أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهيل أحمد بهجت - الإعلام العراقي .. ثقافة احتقار الشعب














المزيد.....

الإعلام العراقي .. ثقافة احتقار الشعب


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 2281 - 2008 / 5 / 14 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لكل نظام سياسي فلسفة إعلام تمثل توجهاته السياسية، ففي الدول الدكتاتورية ـ و العراق كان من ضمنها حتى 2003 ـ تقوم السلطة باحتكار المعلومة و يمنع على أي طرف آخر ترويج أي خبر يناقض أو يختلف مع مصادر الدولة المستبدة، لكننا في إعلامنا الجديد في العراق نمر بتحول هائل و كبير، العراق الآن هو ساحة تنافس إعلامي و فكري كبير، و هذه المنافسة إيجابية جدا على الرغم من الأخطاء و الخروقات التي تحدث هنا و هناك سواء كانت من السلطة أو الجهات المنفذة للقوانين.
و لا يهمنا ما تجود به قريحة الإعلام الحزبي ـ خصوصا الأحزاب التي تعتاش على الطائفية و القومية و العنصرية ـ فمعلوم للجميع أن القنوات الإعلامية الحزبية و صحافتها الورقية و الإلكترونية لا تخرج و لا تنتج لنا إلا القوالب الجاهزة و النظريات البسيطة التافهة التي لا تحتاج منا كثير تفكير في فهم كونها "بضاعة" معلبة لتاجر أو نخاس يريد بها أن يتحايل على المواطنين فيبيعهم "أفكاره و أمهات إنتاجه" في الشعارات التقوية و المشاعر القومجية و عبور جبال و أنهار "النضال" التي لا يزال يرتزق منها المجاهدون و الخالدون!! و بالمقابل يجني المواطن ألقاب ـ المغفل ـ البليد ـ الضحية ـ و ليالي الحرّ و البرد في السنوات العجاف التي أنتجها "الزعيم المناضل".
لكن ما يهمني هنا هو إعلام الدولة ـ شبكة الإعلام العراقي ـ التي أخذت في السنوات الأخيرة تنحو منحى غير سليم، بل تبدو و كأنها إعلام خاص بالحكومة و بعض الأطراف السياسية، و ما يثير الاستغراب هو لجوء هذه الشبكة ـ حتى لا يقتصر نقدنا على البث الفضائي و الإذاعي ـ إلى أسلوب المجاملة و تسمية الأشياء بغير أسمائها، و يبدو لي و كأن من يعمل في هذه الشبكة ينظر إلى الشعب العراقي نظرة رجعية قديمة تذكرني بنظرة فقهاء القرون الوسطى الذين كانوا يمنعون العلم و المعرفة عن "العامّــة ـ الشعب" و كل صنف من أصناف العلوم العقلية و الفلسفية و الجدل بحجة "الخوف من الفتنة"، هذا العقل الجمودي الذي يتجاهل واقع الإعلام، فيظن أنه هو الوحيد في الفضاء أو أنه صاحب الجريدة الوحيدة.
مشكلة الإعلام العراقي أنه أشبه بـ"النعامة" التي تضع رأسها في التراب دون أن يدرك العاملون في هذه الشبكة أن بإمكان المواطن العراقي و غير العراقي في عصر الإنترنت و الفضاء و الراديو أن يصل إلى المعلومة من دون أن يرهق نفسه كثيرا و هو في الوقت نفسه حر في أن يصدق أو يكذب الخبر أو الرأي، لكن يبدو لي أن الإدارة تميل إلى التعامل مع جمهور العراقيين بأسلوب الأستاذ مع التلاميذ الجهلاء.
لا أنكر أن هذا الإعلام له جوانب إيجابية من خلال نشره للكثير من الأفكار اللبرالية و ثقافة التفاهم و الوئام و السلم الأهلي، لكن هذا الإعلام يبدو لي أنه لا يزال ينتج ثقافة العهد القديم البائد الذي كان يتبع سياسة التغطية على المشاكل، فمثلا كان البعث و ما سبقه من أنظمة الاستبداد يعالج آفــة الطائفية و القومــية العنصرية عبر تجاهلها و القفز عليها و هو ما نستطيع تشبيهه بتعامل الطبيب الفاشل مع مريضه حيث يتجاهل أي حديث عن المرض و العلاج، بينما تقتضي الديمقراطية و الحرية الحديث عن الأشياء بإسمائها، صحيح أن أسلوب التهريج و الصخب و الخطابات البلاغية ينبغي أن لا تسود إعلامنا، لكن طرح المواضيع بصراحة مهم جدا.
الأمر الآخر المهم الذي ينبغي أن نتحدث عنه هنا هو أن هذا الإعلام حينما ينقل مناقشات البرلمان و حديث النواب فهو يقوم بقطع مقاطع أو إسقاط و حذف كلمات من هذه الأحاديث، و هذا مؤشر خطير يشير إلى هيمنة الثقافتين الخطرتين "الأصولية السياسية و الفكر القومي الرجعي"، كما أن الإعلام العراقي يبدو لي منتوجا "متدينا"!! و محافظا حسب تعبير البعض، و هذا ما لا يمكن قبوله، صحيح أن هناك متدينين ـ فتحت لهم قناة خاصة هي الفرقان و إذاعة القرآن الكريم ـ بينما الشخص العلماني أو الذي يمتلك نظرة أخرى إلى الحياة لا يجد نفسه متجاوبا مع هذا الإعلام، و لماذا هذه الحساسية تجاه الحرية ـ خصوصا حينما يتعلق الأمر بالمرأة ـ و لماذا نقيد أنفسنا مرة أخرى بقيود البعث مرة أخرى الذي كان يستغل الدين لصالحه و لتنويم الشعب.
أنا أتهم الحكومة و البرلمان بأنهم يُطبقون الآن انقلابا بطيئا، و هذا المنهج الحكومي الذي يحتقر الشعب ـ بحجج التدين و الخصوصية القومية و الثوابت الإسلامية و القومجية و غيرها من شعارات الدجل السياسي ـ سوف يسبب لنا كارثة حقيقية، ركودا في العقل و خطوة خاطئة ستجعل "الحرية" ثانوية كقيمة حياتية و ستكون الأولية في المستقبل للقيود و الممنوعات، بل إني أخشى أن المجتمع العراقي عموما ـ و المناطق القومجية العشائرية خصوصا ـ أصبحت تعج باللواطين و الباحثين عن مهرب من ثقافة "الكبت" و "الممنوع" و هي أحد أكبر أسباب العنف الأسري و تفشي الجرائم الأخلاقية و ظهور و تفشي حالات قتل النساء أو إجبارهن على الانتحار "حرقا" و أن هذا الإعلام العراقي ـ الرجعي المنتمي للبعث القديم بكل معنى الكلمة ـ يتجاهل كل هذه الظواهر و المشاكل، بل الأحرى أن نسميها بالمصائب الاجتماعية الاقتصادية و السياسية، و لا أنسى هنا أن أؤكد على أن هذه الأحزاب القائمة في السلطة بدأت في إعادة "الحرس القديم" لأنه هو وحده المستعد للإساءة للشعب لإبقاء عصابة من المسوخ في السلطة.
أدعو الحكومة العراقية و البرلمان ـ رغم أني لا أنتظر من هذه العقليات أن تفهم و لكن علينا أن نفعل أداء للواجب الإخلاقي تجاه الشعب العراقي ـ إلى إيجاد تغيير جذري في هذا الإعلام ليمثل كافة توجهات الشعب العراقي، صحيح أن المشاهد يستطيع أن لا يشاهد القنوات و الإعلام الرسمي، و لكن هذا بحد ذاته سيجعل المواطن يشعر أن هناك دولة تعاكسه في الثقافة و تتناقض مع فكره، و يا للأسف أن يتسلط علينا من يسجننا باسم "الديمقراطية".



#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية انتخابات مجالس المحافظات للمواطن العراقي
- السيد الخازن .. و القرود الثلاثة..!!
- لبنان و أزمة الشخصية القانونية
- لا -عراق- مع فقر..
- العراقيون و تداعيات الكوارث الفكرية
- أيها الائتلافيون.. ألا تستحون؟
- نحو -أُمم ديمقراطية متحدة-!!
- الثقافة العراقية و الطريق إلى الحداثة
- حربنا المصيرية ضد الإرهاب
- فليأكل الجياع -الكعك-!!
- الأحزاب -الشعاراتية- العابرة للحدود
- العراق و النقلة الحضارية
- العراق .. نحو -الهوية الإنسانية-!!
- المواطن العراقي .. و حكم الأقلية الفاسدة
- سؤال حيَّر العراقيين!!
- حياة ثقافية.. للرجال فقط!!
- لبننة العراق و عرقنة لبنان!!
- المشهداني: -وا معتصماه.. وا صدّاماه-!!
- لن ننسى جرائم البعث.. و لن يخدعنا المسئولون الجدد
- تحيّة إلى أهل الجنوب..


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهيل أحمد بهجت - الإعلام العراقي .. ثقافة احتقار الشعب