أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى توما مرقوس - الماضي ..... ماضياً















المزيد.....

الماضي ..... ماضياً


شذى توما مرقوس

الحوار المتمدن-العدد: 2300 - 2008 / 6 / 2 - 08:52
المحور: الادب والفن
    




ـــ قصة قصيرة ـــ
ــــــــــــــــــــــ

2007

........... من أين جاءتها هذه القسوة ؟ ...... وهل هي قسوة فعلاً أم شئ أخر لاتستطيعُ تحديدهُ أو تسميته ؟ هل أودعتها هذا السنين بفعل تقدم السن ..... أم أنّها الغُربة ؟ ربّما كانت هذهِ القسوة أو هذا الشئ الذي لاتستطيعُ تحديدهُ أوتسميته يسكنها فيما مضى أيضاً ولكن لم تُفطِن اليهِ أو رفضت أن تُفطن اليهِ وظلّت تتجاهلهُ ..... من أين جاءها كُل هذا ؟ ...... لم تعُدْ تؤمنُ بالبعيدين حتى شمل القريبين ........ وهذهِ الأفعى في شعورها بدأت تزحفُ نحو عائلتها ....... لم تعُدْ تؤمنُ بأهلها أيضاً ..... أنّها لاتنتظِرُ من أحدٍ على الأطلاق شيئاً ...... قريباً كان أم بعيداً ...... لا الحُب ..... لا التعاطُف ....... لا التفهُم ...... لا المُساندة ...... على العكس بدأت تتقبلُ رفض هؤلاء الآخرين لها بأعتبارهِ أمراً ممكن حدوثه وتوقُعِهِ ...... بدأت تتفهمُ أنّها قد تكونُ شخصاً غير مرغوب فيهِ لدى فُلان وعلان دون أن تسأل نفسها لماذا...... ولماذا تسأل ؟ ...... بالتأكيد فلان وعلان وكذلك الغِرْبان لهم أسبابهم ..... لن تعاتبهم ..... ولا يحقُ لها أن تعاتبهم ...... آه العتاب ...... قالوا أن العتاب نتاج المحبة ..... من يُعاتِب يُحِب ....... لكنّ هذهِ المقولة فقدت مصداقيتها لديها ....... فعلى مدى حياتها عاتبت من أحبتهم أصدقاء وأهل وأصحاب وأقرباء ...... عاتبتهم بمحبة خالصة حين أستدعت الضرورة ...... لكنّ هذا العتاب لم يُفسرّ منهم دليل محبة بل زادهم عنها بُعاداً .... وأبتِعاداً ...... بينما أزدادوا تقرُباً لمن لايهتمُ لمجيئهم وذهابهم ...... حضورهم وغيابهم ..... سؤالهم أو أهمالهم ......
كم سببت لها كُل هذهِ الأمور من الآم ...... لم يعُدْ لذلك الألم من مكان في نفسِها ...... تعلمت أن
تتقبل الأمور كما تحدُث ...... والأشخاص كما هُم ...... لم تعُدْ تُعلِقُ آمالاً كبيرة ولا حتى صغيرة في رقبة شخصٍ ما ...... حتى وأن بدا هو الشخص الذي يُمكِنُ تعليق كل الأمال في رقبتهِ ...... في النهاية هو أنسان ..... هي الآن أبعدُ ماتكون عن التوقع أو المطالبة بشئ من أحدهم ولاحتى بأبتسامة ...... وكُلّما أبتعد الآخرون عنها وأبتعدت عنهم هكذا ..... أنسحبت أكثر داخل نفسها ....... لم تعُدْ تؤمنُ بأحد ..... فقط بنفسِها وباللحظة التي تعيشها ...... قبل سنين شاءت لها الأيام أن تلتقي أحدى صديقاتها القديمات بعد فُراق طويل بفعل الحرب الدائرة في الوطن لم يؤثر فيها شوق صديقتها كثيراً فما كان يشغلها هو شكل العلاقة الجديدة مع صديقتها هذهِ بعد لقاءات عديدة مُفترضة ........ تعلمت في الغُربة أن هذا الشوق ليس أكثر من دهشة اللحظة الأولى للتلاقي ووجهٌ أخر من الفضول لمعرفة ما جدّ أو سيستجِدُ في حياة الآخر ...... وهي مؤمنة أن هذهِ اللهفة ليست سعادة للقياها بشخصِها هي بل سعادة بلُقيا ماضٍ جميلٍ كان ..... لقد مثلت لهذهِ الصديقة القديمة عزيزاً فقدتهُ ثُم وجدتهُ ...... لكنّ هذا المفقود المعثور عليهِ لم يبقى على حالهِ بفعلِ السنين وهذهِ الصديقة لم تكُنْ هي نفسها قبل عدةِ سنين ........ وما أن أشبعت هذهِ الصديقة فضولها عما أستجدّ منذ أفتراقهما والى اللحظة في بضعةِ لقاءات حتى بدأ البرود يُعريّ ذاتهُ وما تبِع ذلك لم يكُنْ سوى مُكالمات هاتفية مُتباعدة جداً .... جداً مُعللّة بالأنشغالات الحياتية ورغم محاولاتها العديدة مع هذهِ الصديقة القديمة لحفظ حبل التواصل ممدوداً غير مُنقطع ودعمه بالزيارات الا أن العلل والأعذار والحجج تكاثرت بلانهاية و أنتهى الحال بأنَّ هذهِ الصديقة لا تهاتفها الا وقد تكدس كمٌّ هائِلٌ من الهم فوق نفسِها ولابُدّ من أفراغهِ ....... فالى من تُفضي بهذا الهم وهي في بلاد الغُربة حيثُ يصعُبُ الوثوق بالآخرين ...... ليس من أمام هذهِ الصديقة القديمة غيرها ...... وهي الذكرى التي أودعتها ثقتها قديماً والماضي الذي تطمئِنُ اليهِ ....... وهكذا تديرُ رقم هاتِفها وتبدأُ بالشكوى في أُذُنيها ...... شكوى .... ألم ..... آذية ........ حتى تشعُر بالراحة ...... ثُم تستعجلُ أغلاق الخط في اللحظات الأخيرة لأنّ الهدف الذي أتصلت لأجلهِ بات مقضياً ......
نهاية طبيعية لعلاقة من الماضي ...... كانت تتوقع أن تؤول هذهِ الصداقة القديمة الى هذا المصير ..... أنّها لا تستغرِب ..... تغير الزمن ..... تغيرت النفوس ..... تغيرت الأماكن والأشياء والظروف ...... كما هي أيضاً تغيرت وما ينتهي مرة لايُمكنُ أن يبدأ مرة أُخرى ...... مكالمات صديقتها القديمة هذهِ صارت تُشعِرها بالنفور والقرف ..... كم أصبحت هذهِ الصديقة غريبة عنها .... يالله ....... وقبل بضعةِ أشهُر شاءت الأيام لها ثانيةً أن تعثر ببعضٍ آخرين من أصدقائها وصديقاتها القُدامى ....... تبادلوا معها أرقام الهواتف والى آخرهِ من العناوين البريدية والألكترونية فهم يعيشون في دولٍ أُخرى ...... وهي تعلم أن ماحدث بينها وبينهم أنّما هو دهشة اللحظة الأولى للعثور على الماضي ووجهُ من الفضول للمعرفة عن الطرف الآخر ....... كتبت اليهم بعد ذلك بضعة مرات محاولةً منها لحفظ التواصل لكِنّها لم تستلم من أي منهم رداً ...... أنتظرت ثانية ولم يأتِها شئ ..... وهي مُتأكدة أن هؤلاء القُدامى لن يتصلوا بها وهي أيضاً لن تتصل بهم لاحقاً بعد محاولاتها العديدة معهم وبعد أن أكدوا لها شكوكها فما يُمكن أن يعيشهُ الأنسان هو اللحظة الحاضرة فقط هذهِ اللحظة هي مُلكهُ ..... أما الماضي أو المستقبل فلاشئ لهُ فيهما ..... وهي لن تعرف أبداً ماذا سيكون معها في اللحظة القادمة وماذا سيجري ..... الحروب فرّقت الأحباء والبشر وقتلت الماضي بجمالهِ ..... المحبة لاتكفي لأصلاح كل ذلك الخراب الذي كومتّهُ الحروب خلفها والغُربة أتت على كُل ماتبقى وأورثت الكثير من الخراب الروحي والنفسي لمن وقعوا في قبضتِها.....الغُربة والحروب وجها عُملة واحدة .... رُبّما يبقى بعضٌ من الشوق والحنين الى ذلك الماضي البعيد ...... الماضي بأشخاصهِ وأماكنهِ ومُفرداتهِ ..... يبقى بعضاً من الشوق والحنين ليس أكثر ..... يبقى ذلك الماضي ماضياً الى غير عودة ...... وهو بعيدٌ كُل البعد عن هذهِ اللحظة ........

2007

ملاحظة : ( الماضي .... ماضياً ) قصة قصيرة من ضمن مجموعتي القصصية الغير المنشورة ـــ حكايات جدُّ صغيرة ..... كبيرة ـــ عن الغُربة .



#شذى_توما_مرقوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُنحنية
- خائِفة .......
- بجميلِ ضحكاتِها ........
- إِرثٌ لي .....
- الآ ....... فأنظُرْ
- رُبّما
- فوق كُرسيهِ المُريح .....
- على الطريق ......
- كوكب ......
- رجُل .....
- دافِئة ..... كالمحبة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى توما مرقوس - الماضي ..... ماضياً