دروس النصر على الفاشية الهتلرية تفرض استئصال جذور الفاشية للقضاء على الفاشية المعاصرة

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2276 - 2008 / 5 / 9 - 11:16
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

تحتاج البشرية اليوم وهي تمر باخطر مراحل تاريخها حيث تزحف الفاشية المعاصرة على شعوبها، الى من يذكرها باروع اعيادها وبازاحة افضع كابوس عاشته وهي مهددة بالاستعباد الجسدي والفكري وغارقة في بحر من الدماء والدمار ، لتتعزز ثقتها بقدراتهاعلى التحرر من الفاشية المعاصرة والتجعل منه نصرا ابديا لاتقوم للفاشية من بعده اية قائمة ولتستفيد من تجاربها ودروسها. انها ذكرى النصر على الفاشية في 9/ايار/1945 ، الذكرى الثالثة والستون لاول واكبر نصر حققته البشرية على اعدائها الذين طالما هددوها بالاستعباد او الفناء. تماما كما تهدد الامبريالية الامريكية اليوم البشرية بالاستعباد او الفناء، ليس مجازا بل حقيقة يعكسها ما تمارسه قوات الاحتلال الامريكية في العراق. ومن اهم دروس النصر على الفاشية، هو ان جذر الفاشية يكمن في علاقات الانتاج الراسمالية وقوانينها التي تطورت مع تطور مراحلها وبلوغها مرحلة الامبريالية واقتسام اقطابها العالم. واذا كان قانون التطور غير المتناظر للاقطاب الامبريالية وبروز الامبريالية الالمانية وحاجتها للهيمنة على العالم او مواجهة الثورة الاشتراكية التي كانت تدق اجراسها،في معاقلها الصناعية الكبرى، السبب في نشوء الفاشية الهتلرية ،فان بلوغ الراسمالية مرحلة العولمة وطموح الامبريالية الامريكية للهيمنة على العالم رغم عجزها عن حل ازماتها المتفاقمة وعن حل المشاكل التي تعانيها البشرية نتيجة لقوانينها القائمة على الاستغلال المفرط للبشر وللبيئة، لجأت الى الفاشية لحل ازمتها القاتلة على حساب البشرية ، وقتل مقاومتها وغلق كل افق لتحررها .
ولكن رغم كل ما كانت الفاشية الهتلرية تمتلكه من ترسانة عسكرية متفوقة عالميا وباجهزة اعلام متقدمة لتضليل الشعوب وتشويه استراتيجيتها وتخبيلها بمختلف المفاهيم العنصرية وتمزيق وحدتها، فقد استطاعت البشرية بفضل طليعتها المتمثلة بالحركة الشيوعية العالمية ومنجزها الكبير الاتحاد السوفيتي من توحيد صفوفها بما فيها الاقطاب الراسمالية الاخرى التي اصبحت كعقب اخيل في عالم ما بعد الفاشية الهتلرية. فقد فرض توازن القوى بين البشرية والد اعدائها التحالف بين الاتحاد السوفيتي والاقطاب الامبريالية الاخرى. سجل هذا التحالف في نفس الوقت عجز الاقطاب الراسمالية عن حل ازمة اعادة اقتسامهم العالم بدون مساعدة الاتحاد السوفيتي، رغم كل عدائهم له، وكل محاولات اسقاطه منذ ولادته، بل وتحريض الهتلرية في بداية الحرب للقضاء عليه،.باعتباره السند الرئيس لجميع حركات التحرر الوطني العالمية ومثالا للتحرر من علاقات الانتاج الراسمالية..
ورغم توازن القوى هذا واختلاله لحساب الراسمالية في قلعتها البعيدة عن الحرب، الامبريالية الامريكية، نتيجة لما اصاب البشرية عموما والاتحاد السوفيتي خصوصا من استنزاف في الحرب ونتائجها ، ومن ثم انهيار الاتحاد السوفيتي والحركة الشيوعية العالمية، لم تستطع الراسمالية العالمية وقطبها الاكبر الامبريالية الامريكية حل ازماتها الدورية المتلاحقة والمتفاقمة، وعجز جميع وسائلها وادواتها السايقة لحل ازمتها الحالية والتي ادت تلك الوسائل والاساليب الى تحويلها الى ازمة وجودها . فمن اجل حل ازمات فيض الانتاج تحولت من تصدير الانتاج وتطويره الى تصدير راس المال والتنافس من خلاله في زيادة ارباح بعضهم على حساب الاخر وليس من خلال انتاج مزيد من القيم الانتاجية . وبهدف فرض هيمنتها على الشعوب وثرواتها ولاسيما النفطية، افتعلت الحرب الافغانية والعراقية فعمقت ازمتها الاقتصادية والمالية نتيجة تكاليف الحروب واغراق شعبها بالديون . ولدعم اقتصادها وتخفيض قيمة ديونها خفضت سعر الدولار فارتفعت اسعار كافة المواد الاساسية لحياة البشر. ونتيجة لااستنزافها للبيئة وتدميرها فضلا عن دعمها لمزارعيها قضت على مزارع الملايين من فلاحين في مختلف بلدان العالم واصبحت تهدد البشرية بالموت جوعا. في حين ادت كل هذه الكوارث والمخاطر التي اصبحت تهدد البشرية الى تصاعد تلاحم شعوب العالم وتآزرها ضد الوحش الامريكي الفاشي، بما فيها الشعب الامريكي. كما ان وسائل اعلامها الجبارة سلاح ذو حدين فهي اذ تريد ان تقدم جرائمها بحق الشعب العراقي كوسيلة رادعة لشعوب العالم عن مقاومة هيمنتها فانها تعزز وعي الشعوب بالمخاطر التي تهددها جراء الهيمنة الامريكية ، وتطور استعداداتهم لمقاومتها فضلا عن تطوير دعمهم لمقاومة الشعب العراقي والاقغاني وتجلى ذلك باضراب عمال الموانيء الامريكية في الاول من ايار تضامنا مع الشعب العراقي ومطالبتهم بانهاء الحرب ضده. فضلا عن اتساع الحركات العالمية المناهضة لعلاقات الانتاج الراسمالية، التي تربط بين النضال ضد جميع اشكال الاستغلال والاضطهاد والتمييز بين البشر والنضال ضد الحروب وجميع سمات الفاشية ، بالنضال ضد علاقات الانتاج الراسمالية باعتبارها الجذر الاقتصادية الاجتماعي لها جميعا .

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات