أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كريم الهزاع - الحياة البرلمانية .. والثقافة السياسية ( 2 )














المزيد.....

الحياة البرلمانية .. والثقافة السياسية ( 2 )


كريم الهزاع

الحوار المتمدن-العدد: 2270 - 2008 / 5 / 3 - 07:34
المحور: المجتمع المدني
    


كنا تساءلنا من قبل : ترى كم عضواً من أعضاء مجلس الأمة السابق قرأ دستور بلاده! أو إذا قام بقراءته، فهل فهم أو استوعب روح المواد الدستورية؟ وهل توصل إلى أن الديمقراطية هي في مجملها النهائي تعني العدالة والإنسانية واحترام الجميع واحترام معتقداتهم والدفاع عن حقوقهم؟ وأن العدالة تعني المحبة، محبة الجميع، وليس محبة من يمتلكون حق التصويت وإيصاله إلى كرسي البرلمان؟ وهل يعرف هذا المرشح أن هذه الشرائع هي بنية علم السياسة الأساسية؟ هل سمع ذات يوم بمونتسكيو مؤسس علم السياسة ؟ هل قرأ كتاب «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو ؟ والذي قال فيه :
ولد الإنسان حرا، إلا أنه مكبل في كل مكان بالأغلال. على ذلك النحو يتصور نفسه سيد الآخرين الذي لا يعدو ان يكون أكثرهم عبودية. فكيف جرى هذا التغيير؟ أجهل ذلك. وما الذي يمكنه أن يجعله شرعيا؟ أعتقد أنني أستطيع حل هذه المسألة. ولو كنت لا أولي اعتباراً إلا للقوة لقلت: ما دام أي شعب يُكرَه على الطاعة وأنه يطيع، فإنه يحسن صنعا، وحين يستطيع خلع نير الطاعة ثم يخلعه فعلا، فإنه يحسن صنعا أكثر، إذ يكون قد استعاد حريته بنفس الحق الذي سلبت منه به، أو إنه يكون موطد العزم على استردادها، أو إنه لم يكن ثمة من يستطيع أن ينتزعها منه. النظام الاجتماعي حق مقدس، بمثابة أساس لجميع الحقوق الأخرى، ومع ذلك فإن هذا الحق لا يصدر عن الطبيعة قط، إنه مبني على تعاقدات. وإن ما يوحّد فلاسفة الحق الطبيعي هو طرحهم لمسألة: «ما هو أصل المجتمع؟» وحلّها بنفس الوسائل : «حالة الطبيعة والعقد الاجتماعي».
قد يبدو اليوم فريداً جداً طرح «المسألة حول الأصل»، والتساؤل حول كيف استطاع الرجال الذين يفترض وجودهم الفيزيقي بالذات حدّاً أدنى من الوجود الاجتماعي دائماً ان ينتقلوا من حالة «العدم» الاجتماعي الى علاقات اجتماعية منظّمة، وكيف اجتازوا هذه العتبة الأصلية والجذرية بعيداً عن منطق القوة؟، وكما يقول روسو: إن الأقوى لا يبقى أبدا على جانب كاف من القوة ليكون دائما هو السيد إن لم يحول قوته إلى حق، والطاعة إلى واجب. وما كان حق الأقوى، وهو حق أُخذ على محمل السخرية في الظاهر وفي حقيقة الأمر، أُقر كمبدأ. ولكن أفلا ينبغي أن يفسر لنا أحدهم هذه الكلمة. إن القوة هي قدرة مادية لست أرى أية أخلاقية يمكن أن تنتج عن آثارها. فالخضوع للقوة هو فعل من أفعال الضرورة، لا من أفعال الإرادة، إنه على الأكثر فعل يمليه الحرص. فبأي معنى يمكنه أن يكون واجبا؟
لنفترض لحظة وجود هذا الحق المزعوم. فإنني أقول إنه لا ينجم عن هذا الافتراض الا هراء لا يمكن تفسيره. إذ ما ان تكون القوة هي التي تصنع الحق حتى يتغير المعلول مع تغير العلة. فكل قوة جديدة تتغلب على الأولى ترث حقها. وما إن نتمكن من خلع الطاعة بلا عقاب حتى يصبح في إمكاننا فعل ذلك شرعيا. وما دام الأقوى على حق دائما، تصبح بغية المرء أن يعمل بحيث يكون هو الأقوى. فما قيمة حق يتلاشى بتلاشي القوة؟ فإذا وجبت الطاعة بالقوة، فلا حاجة للطاعة بالواجب، وإذا لم يقسر المرء على الطاعة لا يكون ملتزما بها. وهكذا نرى إذن أن كلمة حق هذه لا تضيف شيئا إلى القوة، فهي هنا لا تعني شيئا البتة. أطيعوا السلطات. فإذا كان هذا يعني الخضوع للقوة يكون التعليم جيدا، إلا أنه لا حاجة له وجوابي أنه سوف لا تنتهك حرمته أبدا. وأنا أعترف بأن كل قوة تأتي من الله، لكن كل مرض يأتي منه كذلك. فهل يعني ذلك ان يكون ممنوعا اللجوء إلى الطبيب؟ لئن فاجأني قاطع طريق في ركن من غابة: فلا يجب إعطاؤه نقودي بالقوة فحسب، ولكن هل أكون مجبرا، بصراحة، عندما يمكنني إخفاؤها عنه، على تسليمها إليه؟ ذلك ان المسدس الذي يمسك به هو بالتالي قوة كذلك. لنعترف إذن أن القوة لا تصنع حقا وإننا لسنا ملزمين بالطاعة إلا للسلطات الشرعية. لقوة القانون بدلاَ من قوة القبيلة والحجارة، بدلاً من قوة النصوص الدينية التي تفسرها الأهواء العاطفية والمصالح السياسية. إن «العقد الاجتماعي» هو الذي يؤمّن العبور من انعدام المجتمع إلى المجتمع الحالي. هنا ايضاً يمكن ان يبدو تمثّل قيام مجتمع ما بتأثير اتفاق عام غريبا، كما لو أن أي اتفاق لايفترض أصلاً مجتمعاً قائماً، لكن لابدّ من قبول هذه الإشكالية بما أنها قد اعتبرت ضرورية، والتساؤل فقط «عما يعنيه هذا العقد» الذي لايمكن اعتباره مجرّد وضع قانوني مصطنع، بل التعبير عن أسباب عميقة جداً. فالقول إن المجتمع البشري ناتج عن عقد يعني التصريح بالفعل بأن لكل مؤسسة اجتماعية أصل «إنساني ومصطنع» بحت. يمكن أن نسميه القانون أو دستور الدولة، ولكنه حتماً ليست القوة، حيث إنه ليس لإنسان سلطة طبيعية على أقرانه وأن القوة لا تنتج أي حق، كما يقول روسو، فإن الاتفاقات تبقى إذن هي الأساس لكل سلطة شرعية بين البشر.
هكذا فإن حق الاستعباد، من أية زاوية نظرنا إلى الأمور، حق باطل، ليس فحسب لأنه غير شرعي وإنما لأنه محال ولا يعني شيئا. ان هذين اللفظين: «استعباد» و«حق» لفظان متناقضان أحدهما ينفي الآخر. وسواء أكان الأمر من إنسان لإنسان أم من فرد لشعب، فإنه لمن البلاهة دائما أن نقول: «إنني أعقد معك اتفاقا كله على حسابك وكله في صالحي وسأنفذه طالما يروق لي وإنك ستنفذه طالما يروق لي». باسم العرف القبلي أو باسم المقدس، ولنا أن نقول إن المجتمع ليس ناتجاً بتأثير مؤسّسة «إلهية» ولا بتأثير نظام «طبيعي» انه يعني قبل كل شيء رفض فكرة قديمة أو سلفية عن نشوء النظام الاجتماعي واقتراح فكرة جديدة عنه. لن نطيل، حيث إننا سنلمّح في المقال القادم عن خصوم يختبئون خلف نظرية العقد الاجتماعي... ولكم محبتي البهية.



#كريم_الهزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة البرلمانية .. والثقافة السياسية ( 1 )
- كيف نصنع دكتاتورا ونشنقه ونتباكى عليه؟
- الحداثة والبحث عن نظرية نقدية
- الصبي الذي حطّم أصنام أبيه
- البذور الجديدة
- أصنام الكتابات
- ريثما تطن نحلة أخرى في الدماغ
- فلسفة الفرح
- من يمنحنا أجنحة للطيران؟
- أوغست كومت بعد قرن ونصف من رحيله
- بهجة الاحتضار ومراوغات الجثة
- الإرادة : حينما لا أجد شيء يقلقني فهذا بحد ذاته يقلقني
- خطوة في التوجس . خطوة في اليقين


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كريم الهزاع - الحياة البرلمانية .. والثقافة السياسية ( 2 )