أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - علي ماضي - العلمانية















المزيد.....

العلمانية


علي ماضي

الحوار المتمدن-العدد: 1609 - 2006 / 7 / 12 - 08:29
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    


المقدمة.
العلمانية من القضايا التي اثارت وما تزال تثير جدلا واسعا في اوساط المجتمعات العربية ألاسلامية ،لكونها تمس ألانسان العربي في معتقده،ولكونه(الأنسان العربي) اعتاد على رفض كل ما هو قادم من الاخر أضف الى ذلك أن منطقه العقلي مبني على مبدأ المحافظة ،فهو ميال الى التمسك بكلِّ ما توارثه من عادات وتقاليد ،بغض النظر ،عن كم المنافع أو المفاسد الذي يقدمه هذا الموروث ،فتراه يستخدم الأصالة كمقياس للبقاء ،ولايستخدم المنفعة كمقياس لها. لعل هذه ابرز ألأسباب التي اخرت انتشار العلمانية في المجتمعات العربية ،واقول اخرت لأنني أومن بها كحتمية لآبد منها..

نبذة تأريخية وتعريف.
تشير كتب المؤرخين الى أن العلمانية هي ألابن الشرعي للثقافة الأوربية،وانها كانت بمثابة رد فعلا على التيار الديني الصارم الذي كانت تمثله الكنيسة انذاك، وككل الأحداث التاريخية فانها اول ما نشات كفكرة ادبية توالدت في عقول ادباء القرن السابع عشر ،من امثال روسيو ومنتسيكيو وغيرهم ،ولم تتجسد على ارض الواقع وتصبح كيانا سياسيا إلا بعد انتصار الثورة الفرنسية.
والعلمانية هي الترجمة الحرفية للكلمة secularism ويترجمها ألأسلاميون على انها اللادينية،أو الدنيوية ،ويترجمها الآخرون على انها العلمانية.
ويعرفها جون هوليوك على انها ألأيمان بامكانية إصلاح حال الأنسان من خلآل الطرق المادية دون التصدي لقضية ألأيمان سواء بالقبول أو الرفض .
وهي ككل افرازات الحضارة الأنسانية لم تبدا من القمة،وانما بدأت بفصل الدين عن السياسة،ويطلق عليها اصطلاحا العلمانية الجزئية. ثم بدات بالتوسع شيئا فشيئا لتشمل جميع مفاصل الحياة ومحاورها
، لتفصل الدين عن الدولة ،ويطلق عليها اصطلاحا العلمانية الشمولية.

حقيقة العلمانية وعلاقتها بالدين.
لايمكن فهم العلمانية فهم ناضجا بمعزل عن التاريخ ،لانه يشكل بعدا رابعا ،يجعل القضايا اكثر وضوحا،واكثر تجسيما،لذا اجد انه من المفيد ان نعرج على المراحل التي مرت بها نظرية المعرفة،وأن نلقي عليها نظرة تاريخية فالأنسانية مرت بمرحلتين تاريخيتين مهمتين ،فيما يخص منظومتها المعرفية وهما:
المرحلة الأولى هي مرحلة معرفة الخالق ،ونشوء الأديان ،حيث يعتبر علماء الأنثروبولجي ،ان ادراك الأنسان بان للحوادث اسبابا منفصلة عن الذات هي الخطوة الأولى التي ابتعدت به عن مملكة الحيوانات باتجاه،فهم العالم على انه منظومة دقيقة من ألنتائج واسبابها،وبأتجاه ان يكون له كيانا ادميا ،مستقلا ،يفهم الأمور بشكل اعمق من كونها ،انعكاسات حسية ،قد تكون روائح او ترددات صوتية او بصرية،فاخذ يبحر في البحث عن المسببات،فلفت انتباه ان هناك عالما اخر يراه في منامه(الأحلام) ،وأن شيئا ما يغادر جسده اثناء النوم(الروح)ا،وما ان يغادر،حتى يكتسب قدرة خارقة،فهذ الكينونة تنتقل انى تشاء،وتقطع مسافات شاسعة بلمح البصر،ولفت انتباه ان الأنسان يغط في نوم عميق ابدي(الموت) ففهم ان الموت ما هو إلا انتقال الروح الى ذلك العالم لتصبح متناهية القوة ،فبدا يعبد الأسلاف وينسب حوادث الخير الى رضاها،وحوادث الشر الى غضبها،ومن واقع حياته اليومية التي اكسبته خبرة ان الهبات والعطايا تذلل الصعاب وتستميل الاخرين، بدا يقدم الأضاحي طمعا في كسب ود ألأرواح واتقاءا لشرور غضبها ،وهكذا عرف الأنسان اقدم انواع العبادات عبادة ارواح الأسلاف.
ومن ثم بدا يخصص لكل ظاهرة اله ،اله للقوة ،وآخر للخصب،وللحب،وللموت، فلكل شيء اله،وبعد ذلك وحدّها في اله واحد مطلق،يتصف بكل الصفات،قادر على كل شيء قدير ،ولقد استطاع الفيلسوف الفرنسي ديكارت ان يشتق صفات الله منطلقا من مقولته الشهيرة(انا اشك...اذن انا افكر ....اذن انا موجود) من اوجدني...؟ وهكذا يتسلسل في اسئلة منطقية نهايتها الله وصفاته.
في هذه المرحلة كانت بحوث الأنسان المعرفية منصبة على من هو الله؟... كيف يبدو؟... كيف يحكم؟....
وفي هذه المرحلة (معرفة الخالق) اختلفت الأنسانية في صور الآله وأعدادها ولكنها اتفقت على مبدا واحد الا وهو عبودية الأنسان لهذا ألأله ووجوب طاعته،لأنه يدير حياتنا اليومية وعلى مستوى ادق التفاصيل،فكان كل دين جديد يدعي انه جاء ليحرر الأنسان في حين انه يركز فيه العبودية وألأنقياد ،فشكلت هذه الثقافة عقبة اخرت الأنسان عن فهم العالم فهما موضوعيا وواقعيا مبني على ارتباط كل حادث بعّلة من جانب ونسبية الحقائق من جانب آخر ،فاخذ ينسب الفشل لسخط الربّ المبني على انحراف الأنسان وعدم طاعته،والنجاح الى رضى الربّ المبني على طاعة الأنسان والتزامه جادة الصواب، فانتجت هذه المرحلة انسانا متخلفا،فهم العالم بشكل مشوه تماما .
المرحلة الثانية هي مرحلة معرفة ألأنسان لنفسه، ، وتميزت:
1. بهبوط البحث المعرفي من السماء الى الأرض، وكانت بدايته تتمثل ببزوغ فجر عصر التنوير ألأوربي ،الذي كان بمثابة صرخة كفاية بوجه نظام الوصايا الذي كانت التيارات الدينية تفرضه على الأنسان ،باسم الربّ.
2. تغير شكل العلاقة مع الله ليمارس ألأنسان دور الخليفة بدلا من دور العبد ألأصم ألأبكم،مع ملاحظة أن هذا الطراز من العبودية مازال سائدا في المجتمعات العربية.
3. لم يعد الدين معيار للمفاضلة بين بني الأنسان،ولم يعد محط اهتمام المجتمع ولا شغلهم الشاغل وانما صنف على انه مسالة شخصية ، كما وكفلة القوانين حرية الأديان.
4. انتشار ظاهرة ألألحاد مثل:
• الحاد القرن الثامن عشر كان ردة فعل وانفعالا على ظلم الكنيسة واستبدادها.
• إلحاد القرن التاسع عشر افرزته النظريات العلمية،كتعريف الوهم على انه كل ما لانستطيع فحصه في المختبر،او كل ما ليس له علّة .
• وظهور العلمانية التي تصنف على انها اعتدال بين التطرف الديني والألحاد.


ومن كل هذا استطيع أن اخلص الى أن العلمانية هي نموذج جديد ومتطور ،عن الدين رسمت صورة اكثر وضوحا عن الله ،كما انها افرزت دور جديدا للأنسان يتمحور حول فهم القوانين الطبيعية فقط لا خلقها، واقرار الأنسان بعجزه على خلق او خرق القوانين الطبيعية هو اقرار بالعبودية .
الصراع بين الراسمالية والشيوعية،يتمحور حول هذا المبدا ،حيث ان الشيوعية كانت تعتقد ان حب الأنسان لنفسه ،وميله الى التنافس والصراع ،هو سلوك مكتسب، مرّده الفوارق الطبقية ،وليس قانون طبيعي اودعه الله ،وبالتالي هي حاولت تغير هذه الطبيعة،من خلال تسوية الفوارق الطبيعية ،في حين ان الراسمالية اعتقدت ان حب الأنسان لنفسه ،وميله لللتنازع ،هي قوانين طبيعية علينا ان نفهمها لا ان نغيرها ،فاسست نظريات اجتماعية وسياسية واقتصادية قائمة على هذه الطبيعة، ولكنها حولته من صراع حيواني الى صراع منتج ساهم اسهامة رائعة في انتاج مفردات الحضارة التي ننعم بها الآن.
ومنه نستنتج ان العلمانية لاتنكر وجود الله ،ولكنها اعادت توزيع الأدوار ،فلم يعد الأنسان،ذلك العبد ألأصم الأبكم ألأعمى،وانما اصبح خليفة بصلاحيات غير منقوصة، يرصد حركة الأفلاك ويفكر في استعمارها ،ويكتشف خارطة الجينات،ويحاول اعادة ترتيبها، ولم يعد الله ذلك السلطان الذي خلقناه على شاكلتنا،بل اصبح الله المتجلي بعظمته،وقدرته بين صفحات هذا الكون الفسيح ،وليس بين بطون الكتب المقدسة.

امثلة لردود افعال المجتمع العلماني و المجتمع المعتقدي.

لنفترض ان لدينا بلدين احدهما علماني والآخر معتقدي،ولنفرض ان هذين البلدين اصابهما، الوباء،وكثرة الوفيات ،وغلاء ألأسعار، وتولى زمام ألأمور فيها حاكم جائر،كيف سيفهم كلا البلدين المشكلة؟ كيف سيحللها؟ وبالتالي يصل الى مرحلة وضع الحلول الناجحة؟
المجتمع المعتقدي سيفهمها على انها ابتلاء الهي الغاية منه تمحيص الصابرين ،من القانطين ،وسيعمد وعاظ السلاطين الى ترويج احاديث، تبث روح الأستسلام وتقنع العامة على ان ذلك تدبير الهي لا مفر منه، كما كتب أحدهم على صفحات الماسنجر حديثا نبويا مفاده ( يأتي زمان على امتي يحبون خمسا ويكرهون خمس ،يحبون الدنيا ويكرهون الاخرة ويحبون المال وينسون الحساب،ويحبون المخلوق وينسون الخالق،ويحبون القصور وينسون القبور ويحبون المعصية وينسون التوبة فان كان الأمر كذلك ابتلاهم الله بالغلاء والوباء ،وموت الفجاة، وجور الحكام)،انهم ينسبون تدهور الوضع الأقتصادي،وسوء الخدمات الصحية وفساد الحكام وظلمهم الى ألأنسان الفقير نفسه لأنه احب الدنيا ،وربما لأنه وفر بعض المال،وحلم أن يكون له بيتا يوفر له ولعائلته بعض الدفء،والأمن من جور السلاطين وظلمهم،ويلقون اللوم كل اللوم على الفقير المسكين ليضيفوا عبئا جديدا الى اعباءه ،الا وهو الشعور بالذنب.
اما في المجتمعات العلمانية ،فان اسباب الغلاء معروفة ،واهمها قلة العرض وزيادة الطلب ،واسباب الأوبئة يعودالى ضعف العناية الصحية ،وجور الحكام سببه فساد النظام السياسي ،وإذا عرفت ألأسباب الحقيقية عرفت الحلول الصحيحة،وبطل العجب كما يقولون.ثم من منا لايعرف ان الشعوب الغربية تحب الدنيا ،وتحب القصور الفارهة،وتحب المال الى درجة جعلته معيار للنجاح ، ولكنهم يعيشون حياة هانئة بلا اوبئة ،وبلا غلاء فاحش،ونالوا حكومات ديمقراطية عادلة.
ايام حكم صدام كان الوعاظ يروجون لحديث القصع ومفاده( تتكالب عليكم الأمم كتكالبكم على قصعكم هذه ،
قالوا :انحن في قلّة يا رسول الله؟
قال:بل في كثرة ولكن اصابكم الوهن!
قالوا : وما الوهن يارسول الله؟
قال:حب الدنيا وكراهية الموت.)
انهم يبررون الحصار الأقتصادي ،وسوء ادارة النظام السابق على انه مشيئة إلهية ،خُطِطَ اليها مُسبقاً،وان سببها ان الأنسان لا يموت من اجل ان يبقى الطغاة ،انهم يروجون لثقافة الموت،انا متاكد ان هذا الحديث حصد وسيحصد أرواح آلاف الأبرياء.

ان العلمانية بدات تتسلل شيئا فشيئا الى حياة اشد المعاندين لها،فترى الكثير من الدول الأسلامية تدرس ألأقتصاد ،وتستخدم معادلاته في تحقيق الأستقرار الأقتصادي ،و تدرس الطب لترفع مستوى العناية الصحية ،وتدرس علوم الأنواء لتتنبأ بحالة الطقس،كما انها ما عادت تروج في مناهجها الى ان الرعد ما هو إلا صراخ الملك الذي يسوق الغمام ،ولا تروج الى ان البرق هو السوط الذي يجلد به الغمام ليسوقه الى اي مكان يريد ،انه تطور محمود يدل على ان هذه المجتمعات تتغير وان كان بسرعة السلحفاة على اليابسة،ولكنها تتغير ،فما تحتاجه هذه المجتمعات سوى الوقت ،قد يكون طويلا،اذا كانت العملية تلقائية ،وقد يكون قصيرا جدا اذا كان مصحوبا بقناعة ورغبة الشعوب في التغير قائمة.

من الوهم التوقع ان الشعوب ستتغير بين ليلة وضحاها،فتغير شخصية المجتمع ،يشابه تماما نحت الأمواج في صخور الشطئان ،فمن طبيعة الصخور انها قابلة للنحت،ومن طبيعة الأمواج ،العناد والأمل ،وما بين قابلية الصخور ،وعناد الأمواج كانت تلك المناظر الساحرة التي تسلب الألباب لجمالها وروعتها. فما على المصلحين إلا ان يتحلوا بعناد الأمواج لينحتوا من صخور العادات البدائية مجتمعات انسانية راقية ،كما فعل الآخرون.



#علي_ماضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشعور
- صديقي ومنطق العجوز الأنكليزية
- سياسة الحمق في ايران والعراق
- شمس التغير لن يحجبها غربال
- بلدي بين ياسي وتفاءلي
- صراع الديكة
- العقلية البدائية
- لقطات
- دراما المشهد السياسي في العراق
- أحداث ألاعتداء على المراقد... تحت المجهر
- مسكوا الحمار
- حطوتنا الثالثة
- افرحني..ابكاني...اغضبني
- اكلت يوم اكل الثور ألأبيض
- كيف نقيم وننتخب؟
- ما نحتاجه ألآن
- الشروع في قلع الطبوع
- العالم ألآخر
- ثلاث وصايا سيدي المواطن
- هل تتعامل القوى اليسارية والعلمانية بموضوعية مع المسرح السيا ...


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - علي ماضي - العلمانية