أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سنان أحمد حقّي - توسيع دراسة الظواهر الدينيّة بين الماركسيّة والعلمانيّة ورجال الدين!















المزيد.....


توسيع دراسة الظواهر الدينيّة بين الماركسيّة والعلمانيّة ورجال الدين!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 10:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قال صديقٌ لي يوما:تُرى ما ذا كان سيقول أهل العصر الجاهلي مثلا لو أخبرهم من يقول أن هناك جراثيم أصغر مما تستطيع العين المجردة أن ترى!؟
جديرُ بهم ولا شكّ أن يقولوا أنه مجنون! أو يستحق أن يسخروا منه.
وذلك هو بالتأكيد شان كل من يعلم شيئا من حقائق الحياة ولا يستطيع الآخرون أن يُدركوه! نعم إنهم على حق حين يُطالبونه الدليل والبرهان على قوله. ولكن من الناحية المؤكدة أنه إن أقام البرهان أو لم يستطع فإن ذلك لن يُغيّر من حقيقة وجود تلك الظواهر والحقائق شيئا البتّة.
الطامة الكبرى أنه إن استطاع أن يقيم البرهان على دعواه وبوسائل علمية متقدّمة فإنه لن ينجو من أن يُرمى بشتّى النعوت أقلها الجنون والكفر وترك دين الآباء والأجداد وتسفيه أحلام قومه ...
وإن عجز عن تقديم البرهان فإن الحقيقة ستظلّ قائمة حتّى لو قدّموه قربانا على مذبح العلم والحريّة والفكروالشاعر يقول:
لحريّة الفكر تاريخٌ يذكّرنا........بأن ألف مسيحٍ دونها صُلبا .
إن الشغل الشاغل للعلوم والمعارف المختلفة هو كشف الستر والحجب والأغطية عن الحقائق الخفيّة وإزاحة الستار عن المجهول .
ولو إفترضنا أن مساحة المعلوم من المعارف تُقدّر بـ (س) من الكميات وأن مساحة المجهول في العلوم والمعارف هي (ص) فإن كشف أي مقدار من المساحة المجهولة (ص) سوف يُنقِص من الكمية (ص) بمقدار ما تم الكشف عنه ولكنه بالتجربة والخبرة المستمدّة من المعارف الإنسانية نفسها نجد أنه يَطرح مقدرا من المجهول يُصاحب نفس المقدار المعلوم المضاف وبالتالي سوف نجد أن مساحة الكميّة المجهولة سوف تزداد أيضا بنفس الوقت، فإذا قلنا أنه تم الكشف عن حقائق جديدة بمقدار (أ) فإنه يؤدّي إلى إضافة كمية بمقدار (أ) إلى الكمية الأساسية (س) فتُصبح مساحة الكميات المعلومة (س+أ) وحيث أن التعامل اللاحق مع كمية المعلومات المضافة (أ) سوف تَطرح إضافة مقادير مجهولة بمقدار (ب) مثلا عندها سوف نجد أن مساحة الكميات المجهولة سوف تزداد بمقدار (ص+ب)ولن تنقص مساحة الكمية المجهولة بمقدار ما تم كشفه من الكميات المجهولة أبداً وذلك بسبب كون الكميات المعلومة تقوم بتوليد مقادير مجهولة جديدة ربما تكون أحيانا أكبر من المقادير المكتشفة نفسها ،وهذا واضحٌ في كيفية توسع المعارف باكتشاف ظاهرة الجاذبية مثلا ولكنها أي الجاذبية نفسها طرحت مساحات واسعة من علامات الإستفهام والتساؤلات المحيّرة الكثيرة عن مكونات المادة وتركيبها وجوهر الطاقة وإدى بعض تلك التساؤلات إلى مكتشفات جديدة في تركيب الذرة وأجزاءها وتوضيح الفعاليات الكميّة(Quantum )وسوى ماتقدم كثيرٌ مما ينطوي على مثل تلك الالية العلمية في منهج المعرفة والحقيقة.
من ناحية أخرى وجد علماء الرياضيات أنفسهم في حيرة امام تحديد تعريف كثير من الكميات و الفعاليات مثل (المالانهاية له) إذ تعذّر إيجاد تعريف أو تحديد مفهوم من الناحية الكميّة وهو مقدار محيّر فعلا إذ انه ينجم عن قسمة أي عدد أو كمية مهما كانت إلى أجزاء تقترب من الصفر المطلق وهو ناتج قسمة كل الكميات صغيرها وكبيرها وهذا مفهوم غير منطقي إذ لابد أن يكون هناك تمييز بين المقادير الكبيرة والصغيرة المقسومة !ولكن هذه هي الحال!
وهناك مشاكل في التعامل مع مفهوم مقادير أخرى مثل جذور المقادير السالبة وغير ذلك مما يتعذر معه وضع تعريف لا رياضي ولا فيزيائي لمثل تلك المقادير ولكن حسنا فعل علماء الرياضيات والفيزياء حينما تعاملوا مع تلك المقاديرغير المعرّفة على ما هي عليه من الغموض وتعذّر التعريف .
وعند ذاك تم حل العديد من المعضلات العلمية والفيزيائية مع إبقاء التعذّر قائما.
لقد ظلَّ الفكر العلمي أو المنهج العلمي يُعاني الأساليب السلفية بشكل أو بآخر وذلك باعتماده على الترجيع والإسناد وبالتالي أصبح أسير المنهج السلفي في التفكير ولم تؤاتيه الجرأة لاقتحام منهج الحقائق الكليّة بمنهج غير المألوف وغير المطروق ومازالت مراكز البحث والجامعات ومعاهد العلم والمؤسسات الفكرية المتنوعة تتعامل بهذا المنهج المدرسي الأكاديمي (سكولاستي) فالمهم هو أن يكون ما تأتي به يستند إلى من جاء به قبلك! ولا يُقام الإعتبار كثيرا للأفكار الأصيلة والجديدة والمبتكرة ..إنه السبيل السليم والمأمون لنيل الشهادات العليا ولحيازة المواقع المؤثرة التي تُعيق بجدارة أولئك الذين سيسلكون الطرق الجديدة والمبتكرة ألذين يطرحون الأساليب والأفكار غير المكرورة ولا المطروقة.
لقد ادّعى جمهور العلمانيين الكلاسيكيين والماركسيين والذين ما زالوا ينتهجون منهجهم الكلاسيكي تبنّيهم لمنهج العلوم وروّجوا كثيرا للعلوم المختلفة، منها ما جعلوه أساسا لمنظومة من النظريات الكليّة والفلسفية وبذلك أصبح لدينا منطقا صلبا نحتكم له ونماحك به ونمحص بموجبه الأفكار ونختبر مدى صحّتها من خطلها! وهذا هو الخطوة الأولى التي أدّت بالفكر إلى الجمود والمنهج الآلي الذي قضى على التجدد والتطوّر.
لقد أنكر جميع العلمانيين والماركسيين وأتباعهم مجموعة الظواهر الدينية جملة وتفصيلا .
ولسنا في حاجة لاستعراض تاريخ الفكر الديني عبر حقب نشوء وتطور الفكر البشري ،إذ أن كثيرا من الومضات تتألّق بين الحقبة والأخرى تبين أن تمسّك الناس والخليقة بهذا المنهج لم يكن عبثا ولا سدىً
غنيٌّ عن القول أننا وجدنا منذ فجر التاريخ دلالات آثارية ودعامات فكرية على اهتمام الإنسان في كل العصور بمنظومة العقائد الدينية وفي كل مكان وعلى مختلف بقاع العالم وفي كل الأوقات والمراحل
وحتّى لو ركنّا وقبلنا أن تلك الظواهر إنما هي خرافات أفكار بالية وأوهام وتصورات وتخيلات فكيف يمكن أن تجتمع مع بعضها في تصوير النشوء و بث المثل المتماثلة بشأن الصدق والأمانة والخير والعمل الصالح ونبذ العدوان والسرقة وسوى ذلك؟!
أنا لا أزعم أنني ساقيم البرهان على كل تلك الظواهر والتحقيق في تلك المنظومات ولكنني أدعو فقط إلى التعامل معها باهتمام وجديّة لا أن ننكرها جملةً وتفصيلا إن عدم وجود تعريف رياضي لمقدار مثل اللانهاية لا يعني إنكار وجوده! وبالتالي فإن نوعا من التعامل مع المفاهيم الغيبية والدينية هو عنصرٌ مطلوبٌ في التعامل مع الحقائق العلمية.
إننا اليوم أمام عصر لا يقول فيه عالم الرياضيات أن ناتج 2*2 هو 4 بل يقول على الأغلب أربعة.
لأن احتمال أن يكون الناتج أربعة هو احتمالٌ من جملة أو مجموعة احتمالات أخرى وإن كانت ضئيلة قد تجعل الناتج يقارب الأربعة فقد يقلّ قليلا أو يزيد قليلا ولو بمقدارٍ متناهي في الصغر.
ولهذا فإن العلمانيين والماركسيين يكونون من النواحي العلمية والتاريخية أيضا أمام خطأ جدّي حين يُنكرون أو لا يوسعون من دراسة الظواهر العلمية بمنظار العلم والمعرفة والسعي لإدراك الحقائق التي هي ولا شك مهمة أهل العلم والمعرفة.
إن العلوم المتنوعة تطرح كثيرا من المفاهيم والنظريات بين الحين والآخر وتتراجع المهمة العلمية مرارا عن عدد من الأفكار والنظريات بدون كثير عناء وهذه هي مسيرة المعرفة الإنسانية ومسالكها.
ولا يعني شيئا لنا إن توصل أي علم إلى معرفة أو حقائق تدحض ما هو مطروح أو تؤكده فإن المعرفة عملية لا تتوقف ،وقد نجد أن إنجازا ما يُعيق مسيرتنا في مفهوم ما وعلى المفهوم الفكري العام حينها ان لاينكره جملةً وتفصيلا بل أن يستخدم التعابيرالرياضية الحديثة ويجدر أن نقرر أن أغلب المعطيات حاليا مع كذا وكذا من الحقائق فإذا فعلت الإحتمالات فعلها وقدمت الطبيعة أو المعرفة لنا معطيات جديدة مهمة تجعل من الأغلب أي من الأكثر احتمالا أن تكون الفعاليات أوفر حظا في الدقّه واليقين باستخدام المعارف التي اهملناها سابقا فإن سبيل مجانبة الخطل والخطا يكون أكثرحصولا.
قال الماركسيون أن الدين لا ينطوي على معطيات ماديّة تُساعد على فهم الواقع الإجتماعي أو السياسي أو الحضاري فأهملوه تماما وكليّا ، إن فهم وإدراك مسار التاريخ لا ينحصر بالمعطيات الماديّة للواقع فهناك الجمال والأخلاق والدين! تشتمل على مفاهيم متنوعة تُشارك في تشكيل معطيات الواقع الموضوعي رغم انها معطيات ليست ماديّة ،ومن معطيات الواقع المادي نقول هل أن مجموعة الأفكار التي يستحضرها المهندس والتي تشكّل خارطة المشروع الهندسي هي من مكونات الواقع المادي الموضوعي إلى جانب مواد العمل؟واللوازم الأخرى؟
هناك أعمال لا تتطلب خرائط ومرتسمات معقّدة بل مجرد توجيه من ذوي الخبرة وهي تمتلك نفس قوة الخارطة والمرتسم وتمثل نوعا من تلك الخرائط غير المدونة
ولو استرسلنا بعيدا في تصوير الفعاليات الواقعية التي لها سلوك مادّي ومظهرٌ غير مادي في حين آخر، لقلنا أن المواد التي تُعرف الآن (DNA,RNA ) ما هي إلاّ خرائط تصف وتصور عمل الخلايا كما هو مطلوب .إنها رسائل محضة!
ولو وجدنا أن المفاهيم الروحيّة والدينيّة لا توفر حضورا في نظرية فائض القيمة مثلا فإن ذلك لا يعني أن تلك الظواهر غير موجودة في علم النفس أو علم الإجتماع أو الفكر القائم على أساس المعطيات الذهنية ، ولا تُعطّله ،ولكن يحقّ لنا أن نطرح المفاهيم الإقتصادية على الواقع والحياة بالضبط كما تفعل علوم الفيزياء والرياضيات والكيمياء والفلك وغيرها دون الإكتراث بما ستؤدّي له تلك الحقائق من ضجّةٍ ومناقشات أو ردود أفعال فتاثير ما يُنجزه علمٌ ما على باقي مناحي المعرفة ليس بالضرورة أن يكون مباشرا أو آليّا بل أن سعة الصدر وكثرة البحث و التقصّي هي التي ستحدد حجم ومدى تأثير هذا الإنجاز على باقي المعارف والأفكار.
توسيع دراسة الظواهر الدينيّة سيساعد على الوصول إلى منظومات معرفيّة أكثر تطورا وأصدق منهجا من حال الإصرار على إنكارها من الأساس
كما أن توسيع دراسة الظواهر الدينيّة سيساعد على إزاحة المعارف البائدة والبالية ويُبري وجه المعرفة الإنسانية ويجلوها ويكشف عن علوم ومعارف أصيلة وجديدة لا تستند إلى الترجيع والإسناد ولا إلى المنهج العلمي السلفي الذي أشاع الصدأ والتأكسد في جوانب كثيرة من أروقة البحث والتعليم ،بالضبط كما حصل مع الكيمياء التي وُلِدت من رحم السيمياء وطرحت عنها كثيرا من الخزعبلات والأفكار البالية، وكذلك فعل علم الفلك مع الأبراج السالفة له.
لقد وضع منهج إنكار الظواهر الدينيّة من ناحية أخرى رجال العلم والمعرفة امام ماكنة الإضطهاد ودفعوا مقابل ذلك ثمنا باهضا لم يكن ضروريا ،فإن طرح الأفكار العلمانية أو الماركسيّة لم يكن ليستوجب دفع الأفكار الجديدة إلى محرقة المواجهه مع رجال الدين أو كل أولئك الذين يؤمنون بالغيب.
إن نظرية الإشتراكية والإنقسام الطبقي وفائض القيمة وكل ذلك لم يكن له شان بالإيمان من عدمه من حيث التفاصيل الإجتماعية إلاّ حين تقاطعت منظومة التشريعات المطلوبة لتحقيق الأفكار الإشتراكية مع جوهر التشريعات التي تمثل مصالح الكنيسة أو رجال الدين.
و من يشتغل بالعلم له أن يطرح مفاهيم جديدة ويُدافع عنها ولكن ليس له أن ينفي مفاهيم أخرى ويُدافع عن عدم وجودها فهذا وإن لم يكن محضورا فإنه منهجٌ
غريب ومهما حصل فإن لزوم تصديق الأفكار العلمانية و الإشتراكية لم يكن يستدعي أفكار دكتاتورية البروليتاريا كما وجدنا الآن بعد انهيارسلطة الإتحاد السوفييتي ، ولا تبنّي أفكار الإلحاد وإنكار الإرث الروحي جملةً وتفصيلا ،كما وجدنا أن الإستيلاء على ممتلكات الآخرين لم يكن جوهر الإعتبارات الإشتراكية بل إن حسابات فائض القيمة وإعادة توزيع الأرباح والفوائد كان يمكن أن يكون مدخلا شرعيا ليس فيه تجاوز على الحقوق الشرعية للآخرين إذ أن إعادة توزيع الفائض الذي تشير إليه نظرية ماركس الإقتصاديّة سيعيد شيئا فشيئا التوازن إلى المفاصل الإقتصادية للمجتمع ويتجه الإنقسام الطبقي والإستغلال الإجتماعي إلى التلاشي،إذ لا داعي لمعالجة السرقة بالسرقة فأخلاق الطبقة التي تحمل أهدافا تقدمية سامية يجب أن تعلو على مثل تلك الممارسات التي عاد الناس بعد سنين إلى ممارسة ما سبقها بعد أن حازوا شيءا من البحبوحة الإقتصادية.
لا نعتقد أن هناك لا في عالم اليوم ولا في عوالم الغد وبعده منظومة نظرية وفكرية من صلاحيتها أن تغلق الباب على البحث في أي ميدان معرفي مهما كان نوعه فقد كان لأفكار مناجاة القمر شان في الوصول إليه ،أي حلم أو تصوّر ينشأ في الذهن الإنساني له جذور وأسس وله المبرر لأن نشرع في التفكير لتفسيره وفهم تفاصيله ، ربما يكون هناك أطباق طائرة أو ربما لا يكون وربما يكون هناك دواء أو علاج لأي مرض أو وسيلة للإنتقال بين أرجاء الكون الفسيح وربما لا يكون ولكن كل هذا له كل المبررات للشروع في التفكير فيه وعلى أقل تقدير فإنه يشكّل نواةً لبناء هدف يسعى له إنسان أو أي مجموعة حيّة،وقد يصلون إليه وقد يصلون إلى حقيقة مفادها أنه يقرب من المستحيل الوصول لتلك الأهداف وقد يستمر الإيمان بذلك طويلا ثم يظهر من يفنّد كل ما توصلنا إليه ..إن العقل البشري والذهن والمخ كل أولئك هي من أسمى وأرقى ما نمتلك من أدوات على الإطلاق ومن عجائبها أنها تتقبّل أشكالا متنوعة من الخيال فضلا عن التوقعات.
وفي سبيل توسيع دراسة الظواهر الدينية أشير إلى دراسة قيمة وأصيلة قدمها لنا الدكتور قاسم صالح قبل مدة قليلة تحدث فيها عن التوقع وهذا يشكل جزءا من ظاهرة دينية واسعة ومهمة كنت أود لو أنني عقّبت عليها قليلا في حينها لو أسعفني الوقت والتفرغ إذ أن كل الفكر الديني يقوم على أساس موحد يفيد أو يعتمد على أن الإنسان يُجزى في الآخرة أو العالم الآخر على ما عمل في هذه الفانية ولذلك فإنه يتسائل عن الثواب والعقاب الذي سيُجزى به لو فعل كذا أو كذا؟ ما ذا يكون الثواب لو قال كذا أو قام بفعل محدد ؟ ولكل ذلك إجابات دينية مفصّلة إذ يكون له الأجر على الصدقة أو الصيام أو الصلاة أو الصدق أو سوى ذلك وطبعا يكون له أو عليه الإثم لو قعل غير ذلك ! إذا فإنه يتوقع من خلال أعماله اليوميّة وأقواله أن يلقى غدا وفي العالم الآخر، وبعض الأفعال، في هذا العالم يمكن أن يُجازى على بعض الأفعال أيضا.
ولهذا فإنه مشغولٌ بتوقع ما سيصيبه في العالمين الدنيوي والأخروي من جراء أفعاله وأقواله في هذا اليوم! إذا فالبحث عن ما سيقع غدا سواءً في الدنيا أو الآخرة إنما هو مفهوم له جذوره وأسسه في الفكر والتقكير الديني وبالتالي في المجتمعات الشرقية عموما والعربية خصوصا والعراقية بشكل أخصّ أما لماذا لا تظهر تلك الظواهر في المجتمعات الغربية فالسبب ربما يكون في تفاصيل الديانة المسيحيّة أو اليهوديّة الشائعة في الغرب حيث لا توجد تفاصيل واسعة في الكتب المقدسة تتناول كل فعل في حياتنا هذه وما يقابله من أجر أو إثم يتحتّم أو يقع على مقترفه.
إن الظواهر الدينية لها مبررات أخلاقية أحيانا فإن قلت لجاهل أن في غسل اليدين منافع وأكثرت من ذكر تلك المنافع فلربما أنه لن ينتهي عن ما عتاد عليه ولكن إن قلت له إنه سياثم وأنه من المنكر الذي يجب أن ينتهي عنه فلربما ينتهي فورا وأنا لا أبرر هذا التصرف والقول ولكن أفسّر كثيرا مما يحدث أحيانا في الواقع.
من السهل أن نقفز فوق الظواهر الدينية لأي سبب أو هدف ولكن تناولها بالدراسة والتحليل هو ولا شك أصعب ولكن أجدى.
كوننا هذا ينطوي على كثير من الأسرار والخفايا ولن نكون على صواب أبدا إن جعلنا عقارب الساعة تُسرع فإن الزمن الحقيقي لن يسرع معها .
نعم نحن نقرّ بوجود تطوّر ونمو وتحولات إجتماعية واقتصادية ولكن وفق مداها الطبيعي وليس وفق أي لعب للتسريع بتعاقب الأحداث إذ أن مولد طفل طبيعي لا يمكن أن يستغرق أقل من مدة الحمل والولادة المعروفة بين بني الإنسان ولو جعلنا تلك العملية تسير بسرعة أكبر كثيرا فإننا لن نعلم مدى إمكانية حصولنا على طفل سليم على الأقل لحد هذا اليوم!
من الظواهر التي انشغلت بها الأديان والرسالات وبدأت بها هي رعاية السلالات ومنذ عصر فجر السلالات أي قبل أن ندخل في عصر التاريخ كان اهتمام البشر والخليقة بالسلالات البشرية ..لماذا؟
ألسنا اليوم نعتني بتضريب النباتات والحيوانات للحصول على أنواع واصناف أفضل من أسلافها؟ كيف أدرك الناس منذ تلك العصور أهمية ذلك بل طبقوه على كل المخلوقات ومنهم البشر أنفسهم دون ارتكاب مغامرات لا أخلاقية ..إنه منهج لا يُنكره العاقل ،فكيف نتنكّر لمشروعيّة حُسن تلاقح الأبناء ومشروعية حرص الأسلاف على انتقاء أفضل ألأخلاف كما تتصدّى كل الجماعات السياسيةفي عالم اليوم لمثل تلك المشروعيات والتي كفلها مشرعوا عصر فجر السلالات؟
إن تسخير الفكر والمجاهدة الذهنية الراقية والمنصبّة على العمل الخلاّق وحب الخير أثمرت كثيرا من الفعاليات الإنسانية وأنتجت كثيرا من المناهج المرموقة ومنها كل أشكال الإختراعات والإبتكارات مثل العجلة والكتابة ووصولا إلى اكتشاف الطاقة الكهربائية ثم الحواسيب المتطورة ومنجزات العلوم الأخرى.
ربما كان المنهج أو البرنامج الذي تسير أو تُسيّر عليه أساليب البحث العلمي صحيحة أو مجرّبة ولكنها بالتأكيد ليست الوحيدة فهناك أساليب لا حصر لها يقوم بها العقل البشري للوصول إلى أهدافه أو التواصل مع مكونات الواقع والبيئة والمحيط وليس أسلوب البحث السلفي أو أسلوب الترجيع والإسناد سوى أيسرها أو قل أكثرها سذاجة وروتينا وإنه برأينا لا يرضي سوى طموح السذّّج من الباحثين ليس إلاّ.
يوما بعد يوم يتجلّى لنا أن أعظم جانب من مهام المخ والعقل مما يجدر الإهتمام به مستقبلا إنما هو الخيال وليس التفكير إذ أن مهمة التفكير ستسند إلى الحواسيب المتطورة والتي ستقوم بمهمة التفكير بشكل دقيق ومنظم وعلى أكمل وجه كما أن مهمة الذاكرة ليست هي المهمة أيضا ولنفس السبب ولن يكون لمهمة التوقع أي نصيب لأن الخيال سيتولى كل ما يختص بها في الوقت الحاضر ولكن اللغة ربما ستظل من المهام الرئيسة ولربما تتحول إلى وسيلة تواصل جديدة تتضمن مكونات اللغة الأساسية في الإتصال وبنفس الوظائف ولكن ربما بوسائل أخرى تنقل معطيات متنوعة وبوسط معقّد يصعب وصفه الآن لتأمين التواصل مع كافة مكونات المحيط العاقلة والجامدة وغير العاقلة أو لنقل الواعية العاقلة والعاقلة غير الواعية.
إن توسيع دراسة الظواهر الدينية إن لم يؤدّي إلى توسيع فهمنا للوجود والمحيط فإنه لن يتعارض معه بعيداً، فكل الطرق تؤدي إلى روما!
ولكن من ناحية أخرى مهمة نشير إلى أن مهمة عدد من رجال الدين وخصوصا غير المتنورين سيقفون مواقفَ متقاطعة مع المنهج الصائب للعلمانية والماركسية أو العلمية التي لا نجد في إنكارها مسببا مقبولا ولذلك فإن التثقيف الطويل وحضر الولاية والوصايةعلى الفكر والعلم ورفض الأهداف المسبقة لجعل المعرفة غرضا لممارسات تقوّض المنجزات العلمية للإنسان هي أمور في غاية الأهمية .
إن عددا من رجال الدين ينظرون للدين وللفكر الديني على أساس من كونه مصدرا لتقوية نفوذهم الإجتماعي وتعزيز مصالحهم الماديّة وهم بذلك يضعون من أنفسهم
عثراتٍ في سبيل خدمة الدين والأهداف الدينية لمواكبة العصر وتقديم النفع للمجتمع بشكل أوسع وأكبر مما يتخيلون.
ولهذا لا يجب أن يُكوّن رجال الدين طبقة اجتماعية لكي يتفاعلوا من الحياة والإنتاج لكي لا يزدادوا عزلة.
ربما تكون للموضوع صلة.
سنان أحمد حقّي.
مهندس ومنشغل بالثقافة.



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألتاريخ لا يُخطيء!
- بكم نبتدي وإليكم نعودُ ومن فيضِ أفضالكم نستزيدُ
- زكيّة الدكّاكة!
- إلى أنظار دولتي رئيسي مجلسي الوزراء ومجلس النواب الموقرين
- بأي حقّ..؟!
- ستراتيجية العصر..في كل (جوكه)لنا خيّال!!!
- إحنا سباع..! وشكّينا الكاع.
- قل أريب ولا تقل مثقف..!
- أمّتان!
- أخطاءٌ منهجيّة!
- قضايا المرأة والمزايدات السياسيّة!
- فنطازيا على فنطازيا
- الحرف التاسع والعشرون!
- رحلةٌ من محطّة قطار المعقل!
- مدنيّون!..وماذا بعد؟
- رِفقاً بِلُغَة السَّماء!
- الفاشوش والقراقوش!
- المرحلة الراهنة..والمهام الوطنيّة.
- إنها رسالة..!
- أخوة يوسف!


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سنان أحمد حقّي - توسيع دراسة الظواهر الدينيّة بين الماركسيّة والعلمانيّة ورجال الدين!