ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2253 - 2008 / 4 / 16 - 10:25
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بالوقت الذي أبصر فيه اللبنانيون قيام الدولة على مرحلتين , في مرحلة الانتداب الفرنسي ومرحلة ما بعد الوصاية السورية , عادت وهبطت الغشاوة على عيونهم , والدولة تكاد تضيع وسط هذه الظلمة الداجية , الكل يسمع تأوهاتها ولا يرى درب الخلاص , قلة هم الذين يرون الصواب , رؤيتهم المحدودة لا تنفع ما دام الجميع يسمع من مكانه ولا يقدر على القيام بحركة معاكسة من شأنها انتشال البلد من أتون الفراغ المهدد بالزوال .
طبعاً إبصارهم لرؤية الدولة في هاتين المرحلتين , لا يعني بكل الأحوال أنهم كانوا قبلها لا يبصرونها , فإبصار الأشياء بمعناه الطبيعي شيء , وإبصار جوهرها شيء مغاير , وهو الأساس الذي يفترض توافره اليوم بدلاً من طاولة حوار كل ما فيها من كلام ليل يمحوه النهار .
الدعوة التي كررها رئيس البرلمان نبيه بري للحوار غير مفهومة , لطالما جرى حوار رعاه أمين الجامعة العربية عمرو موسى , وكذلك فرنسا في لا سيل سان كلو , فحوار بري الأول كانت نتيجته السير بلبنان نحو حرب لا زالت مفتوحة بشهادة من أشعل فتيلها , فماذا سينتظر لبنان في المنعطف القادم إذا ما أعيد الحوار ؟.
الأزمة بقدر ما هي بسيطة تحل بالحوار , معقدة تحتاج إلى أكثر من حوار أو مبادرة لحلها , ولا تنحصر أسبابها بالعرقلة السورية والإيرانية لأية حلول أو مقترحات , إنما في انعدام بصيرة الزعامات اللبنانية التي ربطت وبشكل معاكس مصير الدولة بمصيرها .
الربط الأخير في غير محله , لو كان في محله لما ولدت أزمة إثر أزمة , لكنه في محله , فقط لاستمرارية مصالحهم الفردية على حساب الوطني المجموع , ولا نقول الولاء لما هو غير لبناني , وإن بدا من البعض أحياناً , فما السبيل إلى تجاوز هذه العقد المستفحلة في جسد الدولة , التي بالكاد يشعر بها أفرادها ؟.
هل السبيل لذلك جعلهم يشعرون بها قسراً ؟ على أن الأزمة ليست في الشعور أو عدمه , بقدر ما هي بالإبصار واختيار أي الطريقين أسلم , الطريق إلى الساحة أو الطريق إلى الدولة .
إن الحوار غير المجدي نفعاً هو بالأساس حوار الطرشان , بحيث لا يسمع الطرف الأول رأي الطرف الآخر , أما في حالة لبنان , جرى إثبات العكس , فالكل يصغي لرأي الكل حتى لو كان شتماً أو سباً , وبعد انتهاء الحوار , يبدأ كل طرف بالسير بعيداً عن الهدف المقصود , لذا , الأزمة واضحة من الخارج ومبهمة من الداخل وبالمطلق ليست أزمة حوار , فعن أي حوار يبشرون والمحاورين اللبنانيين بحاجة إلى من يرشدهم سواء السبيل .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟