أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - علم الأدب














المزيد.....

علم الأدب


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2274 - 2008 / 5 / 7 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


لما تزل العلاقة بين الأدب والعلم مثار جدل وخلاف، والكثير منا ما زال يرى أنهما نقيضان لا يجتمعان، وما زلنا ندرس طلبتنا المقالة النقدية على أنها ضرب من ضروب الإبداع الأدبي ينبغي أن تتميز بالتجويد في لغتها والبريق في أسلوبها.
وطالما اختلفت مع زملاء وأصدقاء حول هوية النقد الأدبي وضرورة تجريده من جنسية غير شرعية فرضت عليه وجعلته ينتمي إلى الأجناس الأدبية، ورد جنسيته الطبيعية إليه ليعود إلى أسرته الحقيقية بين أخوته من العلوم الصرفة. ومن هنا كنت أدعو دائما وما زلت إلى إطلاق تسمية (علم الأدب) على الدراسات الأدبية والنقدية التي تعتمد الوسائل البحثية العلمية كالإحصاء والملاحظة والتجريب المخبري.
إن العمل الأدبي إبداع فني، ولكن ما الذي تؤديه كلمة (إبداع) هنا؟ فالمعروف أن الإبداع والابتكار، حسب تعريف علماء النفس، هو القدرة على إيجاد الحلول للمشاكل، فما المشاكل التي تحلها قصيدة أو قصة قصيرة؟
لا شك أن غاية الأديب إنتاج قطعة أدبية تلفت انتباه القراء بما فيها من جمال اكتست به، فتؤثر فيهم وتنتزع إعجابهم، وهنا أيضا نجدنا أمام مشكلة أخرى من مشاكل مفاهيمنا الغامضة فـ(الجمال) ما زال عصيّا على تعريف محدد متفق عليه، أو تفسير نهائي يقدم لنا حدودا واضحة تفصل بين الجميل والقبيح، فالفلسفة أم العلوم مازالت تحمل في بطنها علم الجمال وكلما همت بولادته أبى ذلك وفضل المكوث في رحمها.
ومهما تعددت واختلفت فلسفات الجمال فإنها في النهاية تتفق على أن الجمال ضرب من النظام، والنظام يعني أن مجموعة من العناصر تخضع في حركتها لقوانين محددة ومضطردة ويمكن صياغتها بعبارات رياضية. وإذا كان هذا صحيحا فبناء شيء جميل لن يكون إبداعا بل هو محض تطبيق لقوانين محددة، يشبه التصدي لحل مسألة حسابية.
هذه مغالطة طبعا ولا نريد تجريد الأديب والفنان من صفتهما الإبداعية لكننا نريد الوصول إلى فهم أفضل لعملهما.
قدمت الأستطيقا التجريبية أدلة علمية على أن الجمال واحد في إحساس البشر كلهم، من خلال إجراء مجموعة مشهورة من التجارب الإحصائية ربما يكون أهمها ما أطلق عليه تسمية (النسبة الذهبية Golden Mean)، فعندما نطلب من مجموعة من الناس أن يرسموا أجمل شكل رباعي حسب ذائقتهم، فإنهم جميعا سيرسمون مستطيلا تبلغ نسبة عرضه إلى طوله (1/1,618)، وقد قمت أثناء دراستي باختبار هذه النسبة فوجدت أن كل الآثار المعمارية في العالم تقريبا توظفها في شكل الأبواب والنوافذ، كما إنها تنطبق على أبعاد اللوحة التقليدية البالغة (70×100سم)، وهذا يدل على أن القواعد الجمالية يمكن أن تكون ذات يوم مثل القواعد الرياضية ويكون علم الجمال واحدا من علوم الهندسة يعتمد الأسلوب الرياضي للحكم على جمال أو قبح عمل ما.
ثمة قوانين نعرفها ونتفق عليها تولد النظام الجميل في الأدب والفن، وهي كلها تؤدي إلى نوع من التناسب بين أجزاء العمل، مثل التقابل والتوازي والتساوي والتضاد وغيرها. ولعلنا لا نختلف في أن العمل الأدبي يمتاز بالنظام والانضباط الصارمين، وما القوانين التي أشرنا إليها إلا بعض مظاهر ذلك النظام.
ويرى علماء النفس أن الحلول للمشاكل التي تواجه الفرد تكون إبداعية بقدر ما تتوفر على ثلاث سمات هي: الأصالة، والمرونة، والطلاقة، ومن هذه العناصر يمكننا فهم عملية الإبداع الأدبي، فعلى الأديب أن يستخدم ذات الأدوات التي استخدمها الآخرون وينصاع لذات القوانين التي اتبعوها وينتج عملا مبتكرا أصيلا، وهو لن يستطيع فعل ذلك ما لم يكن لديه المرونة التي تمكنه من الإفلات من بين تلك القوانين الصارمة من غير أن يخرقها، وما لم يمتلك الطلاقة التي تجعله قادرا على تكرار تجربة الإفلات تلك بشكل يتناسب مع كل قانون من تلك القوانين.
العمل الأدبي عمل إبداعي بما فيه من تحد للنظام الصارم القار، فهو عمل مبتكر يتشكل بشكل غير متوقع على الرغم من إتباعه قوانين رياضية صارمة. وهو إذن جميل من زاويتين، الطرافة والفرادة من ناحية، والانضباط في اتباع قوانين الجمال التي يتفق عليها البشر من ناحية أخرى.
عند هذه النقطة يمكننا الحديث عن (علم الأدب)، وأود هنا أن أذكر تجربتين قديمتين أرى أنهما في غاية الأهمية في موضوعنا، هما تجربة الفراهيدي وسيبويه، فالاثنان نظرا في الآثار الأدبية نظرة العالم الباحث عن القوانين الدينامية للنظام، فأنتج الأول علم العروض وأنتج الثاني علم النحو، وكلاهما علمان صرفان يخضعان للمنطق الرياضي. ربما تكون نسبة ما يكشفه هذان العلمان من أسرار النظام الجمالي للأدب ضئيلة كتاك التي تمثلها النسبة الذهبية السالفة الذكر. غير أن هذا لا يعني أن نكف عن محاولة الوصول إلى علم متكامل قادر على تفسير كل الظواهر الجمالية في الأدب. فنحن نرى أن على الدراسة الأدبية أن تواصل البحث عن ديناميات ذلك النظام، وإن وظيفة الدرس الأدبي هي الكشف عن مدى انضباط عمل أدبي معين بقوانين اللعبة الأدبية، ومقدار ما يتمتع به من الشروط اإبداعية الثلاثة؛ الأصالة والمرونة والطلاقة.
وعلى علم الأدب أن يسعى حثيثا للكشف عن كل القوانين الحركية التي تفعل فعلها في صنع الجمال الأدبي، وهذه مهمة لا يمكن الوصول إليها إلا باتباع سبل البحث العلمية الصرفة المعتمدة على الريلضيات والمختبر.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في البلاغة الرقمية
- البطولة في الوعي العربي /حول مسلسل (باب الحارة)
- من أجل توضيح التباس القصد في عصر المعرفة الرقمية
- عصر المعرفة الرقمية
- سوق النساء أو ص.ب 26
- في التشكيل الشعري
- (السرد الخفي وتنميط العالم) تأملات في أدب الأمثال
- القافية بين التراث والمعاصرة
- (حمالة الدلع) وفخاخ القصة القصيرة
- ابن قتيبة وإغفال التجربة الشعورية
- شعرية القصة القصيرة جدا
- تناقضات الغذامي في القصيدة والنص المضاد
- نمر سعدي .. الرومانسي الجديد
- جيكور أمي – قراءة ثانية في تجربة السياب العروضية
- الأخطل الصغير..شاعر الهوى والشباب
- نضال نجار .. الإيقاع والتصرف الصوتي
- الصورة اللغوية في نصوص آمنة عبد العزيز
- مقدمة نهج البردة الطللية بين البوصيري وشوقي
- المرأة الحلم في شعر المتنبي
- المرأة الاديبة والرجل (المثقف )


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - علم الأدب