الخوارج أول جمهورية إسلامية

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2289 - 2008 / 5 / 22 - 10:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

إذا كانت موقعة الجمل هي أول تحول في مسار الفكر الإسلامي فإن الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان هم أول من أسس النظام الجمهوري الإسلامي .
فحين قبل علي بالتحكيم بينه وبين معاوية وغدره معاوية وعمر بن العاص ظهرت عندها الخوارج بثوب الرافضين للإسلوب الوراثي الكارزماتي للدولة السنية الحديثة والتي إستنها معاوية بن أبي سفيان وجعلها وراثية في بنيه من بعده.
وطالب الخوارج بضرورة إختيار خليفة للمسلمين ليس من آل البيت أو من الأمويين بل من عامة المسلمين يختاره المسلمون بناء على كفاءة الخليفة المختار وليس من الضرورة أن يكون من آل البيت أو من الأمويين المغتصبين للخلافة من آل البيت .
واعترف الخوارج بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وأقروا بخلافة علي حتى قبل التحكيم بينه وبين معاوية .
ويعتبر مذهب الخوارج هو أول تأسيس للنظام الجمهوري الإسلامي والذي لم يكتب له أن يعيش وأن يرى النور بسبب كثرة مطاردة الخوارج من كلا الجانبين .

وكان إعترافهم بخلافة عثمان فقط في سنيه الأولى للخلافة ومن الممكن أن نعتبر الخوارج ممن ثاروا على عثمان في أواخر خلافته وساهموا بقتله , وكان أكثر الخوارج من بني تميم , ونزلوا في ناحية قرب الكوفة يقال لها (حروراء) وسموا بالحروراء ولقبوا أيضا بلقب ثالث هو (الشراه) لقأنهم كانوا يتخذون من الآية التالية شعارا لهم :
(ومن الناس من يشري نفسه إبتغاء مرضاة الله ).
ونادوا بضرورة إختيار خليفة من المسلمين ليس من قريش فهذا ليس شرطا فالخليفة المختار لو كان عبدا حبشيا فهذا لا يهم والمهم هو أن يختاره المسلمين ولو كان عبدا حبشيا .
وهذا هو على الأرجح السبب الرئيسي لكثرة تعدد فرقهم فقد تعددت فرقهم إلى : أربعة وهم: الأزارقة , والصفرية , النجدات, الأباضية .
وحين يكون الإجتهاد مسموح به وحرية الفكر مسموح بها فإنه من الضروري جدا أن تتعدد الفرق والمذاهب الفكرية والسياسية لذلك كانت الخوارج هم أول من نادى بإحترام الرأي والرأي الآخر لذلك وبسبب هذه الصبغة الفكرية تعددت أهواؤهم ومذاهبهم على كثرة تعدد الآراء الفكرية وظهرت من بينهم مذاهب وفرق شتى بسبب أيضا سماحهم للرأي والرأي الآخر .
وتعتبر بذلك الخوارج هم أول من نادى بالدولة الجمهورية حيث يحكم الشعب نفسه بنفسه ويختار خليفته بنفسه وكان خصومهم من بني أمية يردون عليهم ويقولون لهم : إننا إخترنا خليفتنا بناءا على رغبة المسلمين به ومبايعتهم له بالخلافة عليهم ويجب أن تنصاعوا له وكذلك كان مريدي علي بن أبي طالب .
ولكن الخوارج لم يعترفوا لعلي بالخلافة حتى تختاره جماعة المسلمين كلهم وقاتلوا علي بن أبي طالب في معركة (النهر ) وحين إستتب الحكم لبني أمية قاتلوهم أيضا.
وكانت بني تميم من أكثر القبائل العربية عددا وعدة فمن الممكن أن تكون دعوتهم تلك مطالبة بخلع خاتم الخلافة عليهم كونهم لا يقلون عددا وعدة عن قريش فكانت بني تميم ترى في نفسها القدرة على قيادة الدولة الإسلامية لذلك كانوا ينادون بخليفة ليس شرطا أن يكون من قريش بل من عامة المسلمين حتى وإن كان عبدا حبشيا , وإن الحكم لله في ذلك وليس لقريش وحدها حق حيازة وإحتكار الخلافة والإنفراد بها .

وقد تعلمت الشعوب الثائرة من الخوارج حمل علم وراية الخوارج الحمراء كدليل على الثورة وتغيير الوضع بسفك الدماء وإزهاق الأرواح والتضحية بالمال والولد.
وقد حملت ( الخرميّة ) رايتهم من بعدهم وسموا بذلك ثوار الجبل الخرمية (الحمرة ) نسبة إلى رايتهم الحمراء وحملها من بعدهم القيسيون وكذلك أصبحت راية الخوارج علم الدولة الأندلسية سنة 1355م
ومعظم الثوار من بعد الخوارج حملوا راية الخوارج الحمراء الثورية , وتعتبر الخوارج أول تأسيس للنظام الجمهوري الإسلامي ولكن رفضتهم الغالبية لأنهم لم يكونوا ليعترفوا بأحد عليهم مالم تختاره عامة المسلمين .

وإنه أينما وجد نظام حكم فردي فإن القتل وكثرة إراقة الدماء تصبغ طبيعة حكمه وإينما وجد الرأي والرأي الآخر فإن الثورات تقل والمذاهب تتعدد ويشترك الجميع في نظام الحكم ويأخذ كل ذي حق حقه .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل