضها.. وأشياء كان يجب أن أعرفها.. ولما أزل لم أعرف.. أنت الذي عرفت لم تتركني أعرف.. وأنت الذي رأيت.. لم تعرني عينيك.. وأنت الذي سمعت لم تكن لي أذنا.. وأنت الذي تلقيت كل الرصاص بصدرك.. ولم تترك لي أو لأحد رفاقنا واحدة تتسلى بين أضلاعنا.. للمرة لأولى نبت لديك ذلك الاصرار العجيب على العمل.. ورغم عبارتك المؤلمة (ليست لي رغبتك في الحياة).. فقد كانت إقراراً بتعلقك الرهيب بالحياة. وأعرف.. رغم كل ما بيننا من مسافة وزمان ردئ.. أنك لم تكن تفكر بالموت يومذاك.. وأن الخلاص من الطاغية.. أعطاك وعدا مقدسا بحياة أبدية.. ولم يكن تصورك خاطئا.. ليس غير لبس بسيط في تصورك للأبدية.. آه.. أيها المهر الجامح.. يا ترى ماذا تفعل الآن.. ماذا تفعل هنالك.. هل أنشأت علاقات جديدة مع الوسط الثقافي والفكري.. هل ما تضيق بالأدباء وتحتقر نزعاتهم الشخصانية ولا سيما الشعراء.. هل تخطط لفتح مكتبة جديدة تعيد استنساخ أكاذيب الشمادقة.. على العموم الوضع هناك أهدأ كثيراً.. فليس ثمة مناسبات تحفز قريحة الجواهري للمديح أو الهجاء، ولا قادة ومراكز قنصلية تثير في البياتي وقباني وأمثالهم شهوة المنافي صقيع الغربة.. الفرصة الأكثر حظا هي للروايات الطويلة.. فالجميع مستغرقون في تسجيل مذكراتهم التي لم يسعفهم هذا العالم لانجازها.. وهي مناسبة جيدة للكتابة بدون خوف أو تملق.. وربما يكون لذلك شأن في يوم الحشر والدينونة.. فيأتي كل بكتابه المؤلفن الصفحات.. والخالي من مصادقات دائرة الرقابة والممنوعات.. يمكن الاستفادة من الصفحات التي حذفتها دائرة السي آي أي من تقرير كينيث وهذا يمنح التقارير الصفحية بعدا أعمق في قراءة المستقبل..
صديقي العزيز..
مصدر سعادتي في هذا العالم أني لم أجد أحداً من أحبائي يموت أمام عيني.. كل الذي ماتوا من أخلي وأصدقائي جائت أخبار نعيهم بالمراسلة والتلفون.. وهو ما يترك لي فسحة تكذيب الخبر، أو أدخل المعلومة دائرة الاحتمالات اللا نهائية.. لقد أقلعت عن فكرة زيارة بعقوبة عقب اغتيالك.. ولكني لا أستبعد إذا مررت ذات يوم متفقدا خريطة الشوارع وترتيب الدكاكين ووجوه من ترتهم قبل عقود ثلاث ونيف.. أن أجدك بينهم.. وتخطئك العين.. فأعود كالمهووس أنظر إليك وأتفحص سترتك البنية.. مؤيد.. أهذا أنت.. من قال أنك مت.. لماذا أخفيت أمرك عني كل هذه السنين.. هل تعبت من المراسلة.. أم أن الأمور التي أردت محادثتي بها كانت من الخطورة والألم.. ما دفعك للتخفف منها بالموت.. مع ذلك سنتعانق.. وبدون وعي أو إرادة.. سيجري كل شيء كما لو أنه خارج الزمن.. وفوق كل منطق.. ما زلنا بحاجة لنذرع كورنيش خريسان أربع مرات قبل أن نعود إلى منازلنا.. ونستعرض الكثير من أخبار الأدب إلا أخبار بعقوبة المستحمة بحرارة الصمت والصراعات الباردة..
ارجو أن تلتفت لشعرك.. وتولي اهتماما أكثر لتسجيل نصوصك السديمية التي لم تترك منها غير قليل.. وما وصلني منها بيد غيرك.. بالمناسبة.. لم تبعث لي بمجموعتك القصصية التي اتفقنا على نشرها لك في الخارج.. والكتاب الذي وعدت وزارة الثقافة واتحاد الأدباء باصداره لك وعنك في ذكرى اغتيالك المزعوم لم يصدر ولا هم يحزنون.. ويبدو أن شائعة تكذيب موتك قد انتشرت.. والوزير الشيوعي ترك كرسي الثقافة لصاحب عمامة.. لكن رفاقك البعقوبيين صار لهم شأن في اتحاد بغداد الذي لم يعد له ذلك الشأن.. من سخريات القدر.. أن صاحبنا الذي حذرتني منه وكان حجر عثرة في اتحاد الأدباء وصلكم مؤخرا.. وخشيت أن تضعكم دائرة اللجوء الفدرالية هناك في هوستل واحد.. أعرف أنك لن تطيقه.. رغم سيبدو منكسرا جداً.. بمجموعته اليتيمة ومركزه الذيلي من جريدة الجمهورية إلى ذيل قناة الشرقية.. أعرف أنك سمح ونبيل حسب تعاليم الحكيم مانياخوس .. وسيقدم لك قائمة أعذار واعتذارات جديدة ومرثية لتفادي حدوثها مستقبلاً..
معذرة لهذا الاستطراد..
أيها الحبيب..
رحيلك كان السكين التي قطعت حبل السرة بكل ما هناك.. والرفاق الذين تناوبوا في المراسلة.. سرعان ما انقطعوا بدون سبب واضح.. وأنني لأجد نفسي أردد في غيبوبة قول الخنساء..
مؤيد.. لا خير في الدنيا وما فيها.. إن أنت خليتها فيمن يخليها..
أخبرت السلطات المحلية بشأنك.. وسألني المسؤول عن فكرة انشاء المشروع الثقافي الذي اتفقنا على إقامته سوية، ليحمل إسمك.. ويكون عزاء لفقدك.. طبعا هذا تفكير غربي.. قلت له الأفكار الغربية لا تصلح في الشرق.. لوكنا من طائفة دينية لأنشأت مركزا دينيا باسمك.. فهذه هي الرائجة اليوم في كل مكان.. لكن المصيبة أن الحاجة الماسة هي لاستنهاض العقل وليس تخدير المشاعر.. ارجو أن تأخذ الموضوع بنظر الاعتبار.. وتفكر في طريقة لترميم الوضع.. ولا تستسلم لخرافة موتك حتى لو أظهروا على شاشة التلفاز وجوه القتلة الثلاثة واعترافاتهم بتنفيذ الجريمة..
أرجو أن تكون هذه الرسالة البعيدة.. محاولة في إعادة ربط ما انقطع.. وحافزا للتواصل ريثما نلتقي قريبا..
محبات ابدية لا تنتهي..
أخوك
..

لندن
الرابع من يونيو 2008






#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آشتي تخرج من الحمام
- (ما أسهلَ الكُرْهَ..!)
- رسالة إلى علي هجام
- الزمن نقطة والانسان دائرة..
- تلك الرائحة..
- قبل أن تبرد!
- رباعيات
- مثلَ عُودٍ يَحترقُ..
- شجرة اصطناعية
- العولمة (و) العمال.. حركة المفاهيم والتحديات
- ذاكرة السور
- لم تفرغ الكأس..
- مسكين من لا يعرف الحبّ
- أب
- لاجئ لدبليو ه. أودن
- (أطلس الغبار).. بين قلق المحلي وإشكالية العولمة
- - ظاهرة الهجاء في الشعر المعاصر-
- قصيدة [الوعل].. دراسة صوتية – سوسيولوجية في مادة الأسى
- أيام سائطة..
- أحلام مكّيسة


المزيد.....




- الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم ...
- آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
- قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة ...
- بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال ...
- الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا ...
- زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
- برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء ...
- الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح ...
- فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه ...
- راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - رسالة إلى مؤيد سامي