أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - زكيّة الدكّاكة!














المزيد.....

زكيّة الدكّاكة!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2264 - 2008 / 4 / 27 - 11:26
المحور: الادب والفن
    


سبق أن فوجيء أهل البصرة ولا سيما سكانها القدامى يوم تم تجسيد شخصيّة معروفة لديهم جدا وخصوصا في فترة الخمسينيات من القرن العشرين وقد سبق لتلك الشخصية أن أصبحت ذائعة الصيت والشهرة في ميدان الفن والحفلات النسوية والأعراس والمواليد بل وحتى في القراءة الحسينيّة !
إنها زكيّة الدكاكة!
لم تكن تعرف ما نُسبَ إليها من ممارسات أبدا ..فلم يكن لديها مسرحا أو مكانا تقدم فيه أو عليه أنشطتها الفنية بل كانت تُقيم الحفلات التي تحضرها النسوةُ في الأعراس ومناسبات الفرح وتُصاحبها فرقتها النسوية التي تتكون من بضعة فتيات يضربن على الدفوف والطبول الصغيرة فقط يوم كانت تُصنع من الفخار والجلد حيث كنّ يسخّنّ الجلد باستمرار على موقدٍ صغير يوضع أمام الفرقة لإحكام نبرة الصوت التي تصدر عند الضرب عليها
ولم تكن لا زكية ولا فرقتها تستخدم أية آلات موسيقية سوى الدفوف والطبول الفخاريّة كما لم يكن يحضر حفلاتها الرجال مطلقا وأقرب صورة لفرقتها هي الفرق الخليجية التراثية التي تظهر على شاشات التلفزيون في الكويت والخليج مثل فرقة عودة المهنا وسواهنّ كما لم يكن لها مكانٌ محدد تعرض فيه نشاطها حسبما ورد في التجسيد الدرامي الموصوف في صدر مقالنا هذا
تتكون فرقتها من عدد من الصبايا السمراوات اللاتي يصدحن بأصواتهنّ المنسجمة تماما مع أداء زكيّة المميّز
غالبا ما ترتدي زكيّة العباءة العراقيّة وهي في أزهى حلّة وسوادها يتلامع بالصفاء الفاحم الأخّاذ وكانت تُخرجُ من عبائتها على جبينها خصلةً من شعرها الكستنائي الأجعد والمسرّح بشكل مائل وربما كان مخضَبا بالحنّاء ليميل إلى الحمرة وتلك سمةٌ مميّزةٌ لها أما عندما تخطر ماشية في أي مكان فإنها تُخلّفُ وراءها سحابةً من العطر النفيس تظلّ تعطّر الفضاء لفترةٍ غير قصيرةويمكن أن يلحظ الرائي أنها تحتذي في قدميها قبقابا خشبيا مليئا بالنقوش والرسوم الجميلة تخرجُ من فوهته الأماميّة أظافر قدميهامطليةً بطلاء أحمر قانٍ جميل.كانت زكيّة الدكاكة سمراء بسمرة الأحباش أو أهل بلاد النوبة بمصر ,متوسطة القامة أقرب للنحافة منها إلى السمنة تعتني جدا بمظهرها وملبسها وتُكثِرُ من العطور النفيسة وهي على لباقة وسرعة بديهة جعلتها موضع حب وإعجاب مريديها.وأعتقد أن تلفزيون الكويت ربما يحتفظ لها بصور أو فلم قديم لحد الآن.
حضرتُ إحدى حفلاتها عندما كنت صغيرا جدا صحبة بعضٍ من نسوة الأهل والأقارب وقد بهرني أداؤها وجمال صوتها الصادح وقدرتها على أداء القرارات بقوة ووضوح وما زلت أتذكر أنها غنّت في ذلك اليوم أغنية الفنانة وردة الجزائرية(أحبابنا يا عين) ثم غنّت أغنية أخرى مشهورة في ذلك الزمن تقول فيها (كعبو محنّا..شارد يا غزال) وأعنية أخرى ربما تكون لوديع الصافي
كان مجلسها وقورا ويُظهر الحاضرون لها الإحترام وقد تشترك بعض الحاضرات مع فرقتها بترديد لازمة بعض الأغاني وينقسم عرضها إلى فصول وأجزاء كل فصل له أصول محددة في الأداء
قد تُقيم في المناسبات الدينيّة المناقب النبوية وتقرأ الحسيني في أيام عاشوراء ولكن لم يُعرف عنها الخروج عن التقاليد أو تجاوز حدود السلوك القويم أبدا
لقد سمعنا أن أحد أبناء الوجهاء كان قد شغف بها ولكنها لم تسمح له بتجاوز حدود الأدب وقد رأيته في احدى المرات قد تسمّر في مكانه على رصيف الشارع وهو يُحاول أن يتفوه بعبارات الإعجاب عندما خطرت مع صويحباتها السمراوات ولكنه تلعثم وبدا لي أنه تحنّط في مكانه ولم تظهر عليها أية ردود فعل سوى ابتسامة خفيفة لم يُصاحبها سوى الإسراع بالخطو
كما بلغني أن أحدى العوائل الكريمة رغبت بخطبتها لأحد أبنائها لكن على طريقة الأخوان المصريين زواج بالسرّ فلم تقبل وقالت لهم(ما لا يقبل به الله في عليائه كيف لي أنا أن أقبل به؟) ورفضت رغم ما كان يُعانيه الأخوة السمر من تمييز عنصري وسط مجتمع عشائري مغلق .
لقد توفيت زكيّة الدكاكة عن عمر قصير وشهرة طبّقت الآفاق كما يُقال و توفيت وهي لمّا تزل شابّة في ريعان شبابها وكانت رحمها الله تتمتع بقدرة كبيرة على حفظ الأنغام وكلمات الأغاني حيث تعيد أدائها بشكل محبب تختصّ به وحدها جعل قلوب الناس والمجتمع النسوي بأجمعه تتعلق بها واصبحت في حينها حديث الناس والمجالس
وكان حضورها ومجرد حضورها لإحياء بعض الحفلات والأعراس والمناسبات مدعاة فخر وتباهي لأهل الدعوة إذ كان آنذاك عدد من المطربات الشعبيات يُحاولن التنافس معها دون جدوى.
ولكن حدث كل هذا بدون ما تم تجسيده لشخصيتها في العمل الدرامي الذي نوهنا عنه ابتداءً
فقد أُسيءَ لزكيّة الدكاكة رحمها الله
وعسى أن يكون مقالنا هذا مساهمة بسيطة في رد الإساءة عنها
لقد كانت ظاهرة فنية مميّزة طبعت سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ولم تستطع أيٌّ من الفنانات أن تخلفها لمميّزات صوتها وقدرتهافي الأداء المبهر وسلامة ورهافة أذنها موسيقيا وما هو أكبر من هذا هو قدرتها على الإحتفاظ بوقارها وحضورها وإطلالتها الشمّاء.



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أنظار دولتي رئيسي مجلسي الوزراء ومجلس النواب الموقرين
- بأي حقّ..؟!
- ستراتيجية العصر..في كل (جوكه)لنا خيّال!!!
- إحنا سباع..! وشكّينا الكاع.
- قل أريب ولا تقل مثقف..!
- أمّتان!
- أخطاءٌ منهجيّة!
- قضايا المرأة والمزايدات السياسيّة!
- فنطازيا على فنطازيا
- الحرف التاسع والعشرون!
- رحلةٌ من محطّة قطار المعقل!
- مدنيّون!..وماذا بعد؟
- رِفقاً بِلُغَة السَّماء!
- الفاشوش والقراقوش!
- المرحلة الراهنة..والمهام الوطنيّة.
- إنها رسالة..!
- أخوة يوسف!
- صدفات البحر..لآلي لُغتنا
- فنطازيا ..المنافقون
- مساواة( للكشر)!


المزيد.....




- ميريل ستريب تعود بجزءٍ ثانٍ من فيلم -Devil Wears Prada-
- ستيفن سبيلبرغ الطفل الذي رفض أن ينكسر وصنع أحلام العالم بالس ...
- أشباح الرقابة في سوريا.. شهادات عن مقص أدمى الثقافة وهجّر ال ...
- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - زكيّة الدكّاكة!