أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي ماضي - لمحة من تجذر العنف في لا وعي المجتمع العراقي














المزيد.....

لمحة من تجذر العنف في لا وعي المجتمع العراقي


علي ماضي

الحوار المتمدن-العدد: 2272 - 2008 / 5 / 5 - 10:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شبهنا في مقال لنا سابق التغير في المجتمع العراقي كتغيير احدهم لكادر مصنع بغية تحسين إنتاجه الغير مطابق للمواصفات بسبب خلل في المكائن ،قد تكون خطوة تغير كادر المصنع هي خطوة إلى الإمام ولكنها ما لم تكن مصحوبة بتغير الآلات ،فان التغير سيظل غير متكامل ،هذا هو الوصف المناسب للتغير الذي حدث في العراق بعد نيسان 2003،والماكنة التي بحاجة إلى تغير هي نظامنا التربوي ،ونظامنا التعليمي) الذي يعتمد على العنف والقوة (،عاداتنا وتقاليدنا ،ومورثونا الديني.
يجمع الكثير من علماء النفس والاجتماع على أن الشخصية العراقية مصابة بكثير من الأمراض النفسية والاجتماعية ، ولعل أهمها الازدواجية في الشخصية ، كما وأنها تتسم بالميل للعنف في حل ابسط القضايا.
ولجعل الموضوع أكثر بساطة دعونا نفترض أن هناك قرية مصابة بوباء الكوليرا ،فنحن لا نستطيع أن نلوم المصاب بهذا المرض لأنه (يتقيأ) أو يبدي أي عارض آخر من عوارض المرض فالموضوع خارج عن سيطرته ،هذا من جانب ومن جانب آخر فان جميع أفراد تلك القرية ستظهر عليهم نفس أعراض مرض الكوليرا سياسيهم ومتدينهم ،فقيرهم وغنيهم والأمر سيان فيما يخص الأمراض النفسية والاجتماعية فنحن لا نستطيع أن نلوم أي فرد سواء كان غني أو فقير رجل دين أو متسول لأنه يبدي أعراض الازدواجية في الشخصية لان هذا الموضوع خارج عن سيطرته ،أضف إلى ذلك أن المريض النفسي لا يشعر بأعراض مرضه ،ونفس القول بالنسبة للإمراض الاجتماعية،فالمجتمع المريض لا يشعر بمرضه، على خلاف المريض عضويا ،وهذا ما يزيد الأمر سوءا وتعقيدا.
تداول رواد الانترنت رابطا على موقع (youtube) يقود إلى خطبة دينية للمرحوم الدكتور الوائلي ،(شخصية وعظية لها مكانتها المرموقة بين أوساط المجتمع العراقي اتسمت بميلها للجدل العلمي الرصين) ينتقد فيها نية مجموعة من الناس المغتربين الذين عرضوا عليه برنامجهم المخصص لأحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين ،التي تتمثل بـما يلي:
1. مسيرة تشبيه حيث قرروا أن يجلبوا بعيرا ورجل مريض ومقيد ليستعرضوا مسيرة الإمام السجاد والسبايا ويجوبوا بها شوارع لندن .
2. قدموا إليه كتابا شرحوا فيه تفاصيل المعركة وكيف أن الإمام الحسين قتل 3000 شخصا.واحتج بمثل لو انك أعطيت لأحدهم سكينا وطلبت منه ان يذبح 3000دجاجة لاستغرق منه زمنا أطول من زمن معركة الطف ،وهذا الاحتجاج ينم عن عقلية متطورة وواعية دون أدنى شك.
ثم ينتفض شيخنا الجليل منتقدا العقلية التي تفكر بتقديم الإمام الحسين على هذه الشاكلة بقوله:(ولك انتو نعاج؟، ترقصون على جراحنا؟ من انتم ومن وراءكم؟ انا لو اظفر بكم لأدفنكم في((بالوعة)) احياء انتم ومن وراءكم)انتهى
ترى ما الذي اخرج شيخنا الجليل من وقاره ؟! وما الذي دفعه إلى أن ينزع قناع الوداعة ليرتدي قناع جلاد مرعب؟! وهل كان شيخنا الجليل في وعيه ساعة أطلق هذه التعابير البعيدة كل البعد عن شخصية الوائلي التي نعرفها جميعا ؟!
لو تتبعنا خطواته المنطقية في التفكير لوجدناه كما يلي:
1. في البدء تحسس ان هناك مختلف.
2. اعتقد ان سلوك الآخر المخالف لسلوكه سببه مؤامرة تحاك ضد مذهبه، وهذه بقايا عادة فكرية كان يمارسها البدائي إذ انه يعتقد إن الأمور تسير نحو الخير دائما ما لم يحرفها عارض ومصداق العارض يتراوح بين الروح الشريرة والساحر والجني أو الشيطان،وفي العصر الحديث ناب عن الجميع العمالة والخيانة العظمى وما شابه.
3. ثم بعد ذلك منح نفسه حق إقصاء الآخر لا بل إبادته بشكل بشع ،اذ انه ما من شيء يداني بشاعة دفن أناس أحياء في بالوعة ،مهما كانت الأسباب والمبررات.
ولو حللنا النهج المنطقي الذي انتهجه نمط عقليتنا المتمثل بشيخنا الوائلي لوجدنا ان الخطوة الأولى هي خطوة طبيعية نشترك بها مع جميع الكائنات الحية
وخطوة الرغبة في الإقصاء أيضا طبيعة ، فالمنافسة الجارية على قدم وساق بين هيلاري كلينتون واوباما الغاية منها الإقصاء، فكل منهم يريد أن يقصي الآخر ليبقى هو. ولكن ما نعترض عليه هي آلية الإقصاء المتمثلة بإبادة الآخر ،والتمهيد لذلك من خلال اتهام المخالِف بالعمالة والتآمر. هذا التسلسل المنطقي المخطوء يكاد يكون النمط السائد للعقلية العربية منذ قرون.
صدام حسين ذلك الوحش الكاسر الذي فتك بملايين الأبرياء من الشعب العراقي المسكين وشعوب المنطقة ،إذا حاكمنا منطقه بتجرد، سنجده قد اتبع نفس الخطوات المنطقية، فهو في البدء تحسس السلوك المغاير، ثم صوره على انه رقص على جراح الأمة العربية المنكوبة ،ثم حلل الأمر على انه عمالة وخيانة ،ليدفن قسما كبيرا من ضحاياه وهم أحياء.
ولا يثير استغرابي أن هذه المحاضرة الدينية نالت استحسان آلاف المثقفين ناهيك عن آلاف الناس البسطاء،لأننا جزء من نسيج هذا المجتمع المهووس بالعنف،ولأننا نخضع لنفس النمط العقلي وتحكمنا نفس القواعد المنطقية .
أنا هنا لا اقصد ان اشابه بين الاشخاص (على الرغم من اني ارى ان شريحة خطباء المنابر من الطرفين السني والشيعي لهم دور بارز في الغيبوبة عن الحاضر التي يغط فيها الشعب العربي عموما والعراقي خصوصا اذ جعلوا هذا الشعب يعيش التاريخ اكثر من الحاضر الى درجة ان المواطن العراقي يعرف يوم السقيفة وما دار فيها ومن اجتمع تحتها ولا يعرف شيئا عن موازنة 2008 ) وإنما اقصد أن استعرض أنماط العقلية لعينتين مهمتين احدهما في أعلى هرم تقدير المجتمع لها والأخرى في قعره، لأبين أننا مجتمع نمتلك نفس نمط العقلية ،ولنا قواسم فكرية ومنطقية كثيرة .أو كما يقول جاك لوغوف في بحثه العقليات تاريخ مبهم( فعقلية شخصية تاريخية ما، على عظمتها، ليست سوى تعبير عما تشترك به مع معاصريها ) .
وبالتالي فنحن بحاجة إلى تغيير قد تكون بدايته التغيير السياسي ولكن من المؤكد انه يجب أن يمتد ليشمل نمط عقليتنا،والطريق إلى تغيير نمط العقلية يجب أن يمر عبر بوابة تغير نظامنا التربوي والتعليمي ،وإلا سيكون التغير في العراق يشابه تماما تغيير كادر المصنع والإبقاء على المكائن القديمة والتي تعد عاملا أساسيا في سوء الإنتاج.



#علي_ماضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات في رحاب عاشوراء
- السنا بحاجة الى مراجعة مناهجنا الدراسية؟
- رسالة الى الأحزاب الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط
- قراءة في إستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
- هل للمرأة دور في عراق ما بعد التغير؟
- الوضع الامني في جنوب العراق(1)
- إلى الاستاذ عماد البابلي مع التحية
- هامش على تعميمات الاستاذ الفاضل الدكتور عبد الخالق حسين
- تاملات في كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور علي الوردي(طبيعة ا ...
- ( تأملات في كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور علي الوردي(1
- من سيوقف صناعة الغيلان في العراق؟
- إقليمي الوسط و الجنوب المزمع إقامتهما في العراق
- قراءة متاخرة في الحدث اللبناني
- العلمانية
- الاشعور
- صديقي ومنطق العجوز الأنكليزية
- سياسة الحمق في ايران والعراق
- شمس التغير لن يحجبها غربال
- بلدي بين ياسي وتفاءلي
- صراع الديكة


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي ماضي - لمحة من تجذر العنف في لا وعي المجتمع العراقي