أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - تاج السر عثمان - وداعا زين العابدين صديق البشير















المزيد.....

وداعا زين العابدين صديق البشير


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 10:47
المحور: سيرة ذاتية
    


كان ذلك عصر السبت، الاول من ديسمبر 2007م ، ولحظة دخولى المنزل بعد يوم عمل شاق عندما وصلتني مكالمة من ابن أخيه صديق الذي كان ملازما له بالمستشفي ، تفيد بان زين العابدين قد فارق دنيانا ، كان خبرا مفجعا مثلما كان مؤلما ، فقد كنت معه قبل ساعات معدودات ، واطمأنيت على صحته وتحادثنا حول قضايا مختلفة، ثم ودعته ، ولم اكن ادرى انها المقابلة الأخيرة، لم انم ذلك الليل بعد انتهاء مراسم الدفن والقاء النظرة الاخيرة على الفقيد.
رغم أن الراحل المقيم تربطني به صلة القرابة الشديدة ، الا اننى لم اتعرف عليه عن كثب الا في صيف عام 1970 م،.فقد نشأ بقرية امبكول في محافظة مروى بالولاية الشمالية التى تلقى تعليمه بها: في امبكول الاولية وكورتى الوسطى والثانوى في مروى الثانوية ، اما نشأتى فقد كانت في عطبرة حيث ولدت في حى امبكول بعطبرة، وتلقيت تعليمي بها حتى المرحلة الثانوية بها.
تعرفت عليه عندما كان قادما ومعه رهط كريم طلاب مدرسة مروى الثانوية ، كان ذلك في معسكر الشباب الذي اقيم في مدرسة عطبرة الثانوية وبعدها انتقل الى مدرسة الدامر الثانوية ، اذكر أن المعسكر نظم ندوة في فناء مكتبة الخدمات الاجتماعية التابعة للسكة الحديد والتى تقع في حي السودنة في عطبرة ، كان الجو عليلا في فناء المكتبة المخضر. في تلك الندوة صعد زين العابدين صديق المنبر ليقدم لنا تجربة طلائع النخيل في مروى الثانوية والنشاط الذي قاموا به في انعاش الحياة الثقافية والفنية في قرى الشمالية اضافة لحملات التوعية ومحو الامية . كما كان عابدين ناشطا في المعسكر واسهم بنشاط في تشييد النصب التذكارى الذي اقيم بمبادرة من اتحاد الشباب السودانى بعطبرة لشهداء الجمعية التشريعية وبناء الفصلين الخامس والسادس في الدامر، بعد تغيير السلم التعليمي وجعل مرحلة الأساس ست سنوات، كما كان ناشطا في العمل الثقافي في المعسكر ، وكان من الذين رشحهم المعسكر للمشاركة في معسكر الشباب العرب في الجزائر.بعدها تعرفت عن كثب على الراحل المقيم، وزادت صلتي به في سنوات الدراسة بجامعة الخرطوم وبعد التخرج.
كان المرحوم هادئا ومتواضعا، واسع الاطلاع ، كما كان متابعا للجديد في عالم الكتب ، وكان يمتلك مكتبة كبيرة تولاها بالرعاية والتشذيب ، ولم يكن يبخل على احد بالكتاب وخاصة اذا كنت من القارئين المواظبين على ارجاع الكتاب بعد الفراغ منه ، اطلاع عابدين الواسع جعله واسع الافق حتى صار قلبه قابلا لكل صورة وصدره مفتوحا للآراء المخالفة ، وكان الخلاف معه في الرأى لايفسد للود قضية. كما زاده الاطلاع الواسع تواضعا وبساطة ، فالانسان كلما ازداد معرفة كلما ازداد تواضعا ، كان ابوقراط (ابو الطب) يقول : ليس لى من فضيلة العلم الاعلمي بأنى جاهل ، وهذا ما يطلق عليه تواضع ابوقراط.
كما كان المرحوم صبورا لايتعجل النتائج ويربط الفكر بالعمل ، وهذه كانت من صفاته الثابتة والذين عرفوه في الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم ،كانوا يلاحظون أنه كان متابعا لتنفيذ الواجبات وناشطا في اصدار صحيفة مساء الخير ومنظما لندوات الجبهة الديمقراطية ولمعارضها. وهذه صفة نادرة ان تجد المنظم المتابع لتنفيذ الواجبات والقرارات.
كما كان ضد العشوائية في العمل ، كان يخطط سواء كان ذلك في النشاط السياسي أو في حياته الخاصة ، كان يضع الخطط ويتابع تنفيذها في صبر ومثابرة، بعيدا عن الضجيج والاثارة والاضواء.
عابدين من الذين اسهموا في بناء حركة الطلاب الديمقراطية ، كان مسئولا عن مكتب الجامعات والمعاهد العليا في الحزب الشيوعي منذ منتصف السبعينيات وحتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي وارسي تقاليد عمل سليمة اسهمت في تربية وتأهيل اجيال من الطلاب الشيوعيين والديمقراطيين وسيظل محفورا في ذاكرة الذين عملوا معه في تلك الفترة ، ومعلوم أن العمل وسط الطلبة شاق و يحتاج الى صبر وخاصة ان المجال متحرك ومتغير ، ويحتاج لاعادة التأهيل والتكرار والتدريب باستمرار، اضافة للحركة التى تفرضها سرعة الاحداث.وكان داره مفتوحا باستمرار وخاصة في تلك الفترة التى شهدت احداث انتفاضة مارس – ابريل 1958 وما اعقبها من احداث ، فتجد عابدين ناشطا ومخططا في انتخابات الخريجين ومشاركا في اللجان التحضيرية للمؤتمر الخامس الذي قررت عقده اللجنة المركزية في دورة اكتوبر 1985 ، كان في لجنة اعداد مشروع اللائحة ، وساهم بنشاط في اللجنة التى فرغت من اعداد المشروع ورفعته للجنة المركزية، وبعد انهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا في اوائل التسعينيات من القرن الماضي فتحت اللجنة المركزية مناقشة عامة حول المتغيرات المحلية والعالمية ، وساهم عابدين في اللجنة التى وضعت الاطار العام للمناقشة العامة والذي ناقشته واجازته اللجنة المركزية في دورتها في ديسمبر 1997 م ، وكونت اللجنة المركزية لجان لاعداد مشروع البرنامج ومشروع الدستور ولجنة لتسيير المناقشة العامة من مهامها اعداد التلخيص الختامي للمناقشة ،تمهيدا للمؤتمر الخامس للحزب، ومرة اخرى اشترك عابدين في لجنة الدستور التي انجزت مشروع الدستور ورفعته للجنة المركزية ، كما تم انتخابه في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس والذي كان مشاركا فيها بجهده وفكره وماله حتى اللحظات الأخيرة قبل وفاته.
وفي حياته العملية في المؤسسة العامة لتجارة السكر واللاجئين يحفظ له زملاءه الذين عاصروه نزاهته وحسن معشره وصلابته في قول الحق ودفاعه عن مبادئه.
وبعد فصله من العمل في اوائل التسعينيات من القرن الماضي ، لم تركب عابدين الحيرة بل اقتحم بجسارته وسعة افقه ميدان العمل الخاص حتى اصبح ناجحا فيه ، وكان مفيدا لزملائه في العمل ولاهله ولاسرته واصدقائه وكل من احتاج اليه.
كان عابدين مهتما بمواصلة ذوى القربي والارحام لايسمع بمريضا من اهله في المستشفي الا وخف لزيارته ، وكان مواصلا في الافراح والاتراح .
كما كان مشاركا بجهده وفكره وماله في الرابطة الاجتماعية لابناء امبكول واسهم في بناء القرية النموذجية بديلا عن القرية القديمة التى اكتسحها فيضان 1998 ، كما ساهم مع الخيرين من ابناء المنطقة في توفير الكتب للمدارس في المنطقة، وفي ارسال الدواء ، وفي انارة المنطقة وتوفير خدمات المياه ، وكان مشاركا في كل انشطة الرابطة، وعاملا لفترة طويلة في لجنتها وفي مجلس امنائها.
لقد رحل الفقيد بهدوء، مثله مثل كل الاشياء الجميلة التى ترحل في هدوء، وتخلف وراءها ذكرى وسيرة عطرة جديرة بأن نخلدها للاجيال القادمة ، وان يكن الراحل قد فارق دنيانا بجسده ولكن روحه ستظل دائما تحفزنا لمواصلة عمل الخير وستظل ذكراه خالدة الى الابد.
الا رحم الله الفقيد والهم اله وذويه الصبر والسلوان والعزاء لاسرته وزوجته وابنائه واصدقائه ولرابطة ابناء امبكول وكل عارفي فضله.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكري الثالثة لتوقيع اتفاقية نيفاشا: المآلات وحصاد الهشي ...
- ما هي طبيعة وحدود الحركات الاقليمية والجهوية؟
- دروس احداث امدرمان
- هل اصبحت الماركسية في ذمة التاريخ؟
- وداعا البروفيسور محمد سعيد القدال
- حول تجربة المناقشة العامة في الحزب الشيوعي السوداني
- المتغيرات في تركيب الراسمالية السودانية
- بمناسبة الذكري ال 36 : دروس انقلاب 19 يوليو 1971
- موقع الراسمالية الطفيلية الاسلامية في خريطة الراسمالية السود ...
- في الذكري ال 90 لثورة اكتوبر الاشتراكية
- نقاط منهجية في تناول الاشتراكية
- حول حوار ضياء الدين بلال مع محمد ابراهيم نقد ومصادر تاريخ ال ...
- الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني( الحلقة الاخيرة)
- الماركسية والدين
- المفهوم المادي للتاريخ محاولة لتوسيع مدي المفهوم
- وداعا عالم الاثار الجليل البروفيسور اسامة عبد الرحمن النور
- حول تجربة الاسلام السياسي في السودان الفترة:(1967- 2007)
- تجديد الماركسية
- بمناسبة الذكري ال36 :دروس انقلاب 19يوليو1971
- الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني الفترة:مايو 1969- يو ...


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - تاج السر عثمان - وداعا زين العابدين صديق البشير