أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الثقافة التي تطعمنا الخبز أو خبز المسيح














المزيد.....

الثقافة التي تطعمنا الخبز أو خبز المسيح


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2308 - 2008 / 6 / 10 - 11:05
المحور: كتابات ساخرة
    


فعلا أخطائي كبيرة وهي لا تغتفر .
ولكن كلمة قالها المسيح تجعلني أشعر بالحياة : ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ...وإنما يعيش ..ولكن بالكلمة الطيبة يحيا الإنسان ...
. فيستطيع الإنسان أن ينمو نموا بيولوجيا وهو يأكل الخبز ويشرب الماء ولكنه لا يستطيع أن يحيا حياة أبدية أو حياة فيها السعادة إلا إذا تغذى على الفن والثقافة .
فالثقافة والفن تطعمنا خبزا ساخنا .
فالحيوانات فقط هي التي تأكل وتشرب وتنام وهي وحدها من يحيا حياة بيولوجية فقط لا غير ووحدها من يموت موتا بيولوجيا أما الإنسان فهو المخلوق الوحيد الذي لا يحيا بالخبز وحده وإنما يعيش فقط لا غير .
والإنسان إذا فقد الكلمة الطيبة فإن حياته تنقلب إلى موت مبكر بسبب الجوع وكأنه لا يأكل شيئا فالإنسان حتى يعيش بحاجة إلى ماء وهواء وعشب أي أنه بحاجة إلى غذاء متكامل .
ولكن هذا لا يجعله يشعر بالحياة الطيبة ولا يجعله ينمو نموا عاطفيا وحين يفقد الإنسان العاطفة فإنه يموت قهرا .
والعاطفة نجدها في ثقافة الكلمة الطيبة .
فكيف سيغفر لي وطني تهمة التحرش به ...وتهمة حبي له وعصياني لنفسي ..
وكيف سأنجو بنفسي إذا جاء الطوفان وغيض الماء واستوى على الجودي .
في بلاد لا تأكل الثقافة إلا كما تأكل الحجارة وتهظم الثقافة في معدتها وكأنها تهظم قطعة كاوشوك .

كيف سيغفر لي أبنائي جريمة حبي للثقافة فأنا من الظاهر أنني سأفسد على أبنائي شبابهم إذ أنهم سيكبرون في عائلة يرأسها أب مثقف لم يحقق مشروع التنمية لأبناءه غير : الورقه .....والقلم ....والدفتر والكتاب .

وسيكبر أبنائي وأنا وحدي من سيصغر أمامهم حين يمدون إليّ بأيديهم وحين تعود أيديهم تصطف على جنوبهم باردة وكبيت سقفه من الخشب خاوي على عروشه.

وسيكبر أولادي في وطن لا يطعم المثقف خبزا ؟؟؟
فمقولة الثقافة لا تطعم خبزا هي مقولة مقلوبة رأسا على عقب .
فالثقافة هي التي تطعم الخبز ولكن الوطن هو الذي لا يطعم المثقف خبزا .
الغني بغير وطن فقير وغريب , والوطن بغير مال فقر وغربه .
ونحن أغنياء جدا بأوطاننا وسعداء جدا براحة بالنا .
الثقافة تطعم الخبز ...ولكن الوطن هو الذي يخلق دعاية أن الثقافة لا تطعمنا خبزا .
وكان يقول أبو العتاهية :

وكوز ماء بارد
أشربه من صافيه

وكسر خبز يابس
أأكله في زاويه

أحب إلى نفسي
من القصور العاليه

فاسمع لنصح مشفق
يدعى : أبو العتاهيه .
مهما جعنا في سبيل الثقافة فإننا سنبقى على الغالب نحبها .

وهي مسألة تشبه إلى حد قريب تضحية الجنود بأرواحهم في سبيل أوطانهم .
وكذلك المثقفون يضحون بأجود ما لديهم من مخزون ثقافي .
فالزمار يموت وأصابعه تلعب على ثقوب مزماره .

وعازف العود يموت والعود وأوتاره بين أصابع كفيه .
والمثقف يموت ويحيا بفعل فن كلماته وسحرها .

وحين يموت الإنسان العادي فإنه يموت وحده وحين يسعد ويفرح فإنه يسعد ويرح وحده .
أما المثقف والفنان فبحياته تحيا معه الآلاف بل والملايين .
وحين يموت يموت وحده ولا يموت أحد معه ويبقى فنه خالدا ويحيي في النفس البشرية السعادة والطمأنينة والرخاء والإسترخاء بين أحضان الفن المحيي للقلوب والأعصاب ومحرك الدماء في العروق ومحرض دقات القلب على الدق .

فالثقافة تطعمنا خبزا ساخنا وتسقينا ماءا باردا .
وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان وإنما بالكلمة الطيبة .

إنها كلمة ليست عابرة قالها المسيح عن غير قصد منه بل قالها بقصد أن الثقافة هي الفن الذي يجعلنا نشعر بقيمة أرواحنا وطهارتها وروعتها حين فقط نأكل ونهظم الفن والثقافة عندها يتبين لنا أن الخبز الذي أكلناه ما كان ليعطينا الإحساس بالسعادة وبالنمو .
الخبز فقط يجعلنا نحيا حياة بيولوجية ولكن الثقافة تجعلنا ننمو نموا سيكولوجيا ونموا روحيا وعاطفيا .
لذلك ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بالكلمة الطيبة وهذا يعني أن الثقافة تطعمنا خبزا ساخنا .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابلوف في المخابرات1
- هل سيبقى بوش حمارا؟
- هل سيبقى بوش حمارا ؟
- دعوة لفتح ملفات الأدب الجاهلي والمسكوت عنه
- العمل الثقافي المقدس
- الرجل يقف على قدمين والمرأه على قدم واحده
- المثقفون ملح الأرض
- عشقي للجمال في الحوار المتمدن
- القوانين العراقية أرست قواعد الديانات التوحيدية .
- خذوا حذركم عند كل عربي
- الخليفة المعتصم المثمن
- شكرا أمريكيا وإسرائيل
- الجريمة تدل على نوعية المجرم
- العقاب
- تطور الإنسان
- الشيطان مخلوق جميل
- الخوارج أول جمهورية إسلامية
- الإسلام السياسي واليهودية السياسية لا يستنبط منهما مجتمعات م ...
- عبادة الفرج
- اليهود شعب الله المظلوم


المزيد.....




- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الثقافة التي تطعمنا الخبز أو خبز المسيح